مع هذا الانتشار الذي يشهده العمل عن بعد الآن، تشتد المنافسة وتزداد التحديات في كل يوم عن سابقه. لذا إن كنت تبحث عن وظيفة دائمة عن بعد، أو كنت موظفًا بالفعل وانتقلت شركتك للعمل من المنزل بدلًا من المقر الرئيسي لها، فينبغي لك الإلمام بأهم مهارات العمل عن بعد.
العمل من المنزل بنجاح هو مهارة، تمامًا مثل البرمجة أو التصميم أو الكتابة. يستغرق تطوير هذه المهارة وقتًا والتزامًا. (ميلاني بينولا، كاتبة ومبرمجة سابقة)
1. تنظيم وإدارة الوقت
إدارة الوقت من أهم المهارات التي إذا أتقنها الإنسان سينجح فيما يريد أيًّا كان مجاله أو عمله. إدارة الوقت وتنظيمه من أهم مهارات العمل عن بعد، لأن رقابة المسؤولين لن تكون بنفس الكفاءة وأنت تعمل من المنزل، لذا يجب عليك أن تنظم وقتك باحترافية وذكاء لتستطيع إنجاز المهام الملقاة على عاتقك، وتتمكن من الفصل بين مهام العمل والمهام المنزلية الأخرى. حُسن إدارتك لوقتك سيجعلك قادرًا على إنهاء المهام في الوقت المطلوب.
ومن أجل الحصول على تنظيم مثالي للوقت: رتب أولوياتك، ركز على الأهم ثم المهم، وحدد وقتًا لإنهاء كل مهمة وتسليمها. احرص على تثبيت وقتٍ محددٍ للعمل، وخصص مكانًا للعمل في منزلك، فهذا يساعد على تقليل المشتتات. وأخيرًا أغلق تطبيقات التواصل الاجتماعي، أو أي شيء آخر يستنزف وقتك دون أن تدري.
2. التواصل عن بعد
داخل مقر العمل بالشركة ستجد بجانبك فريق عملك، ومن السهل أن تتشاور مع أحدهم فيما يخص العمل، أو تتواصل مع المدير أو المسؤول وتشرح له ما تريد بكل سهولة، وتفهم رده وتعرف المطلوب. أما العمل من المنزل لن يكون التواصل مع الفريق بهذه الطريقة، بل سيكون هناك وسائل أخرى للتواصل عن بعد كما تحددها إدارة الشركة.
كثرت وسائل التواصل عن بعد، ولا زلنا في كل يوم نرى وسائل جديدة، لكن سنشير الآن لأهم وسائل التواصل في مجال الأعمال حاليًا، والتي اعتمدتها جميع الشركات تقريبًا، وهي: Skype، Slack، Trello، غرف وسائل التواصل الاجتماعي المعروفة، وغيرها من الوسائل الأخرى. أما عربيًا فظهرت أداة “أنا” التابعة لشركة حسوب لإدارة المشاريع وفرق العمل.
من الصعب إيصال رسالتك بالشكل المطلوب إذا لم تكن تتحدث وجهًا لوجه، خاصة وإن كنت تتواصل بطريقة الكتابة. إن كان الشخص أمامك سيفهم من تعبيرات وجهك ما تريده بالتحديد من كلامك، أما من وراء الشاشة فمن الممكن جدًا أن يسيء فهم أحدكما للآخر. لذا أصبح من مهارات العمل عن بعد أن تكون عندك القدرة على التواصل عن بعد بطريقة احترافية.
لتستطيع إتقان مهارة التواصل عن بعد: درّب نفسك جيدًا على الاستماع والتركيز في معنى كل كلمة، واستفهم ممن يحدثك معك إذا اختلط عليك الأمر، اسأله عن مقصده إن كان الكلام يحتمل معنيين. كُن لبقًا وهادئًا وواضحًا في أثناء التواصل عن بعد، خاصة وإن كانت مكالمة صوتية أو فيديو.
