كيف تسخر علم النفس التنظيمي لرفع أداء موظفيك؟

لا يمكن قياس نجاح استمرارية الأعمال بالنظر فقط إلى الأرباح، فهناك عوامل أخرى مثل جودة فريق العمل والتواصل الجيد بين الموظفين والمديرين. لذلك فإن الاهتمام بالجانب النفسي في بيئة العمل أصبح ضرورة لحل المشاكل والتحديات التي قد تُعيق إنتاجية ونمو الشركات، وهنا تبرز أهمية علم النفس التنظيمي. فما هو علم النفس التنظيمي؟ وكيف يمكن استغلاله لتحسين كفاءة الموظفين؟

جدول المحتويات:

ما هو علم النفس التنظيمي organizational psychology؟

يعرف علم النفس التنظيمي بعلم النفس الصناعي أو علم نفس العمل، وهو يركز على استخدام مبادئ علم النفس لحل مشكلات بيئة العمل و فهم التحديات التي تُواجه الشركات والمؤسسات ومحاولة إيجاد حلول عملية لها، ناهيك عن تحسين أداء الموظفين. إذ يدرس علماء النفس التنظيمي سلوكيات المدراء، ويقيس مدى إنتاجية الأفراد لوضع خطط تطويرية طويلة الأمد.

برزت أهمية علم النفس التنظيمي بسبب النمو في مجال الأعمال التجارية وما نتج عنه من عمل الأعراق المختلفة مع بعضها البعض باختلاف أعراقهم وثقافاتهم. وتطورت نظريات علم النفس الصناعي عبر العصور إلى أن تمحورت أهم مفاهيمه إلى ثلاث نظريات أساسية هي:

1. النظرية الكلاسيكية العقلانية

تهتم النظرية العقلانية الكلاسيكية التي طُورتْ على بتحليل عملية الإنتاج لزيادة كفاءة الموظفين وإنتاجياتهم بواسطة تقسيم المهام الكبيرة إلى مجموعة من المهام البسيطة. تفترض هذه النظرية أن الإنسان هو العنصر الفعال في العملية الإنتاجية، ويحفزه غريزيًا الخوف من الجوع والحاجة إلى المال للاستمرار في العيش، لذلك تؤكد على أهمية الرواتب الشهرية والمكافآت المالية لتحفيز الموظفين.

2. نظرية العلاقات الإنسانية

تفترض نظرية العلاقات الإنسانية أن الهدف الأسمى لعلم النفس التنظيمي هو تحقيق الانسجام والترابط بين الموظفين، بربط الإنتاجية بالحالة النفسية للموظفين. حيث تؤمن النظرية أن الإنسان كائن اجتماعي بطبعه ويتأثر بما حوله ولديه مشاعر وكيان يجب احترامه، لذلك فإنه من المهم أخذ ذلك بعين الاعتبار لجعل بيئة العمل أكثر تناغمًا وبذلك زيادة إنتاجية الموظفين.

3. نظرية المنظمات كنظام مفتوح

تنظر نظرية المنظمة كنظام مفتوح للإنسان بأنه كائن مستقل ومعقد يعمل في منظمة مكونة من أفراد متفاعلين ومتعاونين من أجل تحقيق أهداف مشتركة ومحددة. ومن هنا تأتي أهمية الاهتمام في بيئة العمل والحد من أسباب الصراعات والحوادث داخل بيئة العمل بالإضافة إلى خلق جو من التعاون والترابط بين الموظفين لتحسين أدائهم والوصول إلى الإنتاجية المطلوبة.

ما أهمية علم النفس التنظيمي؟

يهتم علم النفس الإداري بالإجابة على العديد من الأسئلة مثل: كيف يتم اتخاذ القرارات؟ ما مدى فعالية الاتصال؟ كيف يتفاعل أعضاء الفريق مع بعضهم البعض؟ إذ تُساعد معرفة إجابات هذه الأسئلة أصحاب الأعمال في تغيير الأنظمة لجعل عمل الشركة يسير بشكلٍ أفضل.

بعد الإجابة على التساؤلات السابقة وتحليل مُخرجات البحث تأتي مرحلة تطبيق علم النفس التنظيمي للحصول على نتائج فعلية في بيئة العمل بواسطة:

