9 نصائح لتحقيق التوازن بين العمل والحياة الشخصية

قد يكون تحقيق التوازن بين العمل والحياة الشخصية صعب نوعًا ما، خصوصًا في مجال العمل عن بعد، ولكن عندما تدرك أهميته وأثره على جميع جوانب حياتك، ستبدأ في وضع خطتك لتحقيقه. وإذا كانت الرغبة في الإنجاز هي ما يجعلك تعطي الأولوية للعمل على حساب بقية الجوانب، فاعلم أن تطبيق التوازن بين العمل والحياة أحد أهم أسباب زيادة الإنتاجية والنجاح.

جدول المحتويات:

ما المقصود بالتوازن بين العمل والحياة الشخصية؟

التوازن بين العمل والحياة الشخصية يعني منح كل ذي حقٍ حقه، فلا تطغى الرغبة في تحقيق نجاحات العمل على حياتك الشخصية، ولا يُهمل العمل بداعي الترفيه. ذلك عبر توزيع الجهد والوقت على جوانب الحياة بمرونة، بالقدر الذي يلزم كل مجال. لا يعني التوازن المساواة بين المجالات في الجهد والوقت، فبالطبع لن تسترخي يوميًا ثمان ساعات لأنك تقضي وقتًا مماثلًا في العمل.

تختلف طريقة تحقيق التوازن تبعًا لاختلاف ظروف وأنماط حياة الأفراد، ولكن تبقى الخطوط العريضة التي يمكن الاعتماد عليها في وضع خطة تحقيق التوازن، مع العلم أن هذه الخطة تتغير بتغير الأولويات ومستجدات الحياة والمهام.

ما أهمية وجود توازن بين العمل والحياة الشخصية؟

التوازن في الحياة من أهم عوامل النجاح والاستقرار، ويمثل تحقيقه تحديًا عند العمل عن بعد، حيث تكون مسؤولًا عن توفير بيئة عمل ملائمة وخالية من الضغوط والمشتتات. تتمثل أهمية التوازن بين العمل والحياة في الآتي:

1. زيادة الإنتاجية

لا ترتبط الإنتاجية بالجهد أو الوقت، إنما الإنجاز هو ما يحسم الأمر. وتحقيق التوازن بين العمل والحياة يدعمك جسديًا ونفسيًا في سبيل زيادة الإنجاز، وبالتالي مزيد من الإنتاجية. من المهم إدراك أن الكيف أهم من الكم، فمهمة واحدة تنجزها بكفاءة وتستوفي جميع زواياها، أفضل من إنجاز العديد من المهام المنقوصة التي تقضي وقتًا طويلًا في تنفيذها.

2. الحفاظ على الصحة

يجنبك التوازن بين العمل والحياة الشخصية الكثير من الأمراض الجسدية والنفسية، مثل الاكتئاب والقلق والتوتر، ومشاكل العظام، وتراجع حدة الإبصار، والسكتات الدماغية التي ترتفع احتمالية الإصابة بها بزيادة ضغوطات العمل، وغيرها من الأمراض التي يسببها الجلوس المطول على الحاسوب. سيوفر لك التوازن الوقت للتأمل أو القيام بأي أنشطة رياضية بسيطة مثل المشي، وإجراء الفحوص الطبية الروتينية.

3. التفكير الإبداعي

يعطيك التوازن في الحياة عامة فرصة للوصول لمستوى التفكير الإبداعي، قد لا تصل إليه مع تزايد ضغوطات الحياة. ترتيب أفكارك، وفهمها، ومعرفة أنواعها، ومعرفة كيفية التعامل مع الأفكار السلبية، وطرق إدارة الأوقات الصعبة. كل هذا يجعل دماغك قادرًا على الإبداع في إنجاز المهام، وربما ابتكار طرق أكثر ذكاءً تساعدك على القيام بمسؤولياتك.

