يبدو العمل عن بعد بدون القيود المكتبية حلمًا للكثيرين، لكن رغم ما يحمله من مميزات، إلا أن التشتت وفقدان التركيز من أبرز تحديات العمل عن بعد. فما أسباب التشتت في العمل عن بعد؟ وما أبرز الحلول للتغلب عليها والمحافظة على إنتاجيتك العالية بشكل ممتاز؟
لماذا يصيبك التشتت في العمل عن بعد؟
في الكثير من الأحيان، قد تكون أحاديث أفراد العائلة سببًا في تشتيتك عن العمل. ولكن في أحيان أخرى، قد تجد صعوبة حقيقية في التركيز أثناء عملك دون معرفة الأسباب الحقيقية التي أدت لفقدان التركيز والضياع أثناء تنفيذ العمل. يمكن حصر هذه الأسباب بعدّة نقاط هي:
عدم وجود بيئة عمل مناسبة
يتميز العمل عن بعد بالمرونة في اختيار المكان المناسب للعمل، فقد يكون المنزل، أو المقهى، وغير ذلك. لكن السؤال الذي يتوجب سؤاله لنفسك عند اختيار مكان العمل: هل هذا المكان هو الأنسب للعمل منه؟ فقد تتواجد حولك عشرات الأشياء المشتتة من الأحاديث والأغراض أو الضوضاء. لذا ينبغي التأكد من أن تكون البيئة مهيأة للعمل، وإلا فإنك ستشعر بالتشتت بسهولة.
كثرة المهام وتنوّعها
عندما يقتصر عملك على مهمة واحدة فقط، ستلاحظ أنك تنجزها بسرعة، ولكن ماذا سيحدث لو كنت تنفذ عدّة مهام في الوقت ذاته؟ بالتأكيد ستصبح أقل قدرة على تنفيذ كلّ مهمة بإتقان، ﻷن تركيزك يتوزّع على مجموعة نقاط. ما يعني إنتاجيّة مقبولة، لكن بتركيز قليل وجودة غير مرضية. لذا، ركز دائمًا على إنجاز مهمة واحدة في وقت واحد.
الإجهاد
بعد تنفيذ عدد كبير من المهام، أو العمل لساعات متواصلة لفترة طويلة، ستبدأ بخسارة تركيزك تدريجيًا، خاصّةً لو كنت لا تحصل على القسط الكافي من النوم. حينها ستبدأ بالشعور بفقدان التركيز أو النسيان بسرعة، ما يسبب في النهاية التشتت في العمل عن بعد.
تنفيذ مهام مملّة
أي وظيفة بها بعض المهام التي تسبب لنا إزعاجًا حقيقيًا، مثل التقارير الشهرية، وإعداد الملفات النظرية، أو تنفيذ بعض المهام التي تحتاج لوقتٍ طويل دون مهارات تنفيذية. جميع هذه المهام ستجعلك أقل تركيزًا، وسيضيع جزء كبير من الوقت على أنشطة لا تتعلق بالعمل دون انتباهك أنك تضيّع وقت عملك؛ فتأخذ هذه المهام وقتًا أطول من أي عمل آخر رغم سهولتها.
العلاقات الاجتماعية
تعدّ بيئة العمل عن بعد جديدة نسبيًا على العالم، ولذلك من الصعب على الأهل والأقارب أو الأصدقاء تفهّم أوقات العمل المرنة، فالأحاديث العائلية العابرة، أو اتصالات الأصدقاء قد تكون من أبرز أسباب التشتت في العمل عن بعد دون أن تشعر. فوجود أي عنصر دخيل على بيئة العمل التقليدية، سيكون له التأثير ذاته في حالة العمل عن بعد.
