يضمن الراتب الجيد جذب الموظفين الأكفاء، لذلك تهتم الشركات في صراعها على الكفاءات بوضع سياسة مدروسة جيدًا للرواتب، فيما يحمل العمل عن بعد بذاته تساؤلات أخرى في مسألة تحديد رواتب الموظفين مثل: هل ينبغي تخفيض الأجر مقابل العمل من المنزل؟ وما الخيارات الممكنة إذا كانت الميزانية محدودة؟
جدول المحتويات:
- هل العمل عن بعد يؤدي إلى خفض رواتب الموظفين؟
- 3 طرق تحدد رواتب الموظفين العاملين عن بعد
- خطوات تحديد راتب الموظفين العاملين عن بعد
- بديل ميزانية الرواتب المحدودة
هل العمل عن بعد يؤدي إلى خفض رواتب الموظفين؟
يطرح هذا السؤال نفسه بسبب تصور البعض استعداد الموظفين الحصول على راتب أقل مقابل الاستفادة من هذا الامتياز والعمل من راحة منازلهم، إلا أن هذا التصور -حتى إذا كان صحيحًا- فلا يعني استحقاق الموظف الذي يعمل من المكتب راتبًا أعلى من الموظف الذي يعمل عن بعد.
لسبب واحد هو أن العمل من المنزل يقع في نطاق المزايا الوظيفية لكنه لا يؤثر في عملية تحديد رواتب الموظفين، بل إن إجمالي راتب العمل عن بعد يعتمد بالأساس على المنصب الوظيفي، بالإضافة إلى مستوى الأداء المتوقع.
على الجهة الأخرى، فإن بعض الشركات ترفع رواتب العمل عن بعد بوتيرة منتظمة لتغطية التكاليف التي يتكبدها الموظف في العمل من المنزل، مثل الاستخدام الإضافي للكهرباء والإنترنت والمعدات (المكتب المنزلي والحاسوب)، بالإضافة إلى برامج العمل وتطبيقات الأمن السيبراني.
طرق تحديد رواتب الموظفين العاملين عن بعد
في ظل اتساع النطاق الجغرافي الذي يُقيم فيه فريق العمل الذي يعمل عن بعد، يبرز تحدي حول اختيار الطريقة المناسبة في عملية تحديد الرواتب، إذ تتعدد الطرق كالآتي:
بناءً على الموقع الجغرافي للموظف
تحديد الراتب بناء على الموقع الجغرافي للموظف هي الطريقة الأكثر شيوعًا في تحديد رواتب الموظفين عن بعد. إذ تحدد الشركة راتب العمل عن بعد للموظف بناءً على الرواتب التي تمنحها الشركات المحلية في مكان إقامته، مع إضافة زيادة تنافسية طفيفة. وقد تلجأ إلى قياس تكلفة المعيشة في مدينته بناءً على متوسط تكلفة الانتقالات والسكن والغذاء والتعليم وغيرها.
تتطلب هذه الطريقة تحديث نطاق الرواتب دوريًا لمواكبة السوق وملاحظة الفارق الذي يتغير في متوسط الأجور وتكاليف المعيشة بين مكان وآخر. فمثلًا قد يؤدي ارتفاع معدل التضخم في أحد البلدان إلى ضرورة تعديل نطاق الراتب لهذا البلد لموازنة أثر التضخم الجديد.
يعيب هذه الطريقة أنها تولد شعورًا بضعف التقدير بسبب تفاوت الأجر بين الموظف وزميله الذي يؤدي العمل نفسه بسبب المكان الذي يعيش فيه، ما قد يتسبب في ضعف الشعور بالانتماء وانخفاض الإنتاجية. لذلك تتبنى بعض الشركات الكبرى مثل ميتا وجوجل سياسة مرنة للرواتب بناءً على الموقع الجغرافي للموظف.
إذ تعلن بوضوح عن تخفيض متوقع في حال انتقل الموظف من الإقامة في مكان ذي تكلفة معيشة مرتفع إلى آخر منخفض، والعكس بالعكس. ما يساعد إدارة الموارد البشرية في وضع صيغة ثابتة للرواتب، يعرف بموجبها الموظف مقدار رواتب أقرانه، وكيفية الحصول على راتب أعلى في حال كان الانتقال إلى مدن أخرى أكثر غلاء مناسبًا له.
