اتفاقية عدم الإفصاح NDA: كيف تحفظ سرية معلومات شركتك؟

فكرة واحدة يمكن أن تساوي ملايين الدولارات، ومثلما تساوي الأفكار قيمة عالية، فالاستراتيجيات أو المعلومات الخاصة بالشركات الكبيرة أيضًا يمكن أن تساوي مبالغ كبيرة، وإفشائها سيتسبب بكارثة. بالنسبة لعالم الأعمال، فليس هناك شيء لحفظ سريّة المعلومات أفضل من اتفاقية عدم الإفصاح NDA. ولكن ما هي اتفاقية عدم الإفصاح وما هي أهميتها؟

جدول المحتويات:

ما هي اتفاقية عدم الإفصاح؟

اتفاقية عدم الإفصاح Non-disclosure agreement هي وثيقة قانونية تعقد بين طرفين أو أكثر من أجل الحفاظ على سرية المعلومات المتبادلة بين أطراف العقد. وتكون هذه الاتفاقية سرية في الأساس، وتضمن الغطاء القانوني لمنع تبادل أو إفشاء أي معلومة سرية في المؤسسة تحت طائلة المساءلة القانونية. للاتفاقية أسماء أخرى مثل: اتفاقية سرية المعلومات، وعقد المحافظة على السرية، واتفاقية عدم إفشاء المعلومات.

تستخدم اتفاقية عدم الإفصاح في مجموعة من المواقف مثل الاتفاقيات المتبادلة بين المؤسسات التي تعتزم العمل معًا، أو المؤسسات الناشئة التي تمتلك فكرة فريدة، أو تستخدم في بعض الشركات مع الموظفين للتأكد من سرية المعلومات التي يحصل عليها الموظف داخل عمله، ويتّفق الطرفان على عقوبة لنقض الوثيقة، تتمثل بعقوبات قانونيّة، أو غرامات ماليّة.

ما هي أنواع اتفاقية عدم الإفصاح؟

بسبب اختلاف الحالات التي يمكن عقد اتفاقية عدم الإفصاح فيها، لا يمكن اعتماد نموذج موحّد لاتفاقية عدم الإفصاح، وإنما تكتب هذه الوثيقة بشكل مختلف لكلّ مؤسسة أو تبعًا لسبب الاتفاقية. تنقسم أنواع اتفاقية عدم الإفصاح إلى نوعين أساسيين هما:

أولًا: اتفاقية عدم الإفصاح المتبادلة

وهي الاتفاقية التي تبرم بين طرفين، شرط محافظة الطرفين على سريّة المعلومات، أو أن يحافظ الطرفين على أي وثيقة حصرية يمتلكها الطرف الآخر. وتجري القوانين بطريقة تضمن لكلّ الأطراف حقوقهم، وأن تجري على الأطراف العقوبات القانونية ذاتها في حال نقض الاتفاقية، أو إفشاء أي سر فيها.

ثانيًا: اتفاقية عدم الإفصاح غير المتبادلة

يعرف هذا النوع في الشركات التي تعيّن موظفين جدد في المؤسسة، وتحديدًا إذا كان لهذا الموظف الجديد وصول حصريّ لمعلومات الشركة السريّة مثل استراتيجيات التسويق أو الخطط التي تتبعها الشركة أو أي معلومات أخرى. وفي هذه الحالة، فقط الموظف هو من يوقع على الاتفاقية، وهو الذي يكون ملزمًا بالتقيّد بتعليمات الوثيقة.

مزايا وعيوب اتفاقية عدم الإفصاح

تختلف وجهات النظر حول اتفاقية عدم الإفشاء، فبعض الأطراف يفضلون عقد هذه الاتفاقية قبل بدء أي عمل بينما تفضل بعض الشركات التعاون غير المشروط مع المؤسسات الأخرى أو الأفراد. ولتلخيص أي تداعٍ محتمل لاتفاقية عدم الإفشاء، يمكن حصر مزايا وعيوب الاتفاقية بمجموعة من النقاط:

مزايا اتفاقية عدم الإفصاح

1. المرونة

تتميز اتفاقية عدم الإفصاح بالمرونة، وإمكانيّة تحديد جميع البنود فيها تحديدًا مرنًا لتناسب أطراف الاتفاقية. كما تُحدد الأسرار الممنوع إفشائها، والمعلومات المستثناة من الاتفاقية، إضافةً لبعض البنود المتفرقة التي يمكن للأطراف وضعها بدون قيود شرط الموافقة على الوثيقة من جميع الأطراف.

