عادةً ما نجد أن الشركات الناجحة تهتم كثيرًا بالعمل الجماعي وتحرص على تطبيقه، وكثيرًا ما نقرأ عن ضرورة وجود روح الفريق في جميع الشركات. لكن تطبيقه في بيئة العمل، وخصوصًا في العمل عن بعد، ليس بالأمر الهين. فما هو العمل الجماعي بالضبط؟ وكيف يمكن الاستفادة منه في إنجاح الشركات؟
جدول المحتويات:
تعريف العمل الجماعي، وأهميته
يمكن تعريف العمل الجماعي بأنه مجموعة من الأفراد، تعمل من أجل تحقيق هدفٍ معين أو إنجاز مهمة معينة. العمل بروح الفريق يمثل مهارة نجاح، ويقدم فوائد جمة تجعل الشركات تتجه نحو العمل به، إليك أبرز فوائد العمل الجماعي:
1. يصبح العمل أكثر كفاءة
تساهم مناقشة المهام المطلوب إنجازها مع مجموعة في تسريع عملية إنهائها، فبذلك يتم تنصيب كل مهمة للشخص الذي يستطيع القيام بها بشكلٍ أفضل وأسرع، وفق الطريقة الأنسب التي تتكون من الاستماع لجميع الآراء الخبيرة. يؤدي ذلك إلى إنتاجية أفضل في العمل، ثَمّ تقليل التكاليف وزيادة الأرباح.
2. إدارة ورقابة ذاتية للفريق
يتحمل العديد من الأشخاص المسؤولية عن الهدف نفسه عند العمل ضمن فريق. والأهم من ذلك، أن أعضاء الفريق يلاحظون ويعتمدون على جودة عمل بعضهم البعض. فعندما ينخفض أداء أحد أعضاء الفريق، يكون لدى الآخرين المعرفة والدافع لمساعدته على التحسن دون تدخل إدارة الشركة. يمكن للفرق الفعالة في كثير من الأحيان تنظيم أدائها.
3. العمل الجماعي ابتكاري
عادةً ما يواجه فريق العمل العديد من المشكلات خلال عملهم، والعديد من الطرق والوسائل أيضًا لإنجاز مهمة ما، لكن عندما يتم العمل بروح الفريق، يستطيع الموظف أن يحصل على وجهات نظر قوية قد تؤثر في حلّه للمشكلة وتجعله يختار المسار الأصح لإتمام المهمة. لذا نجد في العمل الجماعي ابتكارًا أسرع وأفضل للحلول.
4. تطوير خبرات فريق العمل بشكل أسرع
تخيل أن كل فرد من فريق العمل الخاص بك يعمل على حدة دون التعامل مع الأعضاء الآخرين والتحاور معهم، ستسير عملية تطوير قدراتهم بوتيرة أبطأ عن المطلوب، بينما عندما يتحد الفريق بالعمل الجماعي، فإنهم سيتعلمون من بعضهم البعض، بتصحيح أخطاء زملائهم والتعلّم من آرائهم ومهاراتهم العملية. وبذلك يتحسن أداء الفريق كليًّا.
5. العمل الجماعي يعزز العلاقات بين الفريق
عندما يعمل الموظفون معًا وينجحون كفريق واحد، فإنهم يمثلون روابط يمكن أن تتحول إلى ثقة وصداقة. وهو أمر رائع لشركتك، إذ يخلق تواصلًا أكثر فاعلية بينهم. ثم أن الموظفين الذين يُودون بعضهم البعض، يهتمون بتحفيز بعضهم، ويتعاونون بالعمل لإنجازه.
مهارات العمل الجماعي
امتلاك مهارات العمل الجماعي يجعل من العمل تجرِبة أفضل للجميع وأكثر فعالية في تحقيق النتائج المرجوة بشكل سريع وإيجابي. وهي إلى ذلك تساعدك على إكمال المهام بكفاءة مع إنشاء بيئة ممتعة لك وللآخرين. إضافةً إلى أن مهارات العمل الجماعي تمنحك المزيد من الفرص للمضي قدمًا في حياتك المهنية أيضًا، وتساعدك في الحصول على المزيد من الفرص والترقيات بمرور الوقت.