بناءً على الموقع الجغرافي للشركة
قد تحل الشركات معضلة تحديد رواتب الموظفين العاملين عن بعد بالاستناد إلى متوسط الأجور في مقرها الحالي، فمثلًا إذا كان مقرها في الرياض، تضع نطاقًا للأجور في ضوء متوسط الأجور في الرياض. لتحسين هذه الطريقة، تضع نطاقًا لراتب مستوى معين لوظيفة محددة، بحيث تكون نقطة المنتصف لهذا النطاق توازي 70% مثلًا من السوق.
إذا قررت الشركة ضم موظف من مدينة أخرى ذات تكلفة معيشية أعلى من الرياض، قد تسمح ببعض المرونة خارج هذا النطاق، لكنها على أي حال تنطلق من مؤشر الرياض في تحديد كافة رواتب طاقم العمل.
استنادًا إلى اتجاهات السوق
لا تُعِر هذه الطريقة من طرق تحديد الراتب اهتمامًا لمتوسط الأجور في منطقة جغرافية معينة، لكنها تركز على بيانات الرواتب التي تجمعها من السوق والمتوسط العام لها في وضع نطاق رواتب محدد للجميع. قد تضع في حسبانها أيضًا مقدار الدخل الذي من المتوقع أن يَدِرَّهُ الموظف أو القيمة التي من الممكن أن يضيفها للشركة.
تتبنى هذا النهج غالبًا الشركات التي تبحث عن شغل كفاءات نادرة يصعب العثور عليها محليًا، بالتالي فإنه نظرًا لمستوى المهارات العالي المطلوب لا تجد مفرًا من تحديد رواتب أعلى من قيمتها الطبيعية. مثال على ذلك تخصصات معينة في لغات البرمجة والأمن السيبراني، الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية.
تمسك هذه الطريقة العصا من المنتصف، لأنها تجمع بيانات الرواتب من أكثر من سوق عالمي. ورغم أنها تعد طريقة مكلفة لتحديد الرواتب أكثر من طرق أخرى، إلا أنها تمنح الشركة ميزة تنافسية في سوق التوظيف خاصة في الوظائف التقنية إذ تساعدها على جذب الموظفين الأكثر خبرة.
إضافةً إلى ما سبق، توفر على الشركة عناء إعادة حساب الرواتب كلما انتقل موظف من بلد لآخر أو من مدينة لأخرى، كما أن هذه التكلفة يمكن تعويضها بتوفير تكاليف العمل من المكتب، مثل نفقات الإيجار والتأثيث وفواتير الكهرباء ..إلخ.
4 خطوات لتحديد راتب الموظفين العاملين عن بعد
تمر عملية وضع نطاق محدد لراتب وظيفة ما بأربع خطوات، تبدأ من نوع الوظيفة نفسها ضمن إطار عام هو إستراتيجية الموارد البشرية كما يلي:
1. تقييم معايير تحديد الراتب
الخطوة الأولى هي تقييم معايير تحديد الراتب التي تضع إطارًا عامًا لِمَا ينبغي أن يكون عليه، يمكن تقييم هذه المعايير من خلال ما يلي:
حدد متطلبات الوظيفة
اكتب الوصف الوظيفي للدور الذي سيؤديه الموظف بحيث يتضمن شرحًا لمسؤولياته وواجباته، إضافةً إلى كم الوقت والجهد المطلوب للعمل، والشهادات والخبرة اللازمة لإنجاز المهام، ثم فكر في ضوء ما سبق في أعلى راتب لدى الشركة استعدادًا لمنحه لموظف يفي بكل هذه المتطلبات.
حدد القيمة التي سيجلبها الموظف
بالنسبة للموظفين الذين يحققون إيرادات بشكلٍ مباشر، ضع رقمًا للأرباح التي من المتوقع أن يضيفها للعمل. أما الأدوار التي لا تحقق إيرادات، مثل الموظفين الإداريين ومسؤولي الدعم الفني، ففكر في الأموال التي ستتوفر بسبب أدائهم للعمل.
