يشعر أغلب المتقدمين لوظيفة عن بعد برهبةٍ وتوتر عند إجراء مقابلة العمل، ولعل السر خلف هذا الشعور هي طبيعة الأجواء السائدة التي تتسم بالحزم، وما يترتب على هذه المقابلة من قِبل مسؤول التوظيف. ولكن ما يجعل الأمر مطمئنًا أنك لست الوحيد الذي يراودك هذا الشعور. فكيف يمكنك السيطرة على القلق والتوتر، وترك انطباع إيجابي في مقابلات العمل؟
ما هي مقابلات العمل؟
مقابلة العمل Interview، هي جلسة تربط بين صاحب العمل الذي يعرض شاغرًا وظيفي والمتقدِم إليه. إذ تُجري المقابلة بعد الاطلاع على السيرة الذاتية بين الطرفين؛ للوقوف على نقاط القوة التي تتناسب مع ذلك الشاغر.
تهدف مقابلات العمل إلى الوقوف على مهارات المتقدم وخبراته المهنية، وسماته الشخصية التي تؤهله للعمل في الوظيفة المعروضة. كما يسعى مسؤول التوظيف في بعض الأحيان إلى إرباك المتقدم عن قصد، وذلك لاختبار مدى ثباته الانفعالي وكيفية تعامله مع الضغوط. ومن أبرز أسئلة مقابلات العمل الشائعة التي تُطرح:
- ما أبرز نقاط القوة والضعف لديك؟
- ما سبب تركك لعملك القديم؟
- هل ترى نفسك كفء لهذه الوظيفة؟
- ما الإيجابيات التي يمكنك إضافتها إلى شركتنا؟
- أبرز التحديات التي واجهتك في أثناء عملك السابق؟
- ما أهم مخططاتك المستقبلية؟
- ما خبرتك المهنية عن الوظيفة التي تقدمت إليه؟
إضافةً إلى الأسئلة التي تتطلب مواقف حية مرّ بها المتقدِم وكيفية التعامل معها.
كيفية السيطرة على القلق والتوتر في مقابلات العمل عن بعد
من الطبيعي أن يراودك الشعور بالتوتر، ولكن يصبح الأمر خطرًا إذا فقدت السيطرة عليه. فقد ينتج عنه ردود فعل غير مناسبة مثل: التلعثم في أثناء الكلام، ونسيان المعلومات المهمة، وتسارع ضربات القلب، وشحوب البشرة، كما تعطي انطباع ضعف الثقة بالنفس. لذا فإن التهيئة النفسية قبل إجراء مقابلة العمل من أكثر الأمور أهمية. ويمكنك تجاوز التوتر والقلق باتباع عدّة ممارسات:
1. التحضير جيدًا لأسئلة المقابلة
قدّ يثق البعض من معلوماتهم ثقةٍ عمياء، ولكن عند محاولة الانتقال من شركةٍ لأخرى حتى إن كانت تحت المسمى الوظيفي نفسه تكون هناك بعض الفروق، فكل شركة تتبع سياسة خاصّة بها.
إذًا التحضير قبل المقابلة وتدوين بعض معلومات المجال الأساسية مهمٌ جدًا، حتى إذا سُئلت عن (ماذا تعرف عن الشاغر الذي تقدمت إليه؟) تكون الإجابة واضحة، إذ تأتي الثقة بالنفس من المعلومات التي يختزنها الشخص عادةً، والتي تُعطي شعور الاستعداد التام لأي سؤالٍ يمكن أن يُطرح، خصوصًا في حال عُززت الإجابة ببراهين ودراساتٍ واقعية.
إليك بعض المصادر التي يمكنك الاستفادة منها:
- المواقع الإلكترونية الموثوقة التي تتحدث عن المجال.
- الصفحات الرئيسية للشركة على مواقع التواصل الاجتماعي وموقع الويب الخاص بها، وفهم خططها ومحاورها ونظرتها للمجال.
- الاستعانة بالخبراء الذين عملوا في نفس المجال، والاستفسار منهم على التحديات التي واجهتهم.
- الكتب التي تتناول المصطلحات المتعلقة بالمجال.
- أخذ عينة ودراستها عن كثب كمثال عند الإجابة عن أسئلة المقابلة، في حال كانت الوظيفة تتعلق بمنتج أو خدمة، ما يترك انطباع إيجابي لدى مسؤول التوظيف.
2. الاستعداد النفسي للمقابلة
التحدث مع النفس أمرٌ مجدي للغاية حين يتعلق الأمر بالسيطرة على القلق والتوتر خلال التقدم إلى مقابلات العمل. إذ يمكن جمع بعض الأسئلة التي من المحتمل أن يطرحها مسؤول التوظيف، واقتراح أجوبة مناسبة لها، وهنا يمكن إجراء مقابلة تجريبية مستعينًا بشخصٍ يقوم بدور مسؤول التوظيف.
تذكير النفس ببعض الحقائق الإيجابية يعين على تحفيز الأدرينالين وزيادة الحماس، ما يُعطي شعور بالثقة والقدرة على فعل الأمر كما ينبغي. من الحقائق الإيجابية التي ينبغي الحرص على تذكرها في مِثل تلك المواقف:
- ستكون الأمور على ما يرام.
