أخلاقيات العمل

يعتقد الكثيرون أن النجاح المهني يقتصر على العمل الجاد وإنجاز المطلوب بأفضل جودة، بينما يهملون إحدى الركائز الأساسية لاستمرارية هذا النجاح وهي الالتزام بمبادئ العمل وأخلاقياته. فما المقصود بأخلاقيات العمل؟ وكيف يمكن تعزيزها لتصبح جزءًا من شخصيتك؟

جدول المحتويات:

ما هو مفهوم أخلاقيات العمل؟

تُعرف أخلاقيات العمل بأنها مجموعة من المبادئ والضوابط التي توجه سلوك الفرد في عمله، وتحدد الصواب والخطأ، فهي بمنزلة دليل للموظف ومرشد له للتعامل مع مختلف المواقف التي تعترضه في العمل. أخلاقيات العمل ليست ثابتة بالمجمل، إنما تختلف من مكان لآخر، فما هو مقبول في بيئة عمل ما يمكن أن يكون مرفوضًا في بيئة عمل أخرى.

ما هي أهم أخلاقيات العمل عن بعد؟

يوجد الكثير من مبادئ وأخلاقيات العمل التي ينبغي لك الالتزام بها إذا كنت تعمل عن بعد، أهمها:

المسؤولية

المسؤولية هي القدرة على تحمل عبء العمل واتخاذ القرارات الحاسمة بما يخدم مصلحة الشركة، مع تحمل مسؤولية أي خطأ أو تقصير يحدث في أثناء العمل، ومن ثم السعي لإصلاحه.

تحمل المسؤولية أشكالًا مختلفة تقودك إلى تأدية واجباتك على أكمل وجه بداية من مسؤولية إنجاز المهام المنوطة بك، ومراقبة الجودة وتنظيم العمل، مرورًا بمسؤولية حماية البيانات التي بين يديك، وحتى مسؤولية تطوير الشركة وإنجاح أعمالها.

الصدق والأمانة

الصدق والأمانة قيمتان متلازمتان يجب التحلي بهما، فيجب عليك نقل الحقائق كما هي ووضع الإدارة في صورة العمل في كافة المراحل، مع تجنب التضليل وتلافي ذكر المشاكل ونقاط الضعف لتجميل الواقع، والأهم الأمانة المهنية، سواءً في العمل كإنجاز المهام دون تهاون أو في السلوك كالحفاظ على أسرار الشركة.

الشفافية

الشفافية هي أن تنقل كامل الظروف المحيطة بك والمؤثرة على عملك، وتعترف بإمكاناتك لتتمكن الإدارة من توظيف قدراتك في المكان الصحيح. فإن كنت تسعى إلى تحقيق الشفافية كواحدة من أخلاقيات العمل الهامة، ينبغي لك نقل مشكلات العمل وتحدياته إلى الإدارة، فينتج عن ذلك تعاونًا متبادلًا لتطوير قدراتك وجودة العمل وإنجاح الشركة في الوقت ذاته.

المبادرة

تعني المبادرة السعي لأداء سلوك إيجابي دون طلب الإدارة، وهي من أخلاقيات العمل السامية، وبامتلاكك لهذه القيمة ستكون حريصًا على إنجاح الشركة وتطويرها كحرص الإدارة على ذلك. يمكن أن تتجلى المبادرة في اندفاعك لإنجاز أعمال إضافية بقصد المساعدة وهذا يزيد من إنتاجية الشركة، أو من خلال طرح أفكار نيرة من شأنها تحسين واقع العمل ورفع الكفاءة.

الالتزام

تتجلى أهمية الالتزام في ظل غياب الرقابة في العمل عن بعد، إذ يجب أن ينبع التزامك من داخلك، وأن تحرص على إنجاز المهام المنوطة بك دون تأخير أو تقصير مع التركيز الكامل على كل ما تؤديه. إذ يؤدي الالتزام بجدول الأعمال اليومية والتقيد بالمواعيد النهائية إلى تسريع وتيرة العمل، وتجنب التأخير الذي يعيق إنتاجية الشركة.

