دليلك العملي لتطوير السمات الشخصية لديك بفاعلية

دائمًا ما يسعى العاملون عن بعد إلى تطوير مهاراتهم وصفاتهم الشخصية من أجل التكيّف مع ظروف العمل ومواجهة التحديات المختلفة، وتحصيل التقدم المهني. ويساعد الوعي الكافي بالسمات الشخصية للفرد على تطوير الذات، واختيار المهام الوظيفية التي تناسب إمكانياته وتساعده على تحقيق الإبداع والتميز المهني. فما هي السمات الشخصية؟ وكيف يمكن تطويرها؟

جدول المحتويات:

ما هي السمات الشخصية؟

تعكس السمات الشخصية أنماط الشخصيات المختلفة وطريقتها في التفكير والشعور والسلوك، كما توضح درجة استقرار الشخص واتساقه في الصفات والسمات المختلفة. إذ يبرز اختلاف الشخصيات عن بعضها البعض بسبب امتلاكها نسب متفاوتة من كل سمة شخصية، تظهر عند الشخص الواحد في مختلف المواقف ومع مرور الوقت. وبالرغم من أن الشخص يولد بمعظم سماته الشخصية، إلا أنه يستطيع تطويرها في شخصيته.

السمات الشخصية الخمس الكبرى

هناك خمس سمات شخصية أساسية وفقًا لما يراه علماء النفس، تجتمع الخمس سمات في كلمة OCEAN، حيث تبدأ كل سمة منهم بحرف من الكلمة، هذه السمات هي:

الانفتاح Openness

يحفز الانفتاح القدرة على التخيّل، ويمتلك المنفتحون عدد كبير من الاهتمامات، ويهتمون بالآخرين وبالمجتمع والعالم من حولهم، كما يمتلكون قابلية لتعلم أشياء جديدة والحصول على المزيد من الخبرات، ولديهم روح المغامرة والإبداع. على النقيض، يصبح الأشخاص الذين يمتلكون سمة الانفتاح بدرجة منخفضة تقليديين لا يرغبون بالتغيير، ويقاومون الأفكار الجديدة لعدم استمتاعهم بها.

الضمير الحي Conscientiousness

تؤثر سمة الضمير في التفكير والقدرة على التحكم في الانفعالات والسلوكيات، ويتمتع الأشخاص الذين يمتلكون قدر عالي من الضمير بالنظام والرقابة الذاتية ويفكرون في أثر تصرفاتهم على الآخرين، كما يخططون للمستقبل ويلتزمون بمواعيد التسليم التي يضعونها ويهتمون بالتفاصيل الدقيقة.

بينما من يمتلكون قدر ضئيل من الضمير الحي لا يحبون الجداول والمواعيد الموضوعة مسبقًا، ويفشلون في إعادة الأشياء لأماكنها الصحيحة أو إنجاز المهام، ويرتكبون الكثير من الأخطاء أثناء إتمام أي مهمة أو عمل.

الانبساطية Extraversion

ترتبط سمة الانبساطية بالقدرة على التواصل الاجتماعي والتحدث وامتلاك مهارات التعبير والذكاء العاطفي. إذ يحصل الأشخاص المنبسطون على المزيد من الطاقة والإثارة من المواقف الاجتماعية والاحتكاك بالآخرين، ويفضلون بدء الحديث ولا يفكرون في الكلام قبل البوح به، ويحبون التعرف على أشخاص جدد وتكوين صداقات، ولديهم دائرة معارف اجتماعية واسعة ويسعدهم أن يكونوا محور الاهتمام.

على الجانب الآخر، يستمتع الانطوائيون بعزلتهم والجلوس وحدهم، حيث يعيدون شحن طاقتهم في معزل عن الناس، ولا يحبون أن يكونوا مركز الاهتمام والحديث، ومن الصعب عليهم بدء المحادثة مع الآخرين، كما يفكرون في الكلام بحرص قبل الحديث.

الوفاق Agreeableness

تتصل سمة الوفاق بصفات أخرى كالثقة والطيبة واللطف والإيثار، ويتمتع من يمتلكون درجة عالية من الوفاق بالرغبة في التعاون والاهتمام بالآخرين ومراعاتهم وتقديم العون لهم، ومن السهل أن يشعروا بالتعاطف تجاههم ويستمتعون بإسعاد غيرهم. في حين لا يولي من يمتلكون القليل من سمة الوفاق اهتمامًا كبيرًا بالآخرين ومشكلاتهم ولا يشغلهم ما يشعرون به، وأحيانًا يكونون متنافسين ومتلاعبين بغرض الفوز والانتصار على غيرهم.