  • التدريب والتطوير: يُحدد علماء النفس التنظيمين نوع المهارات اللازمة لأداء الوظائف التي على إثرها تُعقد دورات تدريبية وتطويرية للموظفين والمدراء ومن ثم تقييم مدى فاعلية البرامج التدريبية المُقدمة.
  • اختيار الموظفين: يعمل علم النفس التنظيمي على تطوير تقييمات اختيار الموظفين لتحديد ما إذا كان المتقدمين للعمل مؤهلين للوظيفة أم لا، تبعًا لمهاراتهم وخبراتهم.
  • بيئة العمل: يتضمن مجال بيئة العمل تصميم الإجراءات والمعدات المصممة لزيادة الإنتاجية والكفاءة وتقليل المشاحنات.
  • إدارة الأداء: يقوم مختصو علم النفس التنظيمي بتطوير التقييمات والتقنيات لتحديد ما إذا كان الموظفون يعملون كما هو مطلوب أم لا.
  • الرضا الوظيفي: يهتم علم النفس التنظيمي بإيجاد طرق لجعل الوظائف أكثر جدوى أو تصميم برامج لتحسين نوعية الحياة في مكان العمل إذ يُركز هذا المجال على تحسين رضا الموظفين وتعظيم إنتاجية القوى العاملة.
  • التطوير التنظيمي: يُساعد علم النفس الصناعي على تحسين المنظمات بزيادة الأرباح وإعادة تصميم المنتجات وتحسين الهيكل التنظيمي.
  • القيادة: يُساعد علم النفس التنظيمي المدراء وأصحاب المشاريع على اكتساب مهارات القيادة وآليات التواصل مع فريقهم بأفضل طريقة ممكنة.

كيف يُساهم علم النفس التنظيمي بتحسين أداء موظفيك؟

يُقدم علم النفس التنظيمي العديد من الفوائد التي تعمل على تحسين جودة بيئة العمل في شركتك وعلى هذا زيادة كفاءة الموظفين وإنتاجيتهم مثل:

أولًا: زيادة الإنتاجية

يساعدك علم نفس المنظمات على معالجة قضايا الإنتاجية بطرقٍ متعددة إذ وجد علماء النفس التنظيميون أن توفير فرص للموظفين للتفاعل الاجتماعي مع زملائهم والإدارة يُحسن الإنتاجية. إذ أن التركيز على الحالة النفسية والاهتمام باحتياجات الموظفين يزيد من إنتاجيتهم وولائهم للعمل، لذلك فمن الضروري مراقبة معنويات الموظفين وتشجيعهم على اتخاذ مبادرات لتحسين الرضا الوظيفي.

ثانيًا: بناء فريق عمل مُتناغم

يقدم لك علم النفس التنظيمي مجموعة من التقنيات لبناء فريق عملك بواسطة أنشطة التعارف والترابط التي تخلق عند موظفيك شعورًا بالانتماء ورؤية أنفسهم كجزء من مجموعة تعمل نحو هدف مشترك. على سبيل المثال، يُساعد إشراك الموظفين في عملٍ خيريٍ في توفير لهم فرصةً لهم للمشاركة في تحقيق هدف نبيل بالتالي زيادة الترابط بينهم. ويمكنك أيضًا تشجيع بناء فريقك بالآتي:

  • مكافأة للأقسام بدلًا من الأفراد.
  • مطالبة الفريق بتحديد أهداف المبيعات وإنتاجيتهم كفريق.
  • تنظيم الفعاليات والاحتفالات.
  • تخصيص وقت للترفيه إضافة ألعاب الطاولة إن أمكن.
  • إلغاء ثقافة إلقاء اللوم والعقاب.
  • التقييم المُنصف لأداء الموظفين.

ثالثًا: اختيار الكفاءات عند التوظيف

يُساعدك علم النفس المهني في تحسين أساليب التوظيف عن طريق تركيزك على المهارات والخبرات السابقة، وتقييم مدى ملاءمة المُتقدم لثقافة شركتك بتوجيه أسئلة المقابلة لقياس حلوله الإبداعية وقت الأزمات، وكفاءته في العمل بروح الفريق، والتزامه بالمعايير الأخلاقية. فإن تحسين عملية التوظيف بدءًا من التوظيف وحتى التأهيل تعني تتبع كل من البحث النوعي والكمي لمعرفة ما ينجح في شركتك وما لا يصلح.

رابعًا: حل النزاعات

لا تخلو أي بيئة عمل من النزاعات ويجب ألا يزعزع ذلك علاقة الاحترام القائمة بينك وبين فريقك. عند وقوع خلاف بين موظفيك فإنه من الأفضل اللجوء لمُختص في علم النفس الصناعي لأن لديه الخبرة الكافية في التعامل مع النفس البشرية وسوف يأخذ بعين الاعتبار المخاوف النفسية، مثل: الحاجة للشعور بالاحترام والكرامة والتمكين، وليس فقط تقديم حل منطقي للمشكلة ويساعد على حل النزاع دون شعور أحد الطرفين بالإهمال.

