يساعد التوظيف عن بعد الشركات على جلب واستقطاب المهارات النادرة، أو غير المتوفرة في مناطقها. وبالمثل، فإنّ العمل عن بُعد يفيد الموظفين، لأنه يمكّنهم من الحصول على الوظيفة التي يريدون دون الحاجة إلى الانتقال أو الهجرة أو الذهاب يوميًا لمقر العمل. لكن استقطاب واختيار موظفين عن بعد ذوي كفاءة عالية ومناسبِين للعمل يشكل تحديًا لمعظم الشركات.
إذا كانت شركتك تفكر في تنفيذ برنامج للعمل عن بُعد، فإحدى التحديات الأساسية التي ستواجهُها هي كيفية اختيار الموظفين عن بعد. فليس الكل مناسبًا للعمل عن بعد.
يتمتع الموظفون عن بعد الناجحون بخصائص مميزة تجعلهم يتفوقون في بيئة العمل المرنة التي يوفرها العمل عن بعد، كما يتمتعون بمهارات ومزايا خاصة، إذ أنهم أشخاص يملكون حافزًا داخليًا قويًا، ويمكنهم العمل بدون إشراف مباشر، ويستطيعون التعامل مع العزلة، كما أنهم مُنضبطون ومُتجاوبون.
كيف تختار موظفين عن بعد ذوي كفاءة عالية؟ في هذا المقال سنحاول الإجابة عن هذا السؤال. لكن قبل ذلك، ينبغي أن تحدد الوظائف والأدوار التي يمكن القيام بها عن بعد، فليست كل الأعمال تصلح لأن تُنجز عن بُعد.
إنّ الوظائف التي لا تتطلب تواصلً كثيفًا ومستمرًا، مناسبة بقوة للقيام بها عن بُعد. يمكن أن يشمل ذلك تحليل البيانات، والتدوين والتأليف، والمحاسبة، والتسويق عبر شبكات التواصل الاجتماعي، والعلاقات العامة، وتصميم المواقع، والبرمجة والتطوير، على سبيل المثال لا الحصر.
على الجانب الآخر، كلما احتاجت الوظيفة إلى التواصل المباشر والمستمر، أو ارتفع مستوى الوظيفة وعظُمت مسؤولياتها، احتاج الموظف إلى الحضور (الجسدي) إلى مقر العمل. هذا مهم بشكل خاص في الشركات الناشئة، التي تتطور وتنمو بوتيرة سريعة، وتواجه تحديات يومية، والقرارات فيها يجب أن تُتخذ بسرعة. وينطبق الشيء نفسه على مدراء فرق العمل الكبيرة، فالاجتماعات المباشرة والشخصية مع أفراد الفريق أسهل وأكثر فعالية من اجتماعات الفيديو.
بعد أن تحدد الوظائف التي يمكن القيام بها عن بعد، ستحتاج إلى تحديد طبيعة العمل عن بعد. حاول الإجابة عن هذه الأسئلة بالنسبة لكل وظيفة:
- هل ينبغي أن يحضر الموظف إلى المكتب مرة واحدة في الأسبوع، أم فقط للاجتماعات الرئيسية؟
- هل ينبغي أن يكون الموظف متاحًا خلال ساعات معينة؟ وماذا يعني أن يكون “متاحًا”؟
- كيف ستُخصّص المشاريع للموظف، وكيف تُحدد مواعيد التسليم النهائية؟
- ما هي المدة القصوى للرد على الاتصالات، مثل رسائل البريد الإلكتروني، والرسائل الخاصة، والواتساب، والمكالمات الهاتفية؟
الإجابة عن هذه الأسئلة سيضع الأساس لاختيار أفضل الموظفين عن بعد وأنسَبهم.
كيفية اختيار الموظفين عن بعد المهارات والميزات التي يجب أن تبحث عنها في الموظف عن بعد تتعلق بطبيعة الوظيفة ومتطلباتها، ولكن هناك بعض المهارات والخصائص العامة التي عادة ما تتوفر في كل الموظفين عن بعد الناجحين، وهذه بعضها:
الإلمام بتكنولوجيا الاتصال
يستخدم الموظفون عن بعد التكنولوجيا الحديثة لإنجاز العمل، والتواصل مع المكتب. لذلك قبل تعيين الموظف عن بعد، ينبغي أن تسأل هل هو متمكن من تلك الأدوات؟ وهل يمكنه حل المشكلات البسيطة التي تعترضه أُثناء العمل؟ وما هي التدابير الأمنية المتوفرة لديه لحماية البيانات الحساسة الخاصة بالشركة؟
إذا كان العمل يتطلب استخدام أنظمة أو برامج معينة، فيمكنك اختبار كفاءة المرشحين في استخدام تلك الأنظمة والبرامج كجزء من تقييم المهارات عند اختيار موظفين عن بُعد. على سبيل المثال، قد تطلب من المرشحين للعمل عن بعد أن يعملوا على تلك الأنظمة لمدة تجريبية، أو يحضروا دورة تدريبية فيها.