احرص على استخدام نبرة صوت مناسبة للكلام، حتى لا يُفهم كلامك خطأً. خصص مكانًا لإجراء مكالمات العمل، يكون بعيدًا عن الأصوات المزعجة. والنصيحة الأخيرة: تواصل مع فريق العمل خارج نطاق العمل، لتتعرف على سلوكياتهم وطبائعهم، وبهذا ستخلق تواصل فعال معهم، وتساعد في بناء بيئة عمل صحية.
3. التفاوض والإقناع
هذه المهارة متعلقة بالمهارة السابقة، أو تُبنى عليها. بعد أن أصبحت تتواصل عن بعد باحترافية، تعلّم كيف تتفاوض مع فريقك أو مديرك وتقنعه بوجهة نظرك. قدرتك على الإقناع ستفتح لك أبوابًا واسعة من الترقي في العمل، أو الحصول على حوافز إضافية، واكتساب ثقة مديرك وزملائك.
التفاوض والإقناع من المهارات الواجب توافرها في العمل عن بعد، لتستطيع إبراز مهاراتك وكفاءاتك في المهام الموكلة إليك، كما أنها ستوصل رسالة مباشرة لمديرك بأنك الشخص المناسب لهذه الوظيفة، بل ستكون محط اهتمامهم للترقية في وظيفة أعلى تناسب قدراتك. بالإضافة لذلك ستجد نفع هذه المهارة في حياتك اليومية وتعاملاتك مع عموم الناس.
لإتقان مهارة التفاوض: ادرس فكرتك جيدًا، وتعرف على الإيجابيات، وجهز حلولًا إن كانت هناك سلبيات. كن واثقًا من نفسك في أثناء الكلام، وعبر عن فكرتك بكلمات واضحة ومباشرة. عوِّد نفسك على التحدث بلباقة، ولا تقاطع الآخرين في أثناء حديثهم. كن مستمعًا جيدًا لجميع الآراء، وعزز من علاقاتك الشخصية مع أصدقائك ومديرك، فهذا يساعد على اقتناعهم بأفكارك.
4. المرونة واتساع الأُفق
طبيعة العمل من المنزل أنه لا يوجد به شيء ثابت، وستجد تغييرات وتعديلات تطرأ بطريقة متكررة، حتى إنك في بعض الأحيان تضطر لتعلم تقنية جديدة لتستطيع إنجاز المهمة المطلوبة منك بكفاءة عالية، لذا فمهارة المرونة من أهم المهارات الواجب توافرها في الشخص المتقدم لوظيفة العمل عن بعد.
بالإضافة لذلك، قد تطرأ بعض التطويرات خلال تنفيذ العمل أو المهمة، مثل: إضافة عناصر أو تعديلات، أو حذف جزء من العمل وإضافة جزء آخر، أو قد تضطر لتغيير المكان الذي تعمل منه وتنتقل لمكان آخر أو غرفة أخرى، وغير ذلك من الأمور الطارئة. لذا يجب على الموظف الذي يعمل عن بعد أن يكون مرنًا واسع الأُفق لمواكبة التغييرات التي تطرأ عليه في أثناء العمل، وليتقبلها بصدر رحب.
لتكون مرنًا: لا تتسرع في رد فعلك تجاه أي تغيير، تمهّل وادرس الأمر جيدًا، بعد ذلك اسأل مديرك واستفهم منه ومن زملائك عن أي تغيير يحدث، فقد يكون إفادة لك وتنمية لمهاراتك في العمل دون أن تدري. كن متفائلًا دومًا وتحلى بالصبر، وحاول أن تتكيف سريعًا مع متغيرات العمل، واستغلّها لصالحك. قد يفتح التغيير لك بابًا لتطوير نفسك كنت غافلًا عنه قبل ذلك.
