دائمًا ما تقود الإدارة الجيدة إلى نتائج عظيمة، والأهم في تحقيق النجاح أن تبدأ من ذاتك. فكما يقول ألبرت آينشتاين: «تُقدَّر القيمة الحقيقية للإنسان بدرجة سيطرته على ذاته»، لذا فإنّ أهم صور الإدارة هي إدارة الذات، فكيف تجعل إدارة الذات مهارة شخصية في عملك؟

جدول المحتويات:

ما المقصود بإدارة الذات؟

يُقصَد بالإدارة استخدام الأسلوب الأفضل للوصول إلى أهداف معينة والإحاطة بالشيء من مختلف الجوانب. أما إدارة الذات فتعني امتلاك القدرة على التحكم في سلوكك وأفكارك بذكاء. بمعنى آخر، امتلاكك الأدوات اللازمة للسيطرة على ذاتك وتوجيهها إلى الطريق الصحيح.

تُعدّ إدارة الذات بمنزلة قيادة لذاتك وتنظيمها لتحقيق التقدم في العمل، وأداء المهام الرئيسية بفاعلية، والتعامل مع المشكلات المعقدة، وبذلك الوصول إلى درجة عالية من الكفاءة والتنظيم في العمل. وبالتأكيد لا تأتي هذه المهارة بالفطرة، إنما تحتاج إلى صقل وتطوير على المدى البعيد.

ما أهمية إدارة الذات؟

تُعَد إدارة الذات من أهم المهارات التي يجب على العاملين عن بعد امتلاكها وتطويرها باستمرار، إذ تتجلى أهميتها في:

  • تحقيق الأهداف بكفاءة: أصبحت إدارة الذات مع العمل عن بعد أمرًا أكثر أهميةً، فامتلاكك لهذه المهارة يعني الحفاظ على تركيزك والشعور بمسؤولية أكبر تجاه ما تؤديه، وفي النهاية الوصول إلى الأهداف المطلوبة.
  • اتخاذ القرارات الصحيحة: تساعدك على توخي الحذر قبل اتخاذ أي قرار خاطئ، وذلك بدراسة كل قرار من ناحية الإيجابيات والسلبيات، والتركيز دائمًا على أن الهدف الرئيسي هو إنجاز العمل بجودة عالية وليس بسرعة.
  • الثقة بالذات: ستصل بإدارة الذات إلى الكفاءة في العمل، ما سيمنحك شعورًا بالثقة ويدفعك إلى الإبداع، وبذلك ستُخرِج أفضل ما لديك لتكون من أفضل العاملين في مجالك.
  • التنظيم: قد تتعرض يومًا لضغط في عملك يدفعك إلى التوتر والتشتت بعدد كبير من المهام، وهنا تأتي أهمية إدارة الذات بامتلاك الوعي والإدارة الجيدة للوقت والطاقات الشخصية.

ما هي عناصر إدارة الذات؟

تتألف إدارة الذات من مجموعة من العناصر تشكل مجتمعةً هذه المهارة، من أبرزها:

1. الهدوء والتركيز

يُعد كلًا من الهدوء والتركيز من عناصر إدارة الذات الرئيسية، لأنك حتمًا ستتعرض في أثناء عملك إلى الكثير من الضغوطات التي لا بد من التعامل معها بهدوء تام للبقاء أكثر تركيزًا على مهامك، وأقل اكتراثًا للمشكلات والعقبات التي من شأنها أن تشتت تفكيرك وتبعدك عن أجواء العمل. حتى وإن لم تكن هادئًا بطبعك، يمكنك بناء هذه المهارة من خلال:

  • التعامل مع المواقف بإيجابية: اِسعَ دائمًا إلى تقريب وجهات النظر، وفي حال عدم الوصول إلى اتفاق فلا بأس بالتغيير.
  • ضبط انفعالاتك وتقبل النقد بصدر رحب: حتى وإن كنت على حق اِسعَ دائمًا لإرضاء صاحب العمل؛ بما يتناسب مع أهداف الشركة.
  • تحمل كامل المسؤولية في العمل: يجعلك ذلك تبدو ملتزمًا وقادرًا على مواجهة المشكلات، ما يكسبك ثقةً إضافيةً.
  • المحافظة على تركيزك: لا تشتت نفسك بأمور قليلة الأهمية، وبذلك تصبح أكثر انضباطًا وتتمكن من تحقيق أصعب الأهداف.

