تواجه المرأة العاملة أثناء حملها صعوبات كثيرة للتوفيق بين عملها وحملها، سواء كانت تعمل من المكتب أو عن بعد، إلا أن العمل عن بعد يوفر مميزات عديدة موازنةً بالعمل من المكتب ويُعدّ خيارًا أفضل لصحتها. رغم ذلك قد تواجه بعض التحديات لأداء مهام العمل بكفاءة أثناء الحمل، لذا؛ كيف يمكنكِ الحفاظ على حمل صحي وأداء مهام العمل بكفاءة؟

جدول المحتويات:

ما مميزات العمل عن بعد للمرأة الحامل؟

يساعد العمل عن بعد المرأة الحامل على سهولة التوفيق بين التزاماتها في العمل وتقدمها المهني، والتزاماتها الأسرية والحفاظ على صحتها وصحة جنينها، ومن مميزات العمل عن بعد أيضًا:

مساحة كافية لتقبل التغيرات

يوفر العمل عن بعد الكثير من الوقت المهدر في الذهاب والرجوع من مقر العمل، كما يقدِّم قدر كبير من الخصوصية، فلست مضطرة للإجابة على أسئلة المتطفلين. ومع التغيرات الجسدية والنفسية التي ترافق الحمل، يصبح العمل من المنزل أفضل في توفير مزيدًا من الراحة مقارنةً بالعمل من المكتب، والسماح بمعرفة الكثير عن المرحلة الحالية وما يتبعها من مراحل، والتكيّف مع الوضع الحالي.

الاهتمام بالرعاية الصحية

تحتاج المرأة الحامل مزيدًا من الرعاية الصحية أثناء هذه الفترة، مع ضرورة زيارة الطبيب من حينٍ لآخر وجدولة مواعيد الأدوية على مدار اليوم. وهذا ما يسمح به العمل عن بعد؛ إذ يعطي الأولوية للرعاية الصحية، ويتيح إمكانية أخذ قسطًا من الراحة من حينٍ لآخر أثناء العمل، ما يسهل ضبط زيارات الطبيب دون أن يعوقها مواعيد العمل الرسمية الثابتة.

التركيز على الرعاية الذاتية

من الضروري أن تهتم المرأة الحامل برعايتها الذاتية بنفس قدر اهتمامها بأمورها الصحية، ومن الصعب التركيز على الرعاية الذاتية في مقر العمل، على عكس العمل المرن من المنزل. فمثلًا في العمل عن بعد يمكنكِ اختيار وضعية العمل المريحة لكِ، مع تناول وجبات خفيفة كل بضع ساعات، وتجنب التعرض للضغط العصبي.

التوازن بين العمل ورعاية الطفل

من الصعوبات التي تواجه المرأة الحامل القدرة على تحقيق التوازن بين عملها وبين رعايتها لأطفالها، وتبدأ هذه الرعاية منذ الحمل وتمتد إلى بعد الوضع، وعلى عكس العمل من المكتب، يساعد العمل من المنزل بأوقات مرنة في تحقيق التوازن بين كليهما. فيمكنكِ إنجاز مهام العمل أثناء لعب الأطفال أو أوقات دراستهم، كما يمكنك ضبط الاجتماعات عن بعد في مواعيد نوم الأطفال.

كيفية تأدية مهام العمل بكفاءة أثناء الحمل

تحتاج المرأة العاملة عن بعد إلى ضبط أمور العمل أثناء حملها بما يتوافق مع مصلحتها ومصلحة شركتها، حتى لا تفقد وظيفتها. لذا عليكِ مراعاة عدة نقاط، من أبرزها:

1. تقسيم المهام اليومية

نظرًا للحالة الصحية غير المستقرة غالبًا أثناء الحمل، فأنت تحتاجين إلى تقسيم العمل إلى مراحل خلال اليوم وتضعي تسلسل زمني للمراحل المختلفة، مع ضرورة أخذ قسط من الراحة من حين لآخر لتجنب التوتر والإرهاق، ولا بد من تتبع الجدول الزمني والحرص على الرقابة الذاتية؛ حتى إنهاء المهام المطلوبة في اليوم.

2. تأجيل بعض المشاريع

أثناء الحمل، يفضل وضع مواعيد تسليم أبعد من المتوقع قليلًا تحسبًا لأي طارئ، مع الحرص على التسليم دائمًا قبل الموعد. وفي حالة العمل على مشروع طويل ويحتاج إلى الكثير من التركيز والجهد، يفضل التنسيق مع مديرك وتأجيل العمل عليه لوقت آخر بعد انقضاء فترة الحمل، إذ قد يتسبب ضغط العمل المستمر في مخاطر صحية لكل من الأم والجنين. لذا، يُفضل تجنب مثل هذه المشاريع طوال هذه المدة.

