يقول “دوغ جاف “نائب رئيس قسم الهندسة في شركة Zapier التي يعمل موظفوها البالغ عددهم 200 موظفا، بالكامل عن بعد، أن “الفرق التي تعمل عن بعد هي مستقبل العمل“، وفقًا لـ 1Global Workplace Analytics ، نما العمل عن بعد بنسبة 115٪ منذ عام 2005، وهذا أسرع بعشر مرات من نموّ باقي القوى العاملة.
يتقدم التوظيف عن بعد بثبات على مدار العقد الأخير، كخيارٍ شائع وأكثر جدوى للشركات التي تتطلع إلى توفير النفقات المرتفعة، وبناء فريق عالمي، والاستفادة من العديد من الامتيازات، ومع ذلك، فإن التحدي الأكبر الذي يواجه أصحاب تلك الشركات، هو تحقيق النجاح في توظيف الأشخاص المناسبين لأن تلك الخطوة هي نصف الطريق للنجاح في التوظيف عن بعد، وبالتالي نجاح الشركة.
بالرغم من أن خيار التوظيف عن بعد يبدو جذابا إلا أنه ليس ملائما لجميع الأنشطة التجارية، كما وقد تكون خطوة التوظيف عد بعد صعبة للمرة الأولى، لذا إذا كان العمل مع فريق يعمل عن بعد يتلاءم مع نشاطك التجاري، إذا كنت متحمسا للاستثمار في التوظيف عن بعد، إليك بعض الأمور التي يجب أن تقلق بشأنها وكيف تتخطى ذلك:
1. التوظيف عن بعد؟ من أين سأبدأ؟
قبل أن تبدأ من الضروري أن تتأكد أن نمط التوظيف عن بعد مناسب لشركتك، وأفضل وقت لتبدأ بالتوظيف عن بعد هو مباشرة عند إطلاق شركتك، إذا كانت شركتك قائمة بالفعل وكنت ستنتقل من التوظيف التقليدي إلى التوظيف عن بعد، فيُفترض بهذه الخطوة أن تتم بشكل تدريجي، أو جزئي لكي تضمن عدم استبعاد الموظفين التقليدين الذين لا يرتاحون للعمل عن بعد، عندما يحين وقت إنشاء فريق يعمل عن بعد، تأكّد من الأمور التالية:
- إذا كانت شركتك قائمة بالفعل يمكنك أن تعرض الخطة على موظفيك للسماح لمن يميل منهم للعمل عن بعد، وتأكد أن المرشحين للعمل من منازلهم يفهمون طبيعة هذا العمل وأنه مناسب لهم.
- إذا كنت ستطلق شركة ناشئة فيمكنك الإعلان عن وظائف للعمل عن بعد، في التخصصات التي تحتاجها على منصات التواصل الاجتماعي أو في المجتمعات، أو المنصات المتخصصة في التوظيف عن بعد مثل موقع بعيد.
- خذ وقتًا لتقييم احتياجاتك والخيارات المتاحة أمامك، وتحديد الأشخاص المناسبين الذين يمتلكون المهارات الدقيقة التي تحتاجها، ولا تنس أن توضّح توقعاتك من البداية.
- ابحث عن الأشخاص الذين يمتلكون الخصائص التي تشير إلى قدرتهم على العمل بانضباط والتزام دون إشراف أو توجيه شخصي.
- ابدأ بعدد قليل من الموظفين عن بعد، وبعد قياس النتائج والإنتاجية يمكنك توسيع التجربة إذا سارت الأمور على ما يرام.
2. كيف سينسجم الموظف عن بعد مع ثقافة الشركة؟
دمج الموظفين عن بعد في ثقافة الشركة هو من الأمور المهمة التي تشكل مصدر قلق كبير لأصحاب تلك الشركات، الثقافة في الشركة هي مجموعة من القواعد والسلوكيات المعلنة أو غير المعلنة التي يتقاسمها الموظفون في بيئة العمل، والتي تسمح بالعمل معا بشكل متناغم، وأكثر كفاءة وإنتاجية ورضا، يواجه أرباب العمل عن بعد تحديا كبيرا في تشكيل ثقافة العمل التي تضمن نجاح شركاتهم، فالموظفون يستمتعون أكثر في بيئة العمل التي يتلائمون مع ثقافتها، وقد يغادرون الشركة إذا فشلوا في التأقلم مع ثقافة العمل لديك للبحث عن ثقافة أكثر انسجاما مع معتقداتهم، وستعين عليك البدء بعملية توظيف جديدة.
