القيادة التحويلية: كيف تحفز موظفيك على الابتكار؟

الوظيفة الأولى التي ينبغي للقائد العمل عليها هي صناعة قادة جدد في المؤسسة، لا يتعلق نشر الفكر القيادي بحسن الإدارة فقط وإنما يصنع تحفيز الموظفين وإلهامهم، وهذه وظيفة القيادة التحويلية. فما هي، وكيف تستخدمها في مؤسّستك؟

جدول المحتويات:

ما هي القيادة التحويلية Transformational Leadership؟

القيادة التحويلية هي أحد من أنماط الإدارة، حيث يحاول المدير تغيير الثقافة العامّة في الشركة عن طريق تغيير المفاهيم الإدارية بشكل كامل، ذلك بواسطة تحفيز الموظفين على الابتكار والتجديد، دون تدخّل مباشر من الإدارة العليا. تقوم على أساس ثقة المدير بالموظفين داخل المؤسّسة والتأكد من صواب قراراتهم، وتحدث أثرًا على المستوى التنفيذي أكثر من التخطيطي.

يمكن حسبان القيادة التحويلية بمنزلة الشكل الديمقراطي من القيادة داخل المؤسسات، بسبب أن هذا الأسلوب يعطي للموظف صلاحيات وإمكانات أكبر من أي نوع آخر من القيادة، أي أنه لا يدور حول إدارة المؤسسات فقط، وإنما تتجاوز الإدارة التحويلية ذلك عن طريق صناعة المزيد من القادة التحويليين في المستقبل من المؤسسة.

مكوّنات القيادة التحويلية

تعد القيادة التحويلية أحد أشكال التأثير المتبادل بين القائد والموظفين أو بين المستويات الإدارية، حيث يتأثر كل مستوى بالآخر عن طريق تطوير مهاراتهم للوصول إلى أهداف جديدة للمؤسسة من أجل النمو والتوسع، ويمكن تقسيم مكونات هذه العملية إلى أربع مكونات أساسية هي:

1. التحفيز الفكري

وتدور هذه الفكرة حول قدرة القائد على إثارة الفضول والتساؤل لدى العاملين عن طريق نقد التصرفات الطبيعية، والاتجاه نحو الإبداع بالتفكير واستنتاج الحلول المناسبة لكل حالة على حدة. مع أنّ القائد التحويلي غالبًا ما يشجّع العاملين على التفكير باحتمالات فيها الكثير من المخاطرة، ولكن هذه العقلية المطلوبة في القيادة التحويلية.

2. الاعتبار الفردي

الاعتبار الفردي يتمثل في قدرة القائد على التعاطف وفهم كلّ فرد من الفريق بطريقة فرديّة، إضافة لجهود القائد بتوصيل المفاهيم الأساسية لكلّ موظف، وبالمقابل الحصول على الثقة والأمان والتقدير من قِبل العاملين، وتبرز الحاجة لتفهّم كل فرد على حدة والتأكد من ولاءه للشركة بسبب أن القيادة التحويلية لا تعطي مهامًا محددة، وإنما تكمن مهمتها بتسليط الضوء على الخطوط العريضة فقط، وترك المهام التنفيذية بيد الموظفين.

3. الدافع الملهم

لإنجاز أي عمل يجب أن يكون لديك دافع حقيقي، ومع اختلاف أهمية الدافع تختلف قدرتك في الإنجاز، لذلك عليك كمدير أن توصل رؤية الشركة وأهدافها للموظفين بشكل واضح لدفعهم بالإيمان بقدراتهم، والإيمان بأهداف الشركة من أجل العمل عليها، ويجب على الموظفين في هذه الحالة الشعور بالهدف بقوة، إضافةً لوجود عقليّة الإنجاز لديهم.

4. التأثير المثالي

خير مثال للتأثير هو بوجود نموذج حقيقي أمام الموظفين، وفي حالة القيادة التحويلية يجب أن تكون أنت النموذج الذي يحتذيه أفراد الفريق، فوجود تفاني حقيقي من قِبل المدير سيلهم الموظفين للعمل بنفس التفاني، ليس من أجل مصلحة المؤسسة فقط وإنما من أجل مصالح الفريق ككلّ.