3. التخطيط الجيد للاجتماعات

عادةً ما يصاحب العمل عن بعد تنسيق للاجتماعات عن بعد أيضًا، لذا لا بد من ضبط شبكة الإنترنت حتى تتجنبي التعرض لمواقف محرجة، كانقطاع الاتصال والخروج من الاجتماع. وإذا كان لديك أطفالًا، فيجب أن تحرصي على عدم ظهورهم أو ظهور أصواتهم خلال الاجتماع؛ بشغلهم مع الألعاب في غرفة أخرى، أو تركهم مع والدهم لحين انتهاء الاجتماع.

4. تحديد مواعيد عمل مرنة

إذا كان عملك يتطلب الالتزام بالتواجد خلال مواعيد عمل ثابتة، فيمكن إخبار المدير بوضعك الصحي الحالي، مع اقتراح تغيير ساعات العمل وفقًا للمواعيد التي تصبحين فيها نشيطة وبكامل طاقتك، وإذا كان هذا الخيار متاحًا فعليك أن تُحسني اختيار الوقت. فمثلًا: بعض الحوامل يُفضلن العمل بعد الساعة 11 صباحًا، بعد أن يتوقف غثيان الصباح. بينما إن كانت مواعيد عملك مرنة، فيمكن العمل خلال ساعات النشاط وتجنب ساعات الأرق والخمول.

5. اختيار وضعية عمل صحية

تؤثر وضعية الجلوس لفترة طويلة على صحة الحامل أكثر مما نعتقد، وبالتالي لا بد من حماية ظهرك أثناء العمل من المنزل، لذا اختاري وضعية جلوس تريح ظهرك، واضبطي ارتفاع الكرسي ليناسب زاوية النظر مع مستوى الشاشة. إذ يساعد وضع الجلوس الصحيح في تقوية القلب وتقليل آلام الظهر، مع ظهور تأثير واضح على وضع الجنين في نهاية الثلث الأخير من الحمل.

فعندما تجلسين بشكلٍ مستقيم مع تجنب الانحناء، يمنّح الجنين مساحة للتفاعل بشكلٍ صحيح، وقد يجعل المخاض أكثر أمانًا وسهولة. لذلك يمكنكِ رفع قدميك على كرسي قصير أثناء العمل، لتدعيمهما وتقليل التورم، ولا بد من دعم الظهر والعمود الفقري بوسادة مريحة أثناء العمل.

ومن الضروري اختيار وضع يريح معصميك مع تجنب تعليقهما على لوحة المفاتيح؛ لتجنب الإصابة بمتلازمة النفق الرسغي، التي تنتج من الضغط على العصب المتوسط براحة اليد. وضعي الأدوات التي تحتاجينها في أماكن يسهل الوصول إليها؛ لتجنب الاستطالة التي تسبب آلام الذراعين.

6. المرونة وتقبل الأخطاء

يعاني البعض من الكمالية وهي الرغبة في الوصول إلى أفضل نسخة وعدم تقبل الأخطاء المحتملة، وفي الحمل تحديدًا، يجب البعد عن هذه النظرة التي قد تسبب إحباطًا كبيرًا، لأنه من الصعب تحقيقها. لذا، لابد من تقبل الأخطاء الوارد حدوثها في العمل ومحاولة إصلاحها سريعًا وعدم الاستغراق في الشعور بالذنب وجلد الذات، وإعلام المدير بأي طارئ أو تأخير محتمل.

7. مراعاة الأحداث الطارئة

قد تتعرضين لوعكات صحية أو آلام مختلفة في الصباح، كالغثيان وحساسية الأسنان وآلام القدمين، مما قد يتسبب في تعطل العمل إن لم توضع في الحسبان. لذا يجب تنسيق سير العمل مع فريق العمل والزملاء والتحدث إليهم بظروفك الحالية وما قد يترتب عليها، ويمكن تفويض بعض المهام العاجلة لزملاء آخرين لإنجازها في حال صعوبة العمل عليها في الوقت الحالي؛ حتى لا يتعطل العمل.

8. الاستعداد قبل أخذ إجازة

وفقًا للوضع الصحي، قد تحتاجين إلى فترة إجازة أثناء الحمل أو إجازة وضع ورعاية طفل، وفي كل الأحوال، لا بد من إعلام المدير والزملاء بها قبل بدايتها بفترة كافية، حتى يستطيعون تدبر أمورهم في أثناء غيابك. وضعي تسلسل زمني لمراحل تسليم المشاريع الحالية وما يتخللها من إجازات، مع توضيح كيفية سير العمل بعد انقضاء فترة الإجازة المحتملة.