2. الوعي الذاتي

من أبرز عناصر إدارة الذات أن تعرف مكامن القوة والضعف في ذاتك، وأن تكون واعٍ تمامًا بما يجب عليك تطويره وتغييره في ذاتك لتصبح ناجحًا في عملك. لذلك لا بد من النظر إلى عيوبك بشفافية والسعي الدائم لإصلاحها، وذلك يتحقق بالمرونة وعدم التشبث بالخطأ.

فمثلًا إن كنت تعاني من مشكلة عدم تقبّل آراء الآخرين وتجد أن تلك الصفة هي ثقة بالنفس، فهذا الأمر سيقودك إلى الوقوع في الأخطاء مرارًا ويمنعك من التطور، ويمكن أن يصل الأمر إلى خسارة وظيفتك. والأفضل هنا أن تصبح أكثر مرونةً وتعزز ثقافة الحِوار وتبادل الآراء لديك.

3. تقبل التغيير

تتسارع الأحداث وتتغير الاتجاهات في مختلف المجالات، ما ينعكس على سوق العمل وطلبات العملاء. لذا فإنّ الإصرار على اتباع الأساليب التقليدية في إنجاز المهام وعدم الانفتاح على التغييرات وحاجات السوق، سيقودك إلى الفشل المهني.

احرص دائمًا على إظهار تقبلك لأي تغيير مطلوب، وأبدِ تكيفك مع تطورات سوق العمل واحتياجاته المتغيرة. إذ يمكنك الانفتاح على التغييرات من خلال التنبؤ بالتغيير قبل حدوثه من خلال دراسة احتياجات سوق العمل، والاطلاع الدائم على المعلومات الجديدة لتحديث الأساليب وتطوير آلية العمل.

ما هي أهم مهارات إدارة الذات؟

تتطلب إدارة الذات امتلاكك جملةً من المهارات التي من شأنها تحسين الأداء ورفع الإنتاجية، وبذلك تحقق النجاح المهني بالانضباط ضمن الإطار الذي وضعته لنفسك، ومن أهم مهاراتها:

1. الدافع الذاتي

هو الدافع الذي ينبع من داخلك لإنجاز العمل والخروج بأفضل النتائج، فمن خلال الرغبة الداخلية بتحقيق النجاح ستجد نفسك أكثر التزامًا وإنتاجيةً، وسيصبح تأثير العوامل الخارجية التي يمكن أن تحبطك أقل، وبذلك ستركز بالكامل على عملك ويصبح هدفك الرئيس تحقيق النجاح المهني.

يُعَد الاستمتاع بالعمل الذي تؤديه والرضا عن النتائج النهائية من أبرز طرق تنمية الدافع الذاتي. فمثلًا، إن كنت تعمل في مجال الرسم الهندسي فمن المهم أن تنظر بإعجاب إلى عملك، لأنه ليس مجرد رسم مخططات، إنما تخطيط لمشاريع ستنفذ على أرض الواقع، وهنا يلعب الدافع الذاتي دورًا لا يستهان به في إبراز طاقاتك ومكامن الإبداع فيك.

2. إدارة الوقت

تُعد إدارة الوقت من أهم المهارات التي تقودك إلى إدارة جيدة للذات، فالشخص الذي يعرف كيفية تنظيم وقته سيكون حتمًا أكثر تنظيمًا في عمله. ومن خلال إدارة الوقت ستتمكن من ترتيب قائمة مهامك بفاعلية بإعطاء كل مهمة حقها دون استنزاف الوقت في المهام البسيطة. بمعنى آخر، ستتمكن من إدارة ذاتك بصورة جيدة.