4. الراحة النفسية

إذا تعلمت كيف تفصل بين العمل والحياة الشخصية، فأنت بهذا تعطي نفسك فرصة أكبر في الحصول على الاستقرار والراحة النفسية، وستكون أكثر قدرة على التعامل مع مشاعرك وأفكارك. عندما ترتب أولوياتك وتوضحها لنفسك بشكلٍ واعٍ، لن تتوتر وتشعر بالذنب، ستقضي وقت راحتك بانسجامٍ؛ لأنك تعلم أن الأمور تحت السيطرة، وستركز في عملك وأنت تدرك أن لك وقتك الخاص لاحقًا.

5. الحفاظ على جودة العلاقات

بينما أنت منهمكٌ في دوامك عن بُعد، قد يقاطعك أحد أفراد أسرتك متحدثًا إليك في أمرٍ ما، وقد يشعر بالحزن إذا لم تتجاوب معه. لكن إذا كنت حريصًا على تحقيق التوازن بين عملك وحياتك الشخصية، ووضعت جودة العلاقات في أولوياتك، ووضحت لأفراد أسرتك أنك تهتم لقضاء الوقت معهم، وأطلعتهم على موعد وقتهم الخاص؛ فإن هذا سيجنبك التصادم معهم، بل وسيقوي الروابط بينكم، وسيرفع من جودة الوقت الذي تقضونه سويًا.

ما أسباب عدم التوازن بين العمل والحياة الشخصية؟

للحفاظ على التوازن بين العمل والحياة، لا بد من معرفة الأسباب التي تؤدي إلى نقصه لمعالجتها لاحقًا. من أسباب عدم التوازن بين العمل والحياة:

  • ضعف الوعي: قد يجعلك ضعف الوعي بأهمية التوازن في الحياة ترى محاولات تطبيقه غير جديرة بالتعب. كذلك عدم الوعي الكافي بالأدوار والمهام المطلوبة منك في جوانب حياتك المختلفة، يجعل الصورة ضبابية قليلًا، ما يجعل جزء من حياتك يطغى على الآخر.
  • نهم النجاح: ربما تضع نصب عينيك هدفًا كبيرًا تسعى لتحقيقه، وهذا عظيم، لكن بالطبع إذا وهبت كل وقتك وجهدك وتفكيرك للنجاح في العمل فقط، فهذا يعني أنك تهمل بعض جوانب حياتك الأخرى، وقد تخسر علاقاتك بالآخرين مثلًا، فهنا قد يفقد النجاح قيمته بالنسبة لك.
  • زيادة المسؤوليات: تتطلب المسؤوليات توفير المال، ما قد يدفعك لترجيح كفة العمل على حياتك الشخصية. لذا، ضع الأمور في نصابها الصحيح، ولا تطلب المثالية في كل اتجاه، تقبّل نقص بعض الكماليات مقابل الحفاظ على التوازن بين العمل والحياة.
  • شدة المنافسة: لا جدال أن زيادة المنافسة في مجالات العمل، تُخِلُّ بالتوازن بين العمل والحياة الشخصية. إذ تتطلب منك مزيدًا من الجهد لإثبات ذاتك متناسيًا التوازن. والحل ليس في إهمال التوازن وإنما في وضع خطة للتطوير، محددة بوقتٍ وجهدٍ بالتوازي مع بقية مهامك.
  • الهروب: قد يكون عدم التوازن في حياتك هروبًا من مشكلات عائلية، أو هروبًا من خوفك من التعثر والفشل. واجه مخاوفك بشجاعة، هذه أقصر الطرق لتنزع عنك الخوف، ولتجنب نفسك الانسياق وراء تبعات هذا الخوف من سلوكيات تضر بتوازن حياتك.

