يعد العمل عن بُعد حلمًا لكثير من الناس، إذ يوفر للموظف امتيازات كثيرة، مثل المرونة في أوقات العمل، والعمل من المنزل، وإمكانية السفر حول العالم والعمل من أي مكان، والاستقلالية والرضى النفسي، وغيرها من الامتيازات. لكن بالمقابل هناك بعض الجوانب السلبية للعمل عن بعد، وأحد تلك الجوانب، العزلة والشعور بالوحدة.
تشير التقارير1 إلى أنّ العزلة والشعور بالوحدة من أكبر المشاكل التي يعاني منها الموظفون عن بعد.. إذ أنّ 21% من الموظفين عن بعد يقولون أنهم يعانون من مشاكل الوحدة2.
لحسن الحظ، فإنّ العزلة والشعور بالوحدة ليسا أمرين حتمِيين على كل من يعمل عن بعد، فببعض الخطوات البسيطة يمكن تجاوز مشاكل العزلة والشعور بالوحدة، أو تخفيف حدتها على الأقل.
في هذا المقال سنعرض 10 حلول بسيطة لمكافحة العزلة والشعور بالوحدة.
1. خصص وقتا للناس
مثلما تخصص وقتًا للعمل، ولأسرتك، فإنّ عليك أيضًا أن تخصص جزءًا من وقتك للتواصل الاجتماعي والتعارف مع الناس ومخالطتهم. يمكن مثلًا أن تخصص يومًا في الأسبوع لقضاء الوقت مع الأصدقاء والأصحاب. أو يمكن أن تخصص جزءًا من يومك لذلك.
اجعل الوقت المخصص للناس جزءًا من جدول العمل الأسبوعي، لأنّك قد تنسى ذلك بسهولة، وقد يستغرقك العمل، ويأكل كل وقتك، لتجد نفسك في النهاية تدخل في عزلة وتنطوي على نفسك.
2. استخدم مكالمات الفيديو بدلا من المكالمات الهاتفية
لا يوجد بديل عن التفاعل مع الناس وجهًا لوجه، ولحسن الحظ فإنّ تقنيات الاتصال الحديثة، وصبيب الإنترنت المرتفع جعلا هذا أمرًا متاحًا للجميع، فيمكن أن تتحدث مع من تريد بالصوت والصورة حتى لو كان في الجهة الأخرى من الأرض.
تشير الدراسات3 إلى أنّ حوالي 55% من التواصل يكون غير لفظي، أي عبر تعبيرات الوجه، وحركات اليدين، وغيرها من الإشارات. عندما يتواصل الموظفون عن بُعد عبر المكالمات الهاتفية أو المراسلات النصية فقط، فإنهم يُفوِّتون الكثير من إشارات التواصل غير اللفظي التي يمكن أن تحمل الكثير من المعاني. أضف إلى ذلك أنه من الصعب تقوية العلاقات الاجتماعية عبر الهاتف وحده.
عندما تحتاج إلى عصف ذهنك أو مناقشة الأفكار، أو تقديم وجهة نظرك حول موضوع معيّن مع أحد زملائك، فاتصل به، وحدّثه عبر الفيديو، فذلك سيساعدك على التواصل معه بشكل أفضل، وكذلك ربط علاقات اجتماعية أقوى. سواء كنت تحاول شرح مفهوم معقد، أو فكرة جديدة، أو مسألة عليها جدل، فالتواصل عبر الصوت أو النص وحسب لن يساعدك على التعبير عن أفكارك، وقد يخلق سوء فهم بينك وبين زملائك في العمل، ويخلق حاجزًا بينك وبينهم يعزلك ويشعرك بالوحدة.
إذا كنت تشعر بالوحدة سلفًا كموظف عن بعد، فقد تزداد عزلتك وشعورك بالوحدة إذا كان هناك سوء فهم متواصل مع زملائك في العمل. لذا استخدم الدردشة المرئية قدر الإمكان للتواصل مع زملائك. فذلك أدعى لطرد الشعور بالعزلة، كما أنه سيجعل التواصل أكثر فعالية، ويساعدك على التعبير عن نفسك بشكل أفضل.
الشيء نفسه يقال عند التواصل مع أشخاص من خارج دائرة العمل، مثل الأقارب والأصحاب.