على سبيل المثال؛ غياب مسؤولي الدعم سيعني وجوب تخصيص الإدارة التنفيذية وقتًا أكبر لتلبية طلبات العملاء، وبالتالي يغرق المديرون في المهام النمطية وتفوّت الشركة على نفسها تخصيص الوقت اللازم لاتخاذ قرارات إستراتيجية كفء.
2. البحث عن متوسط الأجر
متوسط الأجر هو معيار مناسب للانطلاق منه، ومنح الموظف الراتب الذي يتوقعه والمنافسة مع الشركات الأخرى، يمكن التعرف عليه من المواقع الوظيفية المتخصصة مثل بعيد، فقد يتضمن إعلان التوظيف عن وظيفة مماثلة “مجال الراتب”، كما في الصورة.
يُعد المتخصصون في التوظيف ومسؤولي الموارد البشرية مصدرًا جيدًا للمعلومات أيضًا، إضافةً إلى ذلك تمثل مجموعات التواصل الاجتماعي المتخصصة في مجال وظيفي معين موردًا مناسبًا، لمشاركة تجارب أصحاب الأعمال الآخرين لتجاربهم فيما يتعلق بالرواتب.
3. تحديد الحد الأدنى والحد الأقصى
بعد جمع المعلومات السابقة، بات من السهل تحديد الحد الأدنى والحد الأقصى للراتب. كما يلي:
- الحد الأقصى: فكر في قيمة الوظيفة وأعلى راتب يمكنك دفعه مقابلها بشكلٍ دائم من أجل تعيين الحد الأقصى.
- الحد الأدنى: احرص على ألا يقل عن أسعار السوق كي لا يكون دون توقعات المرشحين، كما أن الراتب المنخفض يُعرِض الشركة لانصراف الموظف عنها إلى الشركات المنافسة. لذلك احذر من التساهل في وضع الحد الأدنى، إلا إذا كان من السهل العثور على موظفين لشغل هذا الدور.
4. التوافق مع استراتيجية الموارد البشرية
قد تهدف استراتيجية الموارد البشرية إلى بناء فريق عمل استثنائي عالي المهارة، ينبغي في هذه الحالة توافُق الراتب مع أهداف الاستراتيجية وتحديد رقم أعلى من متوسط السوق لجذب المواهب عالية الكفاءة. فإذا وضع رقم أقل من الشركات المماثلة، فإن هذا يعني الفشل في تحقيق الهدف المطلوب “قوى عاملة متفوقة”.
على الناحية الأخرى، إذا هدفت استراتيجية الموارد البشرية إلى التوظيف السريع دون القلق من معدل دوران الموظفين، فحينها يمكن أن تخصص راتبًا أقل.
ما البديل إذا كانت ميزانية الرواتب المتاحة محدودة؟
يكمن حل مشكلة محدودية ميزانية الرواتب المتاحة في المزايا الوظيفية، وهي شكل من أشكال التعويضات غير المالية التي تمنحها الشركة لموظفيها بحيث تعزز من تجربتهم في العمل. من أبرز هذه المزايا:
- الإجازات مدفوعة الأجر؛ لأسباب مرضية، أو المرور بظروف شخصية قاسية، وعند الأبوة والأمومة ..إلخ.
- تطوير مهارات الموظفين؛ عبر تنظيم ورش العمل ودورات تدريبية والمشاركة في أحداث الصناعة.
- زرع ثقافة عمل بَنّاءَة قوامها العمل الجماعي والابتكار وخوض التحديات.
ختامًا، لا توجد صيغة موحدة للنجاح في تحديد رواتب الموظفين، إنما لكل شركة صيغة النجاح الخاصة بها. لذلك قيّم مزايا وعيوب كل طريقة من طرق تحديد رواتب الموظفين العاملين عن بعد، وضع في حسبانك الميزانية المتاحة واتجاهات السوق وتوقعات الموظفين واستراتيجية الموارد البشرية، ثم قدم راتبًا عادلًا يشعر معه الموظف بالتقدير.
تم النشر في: مارس 2024
تحت تصنيف: أصحاب الشركات | التوظيف عن بعد