كل ما تحتاج إلى معرفته عن تغيير المسار الوظيفي Career Shift؟

الكثيرون منّا لديهم طموح شخصيّ للارتقاء في مسارهمُ المهنيّ، قد يكون لذلك عدّة سُبل مختلفة، ولكن هل يمكن أن يكون تغيير المسار الوظيفي كليًا هو السبيل إلى ذلك الارتقاء؟ هل فكرت يومًا بتغيير مسارك المهني؛ منقبًا عن مهارات جديدة، خبرة أكبر، أو حتى دخل مادي أعلى؟

جدول المحتويات:

ما هو تغيير المسار الوظيفي؟

يُعدّ المسار الوظيفي مجموعة من المهام التي يقوم بها الموظف في مؤسسة ما، منذ بداية مسيرته العملية حتى التقاعد، ويُعدّ وسيلته الكبرى لتحقيق أهدافه المهنية، لكن في بعضِ الأحيان يكن السبيل لتحقيق الأهداف مرتبط بتغيير المسار المهني كُليًا.

ويكمن هذا التغيير في أن يقوم الموظف بتغيير وظيفته الحالية لوظيفة جديدة، قد تكون مرتبطة بمساره المهني والتعليمي، وقد لا تكون. يكمن قلب القوة في تغيير المسار الوظيفي، في قُدرة الشخص على تجاوز سنوات عَديدة من الدراسة والعمل والخبرة في مجاله، ليُغامر بالعمل في مجال جديدٍ بالكلية.

ما هي أسباب تغيير المسار الوظيفي؟

يُعدّ التغيير الوظيفي خطوة صعبة قليلًا، لكنها في بعض الأحيان تكون سبيلك الأفضل، إليك أهم الأسباب التي قد تدفعك لاختيار وظيفة أخرى:

1. الرغبة في خوض تجربة جديدة

عِندما تعمل في مكانٍ ما لمدة طويلة تكتسبُ بعض الخبرة العِلمية، تعتاد زملائك في العَمل، وتجد راحتك فيه، لكن بمرور الوقت  يتحول كل شيء إلى روتين يوميّ. تجد نفسك فجأة تدور في نفس الدائرة، لا مزيد من الخبرة، ولا المغامرة، ولا التجارِب الجديدة؛ وعليه تُقرر أن تجد وظيفة جديدة للحصول على خبرة أكبر، بواسطة خوض تجرِبة عمل جديدة.

2. تَغيُّر أولوياتك الحياتية

عندما تبدأ حياتك المهنية، تكمن اهتماماتك الأولى في المسمى الوظيفي، أو بيئة العمل الأكثر راحة… وما إلى ذلك. لكن ربما أصبحت اهتماماتك الآن تتركز حول وضعك المالي، فتبدأ البحث عن وظيفةٍ جديدة، توفر لك استقرارًا ماليًا أكثر من وضعك الحالي.

3. تخصيص بعض الوقت لنفسك

يجعلنا الانخراط في العمل لأوقاتٍ طويلة من اليوم مُتعبين جدًا، مما يجعل يومنا في أحيانٍ كثيرة يدور بين العملِ والنوم، فلا نتمكن من قضاء بعض الوقت مع العائلة، أو ممارسة هوايةٍ ما نُحبها، أو حتى إن كان لدينا رغبة بسيطة في التنزه. فنلجأ إلى البحث عن عمل جديد بعدد ساعات أقل، أو حتى مهام أقل جهدًا؛ لتوفير بعض الوقت لأنفسنا، بدلًا من السقوط في هاوية الاحتراق الوظيفي.

4. السعي خلف الشغف

الكثيرون مِنّا لا يعملون دومًا في ما يجدون شغفهم فيه، لكن التقدم التكنولوجي الحاصل يمكّنهم من تعليم وتطوير أنفسهم، فتجد نفسك موهوبًا مثلًا في تصميم الجرافيك، فتسعى لتطوير مهاراتك فيه، ثم تبدأ في البحث عن الفرصة المناسبة لبدء عملٍ جديد بشغفٍ جديد.

