8 من تحديات العمل عن بعد وكيفية التغلب عليها

شهد سوق العمل اختلافات وتطورات جذرية خلال السنوات الأخيرة، حيث بات العمل من المنزل نهجًا تمارسه العديد من الشركات، وأصبح الاتجاه الدائم الجديد لكثيرٍ من جهات العمل والأشخاص. لكن وبالرغم من تعدد المميزات التي يوفرها العمل عن بعد من إمكانية الوصول إلى مجموعة أكبر من المواهب للشركة، إلى زيادة الإنتاجية والمرونة بالنسبة للموظفين، إلا أن تحديات العمل عن بعد قد تؤول إلى نتائج غير مرجوة ولم تكن في الحسبان.

ما هي تحديات العمل عن بعد؟ وكيف تتعامل معها

بالرغم من أن الموظفين الذين يعملون عن بعد يكونون أكثر إنتاجية، إلا أنهم أكثر عرضة لساعات عمل أطول، وأحيانًا ضغط أكبر. مما يؤجج من مشاعر التوتر والارتباك. لذا سواءً كنت تعمل عن بعد حاليًا أو تفكر في ذلك مستقبلًا، فيجب أن تكون على دراية بأبرز معوقات وتحديات العمل عن بعد، وكيفية التغلب عليها ومواجهتها، إليك أهم هذه التحديات:

أولًا: تنظيم وإدارة الوقت

يعمل العديد من الموظفين عن بعد من المنزل، مما يعني وجود مصادر تشتيت ووسائل راحة كثيرة، لذا قد يكون من الصعب تحفيز نفسك للعمل عندما لا تكون في بيئة مهيأة بالقرب من الفريق، مما ينشئ صعوبة في إدارة الوقت الذي تكون مسؤول تمامًا عنه، من ناحية كيفية قضائه والموازنة بين شتى الأمور الحياتية، مع المحافظة على تنفيذ واجباتك المهنية دون تقصير.

للحصول على أفضل إدارة للوقت، اهتم بتحديد وترتيب أولوياتك أولًا، لإمكانية تنظيم المهام. سيفيدك أيضًا تتبع وقتك على استغلال مجهودك وطاقتك بشكلٍ سليم. تعد أداة أنا من حسوب، أحد أفضل أدوات جدولة المهام ومتابعة سير العمل، سواءً كنت تعمل منفردًا أو ضمن فريق.

إذ تحتوي على العديد من التطبيقات التي يمكن استخدامها بسهولة، إضافةً إلى تسجيل الملاحظات والتواصل مع الفريق، أو تحديثات الحالة، لتظل على اطلاع بآخر التطورّات والإنجازات. من المهم أيضًا محاولة خلق بيئة عمل مناسبة تساعدك على التعامل مع تحديات العمل عن بعد، إذ يمكنك تخصيص مساحة معينة في المنزل للعمل توفر لك الهدوء بعيدًا عن مختلف المشتتات، لتتمكن من التركيز التام على عملك.

إضافةً إلى ضرورة الابتعاد عن وسائل الإلهاء الإلكترونية، مثل التصفح المستمر لمواقع التواصل الاجتماعي. يمكن اللجوء لبعض الأدوات التي تمنع الوصول لمثل هذه التطبيقات إن لزم الأمر! ستجد عدة أمثلة على متجر هاتفك، وتذكر دائمًا أن شعورك بقيمة الوقت وتقديرك لمجهودك، سيساهم كثيرًا في قدرتك على إدارته.

ثانيًا: الإفراط في العمل

قد يكون من الصعب الفصل بين عملك وحياتك الشخصية، خصوصًا مع توافر كلاهما تحت سقفٍ واحد غالبًا، لذلك فهي واحدة من أصعب تحديات العمل عن بعد. نتيجةً لذلك، يصبح من السهل البقاء على مكتبك والاستمرار في العمل بعد انتهاء وقته حتى ساعات متأخرة من الليل.