5. التحفيز الذاتي
اعتاد الموظفون في الوظائف التقليدية الحصول على التحفيز من غيرهم بشكل مباشر، سواءً من زملائهم أو من المدير، وقد يكون التحفيز بالكلام والثناء أو بهدايا تشجيعية صغيرة. لكن الأمر يختلف قليلًا في العمل من المنزل، حيث يشعر الموظف بالوحدة ويفتقد للتحفيز المباشر الذي تعود عليه قبل ذلك.
قليلون هم الذين يُتقنون مهارة التحفيز الذاتي، فهو من مهارات العمل عن بعد؛ التي تحتاج إلى تدريب مستمر إن صحّ التعبير. التحفيز من أهم الأسباب التي تجعل الموظف يجتهد في إخراج أفضل ما لديه من مهارات، وتجعله يعمل على تطوير نفسه، وإنجاز الكثير من الأعمال في وقت أقل. إن كنت تتقن فن التحفيز الذاتي ستحصل على هذه النتائج بكل سهولة.
لإيقاظ مهارة التحفيز الذاتي بداخلك: احرص على تحديد هدف واضح واكتبه على ورقة تكون أمام عينيك باستمرار، واعمل على تحقيقه. قسِّم مهام العمل المطلوبة منك إلى مهام أصغر، ستزداد همتك عند إنهاء كل مهمة صغيرة. استعن بالعوامل المحفزة، مثل: كتابة مقولات تحفيزية وتعليقها في غرفة العمل، أو سماع فيديوهات عن التحفيز كل صباح.
6. اتباع روتين يومي صحي
قد لا تجد هذه المهارة مذكورة ضمن المهارات الوظيفية المطلوبة في عروض الشركات، لكنها المهارة التي تجعلك تمتلك جميع المهارات التي تحتاجها لأي وظيفة مهما كانت. الحفاظ على جسد صحي يجعل عقلك يعمل بكفاءة عالية، ويكون في قمة تركيزه. كذلك يجعلك تتمتع بوجود همة عالية وعزيمة قوية لإنجاز العديد من المهام في يوم واحد.
بالإضافة لذلك فإنه يساعد على التفاؤل والمرونة وتقبل أي تغيير يحدث، كما أنه يساعد على ضبط النفس والتحكم برد الفعل. لا شك أن جميع هذه الأشياء من المهم وجودها فيمن يتقدم لأي وظيفة، وإن كانت لا تُذكر صراحة في الشروط المطلوب توافرها في الموظف، فاحرص على تحقيقها.
ليكون يومك صحيًا: استيقظ مبكرًا، ستكسب المزيد من الوقت لإنجاز مهام أكثر. احرص على أن تستمتع بأشعة الشمس الصباحية لمدة 15 دقيقة على الأقل. ولا تنس ممارسة الرياضة المنزلية لمدة نصف ساعة على الأقل يوميًا، وسيكون أفضل إن استطعت ممارستها في الصباح، لتحصل على نشاط وقوة لباقي اليوم.
7. استخدام الوسائل التقنية
العمل عبر الإنترنت في حد ذاته يقوم على التقنية، فإذا لم يكن لديك المعرفة الكافية بالعمل على أجهزة الحاسب والتعامل مع البرامج المختلفة، فلن تكون قادرًا على أداء هذه الوظيفة. التعامل مع البرامج والتطبيقات ليس خيارًا، بل لا بد منه لكل من يريد امتلاك وظيفة عبر الإنترنت. فجميع الأعمال يتم إنجازها بالاعتماد على التقنية.
لا بد أن تكون لديك المعرفة الكافية بجميع الوسائل التقنية التي تحتاجها لأداء عملك. لإتقان هذه المهارات، تابع الشروحات والدورات المجانية، وتابع أكاديمية حسوب فقد قدمت الكثير من الشروحات باللغة العربية لبعض المهارات التقنية التي قد تستخدمها للحصول على وظيفة دائمة عبر الإنترنت.