العصابية Neuroticism

ترتبط الشخصية التي تتسم بالعصابية بالحزن والمزاجية والمشاعر غير المستقرة، ويعاني العصابيون من تقلبات المزاج ومشاعر الغضب والضيق والضغوطات المختلفة، وصعوبة العودة للاستقرار بعد مرور الوقت الضاغط. بينما يتمتع من يمتلك سمة العصابية بدرجة بسيطة بالاستقرار في المشاعر، ويسهل عليه التأقلم مع الضغوطات وقلما يشعر بالحزن والإحباط والقلق، وينعم بالمرونة والراحة والهدوء.

الجدير بالذكر هنا أنه لا يوجد شخص يمتلك السمة الشخصية وآخر لا يمتلكها، إنما تظهر كل سمة بنسبة معينة في الشخص، وتتحدد السمة الشخصية الغالبة على الشخص وفقًا للسمة الأكثر بروزًا وتواجدًا في شخصيته، وتنبعث من السمات الشخصية الأساسية السابقة العديد من السمات الثانوية، سواء كانت سمات شخصية إيجابية أو سلبية.

أنواع السمات الشخصية

هناك نظريات مختلفة للسمات الشخصية، إلا أنه يمكن تصنيفها إجمالًا إلى نوعين، هما:

السمات الشخصية الإيجابية

السمات الإيجابية هي السمات الشخصية التي تفيد شخصيتك وتساعدك على أن تكون شخصًا أفضل، كأن تستطيع مواجهة التحديات بشكلٍ أفضل أو أن تتأقلم بسهولة مع صعوبات الحياة، ومنها:

  • الطموح
  • التواضع
  • القابلية للتكيّف
  • الموضوعية
  • الثبات
  • الرأفة
  • التعاون
  • المودة
  • المراعاة
  • الاحترام

السمات الشخصية السلبية

السمات الشخصية السلبية هي التي تضر بك أكثر مما تنفعك، فقد تؤثر على علاقاتك وتجذبك للخلف بدلًا من دفعك للأمام. ومع ذلك يساعدنا معرفة سماتنا الشخصية السلبية في معرفة أنفسنا معرفة أفضل، مع توفير فرص أفضل في التطور والتحسين، ومنها:

  • الغرور
  • العنف
  • البرود
  • سرعة الحكم
  • الأنانية
  • الانسحاب
  • الإهمال
  • تقلب المزاج
  • الخداع
  • القسوة

5 من أشهر اختبارات سمات الشخصية المهنية

يوجد الكثير من اختبارات سمات الشخصية المهنية، ومن أبرز هذه الاختبارات:

نموذج السمات الشخصية الخمسة الكبرى

يقيس هذا الاختبار درجات توافر السمات الشخصية الخمسة الأساسية في الفرد، وتجتمع في كلمة OCEAN، وهم سمة الانفتاح وتعنى مستوى الإبداع، وسمة الضمير التي تشير إلى مستوى الانضباط الذاتي، وسمة الوفاق التي توضح مدى التركيز على الانسجام الاجتماعي، وسمة الانبساط وتعني مدى اجتماعية الشخص، وأخيرًا سمة العصابية وتعنى القدرة على تنظيم عواطفه.

يشمل الاختبار على 60 عبارة ويجب اختيار الموافقة أو عدم الموافقة على مقياس متدرج، ليُظهر مقدار امتلاك الشخص لكل سمة، ويستغرق استكماله ما بين 5 إلى 10 دقائق. يستخدم هذا الاختبار عادةً لدى موظفي الموارد البشرية؛ لاختبار مدى مناسبة شخصية المتقدم للوظيفة إلى نوع الوظيفة واحتياجاتها، إذ يُبيّن مدى تحمل الشخص لعوامل الإجهاد ومدى رضاه الوظيفي.

اختبار مايرز بريجز لأنماط الشخصيات MBTI Test

يعتمد هذا الاختبار على تقسيم الشخصيات إلى 16 نمط، يرجعون إلى 4 من السمات الشخصية الأساسية، وتتمثل في الإدراك مقابل الحكم، والتفكير مقابل الشعور، والحدسي مقابل الاستشعاري، والانطوائي مقابل المنفتح. ويتضح في نهاية الاختبار بشكلٍ مفصل ما تعنيه كل سمة، ونقاط القوة والضعف في تلك الشخصية، ونوعية بيئة العمل التي تعينه على الإنتاج الفعال.

ينصح الخبراء بإجراء هذا الاختبار في مجموعات داخل بيئة العمل؛ حتى يتعرف زملاء العمل على بعضهم البعض، ويفهمون كيف يمكنهم التعاون فيما بينهم في أنشطة مختلفة وفقًا لسماتهم الشخصية المختلفة. ويستغرق الاختبار ما بين 10 إلى 30 دقيقة، ويشتمل على 93 سؤال.