من الممكن أن يؤدي الاتصال الدائم بالعمل واستهلاك كل طاقتك فيه إلى الاحتراق الوظيفي، لينتهي بك الأمر عاجزًا عن ممارسة مسؤوليتك المهنية على أمثل وجه. لمواجهة هذه المعضلة، من المهم أن تسمح لنفسك بالتوقف عن العمل طوال اليوم، وإن وجدت صعوبة في ذلك، فيمكن أن تساعدك النصائح التالية:

  • رتب بعض الالتزامات للقيام بها بعد انتهاء ساعات الدوام، مما يجعل مسألة ترك المكتب وقضائها أمرًا اضطراريًا، مثل الذَّهاب إلى صالة الرياضة أو التسوق، أو أن تتفق مع صديقك للقائه بعد الدوام.
  • ضع تنبيهات لأخذ فترات راحة خلال العمل، إذ يساعد ذلك على شحن طاقتك للمواظبة.
  • كن واضحًا مع فريقك بشأن انتهاء ساعات عملك في اليوم، حتى تتجنب أي تواصل يخص العمل في وقت راحتك.
  • حاول تجنب قضاء الوقت حول مساحة عملك ليلًا، حتى لا تجد نفسك جالسًا على المكتب مباشرًا بإكمال ما توقفت عنده بالعمل.
  • احرص على إيقاف جميع الإشعارات التي تخص العمل من جميع التطبيقات.
  • احرص على تقوية علاقتك بعائلتك، فبذلك تجد دومًا ما يستحق أن تترك عملك من أجله في نهاية الدوام.

ثالثًا: المعوقات التقنية

عادةً ما تمتاز مكاتب العمل في الشركات بتوفير تقنيات متقدمة وموثوقة، لتجنب أي مشكلات تقنية خلال العمل. لكن مع الاعتماد على العمل عن بعد، يصبح الموظف أكثر عرضة لمواجهة هذه المشاكل، أبسطها وأكثرها شيوعًا هو الخلل أو البطء في شبكة الإنترنت، مما يعيق تأدية المهام الوظيفية خلال الموعد أحيانًا.

من الممكن أيضًا أن يوقفك تعطل جهازك عن العمل خلال اليوم بالكامل، ولذلك فهي واحدة من أصعب تحديات العمل عن بعد التي تواجه الأفراد الآن. لتجنب هذه المعيقات، عليك التأكد أولًا من تزويد مكتب عملك بجودة إنترنت مناسبة من مزودين الشبكات. لكن الأهم من ذلك، هو امتلاك خُطَّة احتياطية دائمًا تستطيع اللجوء إليها في حال حدوث عطل عَرضي لم يكن في الحسبان.

كأن تستخدم شبكة إنترنت الهاتف Hotspot في حال انقطاع الشبكة المنزلية، أو الخروج مؤقتًا إلى مكان يوفر شبكة إنترنت مستقرة. يمكن أيضًا أن تكمل مهامك العملية على هاتفك أو جهازك اللوحي قدر الإمكان، في الوقت الذي تنتظر فيه إصلاح جهازك أو تزويدك بجهازٍ آخر.

رابعًا: الشعور بالوحدة

الإنسان اجتماعي بطبعه، فعلى الرغم من أنك قد تشعر بالهدوء والتركيز في بداية رحلة عملك عن بعد، بعيدًا عن ضوضاء المكتب وتشتيت زملائك لك بالأحاديث الجانبية، إلا أن طول أمد هذا الحال مع الانغماس في العمل، يؤدي لانخفاض التفاعل الاجتماعي، مما يخلق شعور الوحدة التي تؤثر على الصحة النفسية ورغبة الموظف بالإكمال في مسيرته المهنية، مما يحجبه عن الحياة الاجتماعية.

لمنع تفاقم مشكلة كهذه وتحولها إلى أزمة، عليك أن تباشر في معالجتها في اللحظة التي تشعر بها، ويحدث ذلك بتطبيق عدة حلول لمكافحة العزلة والشعور بالوحدة، أهمها تخصيص وقت من يومك للتواصل مع الآخرين والخروج مع الأصدقاء، يمكن أن يساعدك أيضًا تغيير بيئة العمل من مدّة لأخرى.

