كيفية تعزيز الصحة النفسية في العمل عن بعد

ترتبط الصحة النفسية بالعمل ارتباطًا وثيقًا، فلا يمكن إنكار أن الحالة النفسية تؤثر على الموظف وإنتاجيته، ولكن إن كانت هذه الحالة سلبية؛ يسبب تفاقمها وإهمال البحث عن حلول إلى اضطرابات نفسية، وتدهور العمل الذي يؤدي إلى ترك الوظيفة. فإذا كنت تعاني اكتئاب أو فقدانٍ للشغف الوظيفي، إليك بعض الممارسات التي تساعد على تعزيز الصحة النفسية.

جدول المحتويات:

ما هي الصحة النفسية في بيئة العمل؟

يشير مصطلح الصحة النفسية في العمل إلى قدرة الموظف على تحمل الضغوطات ومواجهة التحديات، مع المحافظة على الإنتاجية وجودة العمل، والمداومة على أفعالٍ يومية روتينية دون أن يشعر بالثقل. وذلك بتطبيق الإدارة والموظف جنبًا إلى جنب عدّة ممارسات بهدف تعزيز الصحة النفسية مثل: تبادل المسؤوليات بين الأفراد، ونشر القليل من حس الرفاهية، وتقبّل سماع مشكلات العمل والبحث عن حلول لها.

وعند غياب هذه الممارسات، تظهر مجموعةٌ من الأعراض النفسية السلبية، مثل الاكتئاب والتوتر والإرهاق، التي يؤدي تفاقمها إلى ضعف الإنتاجية، والتململ من المسؤوليات، وتأثر الصحة النفسية والجسدية.

عوامل تؤثر على الصحة النفسية في بيئة العمل

تختلف العوامل النفسية التي تؤثر على الصحة النفسية في بيئة العمل عن بعد من موظفٍ لآخر، ولكن جميعها تؤدي للوصول إلى النقطة نفسها وهي عدم الالتزام بمواعيد تسليم العمل، أو ترك المهام الموكلة إليهم، ومن أبرز هذه العوامل:

1. انعدام الأمان في مكان العمل

قد يشعر الكثيرون ممن يعملون عن بعد بفقدان الأمان الوظيفي، والتنبؤ بأشياءٍ سلبية في أثناء العمل لأسبابٍ عدّة. قد يكون ذلك بسبب المعرفة السطحية بفريق العمل، أو استتار بعض المعلومات الجوهرية حول الشركة، أو حتى بسبب الالتزامات المترتبة على عاتق الموظف، أو التأخر في إرسال المستحَقّات المالية، وغير ذلك.

2. نقص التدريب والتوجيه

يحتاج جميع الموظفين إلى تدريب وتوجيه من قِبل مدرائهم المباشرين في أوقات ومراحل مختلفة، سواء في حالة فقدانهم مهارة ما، أو حاجتهم إلى استفسار أو ملاحظة. وفي حال فقدان هذه المرحلة؛ سيدخل الموظف في متاهة البحث عن الحلقة المفقودة والتخمين، الذي يؤدي إلى إثارة شكوكه أن ما فعله خاطئ ولربما سيوبخ عليه، وهذا ما يؤثر على الصحة النفسية سلبًا.

3. ضغط العمل المتواصل

الضغط يولد الانفجار، قد يتحمل البعض الضغوطات والعمل لساعاتٍ طويلة خلال فترة محددة تختلف من شخصٍ لآخر، ولكن مع استمرارية ضغط العمل، يولد الشعور بالتوتر والقلق، إلى جانب التعب الجسدي والذهني.

لتخطي هذا الأمر، يجب مراعاة قوى الموظف وتخفيف العبء عنه من خلال تبادل العمل مع موظفٍ آخر، أو أخذ قسطٍ من الراحة وربما إجازةٌ قصيرة، كما تساعد المكافآت المادية والإثراء والتشجيع المعنوي على التخفيف من ضغط العمل، وتعزيز الصحة النفسية.

4. فقدان العلاقات الاجتماعية بين الموظفين

يعاني أغلب العاملين عن بعد من فقدان العلاقات الاجتماعية كون تعاملاتهم افتراضيةٌ بحتة، التي قد تكون غير دائمة أحيانًا؛ لهذا يغلب شعور الانعزالية عليهم، ما يؤدي مستقبلًا إلى فقدان الشغف واضطراب الحالة النفسية.