هل القيادة التحويلية هي الشكل الأمثل للإدارة في كل المؤسسات؟

في الحقيقة، لا يمكن حسبان هذا النمط من القيادة ناجحًا في كل المؤسسات، لأن فن الإدارة الناجحة لا يتعلق بشكل واحد أو قوالب ثابتة، فلكلّ مؤسسّة حالة خاصّة. يمكن أن تُحدث الإدارة التحويلية بعض المخاطرة في المؤسسات غير الجاهزة لتنفيذ هذا النوع، لذلك يمكن تلخيص مزايا وعيوب القيادة التحويلية في مجموعة من النِّقَاط:

مزايا القيادة التحويلية

تعد نتائج القيادة التحويلية مبشّرة في العديد من المؤسسات في حال توافر فيها إمكانات بشرية قابلة لتطبيق هذا النوع عليها، إضافةً إلى أنها بطيئة التأثير، فلا يمكن للمدير ملاحظة التغييرات الحاصلة في أيام معدودة، فتغيير الفكر الإداري في المؤسسة يحتاج لوقت طويل نسبيًا، وأبرز المزايا التي يجب أن تظهر في المؤسسة هي:

1. الرؤية المشتركة

من أهم مزايا Transformational Leadership هي إشراك الموظفين بعملية تحسين رؤية المؤسسة والسعي نحو نموها بشكل حقيقي، ما يعزز ثقة الموظفين بالقائد بشكل كبير ويجعلهم مؤمنين بقدراته. القائد الفعال قادر على إشراك موظفيه بالرؤيا والأهداف، ما يجعلهم أكثر وعيًا بأعمالهم وأهداف المنظمة، على عكس الأنماط الإدارية الجامدة التي توجّه الموظفين دون أن توضّح لهم أسباب القرارات الصادرة من الإدارة.

2. الولاء المطلق

أبرز الأمور التي تسعى الشركات لحلها هي مشكلات دوران العمالة أو عدم تعاون الموظفين لإنجاز أعمالهم، بسبب غياب وجود أي روابط تدفعهم للولاء للشركة، لكن في حال وجود قيادة تحويلية جيّدة، سيشعر كلّ موظف بمدى أهميته داخل المؤسسة ويقدّر مدى فعالية عمله، مما يخلق مسؤولية لدى العاملين بتحقيق مهامهم، بسبب شعورهم بالانتماء والولاء للمنظمة وللقائد في نفس الوقت.

3. إدارة التغيير

يكون دورها في إدارة التغيير عن طريق تحفيز العاملين وإلهامهم لتحقيق تغييرات جديدة في المنظمة. قد تكون التغييرات مخيفة بالنسبة للبشر عمومًا بسبب ميلهم للاستقرار، وهنا يكمن دور القيادة التحويلية بالتركيز على التغييرات الإيجابية في المؤسسة، وإزالة الخوف لدى أي شخص يعمل في المؤسسة لتحفيزهم على اتخاذ خطوات جريئة، أي إن هناك عَلاقة كبيرة بين الإدارة التحويلية وإدارة التغيير.

4. التواصل الكبير

في العديد من أساليب الإدارة الكلاسيكية، غالبًا ما يكون الاتصال في اتجاه واحد فقط من الرئيس إلى المرؤوس، ما يعدم التواصل بين الجانبين. أما في القيادة التحويلية، يوجد تواصل متبادل بين القائد والموظّف، ما يعزز من فعالية الاتصالات داخل المؤسسة، ويوضّح القرارات بشكل أكبر، ما يؤدي في النهاية لحدوث نتائج حقيقية، إضافةً إلى أن وجود تواصل حقيقي ضمن أعضاء الفريق، يعني زيادة الرضا الوظيفي لجميع أعضاء المؤسسة.

عيوب القيادة التحويلية

1. الضغط الكبير على الموظف

من الصعب على القائد التحويلي أن يعرف ما هي طاقة كلّ موظف في الفريق، ولأن أحد وظائف القيادة التحويلية هي إيكال جزء من المهام الإدارية والتخطيطية للموظفين، يمكن لضغط العمل الكبير على الموظف أن يوقعه في مشكلة حقيقيّة، مما يؤثر على كيفية أدائه للمهام وبنفس الوقت يمكن أن يؤثر على مدى ولاء الموظّف وتفانيه في العمل.

2. الوقت الطويل

من أبرز عيوب القيادة التحويلية أن القرارات الناتجة عنها تحتاج لوقت كبير ما بين عمليات التخطيط والاتصال والتنفيذ، على عكس الطرق الكلاسيكية في الإدارة، ويؤخذ على الإدارة التحويلية أنها قد تضيع بعض الوقت في مهام الاتصال، ما يجعل العمل ينحرف قليلًا عن مجراه الطبيعي.

3. لا حاجة للتحول دائمًا

في بعض المؤسسات تسير الأمور بشكل صحيح ومع وجود تطوّر مسبق، وفي هذا الحال ليس هناك داعٍ لوجود التحوّل في الشركة، وتطبيق أساليب الإدارة التحويلية يمكن أن يغيّر رؤية وأهداف المؤسسة نحو اتجاه آخر قد لا يناسب المؤسسة ويؤثر على أعمالها، لذلك فاستخدام هذا النمط من القيادة شرطي.