3. شارك في الملتقيات والمؤتمرات
أحد سلبيات العمل عن بعد أنه لا يتسنى لك أن تلتقي بأشخاص آخرين من الصناعة نفسها التي تعمل فيها. توفر الملتقيات والمؤتمرات فرصة لبناء علاقات مع أشخاص ومجموعات من مجالات اهتمامك نفسها، هذه الملتقيات يمكن أن توسع آفاقك، وتفتح لك فرصًا مهنية جديدة، كما أنها عادة ما تشتمل على أنشطة مفيدة وممتعة.
ابحث عن الملتقيات التي تُقام في مدينتك أو المدن المجاورة وشارك فيها. ليس بالضرورة أن تكون تلك الملتقيات والمؤتمرات مهنية أو متعلقة بمجال عملك، فيمكن أن تحضر الملتقيات الخاصة بالمجالات الأخرى التي تهتم بها، أو الهوايات التي تحب ممارستها، مثل الملتقيات الرياضية، والعلمية، والحِرفية، والثقافية.
4. اعمل من خارج المنزل
معظم الموظفين عن بعد يعملون من منازلهم، وهذا طبيعي، فالمنزل هو أكثر مكان نرتاح فيه، لكن البقاء في المنزل طوال اليوم، وعدم الخروج منه سيشعرك في النهاية بالوحدة والضجر، ويجعلك تشعر وكأنك مسجون في بيتك. وذلك سينعكس على نفسيّتك وإِنتاجيتك، ويستنزف طاقتك في النهاية.
أحد الحلول لمكافحة العزلة والشعور بالوحدة هو العمل من حين لآخر من خارج منزلك، سواء من حديقة عامة، أو مقهى مزود بالواي فاي، أو مكتبة محلية. يمكن أن يكون المكان هادئًا وخاليًا من الناس، أو يمكنك أن تختار مكانًا فيه أشخاص آخرون، الأمر عائد لك. إذا كان لديك صديق يعمل عن بُعد، فأحضره معك واعملا سويًا.
إنّ إحاطة نفسك بالناس هو أمر بالغ الأهمية، حتى لو لم تتحدث معهم، فمُجرد الخروج من المنزل، والاختلاط بالناس سيساعدك على الشعور بأنك جزء من المجتمع، وهذا سيبدد عزلتك وشعورك بالوحدة.
يمكنك أن تخصص أكثر من يوم واحد في الأسبوع للعمل من خارج المنزل إن رأيت أنّ ذلك يناسبك، أيضًا إن كان في منزلك شرفة، فقد يكون للعمل منها مفعول إيجابي كذلك.
5. سافر من حين لآخر
إذا كنت عازبًا، وليس لك أسرة ولا أطفال، أو التزامات تمنعك من السفر، فلم لا تجرب حياة الترحال (nomadic lifestyle)، لم لا تسافر لبعض الوقت، ليس عليك أن تسافر خارج بلادك إن لم تجد الإمكانيات المادية، يمكن أن تسافر إلى مدن أخرى، يمكن أن تقيم عند صديق أو قريب لبعض الوقت، وإن كنت تملك الإمكانيات المادية، فيمكنك أن تسافر إلى الخارج، وتتجول في العالم، يمكن أن تعمل من أمام أهرامات مصر، أو من إحدى جزر أندونيسيا. فهذه إحدى أهم مميزات العمل عن بعد، وهو أنك أصبحت حرًّا، ولم تعد مرتبطًا بمنطقة جغرافية معينة، فيمكنك أن تعمل من أي مكان تتوفر فيه شبكة الإنترنت، في وقتنا الحاضر، هذا يعني غالبًا كل بقعة مأهولة من الأرض.
وإن كانت لك أسرة وأطفال وكنت تحب حياة الترحال والسفر فلا تحزن، فما يزال بإمكانك السفر، فقد ظهر مؤخرًا مفهوم الأسرة المرتحلة (nomadic family)، وهي أسر تسافر كثيرًا، ولا ترتبط بمنطقة جغرافية معينة، وحتى أطفالهم يدرسون عن بعد، هذا الأمر صار شائعا في الغرب، ومع مرور الوقت سنبدأ في رؤية مثل هذه الأسر في عالمنا العربي، فالعمل عن بعد غيّر قواعد اللعبة، وحرر الناس من قيود الجغرافيا.
6. اجعل جدول الأعمال متنوعا
لا تدع الروتين يخنقك، اجعل يومك عامرًا بالأنشطة. عندما تعد جدول الأعمال اليومي أو الأسبوعي، احرص على جعله متنوعًا. هذا يعني أن تخصص الوقت لبعض الأنشطة الأخرى إلى جانب العمل والعائلة، مثل ممارسة الرياضة، أو المشي، أو الذهاب إلى النوادي الثقافية، أو ربما الأعمال المنزلية، من المهم ألا يكون يومك روتينيا ورتيبًا، لأنّ ذلك سيشعرك بالملل والوحدة.