تتكون مهارات العمل الجماعي من العديد من المهارات اللينة التي يمكنك العمل على إتقانها وتطويرها. فيما يلي بعض الأمثلة على أهم المهارات والصفات، كي تكون عضوًا فعالًا في فريق العمل الجماعي:
1. مهارات التواصل
تعد القدرة على التواصل بطريقة واضحة وفعالة مهارة مهمة في العمل الجماعي، فعند العمل مع الآخرين، من المهم أن تشارك الأفكار والمعلومات الأساسية ذات الصلة بالقضية المطلوب العمل عليها. ثم أن التواصل الصحي يخلق تفاعلًا أكبر بين الآخرين ويشجعهم على طرح مقترحاتهم وحلولهم.
2. الاستماع الفعال
يمكن لمهارات الاستماع أن تساعد الفريق على فهم بعضهم البعض وخلق الثقة بينهم، عبر بذل جهد للتركيز باهتمام على شخص واحد في أثناء مشاركته لأفكاره أو مشاعره. يمكنك أيضًا طرح بعض الأسئلة للتعمق أكثر في ما يريدون توضيحه. يساهم ذلك في تعزيز العلاقة بين أفراد الفريق.
3. التعاون
يتمثل العمل الجماعي في تمكين مجموعة من الأفراد بمختلف المهارات والمواهب من التعاون معًا لتحقيق هدف مشترك. يتمثل التعاون في مشاركة الأفكار وتقديم المساعدة عند الحاجة التي تستدعي لذلك. قد يعتقد البعض أن التعاون والعمل الجماعي مفهومان متساويان، لكن الحقيقة أن التعاون مهارة مهمة تندرج تحت هذا المصطلح، فالعمل الجماعي يضم العديد من المهارات الأخرى التي تتكامل معًا لتحقيق النتائج المرجوة.
4. تحمل المسؤولية
من المهم أن تفهم كافة الأطراف المعنية في العمل الأدوار والمهام التي تتحمل مسؤوليتها، وأن تبذل الجهد لإتمام العمل في الوقت المحدد وبما يصل إلى المستوى المتوقع. فتحمل المسؤولية يجعل الفريق يعمل وفق المسار الصحيح لذلك، ويمكّنهم من تحقيق الهدف المشترك.
5. الصدق والشفافية
إن لم تكن قادرًا على إكمال مهمة ما في الوقت المحدد، أو أن المهمة الموكلة إليك لا تناسبك، فمن الشفافية والوضوح أن تُخطر المسؤولين بهذا الأمر كي يتمكنوا من حل المشكلة بما يتناسب مع خبراتك وقدراتك. يساهم ذلك في إبقاء العمل وفق الخُطَّة بتجنب معوقات لم تكن في الحسبان بالنسبة لفريق العمل أو الإدارة.
عوامل نجاح العمل الجماعي
يُشترط عند العمل ضمن فريق، التركيز والوضوح والموضوعية وتجنب الأنانية بالاندماج مع روح الفريق. قد يعد تحقيق جميع هذه الأمور تحديًا أمام المسؤولين، توجد عدة عوامل تساعد في إنجاح العمل الجماعي وتحقيق نتائجه وأهدافه. أهم هذه العوامل ما يلي:
1. توضيح الهدف المراد من العمل
فهم الفريق للأهداف التي تسعى إليها الشركة تجعله يلتزم بتحقيقها وِفق أفضل الطرق وبجهودٍ حثيثة. فالاتفاق الواضح على الهدف، تجعله اتجاهًا مشتركًا ومهمة شاملة لجميع أعضاء الفريق ليعملوا على إنجازها، ويكونوا بذلك تحت مظلة واحدة تجمعهم وتزيد من روح الفريق لديهم.
