في حين يقدِّم العمل عن بعد مزايا عدَّة مثل: مرونة العمل من أي مكان، والقدرة على إدارة الوقت بفاعلية، والإنتاجية العالية. لكنه يحمل أيضًا بعض التحديات التي تأتي بالتزامن مع هذه المزايا، وقد تؤثر سلبيًا على الصحة النفسية مثل: القلق والعزلة الاجتماعية وغياب التوازن بين العمل والحياة الشخصية وغيرها. فكيف إذن تحافظ على صحتك النفسية في أثناء العمل عن بعد؟
ما أهمية الصحة النفسية للعاملين عن بعد؟
تشير الصحية النفسية إلى حالة الرفاهية والسعادة التي تتمتع بها خلال أدائك لعملك دون الشعور بالضغوط النفسية. وتشكل هذه الحالة أهمية كبيرة؛ لضمان تعزيز إنتاجيتك وكفاءة عملك، فمن غير المعقول أن تتمكن من إنجاز مهامك في ظل معاناتك حالة نفسية سيئة.
يُسهم اهتمامك بصحتك النفسية خلال العمل عن بعد في أن تتمتع برشاقة ذهنية ومرونة في أثناء عملك على المتطلبات المختلفة، كما يساعدك على عدم الشعور بالتوتر أو الضغوط النفسية، ما يخلق مناخًا إيجابيًا خلال أداء مهامك الوظيفية.
7 خطوات فعالة للحفاظ على الصحة النفسية أثناء العمل عن بعد
توجد إستراتيجيات عدَّة تمكنك من الحفاظ على صحتك النفسية خلال العمل عن بعد، وتمنحك القدرة على مواصلة تطورك المهني، منها:
1. احصل على قسطٍ كافٍ من النوم العميق
يساعدك النوم العميق على زيادة تركيزك وتفاعلك الإيجابي مع المتطلبات اليومية الشخصية والمهنية، ويسهم في تقليل حِدة التوتر والقلق. لذلك؛ احرص على الحصول على مدة كافية من النوم تتراوح ما بين 7 إلى 8 ساعات، ويمكنك الاستعانة بالإرشادات التالية للتمتع بنومٍ عميقٍ:
- اضبط موعدًا ثابتًا للنوم والاستيقاظ يوميًا، وليكن موعد نومك على سبيل المثال في العاشرة مساءً والاستيقاظ في السادسة صباحًا.
- هيّئ غرفة نومك بسرير مريح ووسادة ناعمة وإضاءة خافتة. وأزل كل المشتتات ومثيرات القلق من غرفتك، مثل الأجهزة الإلكترونية والهواتف المحمولة.
- استخدم المنبه التقليدي بدلًا من منبه الهاتف، حتى لا تعتاد يديك على قراءة الإشعارات والرسائل في أوقات النوم.
- أرح ذهنك قبل النوم بقراءة صفحات من كتابك المفضل أو ممارستك للرسم، أو سماعك لصوتٍ هادئ يحفزك على النوم.
- توقف عن شرب المنبهات، مثل الشاي والكافيين قبل ست ساعات على الأقل من توقيت نومك.
2. حدد روتين يومي ثابت
يسهم إنشاء جدول زمني يتضمن روتين ثابت في تعزيز صحتك النفسية خلال العمل عن بعد. ولمساعدتك في ذلك يمكنك إنشاء قائمة زمنية تتضمن وقتًا لعملك، ولأسرتك، وللترفيه بعد إنجاز مهامك اليومية، ووقتًا مخصصًا للتنمية الذاتية مثل ممارسة التأمل والقراءة.
تعد القائمة التالية مثالًا توضيحيًا للروتين اليومي، لكن يمكن أن تغيّرها بحسب اختلاف مواقيت عملك اليومية وتفضيلاتك الشخصية.