مكتشف كليفتون للقوة

يقيّم هذا الاختبار أنماط تفكير وسلوكيات الشخص ويكشف عن نقاط القوة، ويقسم أنماط الشخصيات إلى 34 نوع يجتمعون تحت أربعة أنواع رئيسية من شخصيات الموظفين، وهم: المفكر الاستراتيجي، وباني العلاقات، والمؤثر، والتنفيذي. ويشمل على 177 سؤال ويستغرق من 35 إلى 45 دقيقة لاستكماله.

يساعد هذا الاختبار على إبراز السمات الشخصية الإيجابية لدى الموظفين واستغلالها، مما يساعد في بناء فريق العمل وتطوره، كما يبرز كل من نقاط الضعف والقوة في الفرد، لذا يصبح تطبيقه أكثر فاعلية على الموظفين الحاليين بالمؤسسة؛ ليتم استغلال إمكانياتهم في الأقسام الصحيحة.

اختبار الشخصيات DISC

يُصنف اختبار DISC الأشخاص إلى أربعة أنواع من الشخصيات، ويرمز كل حرف من اسم الاختبار إلى نمط الشخصية كالآتي:،

  • Dominance: الأشخاص المهيمنون ممن يحققون النتائج النهائية.
  • Influence: المؤثرين الذين يمتلكون الكثير من العلاقات ولديهم القدرة على إقناع الآخرين.
  • Steadiness: الأشخاص الذين يتمتعون بالثبات ويمكن الاعتماد عليهم.
  • Conscientiousness: أصحاب الضمير الذين يهتمون بالدقة والإتقان في العمل.

يشمل الاختبار 24 سؤال ويستغرق نحو 15 إلى 20 دقيقة، وهو اختبار مثالي لتطوير فريق العمل، وبخاصةٍ فريق المبيعات؛ إذ يركز على نقاط القوة والضعف ويعطي مؤشر لقدرتهم على الإنتاج.

اختبارات السمات الشخصية المخصصة

يرى البعض أن اختيار نموذج قياس سمات شخصية معين غير مفيد، لذا يفضلون تخصيص نوعية اختبار وفقًا لطبيعة الشركة والسمات الأكثر ارتباطًا بالوظيفة المفتوحة، والصفات الشخصية التي تفضلها الشركة. ويناسب هذا النوع من الاختبارات الشركات الكبرى التي تخصص تقييمًا خاصًا بكل وظيفة.

وبالتالي تصبح النتائج أكثر دقة عن نتائج الاختبارات العامة، كما يعين على تحديد المرشحين الذي يملكون نسبة رضا وظيفي أعلى من غيرهم تجاه الوظيفة، وبهذا تنخفض نفقات التوظيف على المدى الطويل، كما يمكن الاستعانة بهذه الاختبارات عند إجراء تنقلات داخلية أو ترقيات وظيفية داخل المؤسسة.

عوامل تحديد السمات الشخصية

هناك ثلاثة عوامل تؤثر في تحديد سمات الفرد الشخصية، وهي:

  • الاتساق: لا بد أن يكون الشخص متسق التصرفات إلى حدٍ كبير في المواقف المختلفة؛ كي يمتلك سمات شخصية معينة. فمثلًا: إذا كنت ثرثارًا في المنزل، فستكون كذلك أيضًا في العمل.
  • الاستقرار: يتمتع أصحاب السمات الشخصية بقدر كبير من الاستقرار عبر الزمن في تصرفاتهم، فالشخص الثرثار في عمر العشرين، سيظل يتمتع بنفس السمة في عمر الثلاثين.
  • الفروق الفردية: تختلف نفس السمة الشخصية من فرد لآخر، فمجرد التحدث لا يعني امتلاك سمة الثرثرة، ولا يعني القدرة على المشي أن الشخص يمتلك سمة النشاط، بينما العامل المؤثر هنا هو مدى تكرار الفعل، والذي يُحدد إن كان الشخص يمتلك سمة الثرثرة أو لديه مستوى نشاط عالي.

5 نصائح لتطوير السمات الشخصية

نحن لا نمتلك شخصيات مصمتة غير قابلة للتغيير، بل يمكنك بالوعي والجهد تطوير سماتك الشخصية للأفضل، ومن النصائح التي تساعدك على ذلك:

1. تعرّف أكثر على سماتك الشخصية السلبية

كلنا نمتلك مجموعة من السمات الشخصية السلبية والإيجابية، لذا مثلما عليك معرفة سماتك الإيجابية، تحتاج أن تضع يدك أيضًا على سماتك السلبية، وتعني هذه العملية بمحاولة تطوير ذاتك والوصول إلى النسخة الأفضل من شخصيتك، دون الاستغراق في جلد الذات أو نقدها.