5. عدم الاكتراث إلى الظروف

بسبب العلاقات غير المباشرة في مجال العمل عن بعد، قد يكون هناك بعض الشكوك في مصداقية الأحداث والحجج من وجهة نظر الإدارة وموظفيها، هذا ما يخلق الشعور بالقلق والشك طيلة الوقت، لذلك من الضروري استيعاب ظروف الطرفين، ومحاولة الاستماع والنقاش للوصول إلى اتفاق يرضى جميع الأطراف.

6. انعدام الرفاهية

قد لا تكترث بعض الشركات بموضوع الرفاهية في العمل عن بعد، ولكن في الواقع أن العناية بها أمرٌ مهم لتعزيز الصحة النفسية للموظفين. إذ إن غياب الرفاهية يُشعر الموظف بالرتابة، بسبب الجمود والجدّية والحديث الرسمي طيلة الوقت، ومع استمراره يتحول إلى اكتئاب. لهذا السبب من الجيد خلق بعض القليل من الأجواء المَرحة، مثل فتح باب النقاش والتحدث عن موضوعٍ ما بين أعضاء الفريق من باب التسلية.

7. ساعات العمل غير المحدودة

يعاني بعض موظفي العمل عن بعد من إدمان العمل لساعات غير محدودة، وكأنهم موظفين لمدة 24 ساعة. تخلق هذه الأجواء العشوائية الشعور بالتوتر طيلة فترة اليوم، حتى في أثناء النوم. هذه النقطة تحديدًا يجب ضبطها من قِبل صاحب العمل، بتخصيص ساعات العمل والاستراحة، أو بتنظيم الموظف ساعاته اليومية وإعلام الموارد البشرية.

ما أهمية تعزيز الصحة النفسية على العاملين عن بعد؟

لتعزيز الصحة النفسية للموظفين العاملين عن بعد والحفاظ عليها فوائد كثيرة، تعود بالنفع على كلٍ من الموظفين والشركة، فيما يلي أبرزها:

تحسين الصحة الجسدية

تؤثر كلٍ من الصحة النفسية والجسدية للموظفين إحداهما بالأخرى، إذ يؤدي إهمال الاهتمام بالصحة النفسية إلى أمراض جسدية عدّة، أهمها أمراض القلب والسكري والجلطات التي يعد المسبب الأساسي لها سوء الحالة النفسية. لذا يساهم تعزيز الصحة النفسية للموظف مباشرةً بتحسين صحته الجسدية.

زيادة الإنتاجية

تستنزف الصحة النفسية السيئة طاقة الموظفين، إذ يؤدي سوء الصحة النفسية إلى شعور متواصل بالقلق والإرهاق، والشعور بالخواء والضعف، فتجد الموظف غير قادر على القيام بالواجبات المطلوبة منه. لذلك فإن تعزيز الصحة النفسية والاهتمام بها، يجعل منه شخص مليء بالطاقة والحيوية التي تجعله قادر على القيام بالمهام، ويحسّن من أدائه وقدرته، ما يزيد من فعاليته وإنتاجيته، وهو الهدف الذي تسعى إليه الشركات.

تحسين العلاقات

يؤدي تعزيز الصحة النفسية للموظفين إلى تعزيز العلاقات بين الموظفين أنفسهم وبينهم وبين المديرين، إذ إن تأثير الصحة النفسية السيئة قد يؤثر على سير العلاقات، فتجدهم يلجأون للعزلة والابتعاد عن المشاركة الفعالة مع زملائهم. وبمجرد تحسن صحتهم النفسية، تجدهم يحبذون التواجد بالقرب من زملائهم والعمل التشاركي معهم.

السيطرة على التوتر

سوء الصحة النفسية للموظفين دائمًا ما يجعلهم معرضين لحالة من التوتر، وذلك بسبب الضغط الواقع عليهم من أنفسهم، ومن المدرين من جرّاءِ التكاسل عن العمل وتراكم المهام. لذلك يضمن تعزيز الصحة النفسية للموظف حياة خالية من التوتر والضغط النفسي، أو الشعور بعدم الإنجاز.

