كيف تصل بشركتك إلى التميز المؤسسي؟

بينما تسعى المؤسسات لتحقيق معايير الجودة أو خدمة العملاء الجيّدة أو غيرها من النواحي التي تساهم في صناعة الجودة للمؤسسة، تهمل بعض النواحي الأخرى. لكن في حال السعي وراء إنشاء مؤسسة مثالية، يجب النظر لجميع هذه النواحي بالتساوي والعمل على تحقيقها بالشكل الأمثل. هنا يكمن دور التميز المؤسسي، فما هو تحديدًا، وكيف يمكن أن تنقل شركتك إلى مرحلة التميز هذه؟

جدول المحتويات:

ما هو التميز المؤسسي؟

هو خطّة عمل في المؤسسة في المجالات المادية والتقنية والإدارية، التي تسعى لزيادة إنتاج المؤسسة وتحسين جودة منتجاتها لأقصى درجة ممكنة، مع الحفاظ على السمعة الجيدة والإدارة المثالية في الوقت نفسه. وهي جهود مبذولة في جميع المستويات الإدارية وتشمل النواحي الإنتاجية وصولًا إلى الرِّقابة وتقييم النتائج. باختصار التميز المؤسسي هو أقصى مرحلة من الجودة تسعى إليها أي منظمة.

ما أهمية التميز المؤسسي لأي منظمة؟

لا شك أن التميز المؤسسي له دور جبار يصب في مصلحة المنظمة والأفراد العاملين فيها، وبنفس الوقت بالنسبة للعملاء. فالتميز المؤسسي هو أحد الأنماط التي تحاول الاهتمام بكلّ من المنتج والعميل، وتتلخص أهميته في:

أولًا: النجاح الإداري

يُعدّ تحقيق نتائج الخطط مثل الخطة الاستراتيجية والتشغيلية من أهم أهداف المؤسسات. وفي حال اتباع طرق التميز المؤسسي، يمكن للمنظمة تحقيق الأهداف الموضوعة وفق الخطط. ثم أن التزام الإدارة والعاملين في المؤسسة بقواعد التميز، يمكن أن يجلب فوائد وربح للمؤسسة أكثر من الأهداف الموضوعة.

ثانيًا: الرضا الوظيفي

عند وجود جهود إدارية حقيقية للحفاظ على العناصر البشرية، سترتفع معنويات جميع الموظفين في المؤسسة، مما يرفع الإنتاجية. فوجود تآلف بين أفراد الفريق في المؤسسة، يدفع سلوكيات الموظفين، ما يعني ظهور ثقافة تنظيمية عالية لدى جميع الأفراد في المؤسسة.

ثالثًا: تقليل معدل دوران العمالة

يخلق التميز المؤسسي جوًًا من التفاهم داخل المؤسسة، وبدوره يساعد هذا الأمر على تقبل الموظفين للعمل بشكل أفضل، وكلّما بقي الموظفون في الشركة لوقت أطول، ازدادت خبراتهم، مما يقلل من معدل دوران العمالة داخل المؤسسة.

رابعًا: خدمة ممتازة

ما هي حاجة العميل أكثر من تقديم خدمة مناسبة من وجهة نظره؟ بالتأكيد هذا ما تسعى إليه أي مؤسسة. مع التميز المؤسسي، ووجود نظام إداري جيّد، ومخرجات جيّدة للمنظمة، ستقدّم في المقابل خدمات ومنتجات ممتازة للمستهلكين، مما يزيد من الاستهلاك ورفع التقييمات الإيجابية حول المؤسسة.

خامسًا: السمعة الطيبة للمؤسسة

في عالم الأعمال، لا يمكن للتميز ألّا يكون ظاهرًا بين المنافسين وفي السوق بشكلٍ عام. إن استطعت تحقيق التميز المؤسسي داخل شركتك ستكتسب المزيد من السمعة الطيبة من خلال المنافسين والعملاء عمومًا، وهو ما تسعى له أي شركة للوصول إلى برّ الأمان.

مبادئ التميز المؤسسي

هناك مجموعة مبادئ تحكم التميز المؤسسي يمكن للشركات من خلالها فهم آلية الوصول إلى التميز المؤسسي الحقيقي، وليس التميز في ناحية واحدة. هذه المبادئ توضّح طرق الوصول للتميز المؤسسي، بدءًا من سعي المؤسسة لتكون بوضع أفضل، انتهاءًا بتقييم الجهود المبذولة في سبيل إنجاح المؤسسة.

المبدأ الأول: السعي للتميز

ذكرنا سابقًا أن السعي للتميز يجب ألاّ يصب في ناحية واحدة، وإنما يجب أن يشمل مفهوم التميز جميع المستويات في الشركة من تحقيق الرضا الوظيفي لدى الموظفين، حتى تحقيق الرضا عن الخدمة بالنسبة للعملاء، وبالتأكيد تحقيق التميز الإداري عند جميع المستويات الإدارية. فلا ينبغي السعي للأفضل فقط، وإنما يجب أن تسعى المنظمة لخلق أفضل بيئة ممكنة.

