يحرص الكثيرون من مديري الشركات على إنجاز غالبية مهام الشركة بأنفسهم خوفًا من فقدان السيطرة، واعتقادًا منهم بأن ذلك سيحقق النجاح حتمًا. لكن هذا يقف عائقًا أمام تطوير الشركة ومهارات الموظفين، بخاصةٍ إن زادت أعمال الشركة وتنوعت. فإن كنت تشاركهم الاعتقاد نفسه، فأنت بحاجة إلى تحديد الأولويات، واستخدام عملية تفويض العمل للموظفين؛ للحصول على أفضل نتائج.
جدول المحتويات:
- ما هو تفويض العمل؟
- لماذا تحتاج إلى تفويض العمل؟
- ما هي تحديات تفويض العمل؟
- كيف تفوض المهام إلى فريقك بنجاح؟
ما هو تفويض العمل؟
يُعرّف تفويض العمل بأنه العملية التي يتم فيها إعادة توجيه المهام ونقل المسؤوليات من المديرين إلى أعضاء فريق العمل، لإنجاز مهام معينة. تمنح عملية التفويض فرصة لأعضاء فريق العمل لتطوير مهاراتهم، كما ترفع العبء عن المسؤولين، وتوفر لهم وقت أكبر للاهتمام بمسؤوليات أعلى، كتطوير الشركة أو توسيع مجال عملهم.
كذلك يحرص المدير أو الشخص المسؤول عن عملية التفويض على توفير الموارد التي تمكّن الموظف من إنجاز المهمة كاملةً، ويستمر بمتابعته والاطمئنان على سير العملية سيرًا صحيحًا، وتقديم الدعم والمشورة في حال احتاج لها الموظف.
لماذا تحتاج إلى تفويض العمل؟
قد يعتقد المسؤولون أن توليهم مهام الشركة كافةً سيعود بالنفع الأكبر على الشركة، وسيحصل على مخرجات بمستويات أعلى؛ وبذلك سيحافظ على الشركة. لكن الحقيقة أن عملية تفويض العمل لها فوائد كبيرة للمسؤول والموظف والشركة كليًّا. وهذه الفوائد هي:
1. تطوير قدرات فريق العمل
يُعدّ تولية أعضاء الفريق مهام معينة لإنجازها بمنزلة تدريب لهم، يعلّمهم تحمل المسؤولية واتخاذ القرارات. بهذا ستُصقل مهاراتهم أكثر، ومع المزيد من عمليات التفويض ستحصل على أعضاء ذوي كفاءات عالية، وقدرة كبيرة على إنجاز المهام على أكمل وجه، دون فجوات قد تسبب مشكلات في أثناء تأدية العمل. وبما أنك جزءٌ من الفريق ورأس الهرم، فإن عملية إسناد المهام ستعزز لديك مهارات التدريب والتفويض الصحيحة، كذلك التخطيط الجيد وعملية التوجيه والقيادة.
2. توفير وقتك
قد تعتاد ممارسة سلطتك ومهاراتك القيادية والتنظيمية على أعضاء الفريق كافةً، وتحرص على متابعة المهام بنفسك والتأكيد على إنجازها. لكن هذا سيستهلك الكثير من الوقت والجهد الجسدي والعقلي على حدٍ سواء، وقد يُدخلك في حالة من الاحتراق الوظيفي بسبب الضغوط الهائلة التي تتحمل مسؤوليتها.
لذلك من المهم إسناد المهام لغيرك من الموظفين، فهذا يرفع عنك الأعباء الكثيرة، ويُصفي ذهنك لأهداف أكبر ومشاريع أكثر، ويُكسبك الراحة النفسية، والقدرة على قيادة أفضل للفريق ومواجهة أفضل للمشكلات.
3. رفع كفاءة الشركة
تعتمد كفاءة الشركة على كفاءة أعضائها، وكفاءة قيادة المدير لهم. وبما أن عملية تفويض العمل هي الأساس في تطوير قدرات الفريق، وتحسين قدرات المدير القيادية، فسينعكس ذلك على الشركة وعلى جودة إنتاجها، مما سيزيد ثقة العملاء فيها ويستقطب المزيد منهم.