تساعدك مهارة إدارة الوقت على تعزيز إنتاجيتك، وستجد نفسك قد حققت إنجازات كبيرةً خلال مدّة وجيزة. لكن لتحقيق ذلك احرص دائمًا على امتلاك خطة مستقبلية، وتحديد المواعيد النهائية بدقة ومراقبة جدولك الزمني باستمرار، مع ضرورة إنجاز المهام تباعًا، وعدم محاولة إنجاز العمل بالكامل دفعةً واحدةً.

3. إدارة الجهد

ستتعرض غالبًا إلى ضغوطات كبيرة في عملك ويمكن أن يُطلَب منك إنجاز مهام ضخمة تتطلب الكثير من الجهد، وبدون إدارة جيدة لجهدك ستعاني من الإرهاق وستنخفض إنتاجيتك، ويمكن أن يؤثر ذلك بصورة كبيرة على الجودة. إذ يوزّع الموظف الناجح طاقاته على كامل محاور العمل تمامًا؛ كالرياضي الماهر الذي يعرف كيف يوزع طاقاته على كامل مدّة التمرين.

4. تحديد الأولويات

لن تكون كل مهام العمل على القدر نفسه من الأهمية، لذلك لا بد من تحديد الأولويات بدقة، لأنها تنعكس مباشرةً على تنظيم العمل وتساعدك على إدارة الذات. لكن بدون تحديد أولوياتك، يمكن أن تصل إلى منتصف الطريق لتكتشف أنك عملت على بعض المهام غير المطلوبة حاليًا، وأهملت مهامًا أخرى أكثر أهمية.

5. التقييم المستمر

التقييم عملية أساسية في إدارة الذات، وهو بمنزلة مراقبة مستمرة لذاتك قبل عملك، إذ يتيح لك تقييم أفكارك وأساليبك ومجمل سلوكياتك القدرة على تقييم عملك بشفافية. كما أن التقييم المستمر سيجعلك على دراية بنقاط ضعفك لتحسينها، وبنقاط قوتك لاستغلالها والاستفادة منها.

مثلًا، في أثناء إنجاز عمل يتطلب بعض العروض التقديمية البسيطة أو ملفات الإكسل، ومع التقييم يمكن أن تجد نفسك مبدعًا في استخدام برامج الأوفيس، ما يمكنك استغلاله بطريقة تفتح لك مجالات وآفاقًا واسعةً في العمل.

6. تطوير الذات

تطوير الذات هو الأساس في إدارة الذات وبناء شخصية قوية في العمل، ففي بداية الأمر ستحتاج إلى اكتساب المعارف والمهارات الأساسية في عملك، ثم ستسعى مع الوقت لتطويرها والتعرف على أساليب جديدة. يمكنك القيام بذلك من خلال حضور الدورات التدريبية المتعلقة بعملك، والتواصل مع الأشخاص الأكثر خبرةً للاستفادة من تجاربهم.

كيف تساعدك إدارة الذات على تحقيق النجاح المهني؟

يتجلى دورها في تحقيق النجاحات في مختلف المجالات بما فيها النجاح المهني وذلك من خلال:

1. تحقيق التوازن

يمكن أن تفقد في كثير من الأحيان التوازن بين العمل والحياة، فسواءً رجحت كفة العمل ستشعر في نهاية الأمر بالضغط النفسي والتقصير وسينتهي الأمر بانخفاض الأداء، أو رجحت كفة الاستمتاع بحياتك الشخصية، فذلك سيؤثر حتمًا على عملك ويضعف من تركيزك وإنتاجيتك، وهنا يأتي دور إدارة الذات في تحقيق هذا التوازن.