5. البحث عن الاستقرار النفسي

بعض الأشخاص لا يسعون خلف الاستقرار المادي بقدر سعيهم خلف الاستقرار النفسي، فتجد شخصًا يسعى دومًا لإيجاد بيئة عملٍ مريحة، وبناء علاقات عملية قوية، فتجده دومًا يبحث عن وظيفة لا تضعه في أي نوعٍ من أنواع الضغط، سواء كان بسبب ساعات العمل الطويل، أو زملاء عمل غير مريحين، أو عمل روتيني مملّ.

سمات تغيير المسار الوظيفي

لكل خطوة في حياتنا مميزات وعيوبٍ ومخاطر، وكذلك تغيير المسار الوظيفي، برغم أن له عِدة مُميزات، فإنه من المهم أيضًا أن تكون على دراية بالتحديات والمخاطر المحتمل أن تواجهها.

أولًا: مميزات تغيير المسار الوظيفي

  1. يساعدك على تغيير نمط حياتك المهنية، وخوض العديد من التجارِب الجديدة.
  2. يمكّنك من اكتساب العديد من المهارات، التي يعتمد عليها مسارك المهني الجديد.
  3. يجعلك هذا التغيير قادرًا على التكييف سريعًا مع أي تغيرات حياتية مفاجئة، مثلما تكيفت تمامًا مع وظيفتك الجديدة، وبيئة العمل المختلفة.
  4. منحك بعض المساحة للحصول على استراحة قصيرة من معركة الحياة المتصلة.
  5. يعد البَدْء في مجال عملٍ جديد سبيلًا لتوسيع شبكة علاقاتك المِهنية.

ثانيًا: تحديات تغيير المسار الوظيفي

  1. برغم أن هذا التغيير يُساعدك على إيجاد العديد من الفرص الجديدة، ولكن مع تكرار الأمر يصبح له أثرًا سلبيًا في نفوس أصحاب العمل، فيُعطي ذلك انطباعًا بعدم قدرتك على الاستقرار في مكانٍ واحد لمدة طويلة، لكن مع بعض التجربة يمكنك شرح سبب ترك العمل السابق بلباقة.
  2. يَخلق هذا التغيير (المتكرر) لدى أصحاب العمل مخاوف حول مدى ملائمتك للوظيفة المطلوبة، فيُعطي ذلك انطباعًا حول ما إذا كنت متأكدًا من مسارك وما تسعى له أم لا؟
  3. يضعك هذا التغيير أمام حقيقة أنك الآن ستبدأ مسارك الجديد من الصفر، فخبرتك السابقة قد لا تُلائم بالمرة مسارك المهني الجديد. لذا، عليك تقبُّل فكرة كونك الآن أقل من ناظريك في مسارك الجديد، حتى تصعد سُلم الخِبرة درجةً درجة.

كيف تحدد وتبدأ مسارك المهني الجديد؟

إن تغيير الوظائف يُعدّ تحديًا في ذاته، لكن التغيير إلى مهنة جديدة بالكامل يُعدّ خُطوة كبيرة وقد يُمثل حِملًا شاقًا في البداية، لذا عليك معرفة ما الذي عليك مراعاته قبل بَدْء التخطيط لتغيير المسار المهني؟ والبحث جيدًا في أسباب تركك لوظيفتك الحالية، هل تستحق تلك المخاطرة حقًا؟

إليك أهم 3 أسئلة يجب عليك طرحها قبل تغيير المهنة:

  1. ما هي أولوياتك الحياتية الآن؟ وما هو الهدف الذي تسعى إليه بحياتك المهنية الجديدة؟
  2. هل ستكون سعيدًا حين تبدأ من الصفر مرة أخرى، حتى تصل لمرتبة جيدة في مهنتك الجديدة؟
  3. هل توقعاتك (التي بنيتها الآن وعليها تُقرر) واقعية حيث يمكنك رؤية نتائجها في المستقبل القريب؟

والآن بعد ما أجبت عن الأسئلة السابقة، ستساعدك هذه الخطوات الست على وضع خططك للتغيير الوظيفي موضع التنفيذ.