10 نصائح للتغلب على التشتت في العمل عن بعد
عدا الأسباب التي ذُكرت في الأعلى، هناك العديد من المسببات الأخرى للتشتت في العمل عن بعد. وللحفاظ على عملك بأعلى كفاءة وفاعلية عليك البدء بتنظيمه واتباع عدّة نصائح تقيك من التشتت في العمل عن بعد:
1. خصص مكتبًا للعمل عن بعد في منزلك
أحد أهم الأسباب التي تزيد من إنتاجية الأفراد في المكاتب ومساحات العمل، هي وجود أماكن مخصصة للعمل تتمثل بطاولات ومقاعد خاصة. أما في حالات العمل المستقل أو العمل عن بعد، يلجأ الكثير من الأشخاص للعمل من الفراش، أو من أماكن الاستراحة والجلوس. ولكن هذا الأمر خاطئًا، لأن هذه الطرق غير فعّالة لتجنب المشتتات الخارجية، كالتلفاز مثلًا.
لذلك اهتم بترتيب مساحة عمل خاصّة بك في المنزل، بعيدًا عن مصادر الضوضاء أو التشتيت، و بمعزل عن مصادر الحركة. ويفضّل أن تحتوي هذه المساحة على مُعِدَّات العمل فقط، دون وجود أي مشتتات بصرية أمامك، فإن شعرت مثلًا أن النوافذ التي تطل على حديقة المنزل أو الشارع تعيقك عن التركيز، ضع مكتبك أمام حائط.
2. حدد أوقات الراحة
عدم وجود رقيب على ساعات العمل في المنزل أمر جيّد، ولكن يمكن أن يضرك في الوقت ذاته، لأنك لن تتمكن من الراحة بشكل طبيعي. فربما تعمل لعشرة دقائق وتليها استراحة، وفي بعض الأحيان قد تستمر ساعات عملك لأكثر من أربع ساعات مثلًا دون أي استراحة. في كلتا الحالتين، لن تتمكن من الحفاظ على تركيزٍ مستمر خلال العمل على المهام.
أفضلّ حل هنا، هو جدولة مواعيد للاستراحة كلّ 60 أو 90 دقيقة، أو القيام بأي نشاط يعيد لك التركيز في هذه الفترة، ويحدّ من الأوقات الضائعة. يمكنك الاعتماد على مبدأ بومودورو أيضًا، وهو العمل لـ 25 دقيقة من ثم الاستراحة لـ 5 دقائق، وبعد 4 فترات عمل، تكون فترة الراحة طويلة نسبيًا لمدّة 20 دقيقة.
3. استثمر بالساعات الأعلى إنتاجيّة
من المعروف أن الساعات الأولى لبدء الدوام أو ساعات الصباح، هي الساعات التي تمتلك فيها أعلى معدّل إنتاجية وأفضل قدرة على التركيز. ولذلك، استثمر هذه الأوقات لتنفيذ المهام الأصعب والأكثر تعقيدًا. كما تعدّ هذه الأوقات هي المناسبة للقيام بالمهام التي لا تفضّلها، أو المهام الطويلة، لتترك بقيّة ساعات عملك مخصصة للأعمال الأسهل التي تستمتع بعملها من غيرها، وتتفادى التشتت في العمل عن بعد في غيرها.
4. لا تؤجل مهامك
قد تبدو هذه النصيحة بديهية في البداية، ولكن السبب وراءها هو أن تأجيلك لأي مهمة أمر غير محدود، أي يمكنك تأجيل عدد غير محدد من المهام لوقت لاحق فتتراكم جميعها. ومهما كان أجلها غير عاجل، إلا أنه سيجعلك تفكر بإنجازها، أو جدولتها فيما بعد. مما يعيقك عن تنفيذ مهامك الحالية، وسيؤثر على تركيزك على تخصصك في مهمة واحدة.
5. لا تجمع ما تحتاجه في حياتك الاجتماعية مع ما تحتاجه في العمل
تعدّ هذه النصيحة من أهم أسباب التغلب على التشتت في العمل عن بعد، فأبرز أخطاء العاملين عن بعد هو توحيد وسائل الاتصال المستخدمة في العمل أو في الحياة الاجتماعيّة، واستخدام نفس الهاتف الجوال للعمل والعائلة والأصدقاء. تجعل هذه الطريقة من السهل للغاية تشتيتك عن عملك عندما يرسل لك أحدهم رسالة، أو عندما تظهر إشعارات متعلقة بحياتك الشخصية أثناء فترة عملك. لذلك حاول الفصل بين وسائل الاتصال الشخصية ووسائل الاتصال المستخدمة للعمل.
