كيف تتعامل مع الإنتاجية الضعيفة لفريقك

خلال السنوات القليلة الماضية، ظهر توجهٌ متنامٍ للعمل عن بعد في المؤسسات والشركات بلغ ذروته خلال الأشهر الماضية بعدما اختبر الطرفان -المديرون والموظفون- مزاياه. لكن تبقى العقبات في كيفية إدارة الموظفين والتنسيق والتواصل معهم للخروج بأفضل استراتيجية للحفاظ على إنتاجيتهم في ظل العمل عن بعد. في هذا المقال نناقش أسباب الإنتاجية الضعيفة مع التركيز على الحلول لمعالجتها.

لماذا قد تضعف إنتاجية فريقك أثناء العمل عن بعد؟

قبل التطرق للاستراتيجيات الفعالة التي يجب أن يتبعها المدير مع فريقه ذي الإنتاجية الضعيفة أثناء العمل عن بعد، لا بد أن نقف على الأسباب، لأنها ستختلف من فريق لآخر، سواء مشكلات متعلقة بالشخص أو المناخ أو طبيعة العمل، وغيرها. فما الأسباب التي تؤدي إلى الإنتاجية الضعيفة في فريقك في أثناء العمل عن بعد؟

التواصل الضعيف

التواصل الضعيف سبب منطقي لأغلب المشكلات المهنية والاجتماعية على السواء. لذلك لا تستبعد أن يكون سبب الإنتاجية الضعيفة التي يشكو منها فريقك. وقد تكون مشكلة التواصل من جهة تواصل الإدارة مع الموظفين لإعلامهم بالرؤية الكبرى، والأهداف العامة، وأدوارهم ومهامهم الدقيقة، وصولًا حتى إلى المخاوف والتهديدات.

وقد تكون مشكلة التواصل من جهة إتاحة الفرص للموظفين للتعبير عن آرائهم والاستماع إلى مشكلاتهم. وتبرز مشكلة التواصل بشكل أكبر حينما يتعلق الأمر بالعمل عن بعد، إذ يتطلب وجوده مهارة مضاعفة في التواصل والحوار، ويتسبب غيابه في مشكلات مضاعفة أيضًا.

الإرهاق الوظيفي

قد تلاحظ أن موظفًا لديك يتمتع بالكفاءة والحماس في بداية عمله، ولكن مع الوقت بدأت إنتاجيته تضعف. في حال تكرر هذا الأمر، فلا بد أن تراجع المناخ الوظيفي لفريقك، لأنه من المحتمل أن تكون طبيعة العمل وآليته المرهقة سببًا فيما يعانيه الفريق. وتظهر هذه المشكلة بشكل مختلف في العمل عن بُعد، إذ تتداخل أحيانًا ساعات العمل مع ساعات الراحة، ويصبح يوم العمل ممتدًا ليشمل اليوم كله.

في الواقع، الضغط الزائد على الموظفين في محاولة لإخراج أفضل إنتاج مع عدم وجود خطة واضحة تضع العمل والموظف على رأس أولوياتها سيؤدي ذلك إلى اتساع نطاق الإنتاجية الضعيفة أسرع مما تتخيل. فمع الوقت سيظهر على موظفيك علامات ضعف التركيز، والهروب من المهام، والتذمر باستمرار وستتدهور معه الإنتاجية كمًا وكيفًا.

وربما ستستوعب الأمر أكثر إذا علمت أن الشركات الأمريكية تخسر نحو 60 مليار دولار بسبب ضعف الإنتاجية الناتج عن قلة النوم. لذلك، إذا كان موظفوك يضطرون للعمل بعد ساعات العمل الوظيفي، أو سمعت شكواهم بشأن الإجهاد في العمل، عُدّه جرس إنذار لتحويل شركتك لبيئة صحية أكثر.