التواصل الفعال

في العمل عن بعد، ينبغي لك أن تكون قادرًا على التواصل مع الإدارة وزملاء العمل بفاعلية، وقادرًا على تحقيق الاستفادة القصوى من الرسائل ومكالمات الفيديو وغيرها من أساليب التواصل. إذ يظهر التواصل الفعال الذي يُعد أحد أهم أخلاقيات العمل عن بعد اهتمامك بكل تفاصيل العمل الذي تؤديه، من خلال تبادل الآراء مع المعنيين باستمرار، واهتمامك بتلقي الملاحظات التي تحسن من جودة العمل.

التعلم المستمر

يُعد التعلم المستمر من أهم أخلاقيات العمل التي ينبغي لك التحلي بها وبخاصة في مجالات العمل عن بعد سريعة التطور. يعزز التعلم المستمر من مهاراتك ويدفعك نحو مزيد من التطوّر والإبداع، وهو ما يظهر في قوة الشركة وقدرتها على مواكبة التطورات والمنافسة، وبالتالي ازدهارها.

ما أهمية الالتزام بأخلاقيات العمل؟

يرهن النجاح في العمل بالالتزام بأخلاقياته، ولا سيّما عند العمل عن بعد التي تزداد فيه أهمية أخلاقيات العمل لعدة أسباب، منها:

1. التميز في العمل

عندما تعمل بانضباط وفقًا للمبادئ والمعايير الأخلاقية؛ لن تتخوف الإدارة من وقوعك في المشكلات الناجمة عن التجاوزات الأخلاقية، وهذا الأمر سيخلق لدى كلا الطرفين نوعًا من الراحة والاطمئنان.كما سيعزز ذلك رابطة الولاء بينك والإدارة، مما يدفعك إلى العمل بكل إخلاص وتفانٍ ويقودك إلى التميز الدائم وإخراج أفضل ما لديه.

2. إيجاد نظام للتقييم الذاتي

تبني أخلاقيات العمل صورةً للموظف المثالي في ذهنك، وبوجود مجموعة من المبادئ الأخلاقية الثابتة والمعروفة تمامًا لديك، يمكن أن يساعدك ذلك على تقييم ذاتك في العمل من ناحية الأداء والالتزام والإنتاجية وغيرها من الجوانب.

من الضروري جدًا أن تكون على دراية فيما إذا كنت تسير وفق النهج الصحيح والمعايير الأخلاقية السليمة أو أنك خارج عن القواعد وبحاجة إلى تصحيح مسارك. وهذا الأمر يضمن لك أن تكون دائمًا بهذه الصورة المثالية أمام المسؤولين عنك في العمل ما يمنحك باستمرار تقييمات إيجابية والكثير من الحوافز والمكافآت.

3. الحصول على فرص مهنية جديدة

تُعَد أخلاقيات العمل من أقوى وأهم العوامل في إقامة علاقات عمل قوية، فعندما تتمتع بأخلاقيات عمل جيدة ستكون أولًا الخيار الأمثل للإدارة لكي تعتمد عليك في مهام مختلفة، والأهم من ذلك ستكسب سمعةً مهنيةً جيدةً. إذ تسعى الشركات التي تعمل عن بعد دائمًا إلى توظيف أشخاص يتمتعون بأخلاقيات عمل قوية تدفعهم إلى العمل بكفاءة والخروج بأفضل النتائج.

4. خلق بيئة عمل إيجابية

التحلي بأخلاقيات العمل في العمل عن بعد من الأساسيات لخلق بيئة عمل إيجابية ومناسبة للإبداع. لأنك ستعمل مع أشخاص لا تعرفهم بصورة شخصية مباشرة في البداية، إلا أن تمتعك بأخلاقيات العمل سيخلق بينكم روابط إيجابية.

إذ تدفعك أخلاقيات العمل إلى تأدية عملك بجودة عالية وإنجاز مهامك بإتقان، مع بناء علاقة إيجابية بالإدارة وفريق عملك، وستسعى دائمًا إلى تطوير الشركة التي تعمل لصالحها. كما يمكن أن تكون ملهمًا للموظفين الآخرين ودافعًا لهم للإنجاز، ونتيجة ذلك ستكون قادرًا على الإبداع وتحقيق التقدم المهني في بيئة عمل إيجابية داعمة ومحفزة.

