تقييم الأداء الوظيفي: تجربة مسؤول موارد بشرية مع فريق موزع عبر 4 دول

في أحد الاجتماعات التي جمعتني مع فريق الموارد البشرية لشركة تسويق رقمي تعمل عن بُعد، كان المدير يُعبِّر عن قلقه بشأن تفاوت مستويات الإنتاجية بين الموظفين؛ إذ كان البعض يتفوق على التوقعات، بينما لم يحقق البعض الآخر الأداء المطلوب. سؤاله المباشر كان: كيف يمكنني تقييم أداء الفريق بدقة دون الوقوع في فخ التخمين أو الانطباعات الشخصية؟

حينها، تذكرت تجربتي في إدارة فريق موزّع عبر أربع دول في ثلاث مناطق زمنية مختلفة. واجهنا التحدي ذاته، مما دفعنا إلى بناء نظام تقييم أداء ليس فقط لتقييم الإنجازات ومتابعتها، بل أيضًا لتحديد النقاط التي تحتاج إلى تحسين.

خرجنا من تلك التجربة بنظامٍ متكامل يمكن أن أصفه اليوم بأنه دليل عملي يعكس خبرتي في الموارد البشرية، وهو ما سأشاركه معك خطوةً بخطوة.

6 خطوات مجربة لتقييم الأداء الوظيفي عن بُعد

يختلف تقييم الأداء عن بُعد عن التقييم التقليدي؛ إذ يصعب مراقبة الجهود المبذولة وقياس القيم غير الملموسة، مثل التعاون والابتكار. لذلك، أعدتُ تعريف “الأداء الجيد” بناءً على النتائج والمرونة، ونجحتُ في تحقيق توازن بين الشفافية والثقة من خلال هذه الخطوات:

1. تحديد أهداف واضحة

غموض التوقعات في العمل عن بعد يعد أكثر التحديات شيوعًا. ووضوحها يعتمد على تحديد أهداف أداء دقيقة وقابلة للقياس؛ لتقييم الموظفين بفعالية وضمان تحقيق النتائج المرجوة.

لتحقيق ذلك، أستخدم استراتيجية الأهداف والنتائج الرئيسية OKRs، وهي واحدة من أكثر الأساليب فعالية في تقسيم الأهداف الاستراتيجية إلى أهداف فرعية واضحة ومحددة.

على سبيل المثال، بدلاً من وضع هدف عام مثل “تحسين الأداء”، يمكن تحديد هدف ملموس مثل “زيادة كفاءة استجابة فريق الدعم الفني بنسبة 10% خلال الربع القادم”. النتائج الرئيسية القابلة للقياس مثل هذه تُظهر بوضوح مدى التقدم نحو الهدف، وبالتالي سهولة تقييم فريق العمل.

2. إنشاء ملفات تقييم فردية

لضمان دقة التقييم الفردي، أُنشئ ملف تقييم فردي لكل موظف، يتضمن الأهداف المحددة له، والإنجازات التي حققها خلال العام، والتحديات التي واجهها، وملاحظات الأداء من الاجتماعات الدورية. يمكن أيضًا تضمين تقييمات من زملاء العمل إذا كان الموظف يعمل ضمن فريق، مما يمنح رؤية شاملة عن أدائه.

هذه الملفات تساعدني في تقليل التحيز الشخصي أثناء التقييمات السنوية، لأنه يوفر بيانات دقيقة ومبنية على أداء فعلي. كما أنها تُعد أداة قيمة لتحديد احتياجات التدريب والتطوير، إذ يمكنك بسهولة معرفة النقاط التي تحتاج إلى تحسين، وتخصيص الموارد وفقًا لذلك.

احرص على تحديث الملف بشكلٍ ربع سنوي، لتمنح الموظفين فرصة لتحسين أدائهم بناءً على التغذية الراجعة الدورية، وتعزز ثقافة التطوير المستمر والمسؤولية المشتركة.

3. استخدام أدوات رقمية لمتابعة الأداء

في العمل عن بُعد، من الضروري الاعتماد على الأدوات التقنية التي توفر وسيلة لتتبع المهام وقياس الإنتاجية، بهدف تقييم الأداء بطريقة دقيقة وموضوعية.