إن كنت تعمل عن بعد، فاحرص على الموازنة بين ساعات العمل والراحة، فالنوم الجيد وممارسة الرياضة والتواصل مع الآخرين كلها أمور من شأنها أن تحسن حالتك العقلية، وتجعلك أكثر إبداعًا في عملك. وكلما سعيت إلى رفع جودة إنتاجيتك، اكتسبت سمعة جيدة في مجالك، وزادت فرصك لتحقيق النجاح المهني.

2. إيجاد حلول للمشكلات

لكل مشكلة حل، لكن قد يصعب أحيانًا إيجاد الحلول المناسبة. لكن بامتلاك مهارة إدارة الذات لن تحتاج إلى الكثير من الجهد والتفكير لإيجاد الحلول، فأنت تعرف مكامن قوتك وضعفك والحلول المتوافرة بين يديك. احرص على معالجة المشكلة بحلول بسيطة في البداية، ثم انتقل بالتدريج لحلول أكثر صرامةً.

فمثلًا إن كنت تعاني من المماطلة في إنجاز المهام، يمكنك استخدام تقنية البومودورو، وهي تقنية لإدارة الوقت تعتمد على فترات من العمل المركز تمتد لـ 25 دقيقةً يتخللها فترات من الراحة تمتد لـ 5 دقائق، وبعد أربع فترات من العمل المركز ستأخذ قسطًا أطول من الراحة من 15 إلى 30 دقيقةً، وبذلك لن تشعر بالملل أو الإرهاق وسترفع من إنتاجيتك.

3. إدارة المهام

من خلال إدارة الذات ستتمكن من إدارة المهام التي تعمل عليها بكفاءة، وذلك بضبط الوقت وتحديد المهام والتخطيط الجيد والمتابعة المستمرة. إذ يمكنك استخدام أداة أنا المقدَّمة من شركة حسوب لمساعدك على إدارة مهامك بفاعلية، من خلال مجموعة متنوعة من التطبيقات التي تنظيم العمل وإدارة مهامك بكفاءة.

فمثلًا، إن كنت تعمل مصمم جرافيك، ستساعدك مهارات إدارة الذات على تحديد الوقت والجهد الذي يتطلبه كل تصميم، وتقدير التكلفة المتوقعة له. وبذلك ستتمكن من الإلمام بمختلف جوانب العمل قبل البدء بتنفيذه، وهذا يُعَد من أهم العناصر لتحقيق النجاح المهني.

4. تطبيق إدارة الذات القبلية

توجد العديد من استراتيجيات إدارة الذات لتحقيق النجاح المهني، إلا أن أهم طريقة يمكن اتباعها هي استراتيجية إدارة الذات القبلية. تعتمد هذه الطريقة على مرحلة ما قبل البدء بالعمل، وتكوين عادات عمل جيدة والتدرب عليها لتصبح من المسلمات.

فمثلًا في العمل عن بعد ستحتاج دومًا لتذكير نفسك بالمهام المطلوبة، لذلك يمكنك التدرب على ضبط منبه لتذكيرك بأي مهمة ستنجزها خلال اليوم. كما أن توفير البيئة المناسبة للعمل بصورة مرتبة بعيدًا عن الملهيات أمرًا غاية في الأهمية.

إن كنت تعمل 8 ساعات يوميًا مثلًا، فدرب نفسك على ذلك وخطط للاستراحات وكيفية توزيع المهام على ساعات عملك. يمكنك أيضًا تحفيز ذاتك بالتفكير بالمكافآت المادية والمعنوية التي ستحصل عليها بعد نهاية العمل، فهذا يخلق لديك نوعًا من الدافع للخروج بأفضل ما لديك.

ختامًا، لن تتردد بعد الآن في تطوير مهارة إدارة الذات لديك، فهي التي ستقودك إلى النجاح المهني من خلال التنظيم وحسن التصرف في مختلف المواقف وتعزيز الدافع الذاتي للنجاح.

تم النشر في: مهارات وظيفية