5. تحقيق التعاون الفعال عن بعد

تعزز أخلاقيات العمل مفهوم التعاون لدى أعضاء الفريق، ففي العمل عن بعد ستعمل مع أشخاص من مختلف أنحاء العالم، وستحتاج دائمًا للوصول إلى صيغة مناسبة للتواصل والتفاهم سواءً مع أصحاب العمل أو مع زملائك في الشركة.

ومن خلال ذلك ستتمكن من تحقيق التعاون الفعال عن بعد، وتتجلى أهمية هذا التعاون في توزيع عبء العمل وإيجاد حلول فورية للمشكلات ورفع الإنتاجية والتشاور في مختلف الأمور التي تخص العمل. وهذا الأمر سيعزز لديك ثقافة العمل الجماعي ويجعلك أكثر مرونةً وتقبلًا لآراء الآخرين.

أهم إستراتيجيات تطبيق أخلاقيات العمل وتعزيزها

بعد بناء أخلاقيات العمل لديك، يجب عليك إيجاد طريقة لتعزيز هذه الأخلاقيات وصقلها، والأمر ليس بالصعب إذ يمكنك ذلك من خلال:

إدارة الوقت بفاعلية

في العمل عن بعد لن يكون هناك خطًا فاصلًا بين وقت العمل ووقت الراحة، ويمكن في كثير من الأحيان أن يتداخل عملك مع حياتك العامة، الأمر الذي يخلق نوعًا من الإرهاق ويدفعك لفقدان تركيزك. لذلك خصص ساعات معينة للعمل، وكن دائمًا على الموعد دون التأخير والمماطلة في تسليم الأعمال المطلوبة.

تقودك أخلاقيات العمل القوية إلى إيجاد طريقة لتنظيم ذاتك، لدرجة أنك ستحدد ساعات نومك وأوقات خاصة لممارسة الرياضة وإعادة شحن طاقاتك، فينعكس ذلك على إنتاجيتك في العمل.

إنجاز العمل بأفضل جودة

تدفعك أخلاقيات العمل إلى البحث عن التميز، فلن ترضى إلا بإنجاز العمل بإتقان للخروج بأفضل جودة ممكنة. لذلك احرص دائمًا على إنجاز الأعمال بالطريقة الصحيحة، والأفضل عدم استلام العمل في حال قلة خبرتك في مجال ما وعدم تأكدك من إنجاز المهمة المطلوبة بكفاءة.

لا تتسرع في إنجاز المهام فالعمل غير المتقن سيؤثر بطريقة سلبية على سمعتك المهنية، لذلك خذ وقتًا كافٍ للتخطيط والتفكير بالطريقة الأفضل للحصول على النتائج الأفضل.

حماية بيانات العمل

من أهم التحديات الأخلاقية التي يمكن أن تواجهك في أثناء العمل عن بعد هي الحفاظ على أمن البيانات وسريتها. ففي حال تسريب أي بيانات خاصة تتعلق بالشركة التي تعمل لصالحها عن طريق الخطأ أو عن طريق مخترقين، سيعرضك ذلك إلى خسارة وظيفتك على أقل تقدير.

لذلك لا بد من الالتزام بالإجراءات الوقائية في أمن المعلومات؛ مثل استخدام الشبكات الآمنة واستخدام برامج مكافحة الفيروسات لحماية المعلومات الهامة، وغيرها من إجراءات الحفاظ على الأمان الرقمي عند العمل عن بعد.

التركيز وتجنب عوامل التشتيت

تتجلى أهمية هذه النقطة بصورة كبيرة في العمل عن بعد، فبيئة العمل عن بعد غير الصحية قد تكون مليئة بالمشتتات التي يمكن أن تصرف انتباهك عن عملك فتضعف ارتباطك بما تقوم به، ما يؤثر سلبًا على أخلاقيات العمل. لذا ابتعد عن هاتفك المحمول وخصص مكانًا هادئًا للعمل، ودع تركيزك ينصب بالكامل على عملك، سيرفع ذلك من إنتاجياتك ويعزز أخلاقيات العمل لديك بكل تأكيد.

في الختام، تدفعك أخلاقيات العمل للقيام بواجباتك الوظيفية وفق القواعد، فتصبح كل سلوكياتك في العمل مضبوطةً ضمن إطار أخلاقي، ما يساعدك على الارتقاء في السلم الوظيفي وتحقيق التقدم المهني.

تم النشر في: النجاح في العمل عن بعد، تأهيل الموظفين الجدد