أستخدم أدوات إدارة المشاريع مثل أداة أنا، في تقسيم العمل إلى مهام واضحة وتحديد المواعيد النهائية لإنجازها، ما يتيح متابعة مدى تقدم كل موظف بسهولة. وبالجمع بين البيانات المستخلصة من الأدوات الرقمية والملاحظات النوعية الناتجة عن المراجعات الشخصية، أحصل على تقييمٍ شامل، وأحدد نقاط القوة والضعف بدقة.

4. إجراء تقييمات أسبوعية منتظمة

حينما واجهنا صعوبة في الحفاظ على مراجعة مستمرة لأداء الموظفين عن بعد، طبقنا نظام “اجتماعات التقييم الأسبوعية القصيرة”، والتي كانت تستغرق حوالي 15 دقيقة فقط لكل موظف. وكان هيكل الاجتماع:

  • استعراض سريع للأهداف التي تحققت خلال الأسبوع.
  • مناقشة التحديات التي واجهها الموظف وكيفية التغلب عليها.
  • تحديد الأولويات للأسبوع القادم.

كانت النتيجة تقييمًا أدق للأداء، وتحسن في مستويات الشفافية والثقة بين الفرق، وارتفاع نسبة الإنجاز بسبب تحديد التوقعات بوضوح. كما أن الاجتماعات المنتظمة تُظهر التزام الإدارة بدعم الموظفين ومتابعتهم، مما يعزز شعورهم بالانتماء.

5. اعتماد ثقافة مساءلة واضحة

ثقافة المساءلة هي العمود الفقري لأي نظام عمل ناجح، خاصةً في بيئة العمل عن بعد. فعندما يدرك كل موظف دوره ومسؤوليته في تحقيق الأهداف العامة للفريق، تسهُل متابعة التقدم وتعزيز الإنتاجية. ولتحقيق ذلك، أحرص دائمًا على توفير بيئة تجعل الجميع مسؤولين عن أدوارهم، مع إتاحة آليات لدعمهم في الوفاء بالتزاماتهم.

أحد الأساليب التي تنجح معي دائمًا هي التقارير الذاتية Self-Reporting، إذ تتيح للموظفين تقديم ملخص أسبوعي لما أنجزوه، وما يخططون لتحقيقه، وأي تحديات قد تواجههم. من خلال تجربتي، وجدت أن هذا الأسلوب ليس فقط وسيلة للتقييم، بل أداة لتمكين الموظفين من الشعور بالمسؤولية الشخصية.

6. قياس النتائج بناءً على القيمة المضافة

نصيحة ذهبية تذكرها دائمًا أثناء تقييم أداء الموظفين عن بعد: ركز على الأهداف المحققة والتي تضيف قيمة للشركة، بدلًا من تتبع ساعات العمل. فمراقبة الوقت المستغرق قد يكون غير مجدٍ، خاصةً وأن الإنتاجية في بيئة العمل عن بعد تعتمد على جودة الإنجازات وليس عدد الساعات.

من أمثلة معايير القياس المتخصصة التي أعتمدها في هذا السياق:

  • احترافية العمل المنجز: هل العمل يفي بالمعايير المطلوبة أم يحتاج إلى مراجعة؟
  • رضا العملاء: خاصةً في الوظائف التي تتطلب تفاعلًا مباشرًا مع العملاء، مثل خدمة العملاء والمبيعات.
  • تأثير الأداء على الفريق: كيف يساهم أداء الفرد في نجاح الفريق ككل؟
استراتيجيات مجربة لتقييم الأداء الوظيفي عن بعد

هذه الخطوات الست، أثبتت فعاليتها في وضع نظام تقييم أداء محكم للعاملين عن بعد، كانت نتيجته تحسينًا ملحوظًا في الأداء والشفافية. أوصيك بتطبيق الخطوات بعناية، دون إهمال التغذية الراجعة من الموظفين لضبط النظام بما يناسب متطلبات العمل.

تم النشر في: فبراير 2025
تحت تصنيف: أصحاب الشركات | نصائح لأصحاب الشركات