إذا لم تبدأ في تشكيل الثقافة المناسبة لشركتك وموظفيك بعد، فهناك أنواع كثيرة من ثقافة بيئة العمل التي يمكن أن تختار منها، ولكن الأهم هو أن تتأكد من أن المرشحين الذين ستختارهم يتوافقون مع قيم ومعتقدات وسلوكيات الموجودة داخل شركتك، تشكل مقابلات العمل التي تجريها مع المرشحين الجدد وسيلة فعالة لتقيّم مدى ملائمة واتساق المتقدم مع ثقافة شركتك، إجابات المرشح على الأسئلة التي تطرحها عامل حاسم يساعدك على استكشاف ملائمته للعمل في الشركة.
على سبيل المثال عندما تطرح على الموظف هذا السؤال: (كيف تتصرف إذا واجهتك مشكلة في العمل في ظل غياب المدير؟)، وتكون إجابته: (سأنتظره حتى عودته)، سيتبين لك أن الموظف من ذلك النوع الذي يريد أن يتم إخباره بكل ما يجب فعله، وهو من النوع الذي لن يُحقّق أداءً جيدا في شركة تتبنى “ثقافة الاستقلالية والتمكين”، التي تسمح للموظفين بالابتكار في التخطيط وتنفيذ المشاريع، والبحث عن حلولٍ للمشاكل بأنفسهم.
سألت منظمة “مجلس رواد الأعمال الشباب” (YEC) روّاد الأعمال الذين يميلون للتوظيف عن بعد عن طرق تعزيز ثقافة الشركة لدى العاملين عن بعد، فأجابت سارة روز هاركوس المدير التنفيذي لـ Dmanna، بأنها “تستثمر في ثقافة الشركة”، وأضافت:” هناك شيئان ساعدا على التقريب بين الموظفين عن بعد، وموظفي المكاتب، الأول هو Slack ، والتي نستخدمه كأداة اتصالنا اليومية الأساسية، نحن نجري محادثات فريقنا في القنوات العامة بحيث يمكن لأي شخص أن يكون في الصورة، سواء كان في المكتب أو في جاكرتا، الشيء الثاني الذي نجح في سد الفجوة بين الموظفين في المكتب والموظفين عن بعد، هو تنظيم مناسبات خاصة لبناء الفريق، حيث نستقبل موظفينا الذين يعملون عن بعد في المدينة في المناسبات على مدار العام وندفع تكاليف سفرهم، وهو أمر يستحق كل هذا العناء، فالصداقة الحميمة التي تم تطويرها من هذه الزيارات القليلة في السنة لا تقدر بثمن وتساعد على بناء العلاقات التي من شأنها أن تجلب قيمة للشركة لسنواتٍ قادمة.”
خيار التوظيف عن بعد يتطلّب في كثير من الأحيان أن تسمح للموظفين بالشعور بالاستقلالية والثقة للحفاظ على تماسك ثقافة الشركة، من الضروري قبل ذلك أن تختار الموظفين الجدد الذين يمكنهم التكيف بسرعة والاندماج بسلاسة مع ثقافة شركة يعمل موظفوها عن بعد، ويحافظون على مستويات الإنتاجية، ويدعمون أهداف العمل بتفاني.
3. هل لديّ آليات التواصل اللازمة
التوظيف عن بعد يحسّن فُرص الشركة في جذب الأفضل والأذكى من المواهب العالمية، ولكن إذا اخترت التوظيف عن بعد فأنت بالتأكيد تدرك أنك لن تلتقي موظفيك وجه لوجه يوميا، و لن يكون لديك مكتب في مساحة جغرافية واحدة تسمح لك بالحديث معهم كل يوم عن المشاريع التي تعملون عليها، لذلك ستكون العلاقة بينك وبين موظفيك البعيدين مختلفة عن أي علاقة عمل سبق لك مواجهتها، وسيكون عليك أن تقلق بشأن بناء آليات وسياسات تواصل مفتوح بينك وبين موظفيك البعيدين، الاتصال الجيد في منظمة تختار التوظيف عن بعد، هو واحد من الركائز الأساسية للنجاح، كونه عامل بالغ الأهمية لضمان الإنتاجية والكفاءة، يساعد في إرساء الثقة، وبناء علاقات عمل قوية بين الزملاء.