خامسًا: التحفيز

لا شك أن التحفيز الخارجي سواء كان بالعبارات التحفيزية أو المكافآت يدفع موظفيك لأداء عملهم بجودة أكبر والعمل بكفاءة أعلى. إذ إن تأثير التحفيز على النفس البشرية عظيم، يعمل على زيادة الإنتاج وتحسين جودته، بالإضافة إلى تحسين أداء فريقك. ولا تنسَ أيضًا الاهتمام بالمكافآت المادية لموظفيك الذين يؤدون مهامهم على أكمل وجه لإعطائهم لتشجيعهم على الاستمرار.

10 نصائح نفسية لتحسين أداء موظفيك

يسعى كل مدير ورائد أعمال إلى زيادة أرباحه ولن يتم تحقيق ذلك إلا بتحسين أداء الموظفين، هنا بعض النصائح لتعزيز إنتاج فريقك:

1. استمع إلى فريقك وشاركهم

عليك مشاركة موظفيك برؤية الشركة فمن المهم أن يشعر فريق عملك بأنه جزء من هذه الشركة حينها يفهم فريقك دورهم في الشركة فترتفع روحهم المعنوية بسبب إدراكهم للقيمة التي يضيفنها للشركة.

2. اهتم بالاحتياجات النفسية للموظفين

يحتاج الجميع إلى الإحساس بالتقدير، فعليك إظهار الاهتمام الحقيقي لموظفيك، ما يخلق علاقةً وطيدة بينك وبينهم. فعندما يشعر موظفوك بأنهم يحظوّن بالاحترام والتقدير من رئيسهم يقدمون أفضل ما لديهم.

3. تخلص من الموظفين السلبيين

لا فائدة من التمسك بموظف لا يتمتع بروح معنوية عالية ومُسبب للمشكلات سواء كانت في نطاق العمل أم خلافات مع زملائه والمدراء بذلك تحافظ على بيئة عمل جيدة.

4. استخدم أسلوب التعزيز الإيجابي

استخدم كلمات الشكر والثناء مع موظفيك، وكافئ المجتهدين بعملهم بالهدايا التحفيزية. الأمر الذي يُشعر فريقك بالألفة والتقدير بالتالي زيادة إنتاجيتهم.

5. اغرس الأمان في نفوس موظفيك

جزء مهم في علم النفس التنظيمي جعل موظفيك يشعرون بالأمان، وأنهم جزء من المجموعة ما يجعلهم أكثر إنتاجية وولاءً للمؤسسة.

6. تواصل بفعالية

عليك إتقان فن الاتصال إذا كنت تريد أن تنجح مؤسستك. فكلما جعلت التواصل أولوية، زادت سرعة نموك. فعندما يشعر الموظفون أن لديهم صوتًا مسموعًا للإدارة فإنهم يكونون أكثر ولاءً وإلهامًا لتقديم أفضل جهودهم.

7. قدّر جهود موظفيك

عندما يشعر الموظفون أن عملهم غير مُقدر ولا معنى له بالنسبة لرئيسهم، فإنهم يتراخون ويحبطون ويحسبون عدد الدقائق حتى يغادروا العمل. عليك تقدير الجهود التي يبذلها موظفيك للقيام بمهامهم، وشكرهم عليها ليكون ذلك بمنزلة تشجيع وتحفيز للاستمرار في الإبداع والإنتاج وذكرهم باستمرار أن عملهم مجدي ويساهم في تقّدم الشركة.

8. دَعْ عنك كثرة المهام

عليك التركيز أن موظفيك يقومون يوميًا بالمهام التي تُفيد وتطور من الشركة، ولا ترهقهم بمهام لا معنى لها فالعبرة هنا بالجودة وليس الكميّة.

9. اسمح لموظفيك بأخذ قسط من الراحة

اعطِ موظفيك فترات من الراحة على مدار ساعات الدوام ولا تتوقع أن يجلس موظفوك على مكاتبهم طوال النهار بكامل نشاطهم وعطائهم. فالاستراحات تُجدد النشاط وتعطي دفعة قوية للإنتاجية، فكلما كان فريقك قادرًا على التركيز والهدوء زاد الإنتاج بشكل أفضل.

10. وجّه بطريقةٍ سليمة

عليك دائمًا إظهار التعاطف مع موظفيك والاستماع إليهم جيدًا، ومن ثم إعادة توجيهم وتوضيح الخطأ لديهم ،بذلك تزيد فرص تقبّل التوجيه والعمل بكل وسعهم لتعديل وإصلاح أخطائهم، وسوف تحافظ على تماسك بيئة العمل.

أخيرًا، يُعد علم النفس الإداري مهم للغاية لقدرته على المساعدة بإحداث فارقٍ ملموس داخل بيئة العمل، والحفاظ على جودة الإنتاجية المطلوبة للاستمرار بنمو الشركة.

تم النشر في: تأهيل الموظفين الجدد