دليل شامل لبناء فريق عمل ناجح عن بعد

هل يختلف بناء فريق يعمل عن بُعد عن آخر يعمل من المكتب؟ فقد تبدأ شركتك بتعيين أعضاء الفريق وتجهيز أفضل الأدوات اللازمة للعمل عن بعد، دون وضع خصوصية ومتطلبات بيئة العمل الافتراضية بالحسبان، فتواجه تحدياتٍ بفعالية التواصل، والتعاون في إنجاز المهام، وبالتبعية تحقيق أهداف الشركة. فما هي الخطوات الصحيحة لبناء فريق عمل قادر على العمل عن بُعد بنجاح؟

1. إعداد سياسة عمل فعالة عن بُعد

مهما كان حجم شركتك، فإن وضع سياسة عمل واضحة يعد الإطار التنظيمي لطريقة أداء الموظفين ويضمن توافق عملهم مع أهداف الشركة. هذه السياسة هي الخطوة الأولى لبناء فريق عمل ملتزم عن بُعد.

وبينما قد تختلف التفاصيل بناءً على طبيعة العمل والقوانين الواجب اتباعها، إلا أنها تتضمن عادةً مجموعة من القواعد المشتركة ينبغي تطبيقها في بيئة العمل عن بُعد، أنصحك بتوثيقها كإجراءات لضمان تيسير تطبيقها من جميع أعضاء الفريق:

أولًا: ساعات العمل

هل ستكون ساعات العمل ثابتة لجميع الموظفين أم ستسمح بالعمل غير المتزامن؟ قد يكون الخيار الأخير مناسبًا عندما يتواجد فريقك في مواقع جغرافية مختلفة. هنا ينبغي وضع حد أدنى للساعات المشتركة التي يجب على الجميع التواجد خلالها، لضمان التواصل الفعال بين الفريق مع الحفاظ على المرونة في أوقات العمل.

ثانيًا: المعدات المكتبية والتقنية

يتضمن هذا الجزء مسؤوليات الشركة والموظف في توفير الأجهزة والمعدات الضرورية لضمان العمل بكفاءة، بما في ذلك الأجهزة المحمولة والحواسيب والوصول إلى الشبكات الافتراضية الخاصة VPN. مع ضرورة توفير الدعم الفني السريع عند مواجهة أي مشكلة تقنية.

ثالثًا: أمن المعلومات

يجب أن تتضمن سياسة العمل عن بُعد تدابير أمان قوية لحماية بيانات شركتك واستشعار فريقك بأهميتها. لذا، احرص على توعية الموظفين حول الأدوات الواجب استخدامها للتواصل، وتأكد من استخدامهم للشبكات الآمنة والمشفرة، ووضح متطلبات استخدام برامج مكافحة الفيروسات وتحديث النظام​. 

رابعًا: التأمين والتعويضات

وضح حقوق الموظفين في الإجازات والتعويضات والمكافآت، حتى يشعر فريق العمل أنه في بيئة عمل داعمة، وأن الشركة تهتم برفاهية الموظفين وسلامتهم.

2. تحديد الأدوار والمسؤوليات

نجاح بناء فريق العمل عن بعد يبدأ بتحديد دور ومسؤولية كل عضو في الفريق بوضوح، وربطهم بأهداف الشركة. ويمكنك تحقيق ذلك من خلال:

أولًا: تحليل الاحتياجات

ابدأ بتقييم الأهداف الإستراتيجية الحالية والمستقبلية لشركتك، وقارن بينها وبين الأدوار التي يحتاجها الفريق لتحقيق تلك الأهداف. يتطلب هذا منك تحليل الفجوات بين المهام المتاحة والمهارات المطلوبة، مع مراعاة المهارات التي ينبغي أن تتواجد في فريق العمل عن بُعد، مثل:

  • مهارات التواصل الفعّال.
  • الالتزام والمسؤولية الذاتية في إنجاز العمل.
  • مهارات إدارة الوقت.
  • القدرة على اتخاذ قرارات عملية في غياب التوجيه المباشر.

ثانيًا: تحديد الأدوار الوظيفية

بعد تحديد المهارات المطلوبة، يصبح سهلًا تخصيص الأدوار الوظيفية الملائمة لاحتياجات الشركة والمسؤوليات المرتبطة بها. هذه الخطوة ليست ضرورية فقط لاختيار الأفراد المناسبين، بل تساعد أيضًا في سير العمل بين أعضاء الفريق وتضمن التنسيق الفعّال.

أنصحك بتوثيق المسؤوليات بوضوح في دليل الفريق، لضمان شفافية المهام وتنظيم سير العمل.