الموثوقية
إذا كنت ستدفع لشخص لأداء عمل من موقع بعيد بدون أي إشراف مباشر، فستحتاج إلى توظيف عمال موثوقين وصادقين لا يغشون، ويعملون بنزاهة، ولا يكذبون بخصوص مؤهلاتهم وخبراتهم الحقيقية في مجال العمل.
من الصعب اختبار هذه الصفة، لأنّ الأشخاص غير الشرفاء سيبذلون قصارى جهدهم لإظهار الأمانة والنزاهة عندما يتقدمون للوظيفة.
قد لا يكون ممكنُا أن تعرف نوايا المرشح للعمل عن بعد، لهذا يُفضل التريث، إن كانت الشركة ستوقع عقدا طويل المدى مع الموظف، فمن الأفضل أن تتريث، وتختبره أولًا لمدة معينة، ثم يمكن بعد ذلك أن تتعاقد معه. كما يمكن أيضًا توظيف الأشخاص عبر التوصيات من الأقارب والأصدقاء، أو الموظفين الذين يعملون معهم، أو الأشخاص الذين لديهم خبرة في مجال العمل.
الحافز الذاتي
ينبغي أن يتمتع الموظف عن بعد بحافز قوي منبعث من دوافع ذاتية، إذ لا أحد سيراقبه طوال الوقت للتأكد من أنه يعمل بجد. عليك اختيار موظف قادر على إنجاز العمل المنوط به، كما ينبغي أن يكون مبدعًا ويتمتع بروح المبادرة، ويأتي بأفكار جديدة حتى دون أن يُطلب منه ذلك.
لتقييم مستوى التحفيز لدى المرشح، يمكنك طرح بعض الأسئلة لجس النبض، اسأله مثلًا عن طموحاته الشخصية، وأين يرى نفسه بعد خمس سنوات؟ وكيف يتعامل مع عوامل التشتيت؟
الخبرة
قد يحتاج الموظفون الجدد إلى أسابيع أو أشهر من العمل في المكتب ليتعلموا أنظمة العمل، ويَستوعبوا ثقافة الشركة. لذلك فالمُوظفون الذين يتمتعون بالنضج والقدرة على التواصل والتعاون والالتزام بالعمل سيكونون أكثر كفاءة وفعالية في العمل عن بعد.
بحكم أنّ الموظف عن بعد لا يعمل في بيئة مكتبية تقليدية، إذ أنه يعمل دون إشراف مباشر من رؤسائه، وبعيدا عن زملائه، فسيكون عليه تحمل مسؤوليات العمل المعتادة، والالتزام بالمواعيد النهائية للتسليم، والتنسيق مع أعضاء الفريق الآخرين، كما يجب أن يكون قادرًا على تحديد أولويات العمل، وحل المشكلات التي تعترضه دون العودة باستمرار إلى مسؤولي الشركة.
إنّ آخر ما تريده هو تعيين موظف عن بعد يراسلك صباح مساء حول كل صغيرة وكبيرة عن العمل، ولا يعرف كيف يدبر أموره، ولا كيف يحل المشاكل الروتينية التي تواجهه. لذلك فإنّ عامل الخبرة مهم جدا، وينبغي أن يكون له أولوية أثناء اختيار الموظفين عن بعد.
هل أداء الموظف جيد؟
إن كنت ستختار موظفًا عن بعد من بين الموظفين الحاليين الذين يعملون في الشركة، فلا يوجد مؤشر على نجاح الموظف عن بعد أفضل من أدائه الحالي.
إن لم يكن أداء الموظف يرقى للمستوى المطلوب وهو يعمل من مقر الشركة، ومُراقب طوال اليوم، فأرَاهن أنّ أداءه سيكون أسوأ لو عمل عن بعد.
إن أردت أن تختار موظفًا عن بعد من داخل الشركة فابحث عن ذوي الكفاءة والأداء العالي، الذين يتقنون أعمالهم، ولا يتجاهلون المشاكل الطارئة عند نشوئها، الساعين إلى النجاح، والراغبين في التعلم والتطور.
بعد أن تختار الموظفين عن بعد، وتتفق مع الموظف عن بعد على أهداف وشروط العمل، سيكون عليك التفكير في كيفية متابعة وتقييم أداء الموظف، وقياس إنتاجيته.
إن كان الموظف يعمل سلفًا مع الشركة قبل أن يتحول إلى العمل عن بعد، قارن أداءه لمّا كان يعمل من مقر الشركة، مع أدائه بعد التحول إلى العمل عن بعد، هل تحسن أداؤه أم تراجع؟ أما إن عيّنت الموظف عن بعد من خارج الشركة، فضع معايير محددة لقياس أدائه، مثل جودة العمل، والالتزام بمواعيد التسليم، وسرعة الرد، والإنتاجية وغيرها من المعايير التي تهمك.
المصادر: [1]
تم النشر في: أغسطس 2019
تحت تصنيف: أصحاب الشركات | البحث عن الخبراء