كيفية تحقيق التوازن بين العمل والحياة الشخصية

الخطوة الأولى من أجل تحقيق التوازن في الحياة إذا كنت تعمل عن بعد؛ هي الإيمان بأهمية المبدأ نفسه. فكلما أدرك المرء أهمية شيءٍ ما، كان أحرص على تطبيقه وتهيئة الظروف لتحقيقه. وإليك عدّة نصائح لتحقيق التوازن بين العمل والحياة الشخصية:

1. أنت الأولوية

يجب عليك أن تدرك أنك رأس مال نفسك، وصحتك النفسية والجسدية لها الأولوية في خطتك لتحقيق التوازن. لأنك إذا تعثرت سيتوقف كل شيء. تخيل أنك أعطيت الأولوية لإنجاز مزيدٍ من المشاريع متجاهلًا مشكلاتك الصحية الطارئة، صحيح قد تحقق عائد مادي أكبر، لكن سيصل بك الحال لمضاعفات صحية أكبر قد تمنعك عن العمل لفترة، وقد تنفق كثيرًا من الأموال على ذلك.

اعمل بجد واجتهد، لكن لا تتجاوز حدود طاقتك، وتوقف فورًا عند حدوث أي طارئ. احرص كذلك على تنفيذ عدّة تقنيات تساعدك في الحفاظ على صحتك، كممارسة الرياضة، والفحص الطبي الدوري، وتوفير بيئة عمل مريحة نفسيًا وجسديًا.

2. تحديد المسؤوليات

تحقيق التوازن في الحياة مرهون بوضوح المهام، فمثلًا إذا كنت تعمل بدوامٍ كامل عن بعد لكنك غير متزوج، فهذا يعني أن مسؤولياتك ومهامك وأولوياتك تختلف عن زميلٍ لديه أولاد. لذا، من المهم تحديد مسؤولياتك وبحث سُبل تحقيق التوازن بين العمل والحياة وفقًا لذلك. يمكنك تطبيق ذلك عبر الخطوات الآتية:

  • احصر مسؤولياتك.
  • سجل المهام المترتبة عليها.
  • حدد الهدف الذي تود تحقيقه في كل مجال من مجالات حياتك.
  • ضع استراتيجية واضحة لتحقيق كل هدف.

3. التقييم المستمر للوضع

التقييم خطوة من خطوات تحقيق التوازن. عليك كعامل عن بعد إجراء تقييم دوري لمعرفة مدى استقرار وضعك، بحيث يشمل التقييم عدّة نقاط مثل:

  • تقييم مدى التزامك بخطة التوازن:
    • هل تسلم مشاريعك في الوقت المناسب بمرونة؟
    • هل علاقتك بأسرتك مستقرة؟
    • هل تحصل على قدرٍ كافٍ من الترفيه في يومك؟
    • هل تجد نفسك مستعدًا وشغوفًا لتحقيق مزيدٍ من الإنجاز في عملك؟
  • حدد نقاط الضعف والتقصير خلال الفترة الأخيرة.
  • ضع حلول معقولة تساعدك في الحفاظ على التوازن بين حياتك الشخصية ومهامك الوظيفية.
  • من المهم أن ترصد ما يستجد لك من مسؤوليات ومهام، وما يتغير من ظروف.
  • أعد ترتيب الأولويات، بحيث تحافظ على توازن حياتك.

4. تحلّى بالمرونة للتعامل مع المستجدات

فرضًا، احتجت ذات يوم للبقاء في دوامك لساعة إضافية لسببٍ طارئ. الأمر أسهل من أن توتر نفسك، أنهِ عملك بتركيز ثم احصل على إجازة تعوّض فيها الجهد المبذول. المثالية الزائدة تدمر كل الخطط، ولا تساعد على الإنجاز؛ فكن مرنًا فيما يخص خطتك لتحقيق التوازن.

بمعنى، تقبّل حدوث الطوارئ والعقبات، وتخطّ الأمر وضع حلولًا للتعويض، واعلم أن تطبيق خطة التوازن يحتاج للتمرين واستمرار المحاولة، قد تخفق في البداية، ولكن مع محاولة التعديل، حتمًا ستصل لحالٍ أفضل.