خامسًا: اختلاف التوقيت الزمني

عادةً ما تكون فِرق العمل عن بعد موزعة على مناطق جغرافية مختلفة، مما يخلق اختلاف في التوقيت بين أعضاء فريق العمل الواحد، ما يعرقل التواصل المستمر بين الموظفين خلال ساعات العمل، الأمر الذي يؤدي إلى التأجيل في بعض المهام عند الحاجة إلى الاستفسار من أحد العاملين عليها، وهو ما يجعل اختلاف التوقيت من أهم تحديات العمل عن بعد.

لحل هذه المعضلة، احرص على استغلال الاجتماعات التي تحدث بين الموظفين، وترك ملاحظاتك واستفساراتك أولًا بأول لتتمكن من إنجاز وفهم المهام الموكلة إليك بأسرع وقت. يمكنك أيضًا التواصل مع أحد أعضاء الفريق الذي تشترك معه ببعض المهام، للاتفاق على التوصل معًا في وقت يناسب كليكما لمناقشة مجريات العمل المشترك وتحديثاته.

في حالة كانت شركتك تفرض ساعات عمل متزامنة مع التوقيت الزمني لموقعها، لتقدر على متابعة جميع الموظفين خلال مدّة الدوام، فقد يمثل ذلك الأمر تحديًا كبيرًا أمامك، لكن يمكنك تجاوزه بواسطة جدولة يومك بناءً على ذلك، وتنظيم أمور حياتك لتقدر على الالتزام بالعمل، وفي الوقت ذاته متابعة حياتك الشخصية.

سادسًا: الالتزام بالعادات الصحية

تعد العادات الصحية روتينًا، من المهم جدًا اتباعه بغض النظر عن مكان عملك. لكن ومع الأسف، من الممكن أن يسبب العمل من داخل المنزل الكسل والخمول، واقتصار تنقلك على المكتب وغرفة النوم. وهو إلى ذلك قد يمثل عدة عادات أخرى مضرة بالصحة، مثل إهمال الطعام الصحي والاكتفاء بالوجبات السريعة لشدة الانغماس بالعمل، مما يؤثر بشكل كبير على صحتك.

عليك أن تتذكر أن الإنتاجية والتركيز في العمل تحتاج إلى جسد صحي قادر على المواظبة والاجتهاد، لذا يجب الاهتمام بالمحافظة على عادات صحية خلال يوم عملك. استغل وقت الراحة في تناول وجبة صحية يمكن أن تكون قد أعددتها في الليلة السابقة عوضًا عن طلب وجبة دسمة من المطعم، ولا تنسَ إبقاء بعض الفواكه والخضروات بجانبك خلال العمل بدلاً من السكريات. من الممكن أيضًا أن تخرج للتنزه، أو أن تمارس الرياضة بعد انتهاء العمل لتعويض ساعات الجلوس الطويلة.

سابعًا: ضعف الترابط الاجتماعي مع فريق العمل

يساهم التواصل وجهًا لوجه بين موظفي الشركة في تقوية روح الفريق بينهم، وبناء عَلاقة غير رسمية تبدأ بالأحاديث الجانبية، التي تحدث في أثناء مدّة الاستراحة. يخلق هذا الرابط جو عام مريح وبيئة عمل فعالة، تزداد فيها الإنتاجية والألفة بين فريق العمل.

أما مع بيئة العمل عن بعد، فقد تصبح هذه النقطة من أبرز تحديات العمل عن بعد التي يجب مراعاتها ومحاولة التغلب عليها. يمكن أن تكون مسألة تعميق التواصل مع أعضاء الفريق بالنسبة للموظف عن بعد أمرًا صعبًا في البداية، ولكنه ليس مستحيلًا باتباع الخطوات التالية:

  • انضم إلى الاجتماعات الافتراضية غير الرسمية، التي عادةً ما يكون هدفها التعارف والأحاديث الشخصية.
  • اشرح دائمًا ما تعمل عليه و تنجزه في اجتماعات الفريق، خاصةً عندما يساعد ذلك في عمل أعضاء الفريق الآخرين.
  • اقترح بعض النشاطات الترفيهية ليقوم بها الفريق خارج نطاق العمل، مثل المشاركة في لعب لُعْبَة إلكترونية معًا.
  • شارك اهتمامك بالعمل واسأل عما لا تفهمه، وتحقق بشكل دوري لمعرفة كيف يمكنك المساعدة أو معرفة المتوقع منك، وبذلك تربح ثقة الموظفين ومشاركتهم بعض الحوارات المهنية معك، التي ستساهم في تعزيز العَلاقة بينكم.
  • انضم إلى اجتماع العمل مبكرًا، واستخدم ذلك الوقت للدردشة مع الأعضاء المتواجدين.
  • في حال وجود بعض أعضاء الفريق بالقرب منك، يمكنك التواصل معهم للخروج وقضاء بعض الوقت معًا.
  • بعض المزاح والضحك لن يضر خلال مدّة ضغط العمل، يمكنك بذلك تلطيف الجو والشعور بمساهمتك في التأثير بالفريق.