3. اعتن بصحتك الجسدية
ترتبط الصحة النفسية والجسدية ببعضهما البعض؛ لذلك ابدأ من الآن في الالتزام اليومي بنظامٍ صحي. يمكنك اتباع هذه الخطوات التي تسهم في الشعور بالراحة الجسدية والنفسية، وتعزز تركيزك وإنتاجيتك في العمل:
- اختر وجبات تحتوي على البروتين والألياف: تسهم هذه الأغذية في الشعور بالشبع فترة أطول، والحصول على وجبات مغذية مليئة بالطاقة، مثل البيض المسلوق والجبن والزبادي والأسماك واللحوم، والفواكه.
- ابتعد عن الأطعمة والمشروبات التي تزيد من معدلات التوتر والقلق: مثل الوجبات السريعة الممتلئة بالدهون غير الصحية، والحلويات مثل الكعك والبسكويت المصنع والمُحلّى بالسكريات، فضلًا عن المياه الغازية ومشروبات الطاقة.
- قلل من استهلاك الكافيين: يتسبب الاستهلاك المتزايد لمادة الكافيين -رغم مساعدتها على إبقاء الذهن يقظًا حال تناولها باعتدال- في زيادة الشعور بالتوتر نتيجة تحفيز الجسم على إفراز هرمون الكورتيزول.
- احرص على شرب 8 أكواب من المياه يوميًا: يمكنك استخدام بعض التطبيقات على الهاتف التي تذكرك بشرب المياه؛ لمنع الشعور بالجفاف الذي يزيد من معدلات التوتر والقلق.
- مارس الرياضة بانتظام: يمكنك ممارسة التمارين الرياضية، مثل المشي أو الجري أو ركوب الدراجات، أو حتى أداء تمارين التمدد والإطالة خلال أوقات العمل، أو الاشتراك في إحدى صالات الألعاب الرياضية.
4. حاول ترقية مكان عملك
تشجعك البيئة المناسبة لمكان عملك عن بعد على إنجاز المهام بكفاءة عالية، كما تعزز من إنتاجيتك وتطوير أدائك المهني. يعتمد ترقية مكان عملك على عددٍ من الوسائل والإرشادات التي تسهم في تحسين صحتك الجسدية والنفسية، مثل:
- الحصول على كرسي ملائم يساعد على استقامة ظهرك ورقبتك دون إمالتهما إلى الأمام، ويفضل أن يكون مدعومًا بالقطن أو الإسفنج المقوّى في منطقة منحنى أسفل الظهر.
- الاستعانة بمكتب واسع يدعم معصميك وذراعيك، ولا يتسبب في الإصابة بآلام في النفق الرسغي أثناء استخدام الفأرة أو لوحة المفاتيح.
- التخلص من الفوضى التي تملأ مكان عملك، مثل الأوراق المهملة أو المستندات التالفة، أو ملفات العمل الموجودة على جهازك المكتبي التي لم تعد في احتياج إليها.
- تحديث جهازك المكتبي باستمرار، واستخدام التطبيقات الإلكترونية التي تساعدك على إنجاز مهامك بفاعلية.
- تضمين بعض النباتات التي تتمتع برائحة منعشة في غرفة مكتبك، لكي تساعدك على العمل.
- محاولة طلاء غرفة مكتبك بألوان جاذبة للعينين -وليست قاتمة- تعمل على إراحة النظر.
- لصق بعض الأوراق الصغيرة على جدران الحائط في غرفة مكتبك، تتضمن عباراتٍ ملهمةٍ تشجعك على إنجاز مهامك.
5. ضع خطًا فاصلًا بين حياتك الشخصية والعمل
يعد عدم القدرة على الفصل بين الحياة الشخصية والعمل من أبرز التحديات التي تواجه العاملين عن بعد خاصةً الذين لم يمتلكوا الخبرة الكافية، أو في بداية ممارستهم لهذا النمط من العمل. يمكنك الاستعانة بالإرشادات التالية لإدارة وقتك أثناء عملك بفاعلية:
- خصص غرفة ملائمة لمكتب العمل في المنزل، واحرص ألا تكون مجاورة للتلفاز أو الفراش.