4. زيادة ثقة الموظفين
عملية تفويض العمل تُشعِر الموظف بثقة المدير فيه، وذلك ينعكس على ثقته بنفسه، ومحاولة تقديم أفضل ما عنده لإنجاز المهام الموكلة إليه. كذلك فإن الإنجاز بحد ذاته ورؤية النتائج الجيدة التي صنعها بيديه، يوهبه شعورٌ بالرضى والمتعة ويُحببه بالعمل أكثر، ويفتح له طريقًا لتوظيف كامل إمكانياته.
كما أن عملية إسناد المهام تستوجب وجود حلقة تواصل سلسة بين المدير وموظفيه، تجعله يشعر بأنك متاح في أي وقت للسؤال أو الاستفسار، مما يقوي من شخصية الموظف للحوار ويعزز ثقته بنفسه.
ما هي تحديات تفويض العمل؟
تتعدد تحديات عملية التفويض، منها تحديات متعلقة بنظرة المدير للأمر، وتحديات متعلقة بالموظفين أنفسهم. هذه التحديات هي:
الخوف من فشل المهمة
يعتقد بعض المديرين أن التنازل عن المهام لموظفيهم يعني خوفٌ مستمر من عدم سير العمل سيرًا صحيحًا، وقلق من الأخطاء المحتملة التي قد يقعوا بها. لكن هذا التفكير سيجعل المدير في إرهاقٍ دائم، وسيمنعه من تفويض المهام لموظفيه وأخذ كافة الأمور على عاتقه، وبذلك لن تتطور الشركة أبدًا. لذلك يجب على المدير أخذ الأمور بروية أكثر، ومنح الثقة لموظفيه، أو توظيف من يثق بإمكانياتهم، ولكن يحب ألا يتخلى عن عملية تفويض العمل.
اختيار الموظف المناسب للمهمة
أي مهمة تحتاج لمجموعة من المهارات والإمكانيات الأولية لدى الموظف الذي سيتولى إنجازها، لذلك تُعدّ عملية البحث عن الموظف المناسب لإسناد المهمة له عملية صعبة، فيجب على المدير التعرف جيدًا على موظفيه، والبحث عن صاحب المهارات المناسبة للمهمة. فمن غير المناسب تولية مهمة تدقيق حسابات الشركة المالية إلى موظف خدمة عملاء مثلًا، بل يجب أن تتوفر في الموظف إمكانيات التعامل مع البرامج المالية.
صعوبة توجيه الموظفين
يحتاج الموظف عند إسناد المهام إليه إلى عملية توجيه ومساعدة مستمرين، فهو لا يمتلك المهارات الكافية التي تمكّنه من الإنجاز على أكمل وجه، فيجب على المدير التعرف جيدًا على موظفيه، والبحث عن صاحب المهارات المناسبة للمهمة.
كما أن المدير يتعامل مع شخصيات مختلفة للموظفين، والتي يختلف طريقة توجيههم والحديث معهم لاستخراج أفضل ما فيهم، لذلك قد تواجه صعوبة في كيفية توجيههم، واختيار الطريقة المناسبة لكلٍ منهم، على أن تعلم بأن هذا الجهد سيعود بالنفع الكبير عليك، وعلى شركتك في المستقبل القريب.
استمرارية المسؤولية والمراقبة
تفويض العمل للموظفين لا يعني التهرب من المسؤولية أو الراحة الكاملة، بل تبقى المسؤولية والمراقبة مستمرة، للتأكد من إنجاز المهام بالشكل المطلوب والمُرضي، مما يمثل عبءٌ على المدير؛ لأن عليه جزءً من المسؤولية إن تعثرت العملية الإنتاجية.
كيف تفوض المهام إلى فريقك بنجاح؟
عملية التفويض الصحيحة تضمن لك الحصول على نتائج جيدة، وتُبقي الأمور تحت السيطرة. إليك الخطوات التي ستمكّنك من تفويض العمل بنجاح:
1. اشرح أسباب تفويض المهمة
عند إسناد المهمة لموظف ما فإنه سيسأل بداخله لِمَ تم اختياري؟ لذلك احرص كمدير على ذكر أسباب اختياره، كذلك ذكر الفوائد التي ستعود على الموظف من تطوير للقدرات، والمكافأة المالية؛ إن وجدت، مع ازدياد مكانته في الشركة وزيادة سلطته. وبهذا تضمن جذب اهتمام الموظف للمهمة، وتدفعه لتقديم أفضل ما عنده لإنجازها.
