التطوير التنظيمي: كيف تطور المهارات الإدارية في شركتك؟

ما الذي سيحدث لو نشأت مؤسسة وعملت باستراتيجية وتنظيم محدد لفترة طويلة من الزمن دون تغيير؟ بالتأكيد لن تتمكن من مجاراة التقدّم والتطور مهما بلغت المهارات الإدارية فيها. ولذلك نشأ مفهوم التطوير التنظيمي لتسيير المؤسسات والمنظمات وفق منهج تطوير ليواكب التطور الحاصل في المجال. ولكن ما هو تحديدًا؟ وما هي أهميته؟ وكيف يمكن تطبيقه في الشركات؟

جدول المحتويات:

ما هو التطوير التنظيمي؟

وجّد مفهوم التطوير التنظيمي في الأساس بسبب حاجة المؤسسات إلى المنافسة في السوق وتحسين الأداء الإداري فيها، واستثمار إمكانيات المؤسسة بأفضل شكل ممكن. وجوهر هذه العملية يكمن في الممارسات السلوكيّة المعتمدة على علم النفس التنظيمي التي تهدف لإحداث تطوير مستمر داخل المنظمة.

كما يعرف على أنه جهد مخطط على مستوى المنظمة ككل، يتم إحداثه من خلال الإدارة العليا في المؤسسة، لزيادة فعالية المؤسسة عن طريق استخدام أساليب المعرفة السلوكية في إدارة العمليات.

أهميّة التطوير التنظيمي

لا تقتصر أهميته على الجانب البشري فقط في المؤسسة كما يبدو الأمر بالنسبة للتعريف، بل أنه يسعى إلى تطوير كلّ من الهيكل التنظيمي، والموارد البشرية وتصميم العمليات، إضافةً لتنظيم عمليات الاتصال داخل المؤسسة. وتبرز الحاجة للتطوير التنظيمي في حال وجود خلل في المنظمة مثل:

أولًا: عدم استغلال الموارد البشرية بشكل صحيح

تعاني بعض المؤسسات من العجز في استغلال الإمكانيات البشرية في المؤسسة، خصوصًا عندما يكون أعضاء فريق المؤسسة بحاجة إلى التطوير والتدريب لاستلام المهام الموكلة إليهم على أكمل وجه، أو عند وجود خلل في النظام الداخلي للمؤسسة، مثل نقص في الكادر أو قلّة معرفة أفراد الفريق. وتكون هذه المشكلة دليلًا على وجوب استخدام أساليب التطوير التنظيمي في المؤسسة.

ثانيًا: حل الصراعات الداخلية في المؤسسة

تتغاضى بعض المؤسسات عن الصراعات الداخلية في المؤسسة ولا توليها أي أهميّة، ولكن في الواقع تتسبب هذه الصراعات بإعاقة سير العمل في المؤسسة وتقليل جود الإنتاج في المؤسسة. ولهذا يجب الاستعانة بالتطوير التنظيمي باعتباره قائم على العلوم السلوكية والاجتماعية من أجل حل هذه المشاكل.

ثالثًا: وجود نقاط ضعف في المؤسسة

قد تمتلك المؤسسة مجموعة من الأقسام الجيّدة التي تؤدي مهمتها بشكل جيّد، مع وجود بعض الأقسام التي تعيق تقدّم العمل فيها لمجموعة من الأسباب. وهنا يأتي دور التنظيم الوظيفي لتحديد كلّ من نقاط القوة في المؤسسة التي يعتمد عليها، وتحديد نقاط الضعف التي يجب تغييرها أو العمل على إصلاحها.

رابعًا: التخطيط الاستراتيجي

كما ذكر سابقًا، فالتنظيم الوظيفي من مهام الإدارة العليا في المؤسسة، التي تعنى بوضع الخطّة الاستراتيجية، والتنظيم الوظيفي هو أحد الأقسام التي تساهم في وضع الخطّة الاستراتيجيّة للمؤسسة.