- اخلع ثياب المنزل، وارتدِ ملابس مخصصة للعمل، لتهيئتك نفسيًا للدخول في أجواء العمل.
- أخبر أسرتك بمواقيت عملك اليومية، واطلب منهم عدم مقاطعتك في أثناء هذه الأوقات.
- وفّر كل أدوات العمل المكتبي الخاصة بمهامك قبل بدء العمل، حتى لا تضطر للانقطاع عن عملك باستمرار.
- أبعد هاتفك الشخصي عن مكتبك؛ تجنبًا للرد على بعض الاتصالات الهاتفية غير الطارئة.
- لا تتفقد بريدك الإلكتروني الشخصي ومواقع التواصل الاجتماعي قبل بداية عملك، حتى لا تنشغل بالرد على رسائل الأصدقاء والمتابعين.
- أنشئ قائمة مهام لأعمالك في اليوم التالي قبل مغادرة مكتبك؛ لتأهيلك ذهنيًا ونفسيًا لها. يمكنك الاستعانة بأداة أنا من حسوب لإدارة مهامك اليومية عبر لوحة سهلة ومرنة توفر عليك الوقت، وتتابع من خلالها معيار إنجازك بأقل جهد ممكن.
- غادر غرفة مكتبك بعد انتهاء وقت عملك، واحرص على ضبط التنبيهات الخاصة بالبريد الإلكتروني المخصص للعمل في أوقات الدوام.
6. كن على تواصل مع الآخرين
التواصل الاجتماعي مع زملاء العمل والأصدقاء، إحدى الوسائل الهامة في مواجهة تحدي العزلة الاجتماعية التي قد تنتابك وتسبب لك الاكتئاب والتوتر. لذلك يمكنك اتباع الإرشادات التالية إذا كنت تشعر بحالة من الغربة أثناء عملك عن بعد:
- أخبر مديرك في العمل إذا كنت تعاني ضعفًا في التواصل مع أعضاء فريق العمل، واطلب مساعدته في توفير حالة من الانسجام مع الزملاء.
- ساعد زملائك كلما أمكنك ذلك، وتفقد أحوالهم الشخصية بعد أوقات العمل. ستفيد هذه الآلية في إضفاء جو من روح التعاون والمشاركة مع باقي أفراد الفريق.
- احرص على طلب إجراء اجتماعات صوتية عبر التطبيقات المختلفة مثل Zoom، إذا شعرت بسوء فهمٍ خلال المراسلات الكتابية مع مديرك أو باقي أعضاء الفريق.
- حاول تغيير مكان عملك، والانتقال إلى الأماكن المريحة للنفس مثل الحدائق أو شواطئ البحر.
- ضع في أولوياتك الشخصية الجلوس مع أفراد عائلتك بعد انتهاء أوقات العمل.
7. استشر متخصصًا نفسيًا
يخجل بعض العاملين عن بعد من اللجوء إلى استشاري نفسي متخصص حال شعوره بأعراض الاكتئاب نتيجة الاحتراق الوظيفي، لكن ينبغي عدم إهمال هذه الأعراض حتى لا يتفاقم تأثيرها. لذلك إذا شعرت بتزايد أعراض الاكتئاب لديك؛ اطلب دعمًا نفسيًا من أقرب الأصدقاء إليك بالحديث معهم عمَّا يؤرقك، أو استشر متخصصًا نفسيًا.
ختامًا، الحفاظ على الصحة النفسية خلال العمل عن بعد ليس رفاهية، بل ضرورة حتمية لضمان استمرارية العمل وإنتاجيته. فكلما تمتعت بصحة نفسية جيدة في أثناء ممارسة عملك، زادت قدرتك على التركيز وإنجاز العمل بكفاءة وإنتاجية عالية.
تم النشر في: مايو 2024
تحت تصنيف: العمل عن بعد | النجاح في العمل عن بعد