كيفية الاهتمام بالصحة الجسدية في العمل عن بعد

يوفر العمل عن بعد العديد من المميزات التي من أبرزها المرونة، إلا أنه يحمل في طياته تحديات كثيرة، أهمها مشكلات الصحة الجسدية. يضمن الاهتمام بالصحة الجسدية زيادة في الإنتاجية والأداء للموظفين العاملين عن بعد، ولأن صحتهم بمنزلة الثروة، فالسؤال الأبرز هو ما سبل الاهتمام بالصحة الجسدية؟

جدول المحتويات:

ما المقصود بالصحة الجسدية؟

عرفت منظمة الصحة العالمية الصحة الجسدية على إنها التمتع بالصحة البدنية الجيدة، والتأكد من سلامة أعضاء الجسم كافةً، وقيامها بوظائفها العضوية. وتشير أيضًا إلى قدرة الفرد على ممارسة المهام اليومية المعتادة بسلاسة، ودون الحاجة لمساعدة بدنية من طرفٍ آخر.

ولأن العقل السليم في الجسم السليم؛ يُعدّ الاهتمام بالصحة الجسدية حجر الأساس الداعم لتعزيز فرص زيادة الإنتاجية والإبداع للفرد. في حين أن من يعاني مع صحته الجسدية يقضي الكثير من الوقت في الاهتمام بها؛ ما يضيّع عليه الكثير من الفرص.

المشكلات الصحية الناجمة عن العمل عن بُعد

ينتج عن العمل عن بعد بعض مشكلات الصحة الجسدية، صحيح أنه قد يتبادر للذهن بأن أي عمل -أيًا كان نوعه- قد يؤدي إلى مشكلات جسدية للموظفين، لكن عادةً ما يرتبط العمل عن بعد بهذه المشكلات الجسدية:

1. الآلام الجسدية

يعمل الموظفون لساعات طويلة دون توفير سبل الراحة، فقد تجد الكثير منهم يعمل مستخدمًا جهازه المحمول (لاب توب) وهو جالس على طاولة المطبخ أو طاولة التلفاز.. وغيرها من الأماكن غير المناسبة، إذ إنها تفتقد للمعدات المثالية التي قد تحميهم من آلام محتملة. وتظهر الآلام الجسدية على عدّة أشكال، وهي:

  • آلام في الرقبة وهي الأكثر شيوعًا بين مستخدمي أجهزة اللاب توب.
  • أوجاع في الذراعين ومعصم اليد وكذلك الأصابع.
  • مشكلات بالنخاع الشوكي نتيجة للجلوس لفترات طويلة على مُعِدَّات غير مجهزة ومدعمة، وهي من المعضلات الصحية الأكثر خطورة.
  • مشكلات الأوتار والعضلات، ولا سيما في معصم اليد نتيجة الاستخدام المطول لأجهزة اللاب توب دون أخذ استراحات.
  • أعراض الدوار نتيجة الجلوس لفترات طويلة، ما يقلل من الدورة الدموية الجارية في الجسم، وبالتالي يقلل نسبة الدم الواصلة للأعضاء بشكلٍ طبيعي.

2. المشكلات البصرية

يعتمد العمل عن بعد أساسًا على استخدام اللاب توب لإنجاز العمل في معظم المجالات، وكذلك استخدام الهواتف الذكية خلال فترات العمل، للتواصل المباشر والمستمر مع الموظفين الآخرين ومديرين العمل، ما يعرض العينين لمشكلات عدّة أولها الجفاف؛ إذ يُعد جفاف العين وتهيجها من المشكلات الأكثر حدوثًا نتيجة النظر المطول للشاشات، وإن كانت مؤقتة إلا أنها قد تؤدي إلى إجهاد العين وتؤثر عليها سلبًا.

إضافةً إلى ضعف البصر، إذ يحتاج العمل الجلوس لساعات طويلة والنظر لشاشة الحاسوب، وقد يغفل الكثيرون عن تأدية التمارين المناسبة لإراحة العينين. يؤدي كل هذا إلى مشكلات بصرية تندرج تحت ضعف بالبصر، وذلك بسبب الضوء الأزرق المنبعث من الحاسوب والأجهزة الذكية، الذي قد يؤذي البطانة الداخلية لشبكية العين ويؤدي إلى إتلافها.

3. السمنة

يزداد خطر الإصابة بالسمنة للعاملين عن بعد، وذلك نتيجة الجلوس مطولًا لساعات تفوق الوضع الطبيعي وقلة الحركة، إذ أنهم يستيقظون ويعملون مباشرةً دون المشي أو صعود السلالم، الذي يساهم بدوره في حرق بعض السعرات الحرارية.

بالإضافة لتناول الوجبات الغذائية بشكلٍ غير منظم، إذ تجد البعض يعمل لفترات طويلة دون تناول أي وجبة غذائية، البعض الآخر تجده يتناول الوجبات والمحليات طوال فترة عمله. لا تؤثر السمنة على الشكل الجمالي للإنسان فقط، لكنها تسبب كثير من الأمراض شديدة الخطر؛ من بينها داء السكري من النوع الثاني وأمراض القلب جميعها.