خامسًا: الحاجة إلى الابتكار

مع اتساع رقعة الأعمال في العالم، لم تعد الجودة أو تقديم المنتجات هي الأمر الحاسم لدى المؤسسات، بل أصبحت المنافسة هي العنصر الأكثر أهمية في المؤسسة من أجل التفوق على الشركات أو المنظمات المنافسة. ويأتي دور التطوير التنظيمي في خلق إمكانيات تُمكِّن المنظمة من المنافسة في السوق، وتُمكِّن من الابتكار والتطوير في أعمالها أو منتجاتها.

سادسًا: تطوير العلاقات التجاريّة

من أهم فوائد هذا النوع من التطوير هو خلق علاقات تجاريّة جيدة للمؤسسة مع المؤسسات الأخرى، وتكون فائدة هذا الأمر العمل على استراتيجيات جديدة للتوسع من خلال خلق علاقات جيّدة تعاونية مع المؤسسات الأخرى.

ما هي إيجابيات وسلبيات التطوير التنظيمي؟

حاله حال جميع العمليات الإدارية، يمكن للتطوير التنظيمي تحسين عمل المؤسسة بشكل كبير، وتطوير مستواها بشكل ملحوظ. ولكن بنفس الوقت، يمكن أن يكون له تداعيات سلبية بالنسبة للمؤسسات، ولكن بالتأكيد هذا لا يعني الاستغناء عنه، ويمكن تلخيص كل من الإيجابيات والسلبيات في النقاط التالية:

إيجابيات التطوير التنظيمي

1. التطوير المستمر

يلعب دورًا جوهريًا في تقييم الخطط والاستراتيجيات المتبعة في المؤسسات ومراقبتها من أجل اتخاذ القرارات المناسبة، لتغيير سير عمل المؤسسة باتجاه التطوير والتحديث.

2. تحسين عمليات الاتصال الداخلية

يعد الاتصال من أبرز النواحي التي يعمل التطوير التنظيمي على تحسينها، إذ يعمل على خلق نظام اتصالات مناسب في المؤسسة لتحسين الاتصال الأفقي بين الموظفين من نفس المستوى الإداري، وبين المرؤوسين والرؤساء في المنظمة الواحدة، عن طريق زيادة الاهتمام بالتواصل ومشاركة التعليقات لتشجيع كافة المستويات الإدارية على التطوير.

3. تنمية مهارات الموظفين

يعمل التطوير التنظيمي على تعزيز نمو الموظفين وتحسين أدائهم. لذلك فدوره هو تخطيط البرامج التي تهدف إلى تزويد العاملين في المنظمة بمهارات جديدة تزيد من قدرتهم على تطوير العمل داخل المؤسسة.

4. تحسين الإنتاج

يهدف إلى تحسين مجموعة من أعمال المنظمة مثل أبحاث السوق ودراسة سلوك المستهدف والتحليل التنافسي، ما يعني أن الهدف الأول يكون من أجل تقديم خدمات أكثر تنافسية في السوق وأكثر فائدة للمستخدم، من أجل تحقيق هدف المنظمة الرئيسي المتمثل في تقديم خدمة ناجحة مقابل فائدة معيّنة.

5. زيادة هوامش الربح

عند حلّ مشكلة دوران العمالة، وتحسين الإنتاج والابتكار في المؤسسة، سيزيد إنتاج المؤسسة ليصبح أكثر كفاءة. وكنتيجة لذلك، ستتحسن هوامش الربح في المؤسسة عن طريق تخفيضات تكاليف الإنتاج، وزيادة النوعية والكمية من أجل تحقيق النمو السريع للمؤسسة.

6. رفع روح الفريق

يعمل على رفع الروح المعنوية للفريق، ما يساهم في تحقيق الأهداف المثالية التي تضعها الإدارة العليا في الخطط التشغيلية والاستراتيجية والتنفيذية.

سلبيات التطوير التنظيمي

1. صعوبة القبول

يقع الموظفون في أي مؤسسة تحت العديد من الضغوط الإدارية في المؤسسة، لذلك فمن الصعب بالنسبة لهم تقبل فكرة وجود إدار جديدة تزيد من مهامهم، أو تزيد من الإشراف عليهم. خصوصًا لو كان الموظفون في المؤسسة لا يملكون ثقافة إدارية عالية، ولكن يمكن التغلب على هذه الناحية عن طريق التدريج في إدخال التطوير التنظيمي وتوضيح آلية عمله في المؤسسات الأخرى كمثال.