كيف تطبق القيادة التحويلية في شركتك؟

تطبيقها في أي مؤسسة يحتاج إلى مجموعة من المهارات والمفاهيم، أولها ضرورة أن تعتمد على الفكر الإنساني والتطويري في الوقت نفسه، فطرق التواصل مع الموظفين والقدرة على التأثير فيهم تأخذ المرتبة الأولى بين العوامل التي تؤدي لتطبيق القيادة التحويلية الناجحة، ويمكن تطبيق هذا النوع من القيادة عن طريق اتّباع الخطوات التالية:

أولًا: افهم فريقك

في المرتبة الأولى قبل أن تأتي بأي قرار، عليك أن تفهم فريقك وشخصيات جميع العاملين، وأن تلاحظ قدراتهم أو مواهبهم بشكل شخصي، يحدث هذا الأمر عن طريق التواصل معهم بهدف فهم الفريق ومعرفة مدى مناسبة كلّ واحد منهم للمنصب الموجود فيه، وأيضًا لتخلق شعورًا بالانتماء والثقة، لتحفيزهم في المرحلة القادمة على التجرؤ بالتغيير.

ثانيًا: تواصل مع فريقك بفاعلية

لا يمكن التغيير في المؤسسة ما لم يعلم جميع العاملين فيها طبيعة عملهم وأهداف المنظمة ورؤيتها، لذلك حاول أن تأخذ الوقت الكافي مع الفريق لشرح أهداف الشركة للعاملين، واستمع إلى مشكلاتهم واعمل على حلّها. يمكنك استخدام أساليب علم النفس التنظيمي لفهم الموظفين وتوعيتهم حول أهداف المؤسسة والعلاقة التي تربط بين الأفراد في هذه المؤسسة، فأحد أبرز أعداء سير العمل بشكل جيّد هو وجود تنافر بين أعضاء المؤسسة.

ثالثًا: طوّر الوعي الظرفي لديك

تدور حول الوعي بالظرف الحالي للمؤسسة من أجل الاستجابة السريعة الفعّالة، لذلك فأول مهارة عليك تطويرها بعد فهم العاملين وإقناعهم بفاعلية التغيير، هي تطوير الوعي بالظرف الحالي وفهمه والتمكّن من التعامل مع أي معطيات بشكل سريع وواضح ولكن بحذر في نفس الوقت، ومع امتلاك هذه القدرة ستكون متمكنًا من تطويع أي ظرف من أجل إحداث التغيير داخل هذه المؤسسة.

رابعًا: تمكّن من إدارة التغيير

ما هدف القيادة التحويلية؟ تحويل عمل المؤسسة وتغيير اتجاهها، ودورك كقائد تحويلي هو التمكّن من التغيير وإدارته بشكل صحيح، أي إن تعرف الاتجاه الذي يجب على المؤسسة أن تسلكه لتحقيق هدف النمو، وفي هذه المرحلة عليك دراسة كافة التغييرات داخل المؤسسة، ومعرفة كل النتائج الإيجابية والسلبية لأي تغيير يمكن أن يحدث في المؤسسّة، وإن لم تكن تملك ما يكفي من المعرفة حول إدارة التغيير، عليك تعميق هذه المعرفة قبل تنفيذ القيادة التحويلية.

خامسًا: كن واقعيًا

بالتأكيد أن الإدارة الناجحة تستوجب أن تكون شغوفًا وأن تتمكن من وضع أهداف كبيرة نسبيًا لتحقيقها، ولكن بالنسبة للإدارة التحويلية عليك أن تلتزم ببعض الأهداف الواقعية ولا تبالغ بوضع رؤى غير منطقيّة، لأنه سينتقل بطبيعته إلى الموظفين، وفي حال وجود أي أهداف غير قابلة للتحقيق، سيضعك هذا الأمر أنت والموظفين بموقف ضعيف نسبيًا، لذلك عليك أن تضع كلّ التحولات والتغييرات بشكل منطقي.

ختامًا، لا يمكن لأي مؤسسة أن تستمر على نهج النجاح طوال حياتها، وفي حال وجوب التغيير داخل المؤسسة فالقيادة التحويلية هي الحل الأول، فتطبيقها يمكن أن ينقل مؤسستك من مرحلة الاستقرار أو الهبوط، إلى مرحلة النمو الحقيقي، ولا تنس أن العامل الأول لنجاح أي مؤسسة ينبع من القيادة، فعليك أن تطور قدراتك الإدارية بسبب تأثير القيادة الناجحة على فريق العمل ونجاح المؤسسة.

تم النشر في: تأهيل الموظفين الجدد