7. اخرج من المنزل
لا تحبس نفسك في المنزل طوال اليوم، اخرج من حين لآخر، اذهب للتسوق، أو اذهب في نزهة مع الأصدقاء، أو اذهب لزيارة العائلة، أو قم بجولة للمشي وحدك أو مع آخرين. وإن كان لك أطفال فاجعل أخذهم إلى المدرسة أو إعادتهم منها جزءًا من جدولك اليومي، لا تنظر إليه على أنه مضيعة للوقت، فذلك الوقت الذي تقضيه خارج المنزل مهم لإبعاد الوحدة عنك، وشحن طاقتك.
8. التحق بالمجتمعات الرقمية
بفضل الثورة الرقمية، وظهور شبكات التواصل الاجتماعي، فهناك العديد من المجتمعات التي تتشكل في الفضاء الرقمي. فالشبكات الاجتماعية، مثل فيسبوك وتويتر وريديت، والمنتديات الخاصة صارت مجمعًا للناس من كل أنحاء العالم، بعض هذه التجمعات متخصصة في مجال عملك، أو في إحدى هواياتك. أنصحك بالبحث عن المجتمعات التي تناسبك، وتنضم إليها.
هذه المجتمعات قد لا تكون بديلًا عن التواصل الحقيقي مع الناس، ولكنّ لها الكثير من المزايا، أهم تلك المزايا أنك ستلتقي بأشخاص يشاركونك اهتماماتك نفسها، وهو أمر قد يصعب إيجاده في منطقتك الجغرافية، فمهما كان مجال عملك، ومهما كانت هواياتك واهتماماتك، فلا شك أنك ستجد حول العالم من يشاطرك شغفك واهتماماتك، عليك فقط البحث عنهم، وستجدهم.
9. احصل على وظيفة بدوام جزئي
أحد مميزات العمل عن بعد أنه يحررك، ويجعل وقتك ملكًا لك، فطالما أنك تنجز العمل المنوط بك، فيمكنك إنفاق وقت فراغك فيما تريد، وإذن لم لا تحصل على وظيفة بدوام جزئي، فمن جهة ستبدد أي شعور بالوحدة والعزلة، وتختلط بالناس، وفوق هذا، ستحقق مدخولًا إضافيًا.
هناك الكثير من الوظائف ذات الدوام الجزئي التي يمكن أن تعمل فيها، يمكنك أن تعمل في إيصال الناس إلى مقاصدهم عبر الاشتراك في خدمة كريم أو أوبر، أو يمكنك أن تعمل نادلًا في مطعم، أو يمكن أن تعمل في التجارة، ابحث عن عمل فيه تواصل مع الناس، وليس بالضرورة أن تعمل كل يوم، فيومين في الأسبوع قد َيَكفيانك لربط المزيد من العلاقات مع الناس، وإبعاد شعور الوحدة والوحشة.
10. التطوع في الجمعيات الخيرية
أخيرًا، أحد الحلول الممتازة لمكافحة العزلة والشعور بالوحدة هو التطوع في العمل الخيري. اذهب إلى الجمعيات الخيرية الموجودة في الجوار، أو التي تقدم خدماتها للمحتاجين والفئات الهشة في منطقة عيشك، واعرض عليهم التطوع معهم، لا شك أنهم سيسعدون بذلك، لأنّ التطوع جزء أساسي من أنشطتهم.
إضافة إلى القيمة الدينية للتطوع، فهو أحد القربات إلى الله تعالى، فالتطوع سيجعلك تتصل بالكثير من الناس، بعضهم ربما لم تكن لتعرفهم في ظروف أخرى، كما سيتيح لك فرصة المساهمة في تحسين مجتمعك المحلي، وحل مشاكله. الكثير من الدول العربية صارت تشجع مواطنيها على التطوع والانضمام إلى مجهودات القطاع الخيري، فالمملكة العربية السعودية مثلا تطمح في إطار “رؤية المملكة 2030” إلى زيادة عدد المتطوعين في الجمعيات الخيرية إلى مليون متطوع4 بحلول 2030. وكذلك تفعل كثير من الدول العربية الأخرى.
مصادر
[1] [2] [3] [4]
تم النشر في: أغسطس 2019
تحت تصنيف: العمل عن بعد | النجاح في العمل عن بعد
شكرا لك ، هذه القائمة ستكون مفيدة لي.