2. خلق بيئة مهيأة للعمل الجماعي
لا يمكن أن يتحقق العمل الجماعي دون وجودة بيئة تشجع على المشاركة والتعاون وتبادل الآراء، اهتم بتوفير مساحة آمنة يشعر فيها جميع أعضاء الفريق بالترحيب بآرائهم وأفكارهم، بالاهتمام بالاستماع إليها والسؤال عنها.
من المهم أيضًا أن تصقل قدرتك على أن تكون على دراية بماهية الفريق. على سبيل المثال، إذا كان شخص ما يسيطر على المحادثة أو لا يسمح للآخرين بمشاركة الأفكار، فمن المهم أن تكون حريصًا على مشاركة جميع الأعضاء بنفسك، ومعرفة متى يحتاج كل عضو من الفريق أن يُفسح مجالًا لغيره. أما إن كان أحد الأعضاء مترددًا في المشاركة، فبادر إلى إظهار اهتمامك للسماع منه على وجه الخصوص.
3. تقدير فريق العمل
يُنظر إلى أعضاء الفريق على أنهم أشخاص فريدون لديهم من المعرفة والخبرات والآراء ما لا يمكن الاستغناء عنه. من المهم جدًا تقدير جهد كل شخص كي يهتم بتقديم المزيد مع الفريق. لا ضير أيضًا من تقديم بعض المحفزات بمختلف أشكالها كي تحث الفريق على الارتقاء بالمستوى المطلوب.
أيضًا يجب ألاّ يُعاقب أي عضو من أعضاء الفريق لمجرد اختلاف رأيه أو عدم موافقته على منهجية معينة في العمل، بل أن تستمع لرأيه عوضًا عن ذلك وتوضح له الأمور أكثر حتى يتوصل الجميع إلى نقطة مشتركة، أو أن تأخذ رأيه بالحسبان إن كان فيه شيئًا من الصواب، فكلما تمكّن الفريق من إبراز وجهات نظر متباينة يتم تقديمها بعناية ودعمها بالحقائق، كان التوصل إلى الخيارات الأنسب أسرع.
4. حل المشكلات والنزاعات بين أعضاء الفريق
لا يمكن أن تتوفر روح الفريق في العمل إن وُجدت بعض الخلافات، حاول متابعة طبيعة العلاقات بين أعضاء الفريق لترى إن كان هناك أي شحنات سلبية بينهم، إن وُجد ذلك فبادر فورًا في التساؤل عن سببها وحاول جاهدًا حلها قدر الإمكان دون الانحياز لأحد الأطراف، حتى تحافظ على مكان صحي للجميع.
5. استخدام القيادة التشاركية من وقتٍ لآخر
تنص القيادة التشاركية على تضمين الجميع في قيادة الاجتماعات، وإسناد المهام، وتقييم التقدم والتوجيه. هذا يعني أنه يجب على كل مشارك في الفريق أن يساهم بفاعلية في قيادة الفريق إلى نتائج ومساهمات ناجحة. يتخذ أعضاء الفريق قرارات عالية الجودة معًا، وتجعلهم يلتزمون أكثر بها. ثم أن ذلك يمكن أن يساعد في تنصيب المهام المناسبة لكل شخص.
6. اهتم بتقييم الفريق
احرص على عقد اجتماعات خاصة للمراجعة وتقييم عملية الفريق والتقدم المحرز في الاقتراب من المهمة وإنجازها. يعد ذلك تذكيرًا وتحفيزًا من أجل التحسين والتطوير، بمناقشة جميع العوائق والتحديات وكيفية تجاوزها. من المهم أيضًا أن تعقد بعض الاجتماعات الفردية، مع الأعضاء الذين بحاجة إلى بعض الملاحظات بعيدًا عن مرأى زملائهم تجنبًا لإحراجهم، حاول أن تستمع إليهم وإلى أسبابهم كي تتفهم مستواهم مؤخرًا.