5. اعمل بذكاء

لا يتوقف النجاح والإنجاز على كم الجهد المبذول، وإنما على النتيجة التي تحققت، لذا اعمل بذكاء دائمًا. كمثال على ذلك، دعنا نقارن بين حالتين: فبدلًا من قضاء ثلاث ساعات متواصلة لتكتب صفحة ما؛ لعدم إجادة الكتابة على الحاسوب، خصص من وقتك عشر دقائق يوميًا لتتعلم الكتابة دون النظر للوحة المفاتيح، ومع الوقت ستكتب الصفحة نفسها في ساعةٍ أو أقل.

قِس على ذلك كل التقنيات التي يمكنك الاعتماد عليها في إنجاز المهام، مثل أدوات تنظيم وإدارة المهام كأداة أنا من شركة حسوب، أو برامج جدولة النشر، أو تفويض المهام التي لا تستوجب حضورك، وهكذا.

6. اختر بيئة عمل مساعدة

كموظفٍ عن بعد، إذا كان عملك لا يسمح لك بتحقيق التوازن، ففكر في البحث مجددًا عن عمل آخر، ولا تلزم نفسك بمشروع طويل الأجل يستغرق منك يومك بالكامل. من الوارد أن تقبل العمل في مشروع يحتاج ساعات عمل طويلة، لكن يكون لك صلاحية تقسيم هذه الساعات بما يتيح لك تحقيق التوازن في حياتك. إذًا، من الأفضل أن تختار دوامًا يمكنك بعد إنهائه الاهتمام ببقية مسؤولياتك.

7. انتبه لأسرتك

التخطيط لقضاء وقت عالي الجودة مع أسرتك أمرًا مهمًا، فالعمل يمكن تعويضه، أما الأسرة لا. تحدث مع أسرتك بشأن طبيعة عملك، وأن وجودك في المنزل لا يعني أنك متوفرًا في كل وقت، فهذا من شأنه أن يجعلهم يشعرون بك ويقدرون ما تبذله من جهد، وكذلك قد يساعدون في توفير بيئة عمل أكثر راحة.

8. التزم بوقت الراحة

لا تنجز المزيد من مهام العمل في وقت راحتك. كن حريصًا على الفصل النهائي حتى لو كنت متحمسًا للعمل؛ لأنك تحتاج الراحة، فالوقت الشخصي والتواصل مع الذات وتغذية الروح وتجديد النشاط، والتواصل مع الأسرة والأصدقاء مهم بقدر أهمية العمل. الإجازات محطة مهمة للبدء بحماس من جديد.

9. خصص هاتف للعمل

يدرك العاملون عند بعد مدى الدور الذي يلعبه الهاتف في تشتيتهم. وفي الوقت الحالي أصبح التواصل بين الناس سهلًا، قد تستقبل رسالة تسألك عن رأيك في خطة عطلة نهاية الأسبوع برفقة الأصدقاء، بينما أنت منهمك في دوامك، وقد تتلقى رسالة من مديرك عن مستجدات المشروع الأخير، بينما تقضي العطلة برفقة أسرتك.

لذا من الضروري تخصيص هاتف للعمل، بما فيه من وسائل تواصل وتطبيقات وأرقام، وهاتف شخصي مختلف، لمساعدة نفسك على تحقيق مبدأ التوازن. وإذا كان دوامك لا يحتاج لاستخدام الهاتف، ببساطة أغلق هاتفك خلال ساعات العمل ولا تجعله في متناول يدك.

في النهاية، أنت تستحق حياة سعيدة، وهذه السعادة لن تطرق بابك دون سعيٍ حثيثٍ منك، وصناعة السعادة تحدٍ فكن على قدر التحدي. ومهما بدا الأمر معقدًا، ثق بأنه ما إن تقرر وتبدأ في محاولات تطبيق التوازن بين العمل والحياة؛ ستلمس أثر ذلك جليًا على كل جوانب حياتك.

تم النشر في: الإنتاجية، العاملون عن بعد