الاستغلال غير العادل للموارد البشرية

أدرجت دراسة حديثة تناقش أسباب الإنتاجية الضعيفة في الدول النامية؛ “سواء استغلال الموارد” سواء كانت بشرية أو غير بشرية بوصفها أكبر عائق أمام الإنتاجية. ويقصد بالاستغلال السيئ للموارد البشرية عدم توظيف المهارات البشرية في مكانها أو وجود خلل في التسلسل الإداري لديك، أو عدم استغلال التقنيات الإلكترونية بشكل كافِ بما يسهل الأمر على موظفيك.

فتخيّل أن لديك هيكلًا من مرحلتين، يقوم فيه القادة باقتراح الأفكار، ومن ثم يمررنها إلى الأفراد لتنفيذها، لتكتشف بعد ذلك أن أداء الفريق ضعيف، وعند سؤالهم يتضح أنهم لا يقتنعون بتلك الأفكار أو حتى لا يفهمنها. حينها ستضطر إلى جعل عملية طرح الأفكار تسير بشكل أفقي بحيث يتسنى للجميع طرح الأفكار ومناقشتها.

غياب الشفافية والوضوح

بيئة العمل المصممة لإتاحة تدفق المعلومات والمهام هي أفضل وسيلة لتحفيز الموظفين لإنتاجية أعلى. لذلك سيكون غياب الوضوح في مؤسستك سببًا في الإنتاجية الضعيفة التي تشكو منها. فإذا لم تكن الصورة واضحة لفريقك بشأن أهمية ما يفعلونه، والهدف الأكبر الذي يجب أن يصلوا إليه ستفقد شغفهم وحماسهم بسهولة.

أضف إلى ذلك، أن عدم وضوح الآلية التي يسير بها العمل وعدم فهم الأفراد لدورهم قد يتسبب في ضياع الكثير من الوقت والمجهود داخل مؤسستك. ليس هذا فقط، وإنما تكمن الشفافية أيضًا في وضوح معايير النجاح ومؤشرات الأداء. فإذا غاب عنصر مما سبق فلا تتعجب من الإنتاجية الضعيفة.

ضعف قدرات الموظفين

قد تكون الإنتاجية الضعيفة ناتجة عن ضعف في قدرات الموظفين أنفسهم، سواء عدم امتلاكهم الموارد والمفاهيم الخاصة بسير العمل، أو عدم فهمهم لطبيعة المهمة الموكلة إليهم. وقد تكون بسبب ضعف مهاراتهم، سواء المهنية الخاصة بطبيعة المهمة المطلوبة منهم، أو الشخصية فيما يتعلق بإدارة الوقت وتنظيم المهام والالتزام بالمواعيد النهاية والقدرة على خلق التوازن بين حياتهم العملية والشخصية وغيرها.

ضعف القيادة والإشراف

القيادة السيئة لن تجلب إلا ضياع الموارد والوقت. لذلك قد يكون سبب الإنتاجية الضعيفة في فريقك هو الإدارة السيئة في أي من مستوياتها، سواء أسلوب الإدارة العليا أو الإشراف المباشر أو ما بينهما. إذ تشير الأبحاث إلى أن ما يقرب من 80٪ من الموظفين عانوا من إدارة سيئة، مما ثبط عزيمتهم لتقديم أفضل ما لديهم للشركة.

وستظهر في آلية العمل عن بعد مشكلات عديدة مرتبطة بسوء الإدارة مثل: عدم رغبة القادة على تفويض المهام ظنًا منهم أنهم يتخلون عن السيطرة. فتجد قائد مرهق وغير قادر على إدارة الصورة الكبرى بسبب انشغاله بالأمور الدقيقة وفريق مقوّض القُوَى وضعيف الإنتاج.

أو قد يكون القائد معتمدًا على أشخاص بعينهم -ربما لكفاءتهم أو حتى لأمور شخصية- فيثقلون كاهلهم حتى يفقدوا قدرتهم، ويصيب باقي الفريق إما كسلًا متعمدًا أو ضعف الثقة بأنفسهم وشعورهم بأنهم بلا جدوى.