التخلص من العادات السيئة

للتغلب على سوء الحالة النفسية وما ينتج عنها من شعور بالأرق ومشاكل بالنوم وغيرها، قد يلجأ بعض الموظفين إلى اعتماد عادات سيئة مثل: التدخين للتفريغ عن الضغط، واستخدام الأدوية المهدئة دون استشارة طبية للتعامل مع الأرق، أو الأكل بنهم في محاولة لتجنب التوتر. لذلك، تعزيز الصحة النفسية للموظفين تحدّ من تداول هذه العادات السيئة، وقد تعالج المشكلات من الأصل.

تقليل المخاطر

تعزيز الصحة النفسية للموظفين والاهتمام بها يقلل المخاطر التي قد تواجههم، ما يضمن فئة عاملة تمتاز بالصحة التي تجنبها الوقوع في مشكلات قد تعيق عملها وتضعها في مخاطر نفسية وجسدية، مثل الاكتئاب أو الأرق أو غيره من المشكلات النفسية.

كيف تعزز صحتك النفسية في العمل عن بعد؟

لتعزيز الصحة النفسية للموظفين العاملين عن بعد أهمية قصوى، إذ يساعدهم على مواجهة التحديات القائمة، وتحمّل التغييرات الحاصلة على صعيدي العمل والمنزل، فيما يلي بعض الاستراتيجيات التي تمكّنك من تحسين صحتك النفسية:

1. تواصل مع زملائك بفعالية

يُعدّ التواصل والمشاركة حجرا الأساس في تعزيز الصحة النفسية للموظفين، إذ إن التواصل الفعال والمستمر مع زملائك من الموظفين وكذلك المديرين، يضمن لك شعور نفسي جيد. إذ يعطيك انطباع بأنك موجود ولك رأي ولست مجرد رقم في سجل الموظفين، ما يرفع من ثقتك بنفسك ويحسّن أدائك.

2. خصص وقتًا للاسترخاء

توفير مساحة خاصة للاسترخاء، سواء في المنزل أو المكان الذي تعمل به، يساعدك على أخذ قسط من الراحة في الوقت المناسب الذي تحتاجه، ويخفف من الضغوطات، ما يعزز صحتك النفسية.

3. النوم الجيد

يُعدّ الحصول على القسط الكافي من النوم بما يعادل 7 إلى 8 ساعات يوميًا أمر مهم في تعزيز صحتك النفسية، وبخاصةٍ عند العمل عن بعد، إذ يساعدك ذلك على تخفيف التوتر عمومًا، بالإضافة إلى أنه يمنحك الطاقة الكافية لتحمل أعباء العمل.

4. اتبع نظام غذائي متوازن

اتباع نظام غذائي متوازن غني بالمكونات الغذائية الضرورية بنسب متوازنة، دون الإكثار من واحدة على حساب الأخرى، وشرب الماء بانتظام، يضمن لك مستوى عالي من الطاقة، ما يجعلك تشعر بالحيوية والنشاط.

5. خطط ليومك

يُعدّ التخطيط لأعمال اليوم وجدولتها أمرًا مهمًا في تعزيز الصحة النفسية، إذ يوفر لك صورة واضحة عن المهام الأساسية الواجب عليك القيام بها والزمن المحدد لها، ما يضمن لك راحة نفسية ويوم خالٍ من التوتر والضغط.

6. اطلب المساعدة

نصيحة أخيرة، في حال كانت الأمور خارجة عن السيطرة، وتشعر بالأذى النفسي أو الضغط أو أي أعراض لمشاكل نفسية، لا تتردد في طلب المساعدة عند الحاجة إليها. سواء بالتحدث إلى مديرك بالعمل، أو مسؤول الموارد البشرية بالشركة.

ختامًا، يرتبط تعزيز الصحة النفسية للموظفين في بيئة العمل ارتباطًا وثقيًا بالفاعلية والقدرة على الإنجاز. لذا، احرص دومًا على اتباع أفضل الممارسات التي تعزز صحتك النفسية، لضمان نجاحك في بيئة العمل.

كاتب مشارك: آلاء عطايا

تم النشر في: الإنتاجية، النجاح في العمل عن بعد