2. الوضوح والعمليّة

تكون اتفاقية عدم الإفصاح واضحة لجميع الأطراف بعد الاتفاق على المعلومات السرية المتضمنة في الوثيقة. لذلك فالاتفاقية سهلة التعامل معها، ويمكن لأي طرفين الاتفاق على وثيقة مشابهة. إضافةً لكونها منخفضة التكلفة، فهي لا تكلّف شيئًا لإنجازها، أو يمكن أن تكلّف أجر كاتبها فقط في حال احتجت لصياغة وثيقة عدم الإفصاح بشكل احترافي.

3. الراحة

تحدد وثيقة عدم الإفصاح بشكل صريح أي عقوبات قانونية تقع على عاتق الطرف الذي يخرق الاتفاقية، كما يمكن تحديد العقوبات بشكل يضمن لكلّ الأطراف التأكد من ضمان الحقوق. مما يعني تعاملات أكثر وأكبر بين الأطراف دون خوف من الإفشاء.

عيوب اتفاقية عدم الافصاح

1. انعدام الثقة

فكرة الاتفاقية تنص على انعدام الثقة بين أطراف العقد، لذلك تتأثر التعاونات بين الشركات والمؤسسات بسبب فكرة انعدام الأمان بين الأطراف، كما تساهم هذه الاتفاقية بنفور بعض الموظفين من الشركات، التي تنص على عقد الاتفاقية بينها وبين الموظّف الجديد.

2. صعوبة تحديد مدّة الاتفاقية

هناك أنواع من الأسرار التي تحفظ بموجب هذه الاتفاقية، وبعض المعلومات تتعلق بفترة التعاون فقط، وبعض المعلومات يمكن أن تكون من الأسرار التجاريّة لكل من المؤسستين. لذلك يجب تفريق النوعين عن بعضهم، لأن المعلومات يمكن حفظ سريتها طوال فترة التعاون، بينما الأسرار التجارية يجب أن تظل محفوظة دون تحديد وقت للاتفاقية.

ما هي تفاصيل اتفاقية عدم الإفصاح NDA؟

تمتلك جميع الشركات حول العالم أسرارًا أو بعض المعلومات التي لا يجب الإفصاح عنها، كما يمكن أن تكون بعض المعلومات هي السبب الرئيسي في نجاح المؤسّسة. وفي الوقت نفسه، لا يمكن تحديد أنواع المعلومات التي يمكن أن تكون سريّة وما المعلومات التي لا تُعدّ سريّة، ولكن يمكن تلخيص أهم الوثائق والأفكار التي تحتاج إلى الحماية بموجب هذه الاتفاقية بالتالي:

1. سجلات وخطط العمل

تُعدّ سجلات الشركة من العناصر التي يحظر إفشائها في أغلب اتفاقيات عدم الإفشاء، إضافةً إلى خطط الشركة مثل الخطّة الاستراتيجية أو الخطط التشغيلية والتنفيذية.

2. المعلومات المالية

أي معلومة ماليّة في الشركة مثل الموازنة، أو المخصصات المالية للعاملين أو الخطط أو ميزانيات التسويق والترويج، تُعدّ معلومات لا يمكن الإفشاء عنها.

3. الأفكار الخاصة

وتشمل الأفكار أي نموذج جديد للعمل، أو أي براءات اختراع لم يتم الإعلان عنها، إضافةً لأفكار المنتجات التي تنوي الشركة طرحها.

4. البيانات أو التصاميم

أي معلومة تخصّ الهوية التجارية أو تصاميم الشركة الإبداعية الغير معلن عنها، يجب الحفاظ عليها من خلال اتفاقيات عدم الإفصاح.

5. تفاصيل العملاء والمنتجات

تُعدّ قواعد البيانات أو التفاصيل من أكثر المعلومات التي تهم الشركات، وتسريب هذه المعلومات يمكن أن يكون كارثيًا بالنسبة للمؤسسات، وهي من ضمن أهم المعلومات التي يجب المحافظة على سريتها في حال مشاركتها مع أي طرف ثاني.

