لماذا تحتاج إلى إدارة المعرفة في شركتك الناشئة؟

الموارد البشرية والمال من أهم العناصر التي تبدأ بها شركتك وتحتاج إلى إدارتها بحكمة، ورغم ذلك يوجد عنصر جوهري آخر وهو الفكرة، والتي تستمد منها جميع مصادر المعرفة وتبنى على أساسها البيانات الهامة للشركة، لذلك تحتاج إلى إدارة المعرفة بذكاء حتى لا يضيع الجهد والوقت هباءً. فما هي إدارة المعرفة وكيف يمكن الاستفادة منها أقصى استفادة؟

جدول المحتويات:

ما هي إدارة المعرفة Knowledge Management؟

إدارة المعرفة هي مجموعة من العمليات والأساليب والأدوات والأنشطة متعددة التخصصات، حيث يساهم فيها كل تخصص لحفظ وعرض وإنشاء ونقل المعلومات الصحيحة إلى من يحتاجها، سواء كان فرد أم مجموعة أفراد؛ لتتحقق في النهاية أهداف الشركة.

تتضمن إدارة المعرفة عملية جمع المعلومات الهامة للشركة من خلال بحث المستهدف من العملاء والأسواق والدول، كما تتضمن إنشاء المحتوى الأساسي للشركة والذي يعرّفها ويتناول الخدمات التي تقدمها، وغيرها من المعلومات التي يهتم بها العامة، وكذلك تركز على مشاركة المعلومات الداخلية التي يحتاجها الخاصة من الموظفين لأداء المهام والأعمال المطلوبة، وأخيرًا تحديث المعلومات من فترة إلى أخرى تبعًا لكل تغير.

ما هي أنواع المعرفة؟

المعرفة لها عدة أشكال رقمية، فقد تكون في هيئة نصوص مكتوبة، صور، فيديوهات، وغيرها من الملفات، إلا أن تصنيف المعرفة داخل شركتك في النهاية ينقسم إلى 3 أقسام رئيسية:

أولًا: معرفة بحثية

ذلك النوع من المعرفة هو الذي يهتم بالبحث والتدقيق والاهتمام بالمصادر والاحتفاظ بها؛ بهدف الحصول على معلومات صحيحة تعبر عن الواقع، ويمكن استخدامها في تطوير الشركة من خلال صناعة منتج جديد، استيراد أسلوب جديد في الإدارة، اقتحام الشركة لسوق جديد، وغيرها.

ثانيًا: معرفة مشتركة

يقصد بالمعرفة المشتركة تلك المتعلقة بالمشاريع التي اشترك فيها قسم واحد أو عدة أقسام من الشركة. تلك المعرفة المشتركة تسمح بانتقال الخبرات عبر الأفراد والأقسام المختلفة، كما تعمل على توطيد التعاون والتواصل بين أفراد القسم الواحد ومختلف قطاعات الشركة؛ مما يساعد على نجاح فريق العمل.

كما أن سياسات العمل وقوانينه الداخلية وفوائد وظائفه، هي معلومات مشتركة بين جميع الموظفين، فلديهم معرفة كاملة بسياسة الثواب والعقاب لدى الشركة، وكيفية توفير الشركة للأمان الوظيفي لهم في نظرها، وغيرها من العناصر التي تهم كل موظف.

كما أن المعلومات التي توفرها شركتك للعامة من خلال ملفها التعريفي وصفحاتها على وسائل التواصل الاجتماعي وموقعها الإلكتروني، وغيرها من طرق التسويق التي تدفع العميل للتواصل، كلها وسائل للمعرفة المشتركة التي تجمع بين الشركة والعميل المحتمل.

ثالثًا: معرفة مرتجعة

كما كانت المعرفة المشتركة معرفة تجمع الموظفين بالشركة والعملاء، فالمعرفة المرتجعة تقوم بدورٍ مشابه. هي معرفة تختص بالتقييمات وكل تغذية راجعة. تقييم الشركات لموظفيها هو معرفة مرتجعة، حيث قام الموظف بأعمال خلال الشهر، وتحول أداؤه لتلك الأعمال إلى مجموعة من المقاييس تهتم بها الإدارة، وتُعلمه بها في نهاية كل شهر أو ثلاثة أشهر.

