كيف تحقق الرضا الوظيفي لموظفيك

يعبّر الرضا الوظيفي عن شعور الموظّفين بالسّعادة والاستقرار في عملهم، مما يؤدي إلى تحسين الأداء فتزيد إنتاجية الشركة، وهذا ما تبحث عنه في النهاية. إلى جانب أنّ الرضا الوظيفي له دور فعّال في التحكم بمعدّلات الدوران داخل الشركة (turnover)، فالموظّف الذي يشعر بالارتياح داخل مقرّ عمله، يكون معدّل الدّوارن لديه ضئيلًا أو شبه منعدم.

تستفيد الشركات من ذلك، إذ يساعدها في توفير أعباء وتكاليف كثيرة، من بينها: تكاليف العمالة والموظفين الجدد، وما يشملها من حملات للاستقطاب والتعيين، ثم تنظيم البرامج التدريبية. إلى جانب عدم إضاعة الوقت بحثًا عن هؤلاء الموظفين الجدد. كما أنّ معدل الدوران العالي للشركة قد لا يشجّع أصحاب الكفاءات على العمل لدى الشركة. فما هي الطرق تساعدك على تحقيق الرضا الوظيفي لموظفيك؟

1. أنشئ علاقة جيّدة مع الموظّفين

تعدّ العلاقة الجيدة بين الموظفّين والمديرين من أهمّ عوامل تحقيق الرضا الوظيفي، وتتجلّى هذه العلاقة في حسن التّواصل الإيجابي والفعّال بين المديرين والموظّفين، لا سيّما العلاقة مع المديرين المباشرين لهم، فيسود بينهم جو من الاحترام المتبادل، يحفّز الموظفين على تقديم أفضل أداء. يمكن إنشاء العلاقات الجيدة مع الموظفين بالاعتماد على المهارات التالية:

  • الذكاء الاجتماعي: يشير الذكاء الاجتماعي إلى فنّ التواصل مع الآخرين، والشّعور بمشاكلهم، والعثور على حلول لها، أو المساعدة في ذلك. يمكن من خلال الذكاء الاجتماعي فهم احتياجات الموظفين، وتوجيههم لأداء أفضل.
  • القيادة الفعّالة: تعتمد القيادة الفعّالة على حسن إدارة الموظفين، وتقديم الأوامر لهم بالشكل الصحيح. مما يساهم في معرفتهم بالمطلوب منهم داخل العمل، إلى جانب القدرة على التّعامل مع ردود الأفعال المختلفة، وفهم الدوافع منها، ثم إعادة توجيه الموظفين بناءً على ذلك.
  • تقديم النقد البناء: يشمل ذلك توجيه الملاحظات، وتنبيه الموظفين لبعض الأخطاء المهنية التي تصدر عنهم، خصوصًا المبتدئين منهم، والصبر على تعليمهم وإدماجهم في فريق العمل المحترف، وعدم الإكثار من اللوم والعتاب، والتّغاضي عن يسير زلّاتهم، ومحاولة إصلاح أخطائهم وتوجيههم برفق ولين.

2. وفر ظروف عمل حسنة

كذلك مما يحقّق الرضا الوظيفي للموظفين، توفير ظروف عمل جيّدة لهم، ويتجلّى ذلك في إنشاء فريق عمل كفء ومتكامل من حيث الوظائفُ والمهام، إذ تجد لكل موظف مهمة خاصة يقوم بها، وكلّ واحد من هؤلاء يكمل الآخر، ويستفيد من غيره. هذا التّنظيم المحكم يشعر الموظف بالرضا والاحترافية في العمل، فيدفعه للاجتهاد والإبداع في مجال تخصّصه.

كما أنّ التخصّص يشعر الموظّف بمكانته ضمن فريق العمل، وأنّه عنصر فعّال ومنتج، ويزيد من شغفه في تعلمّ المزيد، والاحتكاك بمن هم أخبر منه وأفضل بمجال عمله. بخلاف ما إذا كانت هناك فوضى في توزيع المهام، وتكليفه بما لا يتقنه، وليس من صميم تخصصه، فسيؤدي ذلك لضعف الأداء، وقلة الشغف، الذي قد يؤول به لترك الوظيفة والانسحاب بحثًا عن مكان آخر.

كذلك من أهم الأشياء في ظروف العمل الحسنة، العمل لعدد ساعات عمل قانونية، مع تخصيص فترات للراحة وتناول الوجبات. إلى جانب الرّاتب الجيد، وتوفّر الحوافز والمكافآت، فهذا مما يرفع معنويات الموظف ويشجّعه على بذل قصارى جهده في تحقيق نتائج مرضية له ولرؤساء عمله. أيضًا تشمل بيئة العمل المريحة، من كراسي مناسبة، ومكاتب ذات جودة عالية، وإمكانيات تقنية ممتازة، وغيرها مما يدخل في الإمكانات اللوجستية والتقنية.

3. أشعرهم بالأمان الوظيفي

يشير الأمان الوظيفي إلى شعور الموظف بالأمن والاطمئنان على مستقبله الوظيفي، بدءًا من الراتب الجيد والحوافز، ومرورًا بضمان استمراريته في العمل، إلى جانب المميزات الأخرى التي يمكنه الحصول عليها، مثل التأمينات والإجازات والتعويضات وغيرها.