4. مشكلات النوم

يؤثر العمل في أوقات قريبة من فترات النوم سلبًا على قدرة الموظف على النوم بشكلٍ طبيعي، وكذلك العمل لفترات طويلة أمام شاشة الحاسوب، يؤدي إلى إرسال إشارات للدماغ بوجود ضوء، مما يقل من إفراز الميلاتونين وهو الهرمون المسؤول عن النوم ويتم إفرازه في الليل، وبالتالي يعطي إشارة بأنه ليس موعد للنوم، ما يجعل الموظفين يعانون أرق وصعوبة في النوم.

يعاني البعض الآخر من الموظفين من فرط النوم، وذلك لأنهم يعملون من البيت فيعطيهم شعورًا وكأنهم في المنزل لا في العمل، فتجدهم يواجهون صعوبة في البقاء مستيقظين للعمل، ما يؤثر سلبًا على قدرتهم الإنتاجية.

كيفية الاهتمام بالصحة الجسدية عند العمل من المنزل

يؤثر الاهتمام بالصحة الجسدية على إنتاجية الموظفين العاملين عن بعد، إلى جانب المشكلات الصحية. لذا، لا بد من اتّباع آليات تُطبق عند العمل من المنزل، للتغلب على المشكلات الجسدية المحتمل التعرض لها. أبرزها ما يلي:

1. إنشاء مساحة عمل خاصة

بصفتك تعمل عن بعد، فينبغي لك إنشاء مساحة عمل خاصة مجهزة بالأدوات اللازمة من أجل الاهتمام بصحتك الجسدية. فالعديد من الآلام الجسدية التي قد تتعرض لها هي نتاج وضعية جلوس خاطئة، أو عدم تخصيص مكان عمل مناسب بما يحتويه من وسائل داعمة، التي من أهمها:

  • مكان خاص للعمل، يفصل بين حياتك العملية والشخصية.
  • مكتب يضمن راحة اليدين والرسغ، بالإضافة لكرسي داعم للرقبة والعمود الفقري.
  • إضاءة مناسبة في المكان.
  • الحرص على جعل المكان خالٍ من المشتتات، مثل الأثاث والصور وغيرها.
  • الاستعانة بنظارة طبية تحمي العينين من الأشعة الضارة.

2. ممارسة الرياضة

يعتمد الاهتمام بالصحة الجسمية أساسًا على ممارسة الرياضة بكافة أنواعها، فممارسة الرياضة لمدة نصف ساعة يوميًا يقلل من التعرض للمشكلات الصحية. من أهم التمارين التي يمكن القيام بها:

  • تمارين التحمل: يمكنك ممارستها في المنزل أو بالقرب منه كالركض أو المشي السريع، وركوب الدراجات الهوائية، بالإضافة إلى صعود السلم.
  • تمارين القوة: يمكنك ممارستها من أجل الاهتمام بالصحة الجسدية، مثل رفع الأثقال أو يمكن الاستعانة بأكياس البقالة، بالإضافة إلى تمارين الضغط على الحائط.
  • تمارين التوازن: يمكنك ممارستها من خلال الوقوف على رجل واحدة.
  • تمارين المرونة: يمكنك ممارستها من خلال تمرين شد الظهر وتمدد الكاحل.

من المفيد ممارسة جميع الأنواع الأربعة والمزج بينها، لتحظى بالقوة البدنية التي تساعدك على الاهتمام بالصحة الجسدية.

3. اعتماد نظام غذاء متوازن

يبدأ الاهتمام بالصحة الجسدية من الغذاء، فكلما كان الغذاء الذي تتناوله متنوع وغني بالمواد الأساسية اللازمة لبناء الجسم ومدّه بالطاقة، كانت صحتك البدنية أفضل وبالتالي فعاليتك وإنتاجيتك أفضل. ومن أهم النصائح في هذا الشأن:

  • الحرص على تناول وجبة الإفطار.
  • تناول الفواكه والخضار.
  • الابتعاد قدر الإمكان عن السكريات والكربوهيدرات لتجنب السمنة.
  • تناول الأسماك، فهي غنية بالأوميجا 3 الذي يُعدّ من الأصناف الداعمة الذاكرة والنشاط.
  • الحرص على شرب الماء بكثرة خلال فترات العمل.
  • تجنب الإكثار من المنشطات مثل القهوة والشاي، فهي تؤثر على النوم.
  • الابتعاد عن تناول الأطعمة مرتفعة الأملاح.

4. تحديد أوقات العمل والراحة

يُعدّ تحديد أوقات العمل بما يتناسب مع الوضع الطبيعي، وجعلها في الفترة الصباحية، مع تقليل اللجوء لاستخدام الحواسيب المحمولة في الفترة المسائية، من أهم مبادئ الاهتمام بالصحة الجسمية. إذ يقلل التعرض للأشعة الضوئية، ما يجعل عملية الانخراط في النوم أسهل ويقلل من الأرق.

كذلك يقلل أخذ استراحات للترفيه خلال ساعات العمل من إجهاد الجسد والعين، الناتج عن الجلوس ملاصقة للشاشات لفترات طويلة. يمكن في أثناء هذه الفترة اللجوء إلى المشي، إذ يقلل من مستويات التوتر والضغط الجسدي والنفسي.

ختامًا، على الموظفين العاملين عن بعد الاهتمام بالصحة الجسدية، والحفاظ على ممارسة الرياضة والتغذية المتوازنة، بالإضافة إلى فصل العمل عن الحياة الشخصية، للحصول على حياة جسدية ونفسية سليمة، تؤدي إلى حياة عملية فعالة ومنتجة.

تم النشر في: الإنتاجية، النجاح في العمل عن بعد