بالجانب الآخر، حين تفعل الشركة نظام إداري جديد خاص بقسم محدد أو جميع أفراد الشركة، تقوم الشركة بإعداد نموذج لتقييم ذلك النظام؛ للتعبير عن مدى الرضا الوظيفي وارتياح الموظفين له وكفاءته في نظرهم. تلك النماذج جزء من المعرفة المرتجعة، ومن خلالها تتطور الشركة إلى الأفضل من الداخل.

تُعدّ تقييمات العملاء للخدمات التي تقدمها أحد أهم عناصر المعرفة المرتجعة، فمنها تعرف مميزات الخدمة في نظرهم، وكذلك المشكلات التي تعيب الخدمة والتي تحتاج إلى تطوير. وبذلك تساهم المعرفة المرتجعة أيضًا في تطوير الشركة من الخارج أيضًا.

أهمية إدارة المعرفة

تساعد إدارة المعرفة على تحقيق القيم المستهدفة، فمن خلال أساليبها الذكية تصل المعلومة المطلوبة إلى الشخص المناسب في الوقت المناسب.

1. دعم التعاون والتواصل وصناعة القرار

لأن شركتك بدأت بفكرة، سيستمر تبادل الأفكار ومشاركتها بين أفراد الفرق والقادة من خلال العصف الذهني والتعاون، مما يعمل على تطوير الشركة وتحسين أدائها باستمرار. حين تحتاج إلى اتخاذ قرارٍ ما سترجع إلى المعلومات الموثقة، لذلك ستكون المعلومة جزءًا من صناعة القرار، وغالبًا ما يرتبط الصواب بالقرارات المبنية على حقائق.

2. تقييم الموظف لنفسه

مثلما تدفع الإدارة الجيدة للمعلومات الموظف إلى التقييم الذاتي بسهولة والعمل على تطوير قدراته العملية، فيمكنه الاطلاع على المشاريع السابقة وأخذ جزء من خبرات الموظفين القدامى، ليستخدم تلك المعلومات في التعلم واكتساب المزيد من المهارات. من خلال إدارة المعرفة، يصبح الموظف أحد أصول الشركة ونقاط قوتها، فتوفر له معلومات تساعده على أداء عمله بكفاءة وإنتاجية أكبر.

3. زيادة رضا العميل

إضافة إلى تقوية التواصل بين الموظفين، فإن إدارة المعرفة توطد العلاقة بين شركتك وعملائها. فسرعة الإجابة على عملائك من أهم عوامل رضاهم، والرد على أسئلتهم فوريًا يدل على مدى احترامك لوقتهم وتجنبك نفاد صبرهم. وبذلك استخدام وسيلة إدارة المعرفة المناسبة لدعم العملاء بالمعلومات تجعل عملك يتسم بالمهنية والجودة، وينتج عنها في النهاية زيادة في معدلات النمو وجذب المزيد من العملاء.

4. تسهيل الأعمال المتكررة

إدارة المعرفة لها دور هام في توفير الجهد بالعمليات المتكررة، فمن خلال حفظ المعلومات بطريقة يسهل الوصول إليها، لن يضيع أيًا منها، ولن يحتاج أي موظف إلى البحث عن المعلومة من مصادرها، إنشاء مستند من البداية، أو صناعة نموذج مماثل لآخر موجود في مكانٍ ما بقاعدة البيانات.

تحديات إدارة المعرفة

هناك تحديات يجب عليك مواجهتها عند إدارة المعرفة في شركتك، والمعوقات مصدرها هنا عنصران، عنصري تقني وآخر بشري:

أولًا: صعوبة الأنظمة المستخدمة

قد تستخدم عدة أنظمة بشركتك لإدارة المعرفة، تلك الأنظمة تؤدي دورها، ولكن الموظفين يجدون صعوبة في التعامل معها، مما يعني زيادة استهلاك في الوقت والجهد. فلا حل لديك سوى تنظيم تدريب للموظفين يساعدهم على التعامل معه، مما يصنع تكلفة إضافية. اختر من البداية نظام سلس لا يدفع الموظفين إلى الدخول في متاهات، ويُسهِّل وصولهم إلى المعلومة المرادة.