8. اللغات الأجنبية
فرضت اللغة الإنجليزية نفسها على سوق العمل، فجميع وظائف العمل عن بعد لا بد لها من إتقان اللغة إنجليزية على الأقل. وهناك وظائف أو مجالات تحتاج لمهارات لغوية في لغات أخرى، وقد يكون المجال باللغة العربية ككتابة محتوى عربي، لكنك تحتاج للبحث عن موضوع الكتابة باللغة الإنجليزية للحصول على إحصاءات عالمية أو تجميع معلومات موثوقة وقيمة.
إتقان اللغة الإنجليزية من أهم مهارات العمل عن بعد التي يشترطها جميع أصحاب الأعمال تقريبًا. إتقان هذه المهارة أيضًا يفتح أمامك العديد من الوظائف المختلفة، وكلما زاد إتقانك للغة يمكنك التقديم على وظيفة في شركة أجنبية، وهذا بلا شك سيعود عليك بدخل مادي كبير، بالإضافة إلى أنك ستتعلم الكثير من المهارات في وظيفتك.
إن كنت لا تزال مبتدئًا في تعلم اللغة الإنجليزية فخصص وقتًا يوميًا لدراسة إحدى الدورات التعليمية التي تعلمك طريقة التحدث والتواصل باللغة الإنجليزية. اطلع يوميًا على مقالات باللغة الأجنبية في مجال عملك أو اهتمامك، واستمع لحلقات بودكاست تتحدث عنه، فهذا يقوي حصيلتك اللغوية في مجالك. بعد ذلك نمي مهارة التحدث والنطق بطريقة صحيحة في مجالك أيضًا.
9. تسويق الذات
هي واحدة من أهم المهارات الضرورية لجميع المجالات، سواءً كان في العمل عن بعد أو العمل التقليدي. لم يعد التسويق متعلقًا بالمنتجات فقط، بل هو الآن يتعلق بالمهارات والأفكار والأشخاص. أصبحت المنافسة شديدة بعكس الماضي، خاصة في وظائف العمل عن بعد تكون المنافسة أشد.
تعلم أولًا كيف تسوق لمهاراتك وخبراتك قبل أن تبدأ في التقديم على الوظيفة، أو قبل أن تطلب الترقية في وظيفتك. هناك الكثير من المحاضرات والكورسات المجانية التي تشرح ذلك، وتعلم أساليب تسويق الذات.
10. الإبداع
جميع مهارات العمل عن بعد التي تحدثنا عنها سابقًا ضرورية لبدء العمل عبر الإنترنت، أما هذه المهارة تحديدًا فهي التي تجعلك تستمر في هذا العمل، بل وترتقي من درجة إلى أعلى ومن وظيفة إلى وظيفة أفضل. قدرتك على الإبداع هي التي تجعل صاحب العمل يتمسك بك ويلبي رغباتك، لأن إبداعك يساعده على النجاح ويكسبه المزيد من العملاء.
قدرتك على الإبداع تساعدك في إيجاد حلول مبتكرة للتحديات التي تظهر في طريقك، كما أنها تساعدك في تطوير العمل ونموه، بالإضافة لذلك فإنها ستفتح لك فرصًا وظيفية أفضل وأكثر ربحًا. لتكون مبدعًا: اعمل على تطوير مهاراتك وتنميتها، واكتشف مهارات جديدة تساعدك على الإبداع، واحرص على وضع أوقات للراحة أثناء العمل، لتحافظ على نشاط عقلك ويقظته.
ختامًا، يتمتع العاملون عن بعد بالعديد من المميزات التي يفتقر إليها العمل التقليدي، ومن أهم هذه المميزات أن الموظف عن بعد يكون أكثر سعادة وإنتاجية، لأنه يملك بزمام أموره إلى حد كبير. ابدأ الآن بتعلم مهارات العمل عن بعد ولا تهدر المزيد من وقتك. لا تنس مشاركة الفائدة مع أصدقائك والمحيطين بك. وأخبارنا أي مهارة تملكها من المهارات السابقة؟
كتابة: أحمد زهران
تم النشر في: فبراير 2021
تحت تصنيف: العمل عن بعد | مهارات وظيفية