المبدأ الثاني: قياس التقدّم

لتحقيق التميز المؤسسي، يجب أن تكون المؤسسة قادرة على قياس تقدّمها الحالي بشكل موضوعي جدًّا، ومعرفة نواحي القصور في الشركة، إضافةً لتسجيل التقدم بشكل دقيق. وهنا يجب الأخذ بالحسبان أن يكون التقييم نابعًا من السعي لتقدّم المؤسسة، وليس التقييم على أساس النجاح الإداري الفردي فقط.

المبدأ الثالث: بناء ثقافة الخدمة

لا تكتفي المنظمات بتقديم خدمات جيّدة فقط، وإنما يجب أن تبني ثقافة عالية حول أي خدمة أو منتج عن طريق نشر الوعي. والأهم هو عدم اعتبار الخدمة مصلحة صافية للشركة، وإنما يجب أن تكون قائمة على أساس المنفعة المشتركة للمنتج والمستهلك أو المستفيد من الخدمة.

المبدأ الرابع: تكوين القادة

يعد مبدأ تطوير القائد من المبادئ الحاسمة، فهذا المبدأ معني باختيار وتطوير القادة الحاليين للمنظمة واختيار القادة المستقبليين من الموظفين في المؤسسة، لتأهيلهم لاستلام زمام الإدارة في النواحي المفوضة إليهم بما يحقق التميز المؤسسي.

المبدأ الخامس: التركيز على الرضا الوظيفي

في حال تعدد المستويات الوظيفية في المؤسسة، فمهما بلغت قوّة وإتقان الموظفين فيها، يمكن أن تنهار هذه القوة في حال وجود موظف واحد غير متفان في عمله، أو بسبب موظف واحد لا يشعر بالأمان الوظيفي. لذلك فأحد أهم مبادئ التميز المؤسسي هو العمل على تحقيق الدرجة القصوى من الرضا الوظيفي لتقليل معدل دوران العمالة داخل المؤسسة.

المبدأ السادس: بناء المساءلة الفردية

ماذا لو تمكنت من تحقيق الرضا الوظيفي، ولكن نسيت أن تعمل على بناء ثقافة أخلاقيات العمل داخل المؤسسة؟ في الواقع لن تستفيد من كلّ محاولاتك، فالأمر الأهم من مبادئ التميز المؤسسي هو أن تشعر العاملين بقيمة المساءلة الفردية ووجود روادع شخصية في العمل، مما يعني ضمان عدم حدوث أي مشكلة داخل البيئة الداخلية للمؤسسة.

المبدأ السابع: التوفيق بين الأهداف والسلوكيات والقيم

يجب أن تعمل أي منظمة بطريقة متناسقة بشكل كبير، فيجب أن تكون أهداف المنظمة مرتبطة بأهداف الأفراد عاملين كانوا أو مستهلكين. ثم أن السلوكيات داخل الشركة يجب أن تكون محددة وفق ضوابط أخلاقية وضوابط في العمل، ويجب عليك العمل على أسس التقييم والضوابط عند وضعك لسياسات العمل داخل الشركة الخاصة بك.

المبدأ الثامن: التواصل على جميع المستويات

من أكبر الأخطاء التي تحدث في المنظمات الحديثة هو اعتمادها على مبدأ الاتصال العمودي، مما يزيد من السلطية داخل المنظمة ووضع اللوم على قسم محدد، دون معرفة عوامل الفشل. لذلك عليك الاهتمام بشكل كبير بتحسين قدرة الأقسام على الاتصال، فيما بينها على المستوى الأفقي والعمودي في نفس الوقت، من أجل تأسيس شركتك للوصول إلى مرحلة التميز المؤسسي.

المبدأ التاسع: إعطاء قيمة للنجاح

لا تدع أي عمل جيّد يضيع في شركتك، لكن حاول ملاحظة النجاح لدى أي موظف في الشركة، وحاول أن تجعل من هذا العمل والمكافأة دافعًا لدى الموظفين لإنجاز المزيد من الأعمال والنجاحات. والطريقة الأفضل لحفظ جميع الإنجازات في المؤسسة تكمن في إنشاء قسم خاص لها، فالتقدير الذي يحصل عليه العاملون في المؤسسة ينعكس إيجابًا على قدرتك بصناعة التميز المؤسسي في شركتك.

الاستراتيجيات الأساسية للتميز المؤسسي

في حال قدرتك على العمل للوصول بشركتك إلى التميز المؤسسي، عليك أن تتبع مجموعة من الأساليب المدروسة، التي من شأنها جعل مؤسستك في المكان الذي تريده، هي:

1. ضع خطّة شاملة وطويلة المدى

لا يمكن لأي مؤسسة أن تسير في أي اتجاه دون وضع الخطة. ولكن في حال سعيك نحو التميز عليك أن تضع خطّة مناسبة تراعي الإمكانيات المادية والبشرية لديك. ثم أن الخطّة يجب أن تكون قائمة على الأهداف المؤسسية مع الفهم العميق لقيم المؤسسة.