3. إنشاء أوصاف وظيفية دقيقة

بناءً على الأدوار التي حددتها، يمكنك الآن إنشاء وصف وظيفي دقيق يجمع بين احتياجات الشركة والمهارات الضرورية. وكي يكون الوصف مناسبًا أوصيك بتغطية هذه الجوانب الأربعة:

  • الهدف الرئيسي من الوظيفة: لربط المرشح مباشرة بأهداف الشركة وكيف سيكون فعالًا ومؤثرًا. على سبيل المثال، إذا كانت الوظيفة في مجال التسويق الرقمي، فقد يكون الهدف: “تصميم استراتيجيات تسويقية مبتكرة لزيادة التفاعل وتعزيز الحضور الرقمي للشركة”.
  • المهام والمسؤوليات: حدد أبرز المهام -سواء كانت فردية أو تعاونية- المطلوبة. استكمالًا للمثال الذي ذكرناه، يمكن أن تكون مهام إعداد تقارير تحليل الأداء الرقمي، وإدارة حملات الإعلانات عبر المنصات المختلفة لتحقيق الأهداف التسويقية مناسبة.
  • المهارات والمؤهلات اللازمة: اذكر المهارات التي يجب توافرها في المرشح، سواء كانت مرتبطة بالتخصص المطلوب، أو بأدوات إدارة المشاريع والتواصل. ولا تنس أية مؤهلات ضرورية كسنوات الخبرة أو تخصص الدراسة الأكاديمية.

مثال: خبرة لا تقل عن 3 سنوات في التسويق الرقمي، وإجادة استخدام أدوات تحليل البيانات مثل Google Analytics.

  • رؤية شاملة عن بيئة العمل: تحدث عن الثقافة التنظيمية التي تحرك العمل، بما في ذلك القيم والمبادئ التي تؤمن بها الشركة وتسعى إلى تطبيقها، هذا الجانب سيربط المرشح مباشرة بقيم الشركة ويتبناها بسهولة في حال تأهل للوظيفة.

بعد نشر الإعلانات الوظيفية ستأتي مرحلة تقييم المتقدمين، التزم فيها بالتقييم بناءً على الاحتياجات والأدوار التي حددتها بدقة. يمكنك الاستعانة بخدمة التوظيف للشركات التي تقدمها منصة بعيد، حيث يشرف فريق من خبراء الموارد البشرية في التوظيف عن بعد على صياغة إعلان وظيفي يناسب متطلبات شركتك، وتقييم المرشحين ومقابلتهم لترشيح أفضل المواهب.

4. إعداد وتدريب أعضاء الفريق الجدد عن بُعد

الآن تأتي مرحلة إدارة فريق العمل عن بُعد؛ والتي تبدأ بتدريب الموظفين الجدد. فعالية هذه الخطوة سيؤثر مباشرة في اندماجهم في بيئة العمل بسرعة. إليك أفضل الممارسات لتدريب الأعضاء الجدد:

أولًا: وضع توقعات واضحة

حافظ على تواصل فعال خلال الفترة الأولية للموظفين الجدد بهدف تعريفهم على السياسات والإجراءات التي يجب اتباعها، وحدد المهام المتوقعة منهم لمساعدتهم على الشعور بالثقة والراحة أثناء تعاملهم في بيئة العمل الجديدة.

ثانيًا: إنشاء بيئة داعمة

عيّن موجه أو مساعد شخصي للموظف الجديد يكون على تواصل دائم معه، لتقديم الدعم اللازم وإجابته عن أية أسئلة تراوده حول بيئة العمل، ستسهل بذلك مرحلة التكيّف على الموظف. وبتشجيعه على التفاعل مع أفراد من أقسامٍ مختلفة، ستضمن انسجامًا أسرع وتعزيزًا للروابط بين فريق العمل.

ثالثًا: توفير الأدوات والموارد

وفر صلاحيات الوصول إلى الموارد والأدوات اللازمة ليتمكن الموظفين الجدد من تنفيذ مسؤولياتهم بفعالية، مع تقديم إرشادات عملية واضحة لكيفية استخدام كل أداة.

أنصحك بإعداد قائمة تحقق شاملة بالأدوات والتدريبات التي يحتاجها كل موظف جديد لأداء عمله بفعالية، ولتكن “كيفية إعداد موظف جديد”، واستخدمها في كل مرة ينضم إلى فريقك أعضاء جدد.

5. وضع أهداف واضحة

ترتبط إدارة فريق العمل عن بعد بوضع أهداف واضحة منذ البداية لتجنب أي تباين في النتائج. فتخيل أن تكلف الفريق ببناء موقع إلكتروني لتعريف خدمات الشركة، دون تحديد معايير واضحة عن الأداء أو المتطلبات الواجب توافرها، أو حتى دون تحديد موعد نهائي صارم. قد تجد نفسك أمام نتائج غير متوافقة مع توقعاتك، ما يؤدي لهدر موارد الشركة وكثرة التعديلات.