يؤدي الأمان الوظيفي إلى جعل الموظفين مطمئنين في أعمالهم، مما يحفزهم لأداء مهامهم بشكل طبيعيّ دون ضغط، بدلًا من الشعور بعدم الاستقرار، والتّفكير في تغيير الوظيفة، والبحث عن ملاذ آخر آمن. يعود هذا الأمر بالإيجاب على الشركة، إذ الموظفين الأكثر التزامًا وإنتاجية هم الموظفون الراضون عن وظائفهم، الذين أحسّوا بالأمان داخلها، وتوفّرت لديهم أسباب الاستقرار.

4. عزز الثقة المتبادلة

كذلك من أسباب تحقيق الرضا الوظيفي للموظفين سواد الثّقة بينهم وبين إدارة الشركة. هذه الثقة تتمثل في إشراكهم في اتخاذ القرارات، ووضوح المهام المنوطة بهم، ومنحهم الفرص للاستفسار عن التفاصيل، وكذا انخراطهم في الاجتماعات، والسّماح لهم بعرض آرائهم، وفتح مجال النّقاش أمامهم، والكشف عن مخططات وأهداف الشركة لهم، وذلك كله طبعا في إطار السياسة العامة والخاصة للمؤسسة.

تشمل الثقة أيضًا استشارة الموظفين في بعض المهام، حسب كفاءاتهم ومستواهم وخبراتِهم. إذ يؤدي ذلك إلى الرفع من معنوياتهم، ويفتح أمامهم مجال المنافسة الشريفة في إبراز القدرات، وإظهار المهارات، والشعور بالمسؤولية نحو الشركة، وهو الأمر الذي يعود بالإيجاب على أداء الشركة ككل.

5. قوّي العلاقات بين فريق العمل

كذلك من عوامل تحقيق الرضا الوظيفي توفير الجوّ الملائم بين أعضاء فريق العمل، وبذل الوسع في تحقيق الانسجام بين مكوّناته. تظهر قوة علاقة فريق العمل في حل المشكلات جماعة، وإشراك الكل في التّفكير، والاقتراح والتطوير، وعدم قصر الأمر على فئة بعينها تتدخل في سائر المواقف، وكذا منح الفرص للموظفين المبتدئين وإشراكهم في المهام، ومساعدتهم في التأقلم والانسجام.

من أساليب توطيد العلاقات بين فريق العمل، وضع برامج ترفيهية خارج إطار الرّسميات، كالبرامج الرّياضية والثقافية من مسابقات وتحدّيات، وغيرها من الأنشطة، التي تساهم في إزالة الحواجز بين أعضاء الفريق، وتساعد في بناء العلاقات بينهم، وهو الأمر الذي يجعلهم يحبون العمل أكثر، فيزيد الرضا الوظيفي لديهم.

6. راقب الأداء وقدم فرص التطور الوظيفي

من دوافع تحقيق الرّضا الوظيفي كذلك القيام بدراسات وعمليات إحصائية لأداء الموظّفين بشكل جماعي لتقييم أداء الفريق ككلّ، وبشكل فردي لبيان مستوى كلّ موظف على حدة، والاشتغال على نقاط الضعف بالتدريب المستمر والإصلاح المنهجي لتجاوز الخلل، ثم لمعرفة أداء الشركة على مرور الأيام والشهور لإدخال التعديلات، والقيام بالإصلاحات اللازمة.

لا يقتصر الأمر على التدريبات لإصلاح المشكلات في الأداء، لكن يشمل أيضًا تقديم الفرص للموظفين من أجل تحقيق التطور الوظيفي داخل العمل، من خلال منحهم الفرصة لتعلم أشياء جديدة، وكذلك خوض تحديات مختلفة عن التي اعتادوا العمل عليها، وهو الأمر الذي يساعدهم في الوصول إلى مستوى أفضل من الأداء. إذ أثبتت الأبحاث أنّ 83 % من الموظّفين الذين يواجهون تحدّيات جديدة هم أكثر قابلية للبقاء في مؤسّساتهم.

7. شجع المبادرات تحفيزية

أخيرًا من مقّومات تحقيق الرضا الوظيفي المؤثرة في نفوس الموظفين، القيام بمبادرات تحفيزية للمتألّقين منهم، على سبيل المثال: تكريم موظّف الشّهر، أو تقديم جائزة لموظّف السّنة. يمكن وضع قيمة مالية تحفيزًا للموظف، واعترافًا بجهوده. يؤدي ذلك إلى تحفيز الجميع للعمل بجد، من أجل حصد هذه المميزات.

بعد عرض هذه الطرق الخاصة بكيفية تحقيق الرّضا الوظيفي. تتّضح لنا جليّا أهميّة الرّضا الوظيفي للموظفين، وأثره الحاسم في زرع الثّقة في نفوسهم، والرّفع من وتيرة أدائهم داخل مقرّ عملهم، مما يحقق التوازن النفسي، والأمان الوظيفيّ لهم، ويساهم في تعزيز انتمائهم للشركة، وهو ما يمنحها الاستمرارية في الأداء.

تم النشر في: مهارات قيادية