2. التكلفة العالية

بالتأكيد سيحمّل هذا التطوير المزيد من التكاليف على المؤسسة، فيمكن أن تحتاج إلى إجراء المقابلات مع عدد كبير من المستشارين في هذا المجال، لمعرفة الإمكانية الأفضل للتطوير التنظيمي في مؤسستك، إضافةً لإمكانية رفض الموظفين للعمل الإداري الجديد، مما قد يحمل مؤسستك بعض الأعباء الماديّة لفترة من الزمن قبل ظهور النتائج.

3. تأخر النتائج أو عدم وضوحها

غالبًا ما يسعى المدراء وأصحاب المؤسسات لالتماس النجاحات السريعة، وبالنسبة للتطوير التنظيمي، فمن الصعب إظهار نتائج سريعة أو كبيرة في الفترة الأولى من تطبيقه.

4. التعارض مع الفكر الإداري

ظهور ناحية إدارية جديدة في البداية، سيتعارض أو يؤثر على سير العمليات الإدارية في المؤسسة، خصوصًا فيما يتعلق بالأقسام التي تعنى بالموارد البشريّة، ويمكن اعتبار عمل التطوير التنظيمي بمثابة تدخّل غير لازم بالأمور الإداريّة.

خطوات التطوير التنظيمي

يجب السير في هذه العملية بخطوات محدّدة ومرتبة، بدءًا من جمع البيانات وتحليلها وتبويبها، وانتهاءً بالنجاح الخطّة الموضوعة وتقييمها. ويتم تنفيذ التطوير التنظيمي عن طريق الخطوات التالية:

1. تقييم المشكلة

أول خطوات التطوير التنظيمي تكون بجمع المعلومات عن الناحية المراد دراستها وتحليلها ومعرفة ماهيّة المشكلة التي يسعى لمعالجتها. وبنفس الوقت توضع مجموعة من المعلومات والاحتمالات التي تحل هذه المشكلة، كما يتم التأكد من صحّة أو إمكانيّة تطبيق هذه الخيارات.

2. ردود الفعل والتقييم الأولي

تكون هذه الخطوة بمثابة الخطوة الأولى لمعرفة أسباب المشكلة عن طريق معرفة ردود الموظفين في المؤسسة تجاه المشكلة، من أجل تكوين فهم عميق للخلل الحاصل في المنظمة. ويكون هذا التحقيق عن طريق تقييم المعلومات الموجودة ومراقبتها أو عن طريق تكوين ما يعرف بـ “مجموعات التركيز” وهي مجموعة من الأشخاص يتم إجراء دراسة عنهم عن طريق الأسئلة لمعرفة ردود أفعالهم، وآرائهم حول المنتجات التي تقدّمها المؤسسة.

3. التخطيط

عند معرفة المشكلة وفهمها بشكل صحيح ومعرفة أسبابها وطرق حلّها، توضع خطّة العمل التي تشمل جميع الأساليب المتبعة لحل المشكلة. وبالنسبة للتطوير التنظيمي، فغالبًا ما تعتمد الطرق المعتمدة على العلوم الاجتماعية والنفسية والتدريبية، مثل تأمين تدريبات محدّدة أو إقامة ندوات تثقيفية أو أي طريقة مناسبة تفيد في تحفيز العمّال من أجل تغطية القصور في المؤسسة، والأهم من ذلك هو تشكيل أهداف قابلة للقياس والتحقيق.

4. التنفيذ

بعد وضع أسباب المشكلة ومعرفتها وتحديد الخطّة اللازمة لحلّ المشكلة وتأمين البدائل، يجب البدء تنفيذ الحلول بشكل مناسب للخطّة، ولكن بشرط أن يكون تنفيذ الخطّة محدّدًا ودقيقًا. أي في حال وجود عدّة حلول مناسبة، لا يمكن تنفيذ مجموعة من الحلول المتعارضة في نفس الوقت، بل يجب المفاضلة بين الحلول وتنفيذ الحل الأنسب.