نصائح للحفاظ على صحة جيدة للحامل أثناء العمل عن بعد

هناك بعض النصائح البسيطة التي تحافظ على صحتك أثناء الحمل، وبخاصةٍ عند أداء العمل عن بعد، ومنها:

تقليل التوتر

توجد بعض التغيرات العديدة التي تصيب الحامل، ومنها الإجهاد والإرهاق المتكرر معظم الوقت، وبخاصةٍ إذا كنتِ تعملين من المكتب ثم تحولت للعمل عن بعد، لأنك ستواجهين صعوبة في التأقلم في البداية، وقد تزداد حدة توترك وقلقك إذا كنتِ تمارسين دورًا قياديًا وتشرفين على عدد من الموظفين، نظرًا لما على عاتقك من مسؤولية.

وتكمن أكبر الضغوطات التي تواجهينها في صعوبة تحقيق التوازن بين عملك وحياتك الأسرية العادية، ويُضاف عليها ضغوطات الحمل، لذا، قد يتفاقم التوتر والقلق ويصبح صعب السيطرة عليه. ولهذا، لا بد أن تعتني بصحتك النفسية والجسدية وتجنب التوتر قدر الإمكان، ويمكنك ممارسة تمارين الاسترخاء وفتح منفذ لتجديد الهواء النقي؛ للحد من التوتر وتقليل الألم.

ممارسة المشي يوميًا

يساعد العمل من المنزل على الشعور بالاستقرار والراحة، إلا أنه يقلل من الحركة والمشي الذي يعزز من الحيوية والنشاط أثناء الحمل. لذا يجب عليك زيادة مقدار المشي يوميًا، لأنه سيحافظ على قوة جذعك ويزيد من قوة التحمل اللازمة للولادة، فلا بد من الاستعداد للمجهود البدني الذي سيُبذل أثناء الوضع، ولا عادة أكثر نفعًا من المشي في هذه الحالة.

لا بد أيضًا ممارسة بعض التمارين لحماية العمود الفقري والحفاظ على صحة جيدة أثناء العمل عن بُعد، ويمكن ضبط منبه كل ثلاثين دقيقة لتغيير وضعيتك والمشي قليلًا أو ممارسة بعض تمارين التمدد لتليين العضلات؛ حتى لا يأخذ جسدك على الراحة والخمول، مما يساعد في الحصول على تجربة حمل وولادة أسهل.

اختيار ملابس مريحة

يتيح العمل من المنزل انتقاء ملابس مريحة، وفي أثناء الحمل تحديدًا تحتاجين إلى انتقاء جوارب غير ضاغطة لتجنب التورم والدوالي، إلى جانب ارتداء الملابس الفضفاضة والقطنية لتجنب الحساسية. مع ضرورة اختيار ملابس ملائمة للمشي قليلًا والحركة والتمدد من حين لآخر أثناء العمل.

تناول طعام صحي

عليك أن تحافظي على اختيار طعامك بعناية، لتجنب مشكلات المعدة والهضم، كما يساعدك تناول وجبات صغيرة على فترات متقاربة على تجنب الغثيان وزيادة الإنتاجية أثناء العمل. ومن الضروري أن يحتوي طعامك على العناصر الغذائية المتوازنة والصحية، وخصوصًا الأطعمة الغنية بالألياف والخضراوات والحبوب الكاملة، إذ يساعد هذا النوع من الطعام على تخفيف الإمساك المصاحب للحمل.

إجازة الوضع وإجازة رعاية الطفل

في العمل عن بعد، تختلف إجازة الوضع أو إجازة رعاية الطفل من شركة إلى أخرى، وفقًا لسياسة الشركة وقوانين الدولة التي تعمل بها وغيرها من البنود. فمثلًا قد لا توفر بعض الشركات التي تعمل عن بعد إجازة الأمومة للعاملات عن بعد، في حين توفر شركات أخرى إجازة وضع لمدة 3 أشهر كاملة.

لذا يُنصح بمراجعة بنود العقد المبرم بينك وبين المؤسسة التي تعملين بها، إذ قد ينص على بعض الحقوق أثناء الحمل وبعد الوضع، وقد يشتمل على إجازة وضع وإجازة أمومة أيضًا، وبهذا يمكن الاستفادة بهذه المميزات إذا نص عليها العقد أو قدم بعض الحقوق.

أما في حال إن كانت الشركة لا توفر إجازة الوضع، واضطررتِ إلى أخذ إجازة كاملة، فلا بد أن تضبطي أمورك المادية قبل الانقطاع عن العمل بوقت كافي، كادخار بعض المال الذي يمكن أن يسندك طوال فترة إجازتها.

الآن، أصبح واضحًا مدى ملائمة العمل عن بعد لوضع المرأة الحامل مقارنةً بالعمل من المكتب، لكن لتضمني حقوقك، عليك مراجعة قوانين العمل في البلد التي تعمل بها الشركة مع مراجعة عقد العمل بدقة. ولا بأس من اتباع بعض النصائح التي تساعد على التوازن بين كل من مهام العمل ومهام الأمومة والمنزل والحياة اليومية.

تم النشر في: الإنتاجية، العاملون عن بعد