ثامنًا: المحاولات المستمرة للبقاء متحفزًا

تعد المحاولة الحثيثة للبقاء متحفزًا للعمل، من أبرز تحديات العمل عن بعد التي يواجهها الموظف، وذلك لضمان الإنتاجية المطلوبة. لكن العمل من المنزل بعيدًا عن جو العمل العام والزملاء، قد يجعل الأمر تحديًا يوميًا، مما يضخم من حجم المهام المهنية معنويًا، ويجعلها تتطلب جهودًا مضاعفة لإنجازها.

قد يؤدي ذلك إلى التقصير في العمل خصوصًا من حيث التسليم في المواعيد المحددة، لميل الموظف عن بعد إلى التأجيل في عمله، لقلة دوافعه. من الخطوات التي يمكن اتّباعها للحفاظ على حافز يومي يدفعك للعمل بجهد:

  • إنشاء مساحة خاصة للعمل بعيدًا عن وسائل الراحة المغرية.
  • مكافأة نفسك، من الممكن أن تجعل من حلقة مسلسلك المفضل حافزًا لإنهاء العمل بشكل أسرع حتى تشاهدها بعد ذلك.
  • الحد من عوامل التشتيت من حولك قدر الإمكان، فقد تجد أنك تكافح من أجل العودة إلى المهمة التي كنت تعمل عليها في كل مرة تتم مقاطعتك أو إلهائك فيها.
  • خلق بعض التحديات مع نفسك، ففي بعض الأحيان يمكن أن يساعدك تحدٍ صغير على الإنجاز.
  • تجرِبة استراتيجيات مختلفة للعمل حتى تجد ما يناسبك، ممكن أن تجد أنك منتجًا أكثر في ساعات المساء عوضًا عن الصباح، أو أنك تفضل العمل بعد ممارسة بعض التمارين الرياضية مثلاً.
  • تذكير نفسك بمدى شعورك بالرضا عند إتمام المشروع، على عكس مشاعر الذنب إن لم تنجز المطلوب.

واجب مُديرون الشركات تجاه الموظفين عن بعد

يمكن أن يساهم مسئولو الشركات في التخفيف من حدة تحديات العمل عن بعد التي تواجه الموظفين، بواسطة بعض السياسات والإجراءات الغير مكلفة نسبيًا التي يتم اتخاذها لدعمهم وتمكين التواصل فيما بينهم. مما يؤدي إلى تطوير أداء الموظفين وزيادة إنتاجيتهم.

تضم هذه الإجراءات عدة خطوات لتحسين بيئة العمل ومحاولة إبقاء الفريق متحمسًا، منها تعزيز ثقة الموظفين بالثناء المعنوي والمكافآت المادية، والحرص على الاجتماعات الدورية التي تعزز من روح الفريق والألفة بينهم، وتوفير الظروف للموظفين للعمل عن بعد بكفاءة دون التأثير على الحياة الشخصية للموظفين.

ختامًا، لا تجعل من تحديات العمل عن بعد التي تواجهها سببًا للاستسلام أو الشعور بالعجز، بل وسيلة للتطوير من نفسك ومهاراتك المهنية والشخصية. وتذكر دائمًا أنك لست وحدك، يمكنك التواصل مع مدير العمل أو زملائك في الفريق للتحدث عما تعانيه، وذلك من أجل الوصول إلى الحل المناسب للتغلب على هذه التحديات، ولا تنسَ أن كل شيء يمكن حله بقليلٍ من الشجاعة والمثابرة.

تم النشر في: سبتمبر 2021
تحت تصنيف: العمل عن بعد | النجاح في العمل عن بعد