5. التقييم

بمجرد انتهاء الوقت المتاح للتنفيذ، وانتهاء تنفيذ كافّة القرارات المتخذة، يجب البدء مرحلة التقييم الشامل لأداء الخطّة المتّبعة للتأكد من نجاحها. وهنا يكون دور التطوير التنظيمي بمراقبة وتقييم الحلول المتّبعة في الخطةّ، وهو ما يعد أحد أهم مؤشرات الأداء في المؤسسة.

ففي الكثير من الأحيان قد تحدث تغييرات تؤثر بالنتائج النهائيّة للخطّة. وفي حال لم تحقق الخطة الأهداف التي وضعت من أجلها، يتم إجراء تحليل للمشكلة ومعرفة طريقة حلّها ولو استلزم الأمر إعادة خطوات عملية التطوير.

6. النجاح بالخطة

لا تقتصر هذه الخطوة على التأكد من نجاح الخطّة فقط، بل يجب التأكد من استدامة هذا النجاح، فالتأثيرات المؤقتة الناتجة عن الخطّة لا يمكن اعتمادها كحلّ للمشكلة، بل أن التطوير التنظيمي الجيّد هو الذي يساهم بحلّ المشكلة، والتأكد من استدامة الحلول وعدم ظهور أي مشاكل متعلقة بنفس الناحية، لضمان استمرار نمو المؤسسة.

ما هي مجالات التطوير التنظيمي؟

لا يقتصر دوره على حلّ المشكلات والخلافات فقط، وإنما يمكن استخدام هذه الطريقة من أجل تحسين عمل المؤسسات، وتطويره من أجل المنافسة والتطوير في السوق، وأبرز مجالاته هي:

  • بناء الفرق: وهو من أكثر مجالات التطوير أهميّة، ودوره يكون في خلق هيكلية منظّمة للعمل بين الفرق من أجل إنجاز المهام بدقّة وكفاءة وفاعليّة.
  • التصميم التنظيمي: يساهم تدخل هذا النوع من التطوير في عمل المؤسسة، بإعادة عمل الهيكل التنظيمي للمؤسسة كليًّا، مما يؤدي إلى إنجاز العمل بشكل أفضل.
  • التطوير المستمر: يحقق تطوّر مستمر في المؤسسة وليس لحلّ مشكلة معيّنة فقط، فوجود نظام وهيكلية واضحة للعمل يساهم في تحسين بيئة العمل وتطويرها.
  • مراقبة أداء المؤسسة: قد يكون دوره رقابيًًا وإداريًا في الوقت نفسه، إذ يساهم في معرفة مدى نجاح عمل المؤسسة وتقييم السياسات المتّبعة داخل الشركة. وفي حالة غيابه، يمكن للنواحي الرقابية أن تكون قاصرة مما يؤدي إلى نسف استراتيجية الشركة في النمو السريع.
  • خلق ثقافة عمل جديدة: يمكن للتطوير التنظيمي خلق ثقافة عمل جديدة قائمة على التآلف بين الفرق والعمل ضمن مجموعات متناغمة دون وجود أي خلل، كما يمكن لهذه المجموعات الاستفادة من أفكار التفكير التصميمي لتسريع نمو الشركة بواسطة فكر عملية التطوير.

في النهاية، التطوير التنظيمي ورغم حداثته كمفهوم وعدم وجود نظرة شاملة عنه، إلا أنه أحد أفضل الأمور التي يجب عليك التأكد من وجوده في مؤسسّتك، وليس فقط في حالات وجود مشاكل أو خلل في سير العمل، وإنما استخدامه يضمن لك سير العمل في المؤسسة بكفاءة وفاعلية مع ضمان عدم حصول أي خلل في استراتيجيّة الشركة والتأكد من حلّ أي مشكلة ناشئة في الشركة.

تم النشر في: بناء خبرات العمل عن بعد