ثانيًا: فقدان الهدف والشغف

على الموظفين فهم غاية إدارة المعرفة وعلاقتها بأهداف الشركة، تجنبًا لفقدان الحماس، من خلال إعداد ملفات خاصة بكل مشروع والدروس المستفادة والأخطاء التي يجب تجنبها، مما يضيف قيمة إلى المعلومة مرتبطة بالشركة وكذلك الموظف.

ما هي مراحل إدارة المعرفة؟

تمر المعلومات بعدة مراحل لتصبح جزءًا من إدارة المعرفة ويمكن الاستفادة منها وإعادة استخدامها، والمراحل هي:

1. أخذ المعلومة بالحسبان

هي أولى مراحل التعامل مع المعلومة، حيث تنظر إليها كمعلومة هامة تفيد شركتك، ومدى أهمية المعلومة تكون على أساس مجموعة من الشروط تحققها، متعلقة بمجال عمل الشركة وأهدافها. فقد تكون معلومة صغيرة، إلا أنها قد تساعد على تحقيق النمو للشركة، مما يعني ضرورة مشاركتها لتكون جزءًا من قاعدة بيانات الشركة.

2. ربط المعلومة بالموارد البشرية والأقسام

الموظفين هم العنصر الأساسي بالشركة، لذلك يجب تحديد الأقسام التي يمكن تمرير تلك المعلومة إليها، وكيفية تصنيفها، وإن توجد حاجة إلى وجود صلاحيات أو مؤهلات محددة لمن يتعامل معها، وبذلك تصبح المعلومة في يد فرد أو مجموعة من الأفراد مسؤولين عنها.

3. إدارة المعلومة

تم حفظ المعلومة ومشاركتها مع الأقسام والأفراد المناسبين، حان وقت إدارتها واستخدامها؛ لتصبح جزءًا من العمليات القائمة والمهام الحالية التي يقوم بها الأفراد، كما تصير أحد عناصر المستقبل، فيعاد تشغيلها واستغلالها بصورة أفضل من خلال خطط التطوير التي تسعى لتحقيق أهداف الشركة.

كيفية تطبيق إدارة المعرفة

يتطلب تطبيق إدارة المعرفة إلى كثير من الأنشطة والممارسات، يجب أن توفرها في بيئة العمل لتظهر نتيجة إيجابية على العمل وأفراده، وتكون إدارة المعرفة حافزًا أكبر للإنجاز والإنتاجية أهم تلك الممارسات هي:

1. جمع كل المعلومات في مكان واحد

استخدم التكنولوجيا المناسبة التي ستضم جميع أنواع المعرفة، من الرسائل الإلكترونية إلى الأفكار التي يحملها الموظفون المختصون. وقبل اختيار تلك الأداة، يجب أن تبحث عن مميزات محددة كالسهولة وأنها لا تحتاج إلى وقت كبير لفهم وظائفها، مما يشجع جميع أفراد الفريق على استخدامها أثناء تحول المعلومة من طور إلى آخر، من إنشائها إلى تخزينها إلى مشاركتها.

2. ركز على المعلومات المختصرة

عندما يبحث أحد الأفراد عن إجابة سؤال محدد، اصنع الإجابات لتكون مباشرة، فلا يحتاج الفرد إلى استهلاك جهد ووقت للوصول إلى مبتغاه، ولكن يمكن مع اختصار المعلومات جعلها مترابطة، حيث يرى الباحث بصفحة الإجابة، رابط آخر ينقله إلى إجابة سؤال مشابه أو من نفس التصنيف.

3. شجع فريقك على مشاركة المعرفة

اجعل مشاركة المعلومات جزء من الثقافة التنظيمية للشركة، ويجب أن يكون قادة فريقك مثالًا يحتذى به، فيشاركون المنشورات الجديدة عن الشركة بوسائل الإعلام، كما يخطرون الأفراد بأي تحديث متعلق بمجال العمل أو الأسواق المستهدفة الجديدة وهكذا، حتى وإن لم تكن المعلومة ذات شأن بالنسبة لمهام القسم الذي تم إخطاره، فالغرض هو توحيد الرؤية.

4. تابع تدفق المعلومات وحسن الأسلوب بانتظام

راقب المعلومات من فترة إلى أخرى، هل توجد معلومات اختفت عن الأنظار؟ هل يحتاج نظامك إلى معلومات غير متواجدة به؟ وحتى المعرفة المضمنة غير المسجلة، يجب تسجيل أهم ما بها من خلال المقابلات والاجتماعات أو الاستقصاءات. بعد تطبيق إدارة المعرفة، يجب مراجعة النظام لاكتشاف ثغراته والمشكلات التي واجهت الأفراد والعيوب التي أصابت عملية تنظيم المعرفة ككل.