6. استراتيجيات التسعير

يمكن أن تُعدّ هذه المعلومات من ضمن المعاملات الماليّة، ولكن لا يجب مشاركة هذه المعلومات، ولا يجب أن تصل للمنافسين، لأن هذه المعلومات يمكن أن تضيع أو أن تخرّب خطط الشركة المستقبلية في حال وصولها إلى أيدي المنافسين.

مع وجود هذه المعلومات، يجب أن تضع في الحسبان كل المعلومات التي يمكن مشاركتها مؤسستك مع أي طرف آخر والتأكد من كتابة جميع المعلومات والشروط في العقد. وينصح كتابة هذه التفاصيل من قبل متخصّص قانوني، أو عن طريق شخص متمرّس وخبير في هذا النطاق. وتوجد مجموعة من المعلومات التي لا يمكن اعتبارها من ضمن المعلومات السرية التي تدخل في الاتفاقية، وأبرز هذه المعلومات:

  • المعرفة العامّة وهي المعلومات التي يمكن لأي شخص الوصول إليها، لا تُعدّ معلومة سريّة.
  • الأبحاث أو الدراسات المنشورة تلك التي لا يمكن أن تشتمل اتفاقية عدم الإفصاح على معلومات منشورة، وغير محصورة لدى أحد الأطراف.
  • المعلومات التي كشف عنها أحد الأطراف أو أعطاها للمالك قبل توقيع الاتفاقية.
  • أي معلومة أخرى يتفّق عليها الطرفين ضمن البنود التي لا تدخل في الاتفاقية، حرصًا على سير الخطط والتعاون بشكل واضح.

لماذا تحتاج مؤسستك لإبرام اتفاقية عدم الإفصاح؟

لا تنحصر الاتفاقيات في حال التعاون أو التشارك مع مؤسسات أخرى فقط، بل يمكن أن تكون هذه الاتفاقية شرطًا أساسيًا من شروط عمل الشركة. إضافةً إلى أن المؤسسات التي تدير أعمالها عن بعد هي الأكثر حاجة للعمل على اتفاقيات عدم الإفصاح بينها وبين الأطراف الأخرى، التي تشارك معها في أي عمل كان.

تستخدم اتفاقيات عدم الإفصاح للحفاظ على سرية المعلومات في المؤسسات في الحالات التالية:

أولًا: الاتفاقيات المتبادلة

عند العمل مع مؤسسة أخرى، يجب التأكد من حفظ معلومات الأطراف والحفاظ على سريتها. ففي حال عدم وجود هذا النوع من الاتفاقيات بين المؤسسات التي تعمل بشكل تشاركي، يمكن أن تؤثر على نوعية الخطط المشتركة أو صعوبة الكشف عن أي معلومات خاصة قد تفيد التعاون أو تعمّقه.

ثانيًا: إعداد سياسات العمل

تحدد اتفاقية عدم الإفصاح بعض الخطوط العريضة في سياسة عمل الشركة، وحجم المعلومات التي يسمح تداولها خارج الشركة. خصوصًا عندما يتعلّق الأمر باعداد سياسة الشركات التي تعمل عن بعد، حيث لا يوجد أي مكان مادّي لحفظ بيانات الشركة. وفي كثير من الأحيان يجب صياغة عقود عدم الإفشاء بين المؤسسة والأطراف المستقلّة التي تنجر أعمال المؤسسة عن بعد.

ثالثًا: التعامل مع الموظفين

لا يمكن السيطرة على العاملين في أي مؤسسة بدون بنود تنظّم عملهم، لذا لتضمن عدم إفشاء أي معلومة سريّة لمؤسستك، يجب إبرام اتفاقية عدم الإفصاح مع الموظفين الجدد في المؤسّسة، للتأكد من الحفاظ على معلومات المؤسّسة، وفرض الإجراءات القانونية مثل فصل الموظفين دون أي خرق للسياسة العامّة أو معلومات المؤسسة.