يمكن أن يساعدك تمرين بسيط على التعرف على كل من سماتك الشخصية السلبية والإيجابية، وذلك بأن تحضر ورقة وتقسمها طوليًا إلى عنوانين رئيسين، أحدهما أحتفظ بها والآخر أغيرها، وضع ما تراه من سماتك الإيجابية تحت القسم الأول، وما تعتقده من سماتك السلبية تحت العنوان الثاني. فمثلًا: أنت تعاني من التعجل وعدم القدرة على الصبر وتنزعج ما أن يرتكب غيرك الأخطاء.

2. حدد السمة التي ترغب في تغييرها أولًا

ما أن تمتلك قائمتك الخاصة، اختر السمة التي ترغب في تطويرها والتركيز عليها، والأفضل أن تبدأ بسمة بسيطة وسهلة ولكنها في الوقت نفسه مؤثرة وترتبط بإحدى السمات الخمس الأساسية أو تنبثق منها. فإذا كنت ترغب في تطوير سمة الانبساطية، عليك أن تُبسط المهمة. فمثلًا: يمكن أن تبدأ بالتعوّد على بدء محادثات اجتماعية بسيطة مع معارفك دون إطالة الحديث، ثم تبدأ في التدرج في باقي السمات الشخصية المرتبطة بسمة الانبساطية.

3. ادمج السلوكيات الإيجابية في حياتك

لعل أنسب طريقة لاكتساب عادة جيدة والتخلي عن أخرى سيئة يكمن في معايشة العادة الإيجابية واستبدال السلبية بها. على سبيل المثال: إذا رغبت في التحلي بالصبر، يمكن أن تحتك بالأشخاص الصبورين وتراقب سلوكياتهم وممارساتهم في التعامل مع الأحداث اليومية المختلفة وكيف يواجهونها بسمة الصبر.

ولا مانع من أن تسألهم مباشرةً عند الحاجة حول كيفية المحافظة على هدوئك وصبرك في المواقف المختلفة. ويمكنك تجربة الحلول المختلفة المحفزة على التحلي بسمة إيجابية، فيمكن اكتساب سمة الصبر وتطويرها من خلال ممارسة التأمل وتمارين اليوجا وتذكير نفسك بالاستمتاع باللحظة دون تعجل.

4. ابحث عن داعم أو مرشد لرحلتك

مهمة تطوير سماتك الشخصية من المهام الصعبة التي تحتاج إلى داعم، ولا يعني بالضرورة أن يكون مدرب أو خبير، ولكن يمكن أن يكون صديق وفي أو أفراد آخرين يسعون لنفس ما تسعى إليه، وتُنشئون مجتمعكم الداعم الذي تتناقلون فيه الخبرات وتتساءلون عليه حول ما يشغلكم، وتشجعون بعضكم البعض على الاستمرار والسعي حتى تحقيق أهدافكم المشتركة، وتتناقلون من خلاله قصص نجاحكم الملهمة في تطوير سماتكم الشخصية.

5. استمر في السعي حتى بلوغ الهدف

لا يمكنك تطوير شخصيتك بين ليلة وضحاها، بل يحتاج تغيير العادات إلى وقتٍ طويل، فتطوير السمات الشخصية هدف طويل الأمد، والوصول إلى نسخة أفضل من شخصيتك دافع قوي للاستمرار وتقبّل الأخطاء وما وصلت إليه من نتائج، ويساعدك استيعاب هذه النقاط على الاستمرار نحو هدفك دون أن تحيد عنه.

على سبيل المثال، إذا كنت تتدرب على تطوير سمة الصبر لديك، ثم فقدت صبرك في أحد المواقف مع شخصٍ ما، فيمكنك تقبّل الأمر والاعتذار لهذا الشخص، ومن ثم البحث عن سُبل جديدة تساعدك على الحفاظ على ضبط النفس والعودة للهدوء وعدم الوصول لمرحلة الانفجار؛ وبهذا تُحوّل هذه النقطة السلبية إلى أخرى إيجابية تدفعك نحو هدفك.

في الختام، جميعنا نمتلك سمات إيجابية وسلبية، وما يميز شخص عن آخر هو مدى وعيه بسماته الشخصية وسعيه لتطويرها واستغلالها بشكلٍ سليم، كما يساعد إدراكنا لسماتنا السلبية على ضبطها ومحاولة استبدالها بسمات أخرى إيجابية، مما يؤثر في النهاية على سلوكياتنا وأفكارنا ومشاعرنا ويجعلنا نتقدم في مسارنا الوظيفي والشخصي.

تم النشر في: مهارات وظيفية