أدوات إدارة المعرفة الحديثة

طرق حفظ المعلومات وإدارتها عديدة، فقد بدأت من خلال السجلات والوثائق الورقية وانتهت إلى الخوادم والمنصات السحابية، والأدوات البرمجية الحديثة صارت شائعة، رغم وجود بعض الشركات تحتفظ بأرشيف خاص بالأوراق والمشاريع السابقة حتى الآن.

أدوات إدارة المعرفة الحديثة هي نظم معلوماتية تحفظ وتنظم البيانات ليسهل الرجوع إليها، وتبادلها واستخدامها في الوقت المناسب، مما يساعد على تنظيم العمل بشركتك والتعاون بين موظفيك؛ لتكون مركزية المعلومات خدمة يستفيد بها موظفيك وعملاؤك.

1. نظام إدارة علاقات العملاء

كأي نظام آخر لإدارة المعرفة، يؤسس نظام إدارة علاقات العملاء أحد أقسام الشركة، وهو قسم المبيعات. من خلاله يستطيع موظف المبيعات تسجيل صفقاته التي بدأها، وكذلك التي أكملها بنجاح، كما يسمح النظام للمديرين بمتابعة أداء فرق المبيعات ومن يتواصلون معه من عملاء محتملين، فيحفظ النظام كل بيانات العميل وأي نشاط تفاعل به مع الشركة.

2. نظام قاعدة البيانات

هو نظام يشمل جميع المعلومات التي يحتاجها الموظفون في حل المشكلات المتكررة التي تواجهها الشركة، كما يشمل الأسئلة الشائعة التي يثيرها العملاء عند التعامل مع شركتك من خلال أحد منتجاتها أو خدماتها، فهو مرجع فني يحتوي على محرك بحث يشمل جميع منتجات وخدمات الشركة؛ ليساعد جميع الأطراف حين تحدث مشكلة تقنية.

3. نظام تواصل اجتماعي

في الماضي، كان نظام التواصل الاجتماعي موجودًا بشكل منفصل لإدارة الحديث بين أفراد الشركة، ولكن في السنوات القليلة السابقة أصبح النظام جزءًا من أنظمة أخرى لإدارة المعرفة الخاصة بالشركات. يُعدّ النظام وسيلة هامة لانتقال الخبرات بين الزملاء عامة وبين الموظفين والمديرين خاصة، كما يسهل عملية القيادة والإرشاد السريع.

4. نظام إدارة المهارات

هو أحد نظم إدارة المعرفة الخاصة بقسم الموارد البشرية في بعض الشركات، من خلال تعريف الأهداف الرئيسية لشركتك يحدد المعلومات الهامة لتلك الأهداف، وتصبح المهارات الجوهرية المتعلقة بعموم أفراد الشركة واضحة، كذلك المهارات الخاصة بكل وظيفة، ويرسم النظام سلوكيات عامة يجب أن يتعامل بها الأفراد. في النهاية، يصبح الطريق واضحًا للأهداف، وكذلك ما يحتاج الموظفين تطويره على المدى القريب والبعيد.

5. نظام إدارة التعلم

كل فرد في شركتك بحاجة إلى التعلم وتطوير المهارات، وباكتسابه مهارات جديدة تحصل الشركة على ميزات تنافسية في سوق العمل، لذلك يعد التدريب من أصول الشركة، ويحتاج إلى نظام يتابع العملية والمواد المستخدمة في الفصول، سواء كانت واقعية أم افتراضية، والمهام التي يتحمل مسؤوليتها المتدربون. نظام إدارة التعلم يجعل الموظفين على دراية تامة باحتياجات العمل والمستحدث بأنظمته.

تجمع إدارة المعرفة كل أطراف العمل من موظفين وإدارة وعملاء، لذلك لا توجد صناعة أو مجال عمل لا يلجأ إليها، بالإدارة الحكيمة للمعرفة كل معلومة قد تساوي قيمتها ثروة في وقت ما.

تم النشر في: نصائح لأصحاب الشركات