تحديات العمل الجماعي
مما لا شك فيه، أن تحقيق العمل الجماعي في المؤسسة قد يكون تحديًا كبيرًا، ولا يمكن إتمامه بسهولة وفقًا لاختلاف طبيعة كل فرد، ما يؤثر على العمل كليًّا وعلى روح الفريق. فيما يلي أبرز التحديات التي يمكن مواجهتها، وكيفية التغلب عليها:
1. بناء الثقة بين أعضاء الفريق
تعد الثقة لبنة أساسية في جميع العلاقات، وهي مهمة بشكل خاص في الفِرق. يمكن أن يؤدي الافتقار للثقة في العمل إلى انهيار الفريق، لأنه بذلك يهدد الإنتاجية ويخلق بيئة سامة، وهو إلى ذلك يقلل من تحفيز أعضاء الفريق، ما يؤثر في النهاية على المحصلة النهائية للعمل والهدف.
فرق العمل تتكون من البشر، والثقة عامل رئيسي في نجاح التفاعل البشري. لكن الثقة ليست شيئًا يمكن هندسته أو تشكيله بوقتٍ قصير، بل إنها مرتبطة بالعاطفة ويتم اكتسابها بمرور الوقت. من المهم الحرص على تطوير علاقات قوية بين أعضاء الفريق بخلق التفاعل بينهم باستمرار.
2. العمل عن بعد
لا يمكن إنكار أن توطيد روح الفريق عند العمل عن بعد بين الموظفين عندما يكون العمل عن بعد أمرًا صعبًا، ويتطلب جهدًا مضاعفًا. تبعًا لأن الوجود الفيزيائي لجميع أعضاء الفريق في مكانٍ واحد، يخلق تواصل شخصي مباشر من وقتٍ لآخر، ما يساهم في بناء عَلاقة ألفة بينهم.
لتجاوز معضلة العمل عن بعد في رحلة العمل الجماعي، اهتم بعقد اجتماعات غير رسمية ليس لها عَلاقة بالعمل، بهدف تعارف أعضاء الفريق على بعضهم البعض وخلق تواصل شخصي بينهم.
3. إدارة التغيير المستمر
يمكن أن يكون التغيير في طبيعة العمل سريعًا ومستمرًا في بعض الشركات والمؤسسات، ويمكن أيضًا أن يؤول بنتائج سيئة إن لم تتم إدارته بعناية. في العمل الجماعي، على جميع أعضاء الفريق أن يكونوا على دراية بجميع التحديثات المستمرة ليعملوا بها ووفق شروطها ومتطلباتها، فعدم معرفة شخص واحد على الأقل يمكن أن يخلق مشكلة كبيرة وفقًا لترابط المهام ببعضها البعض باختلاف المسؤولين عنها.
لتجنب أي مشكلة محتملة بسبب تغيير بعض الأمور، اهتم بإعلام جميع أعضاء الفريق بها قبل تطبيقها والعمل بناءً عليها. سيستمر بذلك العمل وفق الوتيرة الصحيحة ومتفقًا مع أي تحديث جديد أيضًا.
ختامًا، سيستغرق الأمر بعض الوقت من أجل بناء أساس يمكن أن يزدهر عليه التعاون والعمل الجماعي، لكن بمجرد بناء هذا الأساس، سترتفع الإنتاجية وستزيد مشاركة الموظفين ورضاهم عمومًا. تحلى بالصبر، واستمتع بعملية إنشاء بيئة أكثر تعاونًا داخل شركتك. وتذكر أنه كلما بدأت مبكرًا، رأيت النتائج الإيجابية بشكلٍ أسرع.
تم النشر في: نوفمبر 2021
تحت تصنيف: أصحاب الشركات | تأهيل الموظفين الجدد