1. أجري بحثًا استقصائيًا

إن خطواتك الأولى دومًا تجاه أي شيء جديد هي البحث، عليك أن تبحث جيدًا عن جميع تفاصيله، وتتقصى كل معلومة مرتبطة به، بل وتتحرى الدِّقَّة قدر الإمكان حتى لا تخطئ الاختيار، فكيف إن كانت خُطوتك الآن هي تغيير مهنتك بشكلٍ كامل؟

ابحث حول مهنتك الجديدة بشكلٍ جذري عن: المميزات – العيوب – الصعاب التي قد تواجهها. تحدث لأشخاص يعملون في تلك المهنة لترى بواسطة تجربتهم العملية والعلمية ما لا يمكنك إيجاده في بحثك النظري. ويمكنك ذلك أيضًا من تقييم بعض الشركات التي قد توفر لك فرصة عمل بشكل أفضل.

2. ضَع خُطة قابلة للقياس

كُل طريقٍ نسير فيه لابد أن نسير فيه عِدة خطوات، لذا فإن وضع الخطة لمسارك المهني الجديد هو بمنزلة خطواتك الصحيحة نحو تغيير مهني ناجح، لذا عليك وضع خطة تتضمن:

  • مدة زمنية محددة يُمكنك القياس بواسطة نجاح أو فشل مسارك الجديد.
  • أن تكون الأهداف التي تسعى إليها مُحددة، وواقعية، ومرتبطة بـجدولك الزمني.

3. ابنِ شبكة علاقات قوية

تُساهم شبكة العِلاقات التي تدور في نفس مهنتك الجديدة على بناء خلفية قوية عن مسارك المهني الجديد، بل وتساعدك أيضًا في العثور على فُرص عمل جديدة، وبناء مسيرتك المهنية بمعونتهم وإرشاداتهم.

4. تعلم مهارات جديدة

ابحث عن أهم المهارات والمؤهلات التي يجب أن تتعلمها كي تتمكن من بناء مسيرة مهنية قوية، ولديك العديد من الاختيارات للتعلم سواء كان من خلال فصول تعليمية خاصة، أو حتى دورات أونلاين يمكنك دراستها خلال عملك الحالي.

5. اكتسب بعض الخبرة

تعدّ التجربة خِبرة إضافية في مجال عملك الجديد، حيث يساعدك على تخطي خُطوة كبيرة في المجال. لذا ينصح بالبدء في مهنتك الجديدة إما بداية تدريبية تجريبية أو تطوعية. ويُعطيك خلفية قوية حين تتقدم لأحدى الوظائف تكن خبرتك التطوعية أو التجريبية هي دعامتك، وتجعل لك الأولوية على منافسيك.

6. خذ خطوة التغيير

إن اتبعت كل الخطوات السابقة بشكلٍ كامل، حان الآن اتخاذ خطوتك بكل ثقة نحو التغيير، ولكن عليك العِلم بأنك ستأخذ بعض الوقت حتى تتكيف مع مهنتك الجديدة، وستبدأ بدخلٍ أقل، لكن مع الوقت والممارسة واكتساب الخبرة ستجد العديد من الفرص القوية والجديدة. باختصار:

  • قيّم وضعك الحالي، وانظر هل أنت على استعداد للخوض في تجرِبة تغيير المسار المهني.
  • ابحث عن خيارات العمل المتاحة، التي قد تكون مناسبة أكثر لك ولطبيعة أهدافك في الوقت الراهن.
  • حدد الثغرات التي قد تكون العقبة بينك وبين نجاحك في بَدْء حياة مهنية جديدة.
  • ضع خُطة قابلة للتنفيذ، وقابلة للقياس كما ذكرنا سابقًا، مرهونة بجدولٍ زمني.
  • اصنع شبكة واسعة من العلاقات بالأشخاص العاملين في المهنة التي تود العمل بها؛ حتى ترى الصورة كاملة من خلالهم.

كيف تُحافظ على تقدمك في مسارك المهني الجديد؟

1. طَوّر مهاراتك المِهنية

استكمال مسيرتك العلمية في مجالك الذي تمتهنه، هو خطوة كبيرة في حد ذاتها، ويرجع ذلك إلى أن كل دورة تعليمية تخوضها أو مرتبة علمية تحصل عليها، تكن سُلمك لتطوير مجموعة المهارات المطلوبة منك في مجال عملك. لذا، فإن أي جهد تبذله لتحسين نفسك ومعرفتك يجعلك تقطع شوطًا طويلاً نحو فرصك في التقدم للأمام.