فلا يجب أن يكون وضع الخطّة المثالية حكرًا على إدارة واحدة، وإنما يجب أن تشارك جميع الأقسام في وضع الخطط العامة للمؤسسة لضمان أن جميع الأقسام تعمل بانسجام وتوافق فيما بينها.

2. تأكد من توفر الموارد التي تساعد المؤسسة على تحقيق الأهداف

مهما بلغ إتقان وضع الخطط، ومهما كانت فاعليتها، يجب أن تتوفر الموارد البشرية والمادية الكافية لتنفيذ هذه الخطة دون وجود أي عراقيل تعيق أهداف المؤسسة. لذلك عليك أولًا السعي لتوفير الموارد اللازمة لنجاح الخطط على الصعيد المادي أو عن طريق جذب الكفاءات البشرية بالشكل الصحيح لتعمل في مؤسستك. وثانيًا عليك الإشراف على إعداد الخطط داخل المؤسسة، واختيار الخطط الأكثر فاعلية بالنسبة لموقعك الحالي وليس فقط تبعًا لأهدافها البعيدة.

3. اسع للأداء الأفضل

من أهم مراحل السعي وراء التميز المؤسسي هو التأكد من المجهود والعمل المميّز الذي يقوم به الموظفون داخل الشركة. وفي حال اعتمادك على موظفين جدد داخل المؤسسة، يجب عليك أن تعرّفهم بشكل جيّد على أهداف المؤسسة وقيمها.

التأكد من الموظف المميز يكون عندما تربط فوائد الشركة بالفوائد الشخصية للموظّف. ومن بعدها يجب أن يتم تعريفه على مسؤولياته والأعمال المتوقعة منه، وتعريفه على نظام عمل الشركة بشكل عام. وأخيرًا، لا تنس السعي لتقديم أفضل تدريب وتأهيل العاملين في المؤسسة، من أجل ضمان قيامهم بالأعمال بأفضل شكل ممكن.

4. قيّم نتائجك النهائية لوضع الخطط الجديدة

أبرز النواحي التي يجب على أي قيادة في المنظمات العمل عليها، هي تقييم النتائج والأعمال، سلبًا أو إيجابًا مع إعداد التقارير الكاملة حول سير العمل والنتائج التي خلص لها. فالمسار المؤدي إلى التميز المؤسسي هو مسار دائري، ويجب عليك الرجوع لتقييم النتائج من أجل تحسين الخطّة التي تسير وفقها، ومن ثم العودة لتقييم النتائج مرّة أخرى وهكذا. لذلك حاول الاهتمام بعملية تقييم النتائج ولا تهملها.

5. إدارة التغيير

يمكن القول عن إدارة التغيير أنها واحدة من أهم مراحل التميز المؤسسي، فهذه القدرة على الإدارة يجب أن تكون موجودة منذ بَدْء المؤسسة. وهي القدرة على التعامل مع أي متغيرات داخلية أو خارجية على المؤسسة بشكل صحيح دون التوقف عن العمل، ودون تحويل طريقة العمل أو التأثير على أداء الموظفين والمؤسسة كليًّا.

كما يجب أن تمتلك أنت وجميع الأشخاص في المستويات الإدارية العليا القدرة على توضيح أسباب التغيير والفوائد التي ستجنيها المؤسسة بسبب التغييرات المتفق عليها، والأمر الحاسم في هذا الأمر هو مدى ثقة الموظفين والمستويات الإدارية بقدرة المؤسسة على التغيير بشكل صحيح.

ما هو الفرق بين الجودة والتميز المؤسسي؟

تسعى جميع الشركات حول العالم للعمل بأفضل شكل ممكن، ويحقق جزء كبير من هذه الشركات الأهداف المطلوبة منها لتصل إلى أعلى حد من الجودة. ولكن الفارق المهم هو أن الجودة هي قدرة المؤسسة على تنفيذ أعمالها بأفضل شكل ممكن تحت أفضل ظروف عمل، وهو ما يشترط وجوده في التميز المؤسسي، ولكن مع وجود فوارق أساسية.

فالتميز المؤسسي لا يسعى لخلق الجودة وحسب، وإنما يسعى لتقديم الميزات الإضافية عن الجودة بالنسبة للمستهلكين، والعمل على المميزات بالنسبة للعاملين والنظام الإداري. باختصار هو النواحي القادرة على إبهار العملاء بعد القيام بعملية الشراء أكثر من حدّ الرضا الذي يتطلع المستهلك إليه.

السعي بمؤسستك لتحقيق أفضل النتائج الممكنة، لا يمكن أن يكون طريقًا سهلًا كما أنه ليس وصفة سحرية، وإنما عليك أن تتبع العديد من التعليمات والخطط منذ ولادة المؤسسة وطوال فترة حياتها. وإذا أردت أن تصل بمؤسستك إلى مرحلة التميز المؤسسي، عليك أن تتعمق في فهم الإدارة بأكبر شكل ممكن، والعمل على تطبيق الأساليب التي تساعد شركتك لتكون بيئة مهيّئة للتميز.

تم النشر في: نصائح لأصحاب الشركات