6. دوّن أسباب التشتت
جميعنا نعلم بأن بعض المشتتات تكون ضرورية أو أنها مسليّة فقط، ولكن ماذا لو لم ترد تجاهل هذه المشتتات؟ ينصح الخبراء بتسجيل أي فكرة تراودك أثناء فترة العمل، من أجل العودة إليها فيما بعد. وهكذا لن تقلق من إضاعة الأفكار منك، وإنما ستضمن تنفيذها خارج أوقات العمل دون تشتيت عن مهامك الأساسية.
7. لا تبذل جهدًا كبيرًا في القرارات اليومية
من أبرز المشتتات في العمل عن بعد هو التفكير بما ستتناوله في وجبة الإفطار، أو الملابس التي ترتديها للعمل أو أي نشاط آخر قد يتخلل وقت العمل. لتجنب إضاعة هذا الوقت يمكنك اعتماد مبدأ بعض الناجحين مثل مارك زوكربيرغ أو ستيف جوبز، وهو بذل جهد أقل من أجل القرارات اليوميّة، مثل ملابسك التي ترتديها، أو الطعام الذي ستتناوله.
بهذه الطريقة، فإن جميع المهام التي تتخلل وقت الدوام لن تشتت انتباهك عن العمل، وإنما ستكون قد خططت بشكل مسبق لها. مثل تناول وجبات ثابتة، أو ارتداء ملابس محددة في أوقات العمل. على الرغم من أن هذه النصيحة تبدو صارمة أو مملة للغاية، ولكن يمكنك تخصيصها لأتمتة أي شيء يمكنه تشتيت انتباهك.
8. مارس التمارين الرياضية
صحّة العقل مرتبطة بشكل كبير بصحّة الجسد، ومن المعروف أن الجلوس لساعات طويلة يسبب ضررًا بالنسبة لجسدك، ويؤثر على تركيزك أيضًا. وللتغلب على هذا الأمر، خصص وقتًا قصيرًا من عملك لإنجاز بعض التمارين الرياضية أو التأمل؛ لتنشط جسمك وتحافظ على تركيزك لأطول فترة ممكنة أثناء العمل.
9. ضع خطّة عمل
كلّ شخص يتم أعماله بطريقة مختلفة عن الآخر، كما أن بعض المهام تنجز بشكل أفضل لو عملت عليها بفترات قصيرة ومتقطعة؛ أما البعض الأخر، لا يمكن إنجازه إلا خلال جلسة واحدة طويلة. ولتتجنب التشتت في العمل عن بعد، حاول كتابة خطّة واضحة للعمل من خلال ملاحظتك لطبيعة المهام، وقدرتك على إنجازها، مع تقسيم الوقت اللازم لكلّ مهمّة، وأسلوب تنفيذها.
10. أجلّ الأعمال المنزلية لوقت لاحق
انشغالك بعدّة مهام في وقتٍ واحد، سيجعلك أكثر احتمالية لفقدان التركيز، على عكس ما يحدث عند قيامك بمهمة محددة. والخطأ الأكبر يكمن في خلط مجموعة من المهام في وقت واحد مثل مهام العمل والواجبات المنزلية، لذلك تأكد من أن الواجبات المنزلية تُنجز قبل أو بعد فترة الدوام الرسمي وليس خلالها.
ختامًا، يتطلب العمل عن بعد إتقانًا لعدة مهارات ضرورية لتشعر بمرونته وميزاته، أغلبها يتعلق بالالتزام والقدرة على التنظيم. لذا اهتم بتوظيف العوامل المؤثرة في تجنب تشتت العمل عن بعد ورفع مستوى الإنتاجية.
تم النشر في: يونيو 2022
تحت تصنيف: العمل عن بعد | الإنتاجية، مهارات وظيفية