عدم الشعور بالانتماء

أحد أسباب الإنتاجية الضعيفة في المؤسسات حول العالم هو شعور الموظفين بعدم الانتماء للمؤسسة، وأنهم ليسوا جزءًا منها، وإنما مرحلة مؤقتة في حياة الشركة، فيعملون بلا روح وطاقة. ومع مرور الوقت تقل وتيرة العمل لانخفاض الشغف. وربما ينتج هذا الشعور بسبب السياسات الخاطئة للإدارة تجاه موظفيها ورؤيتها لهم على أنهم مجرد تروس أو آلات.

كيف تتغلب على الإنتاجية الضعيفة لفريقك؟

على الرغْم من ذلك، لا تزل تملك بين يديك زمام الأمور والقدرة على تحويل الدفة لمصلحة للاستمتاع بمزايا العمل عن بعض والحفاظ على إنتاجية فريقك، وإليك استراتيجيات فعالة لحل المشكلة:

1. حدد سبب المشكلة

في بعض الأحيان، يكتفي المديرون بعقاب الموظف ضعيف الإنتاجية سواء بتهميش دوره، أو التقليل من عمله باستمرار أو حتى نقله لقسم آخر وربما فصله. رغم أن هناك احتمالات كثيرة لأسباب ضعف الإنتاجية غير متعلقة به بشكل مباشر، وبذلك سيكون خسر موظف وتتكرر الأزمة مع الموظف التالي.

ويكمن بداية الحل في الاعتراف بوجود مشكلة، ومن ثم الوقوف على سببها. فهل يفتقر الموظف فعلًا إلى المهارات الكافية؟ هل لديه مهام متعددة تعيقه عن الخروج بأفضل نتائج؟ هل المهمة الموكلة إليه واضحة له بشكل كامل؟ هل الآلية الموضوعة تسهل من سير العمل أم مجرد روتين يضيع الوقت والمجهود؟ ستساعدك الإجابة عن هذه الأسئلة في معرفة سبب ضعف الإنتاجية ومن ثم التعامل معه بالطريقة الأنسب.

وفي هذا الشأن، تأكد من أنك تتبع الطريقة الصحيحة للوقوف على السبب، فلا تكتفِ بسؤال المشرف أو القائد، وإنما احرص على أن تمتلك تفاصيل الصورة الكاملة بسؤال الأطراف المعنية والتحقق من تصريحاتهم والتأكد من مراحل العمل وكيفية سيرها حتى لا تفقد شيئًا.

2. أعد التفكير في توقعاتك

“ماذا تريد من الموظف بالضبط ولماذا لا يقدمه وما الذي يقدمه في الواقع؟” أجب عن هذا السؤال لأن هناك الكثير من المديرين خاصة ممن يديرون العمل عن بعد يقعون في فخ “التوقعات غير المتوافقة” مما يسبب الإنتاجية الضعيفة. ربما تريد مهمة معينة من فريقك عبر آلية ما تحددها، وبالفعل قدمها فريقك ولكن عبر آلية أخرى.

لذلك ستساعدك هذه الخطوة في معرفة ما إذا كنت غير راضِ عن النتيجة النهائية أم غير راضٍ عن الطريقة التي يؤدي بها الفريق عمله. وستتمكن حينها من إرساء قواعد جديدة، فإذا كنت مهتمًا بطريقة سير العمل، لابد أن يصل ذلك بشكل واضح للفريق. أما إذا اكتشفت أنك تهتم بالنتيجة النهائية فستركز على مدى كفاءة العمل وإنجازه في الموعد وفق خطوط عريضة محددة.

3. ضع خطة عمل واضحة

أسهل طريق لضمان إنجاز أي شيء في الحياة هو وضع خطة للسير وفقًا لها. العمل عن بعد قد لا يكون مألوفًا للفريق، أو على الأقل ليس ما اعتادنه، لذلك تحتاج لوضع خطة تشمل: الأهداف الخاصة بمؤسستك، والأدوار المطلوبة من الفريق، ومواعيد العمل، وطريقة الاجتماعات، وسبل التواصل المتاحة، وطريقة التسليم، وتكوين فرق العمل وهكذا. مع تحديد جدول زمني لتسليمها، سواء مرة واحدة أو على مراحل.