كيف تنشئ اتفاقية عدم الإفصاح NDA؟

تختلف كلّ اتفاقية عن الاخرى باختلاف المعلومات الواردة أو سياسة الأطراف الموقّعة للعقد. أي أن كلّ عقد فريد من نوعه، ولكن هناك مجموعة من العناصر التي لا يمكن الاستغناء عنها في أي اتفاقية عدم إفصاح NDA، والمعلومات الأساسية التي يجب أن توجد في نموذج اتفاقية السرية NDA هي:

1. أطراف الاتفاقية: يجب ذكر أسماء الأطراف المشاركة في الاتفاقية، سواء كانت متعلقة بمؤسسات أو بأشخاص فقط.

2. مالك المعلومات والمتلقي: يجب تحديد كلّ من مالك العلومات التي قدّمت في الاتفاق، إضافةً لذكر الطرف المتلقي للمعلومات، والذي يجب عليه بدوره المحافظة على سرية المعلومات التي قدمت له.

3. المعلومات السريّة: تفصيل أي معلومة سريّة تدخل ضمن شروط العقد، وتذكر هذه المعلومات ضمن صيغة العقد من أجل وضوح كلّ تفاصيل العقد.

4. تعريف ما يعد معلومات سريّة: تعريف جميع المعلومات التي تُعدّ سريّة، ولا يتم الاكتفاء بذكر هذه المعلومات فقط، بل ينبغي ذكر سبب سريتها.

5. سبب مشاركة المعلومات السرية: توضيح سبب مشاركة هذه المعلومات بشكل واضح، وما هي ضرورة مشاركة كلّ معلومة بشكل واضح ومفصل.

6. شروط عدم التحايل: منعًا لأي محاولة لخرق العقد بطريقة لا تنقض الكلام في العقد، يجب إضافة شرط عدم التحايل ضمن الوثيقة، للتأكد من أن أطراف الاتفاقية لا يجب تسريب أي معلومة بأي طريقة، حتّى لو تم الأمر تحت غطاء قانوني.

7. المدّة الزمنية للعقد: أي المدّة الزمنية التي يحافظ فيها الأطراف على سريّة المعلومات التي تمت مشاركتها في العقد، ويمكن تحديد المدّة الزمنية بشكل واضح، وعادةً ما تكون المدّة بين الـ 5 إلى 10 سنوات، وفي بعض الأحيان لا يمكن تحديد أي إطار زمني للحفاظ على سريّة المعلومات، ويبقى العقد نشطًا لمدّة غير محددة.

8. المعلومات التي يمكن اعتبارها غير سريّة: تكتب المعلومات التي لا تغطّيها الأطراف في العقد، مثل المعلومات المذكورة في جزء سابق من المقال.

9. النواحي القضائيّة: وتذكر في هذا البند القوانين المتعلقة بالدولة التي تم فيها توقيع الاتفاقية من أجل التأكيد عليها. لأن البلدان تختلف فيما بينها بطرق التعامل مع عقود NDA.

10. معلومات إضافية: يمكن للأطراف ذكر أي معلومات إضافية في العقد، وهناك حريّة لإضافة أي بند إضافي في الاتفاقية شرط موافقة جميع الأطراف عليه.

11. التوقيعات: كحال جميع العقود والاتفاقيات، يجب أن يوقع جميع الأطراف على الوثيقة في النهاية.

12. العقوبات: يجب أن تنصّ الاتفاقية على العقوبات المتفق عليها بين الأطراف في حال خرق أي طرف العقد، ويجري تحديد العقوبة عادةً على شكل فصل الموظف، أو إلغاء الاتفاقيات، أو الغرامات المالية، أو الحجز على الأصول، ويجب أن توافق العقوبات قانون البلد أو الولاية التي تم توقيع الاتفاقية فيها.

أخيرًا، تُعدّ اتفاقيات عدم الإفشاء NDA من أبرز الاتفاقيات التي يجب عليك اعتمادها من أجل حماية مصالح مؤسستك مهما كان نوعها. وتأكد من صحّة الاتفاقية وشموليتها، لأن التعجل في كتابتها، يمكن أن يتسبب ببعض الثغرات التي تعني إمكانيّة تسريب معلومات مؤسستك السرية.

تم النشر في: نصائح لأصحاب الشركات