2. اختر الموظف المناسب للمهمة
بالتأكيد لا يمكن تفويض العمل إلى أي موظف من الفريق، كما أن قدرات الفريق مختلفة، فمن يتمكن من إنجاز مهمة ما، قد لا يتمكن من إنجاز مهمة أخرى. لذلك ليجيب المدير على هذين السؤالين قبل اختيار الموظف:
- هل يمتلك الإمكانات اللازمة لإنجاز المهمة؟
- هل لديه الرغبة في تعلّم مهارات جديدة؟
يجب أن تكون الإجابة عن هذين السؤالين بـ “نعم”، فمن لا يمتلك الإمكانات اللازمة سيأخذ منه وقت طويل في الانتهاء من المهمة، وقد يفشل في ذلك. أما من ليس لديه رغبة في التعلم، فسيكون التعامل معه متعبًا؛ لأنه لا يمتلك الدافع أصلًا. فإسناد المهام لمن لا يمتلك هاتين الصفتين مضيعة للوقت والجهد.
3. وفر الموارد والسلطة اللازمتين لإنجاز المهمة
إحدى مهامك كمدير هو توفير الموارد اللازمة التي ستساعد الموظف من إنجاز المهمة، فعدم توفيرها سيثبط من عزيمة موظفيك، ويعود بالسلب على عملية الإنجاز. ولمعرفة الموارد استخدم العصف الذهني قبل إسناد المهمة للموظفين، وحاول قدر الإمكان تحديد ما سيحتاجه الموظف؛ للحصول على النتائج المرجوة دون الوقوع في المشاكل.
4. وضح أهداف المهمة
اشرح بشكلٍ وافي وكامل الأهداف المطلوبة من المهمة وخطوطها العريضة للموظف، مثل: أوقات الإنجاز، وكمية العمل، حتى تكون الأمور واضحة من البداية؛ فتساعد الموظف على تحديد وجهته، وتحفظه من التشتت. كما أنه لا يجب عليك الانخراط في تفاصيل سير المهمة؛ لأن هذه طريقة الموظف في إنجاز المهام، وميزة لعملية التفويض، طالما أنه يحقق الأهداف نفسها.
5. تابع سير عملية الإنجاز
بعد توضيح تفاصيل المهمة وأهدافها للموظف المختّار، حدد أوقات ليُعلمك بها الموظف أخبار سير العمل، إما عن طريق التقارير أو شفهيًا، وما الخطوات التي انتهى منها، واسأل عن المشكلات التي تواجهه، وقدم الملاحظات والتعديلات؛ إن لزم الأمر.
6. راجع النتائج مع الموظف
بعد الانتهاء من المهمة الموكلة للموظف، اجتمع معه وناقشه في تفاصيل المهمة والكيفية التي أنجزها بها، والمشكلات التي وجدتها عنده والتي واجهها. ثم قدم له النصائح والطرق لتجنب المشاكل، وإتمام المهمة بشكلٍ أفضل في المرات القادمة.
كما يجب أن تعلم أن الإخفاق وارد في عملية تفويض العمل، فتجنب اللوم المستمر وركز على تدريب موظفيك ورفع قدراتهم، فأخبرهم عن مناطق ضعفهم؛ ليعملوا على ترميمها وزيادة مهاراتهم فيها.
7. أظهر التقدير للموظفين
الإنجاز الناجح للمهمة يمنح شعور جميل بالإنجاز، ويعود بالنفع عليك وعلى الشركة؛ لذلك أظهر التقدير للموظف بكلمات الشكر، وامنحه الثقة لاستلام مهام أخرى، وعزز ثقته بزيادة في الراتب ليتناسب مع الجهد الذي يبذله، وللحفاظ على إنجازه.
عملية التفويض إحدى مهارات العصر المهمة والتي يحاول المُديرون إتقانها؛ لما لها من فائدة كبرى تعود على الشركة وعلى الموظفين أنفسهم، فاحرص على إتقانها وتدريب نفسك لمنح الثقة لموظفيك، لإنجاز المهام ومساعدتك في رفع قيمة الشركة وجودة الإنتاج.
تم النشر في: أكتوبر 2022
تحت تصنيف: أصحاب الشركات | مهارات قيادية