- لن أدع التوتر يسيطر على الأجواء.
- أنا الشخص الذي يستحق هذا المنصب.
- سأكون واثقًا من نفسي.
3. تهيئة مكان مقابلة العمل
من المهم العناية جيدًا بالمكان الذي ستتم به المقابلة عن بعد، وذلك لتخفيف التوتر والتحدث بأريحية وثقةٍ. إليك بعض النصائح المهمة لتهيئة مكان المقابلة:
- إجراء المقابلة في مكتب أو على طاولة مريحة لتأمين أجواء هادئة بعيدًا عن الضجيج، كما يفضل أن تكون منفردًا في الغرفة لتستجمع تركيزك كليًا.
- الحرص على وضوح جودة الصورة في مقابلات العمل عبر الفيديو، وارتداء ملابس رسمية مناسبة لتعطي انطباع بالاحترافية والمهنية.
- الإضاءة المناسبة ويفضل أن تكون طبيعية، كما ينبغي الحرص على خلفية مناسبة، سواء كانت حقيقية أم افتراضية.
- ضبط الميكروفون وتجربته قبل مقابلة العمل عن بعد، للتأكد من أن الصوت سيكون واضحًا ومفهومًا.
- الحرص على معاينة البرنامج أو الموقع التي ستجري عليه المقابلة، حتى لا ترتبك في حال وجدت صعوبة في بدء المقابلة.
4. التصرف بحكمة في أثناء المقابلة
عادةً ما يأخذ المتقدِم مقابلة العمل على أنها مقابلة صارمة ورسمية، لذلك عادةً ما يسودها أجواء غير مريحة. في حين يجعل بعض مسؤولي التوظيف المقابلة أقل توترًا وأكثر انفتاحًا للتحدث براحة وتلقائية. لذا من الأفضل أن تُبرمج عقلك على أن المقابلة ستكون محادثة ودية بين طرفين. ويتحقق ذلك بتطبيق بعض النصائح الفعّالة:
- عرّف نفسك بوضوح: أفضل خطوة للبدء بأي محادثة هي تعريف نفسك بطريقةٍ ودية ولطيفة مع ابتسامة خفيفة. استخدم نبرةٍ هادئة وجدّية، واحرص على التواصل البصري لإظهار الاحترافية لمسؤول التوظيف.
- استرخِ: يساعد الاسترخاء على تهدئة الأعصاب والتخفيف من القلق والتوتر في مقابلات العمل. إذ ستتمكن من التحدث عن نفسك ومهارتك بثقة وهدوء تام، مع الاستمرار في المناقشة والردّ على الأجوبة دون تلعثم.
- اضبط لغة الجسد: في مقابلات العمل الافتراضية الجسد ينطق أيضًا. لذا من المهم ضبط إيماءات الجسد، مثل الجلوس بطريقةٍ صحيحة والحذر من إظهار وضعية غير مناسبة، يفضل أيضًا الابتعاد عن الجمود أو المبالغة في الإشارة باليدين في أثناء التحدث.
- رد بوضوح على الأسئلة: الإجابات الصادقة والصريحة دليلٌ على الثقة، فالتلعثم بالإجابة وتحريفها يجعل في رصيد المتقدم نقطة سلبية من قِبل مسؤول التوظيف، ومن المحتمل أن تتسبب تلك الممارسة في الاستبعاد. كما يجب الابتعاد عن الأجوبة العامة أو التقليدية، فمن الضروري أن تكون إجابات حصرية ناتجة عن تفكيرٍ عميق؛ مُعززة بتجارب سابقة.
- لا تقاطع مسؤول التوظيف: يجب أن تتمتع بمهارة الاستماع، وتنتظر حتى يُنهي الطرف الآخر حديثه بالكامل، ثم تبدأ بالإجابة التفصيلية عن جمع ما اُستفسِر عنه.
5. التعلم من التجارب السابقة
إذا كانت مقابلة العمل غير ناجحة أو أخذت مسار غير جيد، فلا يجب أن تكون ذكرى محبطة، بل ينبغي أن تكون دافعًا لمقابلات عمل أكثر ثراءً وتوفيقًا. إذ ينبغي لك وضع أخطائك وعثراتك السابقة في الحسبان والتعلم منها، عن طريق إعادة التفكير بشأن الأمور التي يمكن تحسينها في المرات القادمة.
ختامًا، تعلُّم كيفية السيطرة على القلق والتوتر في مقابلات العمل عن بعد لا تتطلب إلا عزمًا وأملًا في أن الاجتهاد والسعي يُثمران وصولًا بالنهاية. كما أن الحرص على تغذية عقلك باستمرار بمجال تخصصك مهمٌ جدًا، علمًا بأن تطبيق النصائح السابقة والاستفادة منها قدر المستطاع؛ سيُشعرك بالرضى عند إنهاءك أي مقابلة عمل قادمة.
تم النشر في: أكتوبر 2022
تحت تصنيف: الباحثون عن عمل | مقابلات العمل عن بعد