4. تواصل بفاعّلية

بالتأكيد التواصل عبر البريد أو الهاتف أو حتى اجتماعات الصوت والصورة لن تكون بفعالية اللقاءات البشرية. لذا، احرص على تعزيز آليات التواصل مع فريقك، بداية من الاجتماع بكل موظف على حدة لترى أين المشكلة وكيف يراها كل موظف، وما هي أسبابه وعوائقه لضعف الإنتاجية.

بعد ذلك، احرص على التواصل بعد ذلك لمراقبة سير العمل، ومدى التحسن. هذه الخطوة مهمة حتى لا تعد لنقطة الصفر، فحينما تتوقف فجأة عن التواصل مع الموظف حتى لو لم يكن هناك جديدًا لتضيفه، قد يعتقد أن هناك خطأ ما اقترفه، أو أنك غير راضِ عنه ولذلك قررت تجاهله.

كذلك، لا تحصر التواصل على اجتماعات العمل الإلكترونية، وإنما حدد موعدًا دوريًا لتلتقي فيه مع فريقك وجهًا لوجه لخلق شعور بالاندماج والانتماء ومنحهم الطاقة للاستمرار. حافظ على الخط الإنساني بينكم مثل التهاني والمباركات والاتصالات الهاتفية، وسيعوض هذا الأمر عن غياب اللقاءات البشرية بشكل كبير.

5. افهم موظفيك

تقرّب من موظفيك لأبعد من المهمة الحالية. لتتعرف على تفضيلاتهم ومهاراتهم الشخصية وما يشعرهم بالراحة والعكس. ستساعدك تلك الخطوة على إدارتهم بكفاءة فربما يفتقد بعضهم العمل الجماعي في المكتب فتكلفهم بمشروع تفاعلي. وربما يفضل البعض أوقات التسليم المحددة سلفًا ليطبقها بصرامة، فيما يتماشى آخرون مع المواعيد المرنة، وهكذا.

6. التطوير والتدريب

إذا اكتشفت أن موظفًا أو فريقًا يفتقر إلى مهارة معينة، أو معرفة محددة تحتجها المهمة، أو كيفية التعامل مع تقنية جديدة، لا تتردد في توفير البرامج التدريبية لهم وفقًا لاحتياجاتهم، والتي ستعرفها من نتائج عملهم. بل وسيكون أمرًا فعالًا إن وفرت تدريبات مهنية لهم وفقًا لأهدافهم وأحلامهم، فسيساهم في دمج أهدافهم المهنية مع مؤسستك، ويعيد إليهم الشغف، ويخلق شعورًا بالانتماء.

7. ابتكر آلية تتبع الأداء

وجود آلية فعالة لتتبع أداء الفريق وقياس إنجاز الأهداف المطلوبة واحدًا تلو الآخر سيجعل متابعتك لتحقيق الموظفين مهامهم وأهدافهم سهلًا ومجديًا وسيبقيهم في الإطار الذي تحدده، كما سيساهم في الاندماج بينكم لأنه في حالة العمل عن بعد يسهل الشعور بعدم الاندماج.

8. اخلق بيئة محفزة

التقدير بأنواعه المادي والمعنوي آلية مثبتة لزيادة إنتاجية فريقك. لذلك احرص على مكافأة الفريق إذا حققوا إنجازًا جديدًا، بل وابتكر آليات غير متوقعة للمكافأة حتى لو لم تكن مادية. فشعور الموظف بأن عمله مقدرًا وجهده مرئيًا سيزيد دوافعه للاستمرار على وتيرة إنتاجيته بل وزيادتها.

كتابة: شاهيناز عبد الفتاح

تم النشر في: أكتوبر 2020
تحت تصنيف: أصحاب الشركات | الإنتاجية