2. طَوّر مهاراتك القيادية

أن تكون رئيسًا ليس بالأمر الصعب، لكن أن تكون قائدًا ناجحًا، فـشتان بينهما. إن التَدرب على القيادة ليس بالأمر الهين، بل يحتاج إلى كثيرًا من التجارِب والمواقف، والعديد من فرص العمل الجماعي داخل فريق العمل، من خلال ذلك يمكنك بناء خبرة قوية في القيادة، سواء من خلال المواقف السلبية التي تستخدم فيها سرعة البديهة أو طرق حل المشكلات المختلفة، أو حتى من خلال المواقف الإيجابية التي تجعلك تبني علاقات قوية بينك وبين فريقك.

3. اخرج من منطقة الراحة الخاصة بك

إن الخوض في تجرِبة عمل جديدة يجعلك تقع بعض الوقت في منطقة الراحة بأي حُجة كانت، المهم أنك حين تبدأ شوطًا متطورًا في مسارك المهني الجديد يجب أن تترك منطقة الراحة تلك، فإن نجاحك حيث تبذل قُصَارَى جهدك. وهذا هو تحديكَ الأكبر.

ماذا إن كنت لا تمتلك خطة واضحة لما بعد التغيّر الوظيفي؟

إذا علقت في تغيير حياتك المهنية، فهناك ثلاث مُفارقات ستوجهكَ.

1. أنت من تريد خوض التغيير لكنك أكبر عقبة أمام نفسك

نقع جميعًا في مُفارقة حيث يجئ علينا وقت لم نكن نعرف فيه ما الذي يجب علينا فعله الآن، أو نفعل ولا نعرف هل نفعله صحيح أم لا. أغلب مخاوفنا تكمن في ماذا سنفعل حين يُقطع راتبنا؟ ماذا سيقول عنا الأهل والأصدقاء؟ كيف سنُواجه مجتمعًا ربما لا يعترف بهذه الحرفة التي نود العمل بها.

مع بعض التفكير والمنطق، تجد أن كل هذه عقبات داخلنا نحن، يجب علينا أن نتغلب عليها بداخلنا أولًا قبل أن نفكر في مواجهة العالم بها. فاعلم أنك حين تكون “أنت” العقبة في طريقك، فأنت فقط من يمكنه مواجهته، والتغلب على مخاوفك.

2. لا تُفكر كثيرًا، تصرّف

حين تبدأ رحلتك في مجالك المهني الجديد ستكون خائفًا من فكرة أنك ربما لن تستطيع أن تنجح فيه. إن السبب في ذلك هو كثرة تحليلك للأمور، لأن كل العقبات التي ربما تأخذ مساحة كبيرة من تفكيرك وقت وقوعها فعليًا، سيكون حلها أسهل بكثير.

لذا، عليك مواجهة هذه العقبات والتصرف معها بدلًا من استعجال انسكاب اللبن للبكاء عليه، فمثلًا: عليك بَدْء رحلتك في التعلم الذاتي لتطوير مهاراتك وثقلها، ابحث عن مكان للتطوع فيه للحصول على مزيدٍ من الخبرة… إلخ. كذلك من الحلول الذي قد تساعدك هي مبدأ “لا تُفكر بسلبية؛ حاول مواجهة الأمور… وتصرف” وهكذا ستتغلب على كثيرٍ من العقبات في طريقك.

3. ابحث عن الناس وليس الوظائف

قيل يومًا “إن الفرص لا تُقدم على طبقٍ من فضة؛ إن لم تسع لها سعيها” وإن شبكة علاقاتك كلما اتسعت، كانت هناك العديد من الفرص القوية للبدء والتعلم، فإنه تكمن قوة التواجد أمام الناس في أنك يمكنك تقديم كل شيء عنك، وهو أمر لا تستطع السيرة الذاتية القيام به.

في النهاية، تغيير مسارك المهني ليست خطوة سهلة، ربما هناك إغراءً قويًا في بقائك في منطقة الراحة حيث منصبك الحالي، استقرارك المهني، مرتبك الثابت… إلخ. لكن، حين يكون شغفك هو محركك الرئيسي، فإن تغيير مسارك نحو شغفك هو الإغراء الأقوى، إن لم يكن هذا التغيير مُتعلق بشكلٍ أو بآخر بتغيّر أولوياتك الحياتية.

تم النشر في: مهارات وظيفية