بصفتك صاحب الشركة سيتعين عليك تحديد المعيار المناسب للتواصل، من المهم أن تكون سباقًا لبناء هذه العملية الحيوية، لجعل الاتصال فعالًا وسهلًا، اختر التواصل باستخدام الطرق الصحيحة في الوقت المناسب، ستحتاج إلى استثمار التكنولوجيا المتاحة لصالحك، من أجل التواصل، وإيجاد حلول لإدارة المشاريع، ومتابعة تنفيذ المهام، وإدارة العلاقة مع الموظفين.
هناك جملة من الأدوات المختلفة التي يمكن أن تسهل عمليات التواصل مع الموظفين الذين يعملون عن بعد، إذا كانت المكالمات الهاتفية، الرسائل النصية، أو البريد الإلكتروني غير كافية يمكنك إجراء محادثات فيديو عن طريق: WebEx، Join.me، أو Skype… وغيرها كثير، وتسمح خدمة جوجل درايف Google Driveو/ أو Dropbox دروب بوكس بمشاركة المستندات والصور ومقاطع الفيديو وغير ذلك مع الفريق، يمكنك أن تعرف المزيد عن أدوات التواصل، وإدارة المهام والمشاريع وغيرها كثير من الأدوات في هذا المقال: أفضل 10 أدوات تساعدك في التوظيف عن بعد
4. هل هناك طريقة فعالة لقياس إنتاجية الفريق؟
الأشخاص الذين يعملون عن بعد هم الأكثر إنتاجية استنادا لعديد من الإحصائيات، وفقا لمخطط معلومات مستندة إلى بيانات من SurePayroll ، وهي شركة تقدم خدمات كشوف المرتبات على شبكة الإنترنت للشركات الصغيرة، قال 86% ممن شملهم الاستطلاع إنهم يفضلون العمل بمفردهم “لتحقيق أقصى إنتاجية”، وأكثر من ذلك، فإن ثلثي المدراء يقولون إن الموظفين الذين يعملون عن بعد يزيدون إنتاجيتهم الإجمالية.
مع أن الموظفين الذين يعملون عن بعد يتمتعون بإنتاجية عالية، إلا أن الأمر الذي قد يقلقك هو كيف ستتمكن من قياس مدى إنتاجية موظفيك الذين يعملون عن بعد، ربما تتساءل حول الطرق المناسبة لكي تتمكن من معرفة إذا ما كان موظفوك يقومون بما يتوجب عليهم القيام بهم أينما كانوا.
تختلف أساليب قياس إنتاجية الموظفين الذين يعملون عن بعد بحسب ثقافة الشركة، بعض الشركات تسمح لفرق بتحديد الأهداف الخاصة والعمل على تحقيقها، ويتم قياس الإنتاجية بناءً على النتائج وليس على عدد الساعات، شركات أخرى تقوم بتحديد الأهداف والمواعيد النهائية لتسليم المهام، وبعض مدراء الشركات يقيسون إنتاجية الموظفين البعيدين من خلال تحليل عدد المهام التي نجح الفريق في تنفيذها، والبعض الآخر يركز أكثر على الأولويات ويتم قياس الإنتاجية من خلال مدى التقدم الذي يحققه الفريق بشأن تلك الأولويات في إطار زمني معين.
يمكنك أن تختار أو تبتكر الطريقة المناسبة للشركة والفعالة لقياس إنتاجية فريقك، ولكن تأكد أولا أن الموظفين يفهمون أهداف الشركة، وأن كل واحد منهم يفهم ما هو دوره بالتحديد في تحقيق تلك الأهداف، وأن تمنحهم الثقة اللازمة لأداء أدوارهم بفعالية أكبر.
المصادر: (1)
تم النشر في: فبراير 2019
تحت تصنيف: أصحاب الشركات | التوظيف عن بعد، نصائح لأصحاب الشركات