للتغلب على هذه التحديات، اتبع النصائح التالية:

أولًا: تحديد المواعيد النهائية

احرص على وضع مواعيد نهائية دقيقة وكن واقعيًا في تحديدها بناءً على طبيعة كل مهمة. يمكنك سؤال الموظف عن الوقت الذي يحتاجه لتجنب المواعيد التعسفية؛ فلن يكون منطقيًا تحديد يومين لمهمة تستغرق أسبوعًا بالمعتاد.

ثانيًا: تفويض المهام بذكاء

أسند المهام الكبيرة أو التي تتطلب جهدًا إداريًا إلى الأعضاء ذوي الخبرة في الفريق، حتى تتيح لهم فرصة لتطوير مهاراتهم في حل المشكلات وتحمل المسؤولية، وهي تجارب ربما لن تتاح إذا نفذت هذه المهام بنفسك. 

ثالثًا: ربط المهام بالرؤية الأوسع للشركة

وضح كيف تسهم المهام المطلوبة في تحقيق رؤية الشركة وأهدافها الكبرى، واخلق صلةً بأهداف أعضاء الفريق المهنية، لتعزيز شعورهم بأهمية دورهم وتحفيزهم على الأداء.

لضمان وضوح الأهداف، يمكنك طلب تلخيص المهمة من الفريق للتأكد من استيعابهم لما هو مطلوب، مع استفسارك عن أولوياتهم الحالية.

6. تعزيز التواصل بالاجتماعات الدورية

تعد مشكلة التواصل الفعال إحدى أكثر التحديات شيوعًا في إدارة فرق العمل عن بعد، والتي غالبًا ما تسبب تباينًا في الأهداف بين فريق العمل. تحل الاجتماعات الدورية هذه المشكلة وتساهم في بناء ثقافة عمل شفافة، حيث يستطيع الفريق مشاركة التحديثات والمستجدات، وتقديم الأفكار والمناقشة.

استخدم أدوات اتصال مناسبة، مثل زووم وسكايب. كما يمكنك تقسيم الاجتماعات حسب الأهداف إلى ثلاثة أنواع حتى تضمن فعاليتها وعدم تباعد الفترات بينها:

  • اجتماعات يومية سريعة: لمتابعة المهام العاجلة والضرورية.
  • اجتماعات أسبوعية: لمتابعة تقدم العمل والإنجازات الأسبوعية.
  • اجتماعات شهرية: لمراجعة الإنجازات والأهداف المستقبلية.

أثناء الاجتماعات، سيكون مفيدًا البدء بمراجعة المهام السابقة، وطلب أية تقارير أداء من الفريق حول الإنجازات. كن منفتحًا للتحدث عن التحديات التي يواجهها الأعضاء لتقديم الدعم اللازم عند الحاجة، ثم ناقش المهام الجديدة بوضوح لضمان سير العمل بثبات، والتعزيز من العمل الفعّال.

7. استخدام أدوات إدارة المشاريع

في الفرق الموزعة جغرافيًا، تعد أدوات إدارة المشاريع حلاً فعالاً في التغلب على التحديات الإدارية، إذ تحسّن من فعالية التنسيق بين أعضاء الفريق، وتحافظ على مستوى إنتاجية عالٍ مع إمكانية توثيق المهام ومتابعة تقدمها.

فعلى سبيل المثال، عندما تدير فريق العمل باستخدام أداة مثل “أنا“، ستتمكن من تقسيم كل مشروع في الشركة إلى مراحل واضحة، مع تحديد المهام المخصصة لكل عضو في الفريق ومواعيد انتهائها. كل عضو يستطيع الدخول للوحة للاطلاع على سير العمل وإضافة أية ملاحظات عند إنجاز المهام. بهذا الشكل ستقلل من الحاجة للتواصل المستمر، وتصبح إدارة المشروع أكثر شفافية ومرونة.

8. تنظيم أنشطة لبناء روح الفريق

نحن كبشر كائنات اجتماعية بطبعنا، وتعزيز التواصل يخلق لدينا شعورًا بالانتماء. لا أقصد هنا التواصل المتعلق بمهام العمل فقط وكيفية إنجازها، بل التواصل الذي يخلق بيئة من المشاركة ويعزز العلاقات الإنسانية. ومن أبرز الأنشطة لبناء روح الفريق ما يُعرف بـ”أنشطة كسر الجليد”. 

أحد التمارين البارزة في هذا السياق هو تمرين “الارتفاعات والانخفاضات”، الذي يهدف إلى تشجيع الفريق على مشاركة تحدياتهم وإنجازاتهم الأخيرة. لا يقف هذا التمرين عند حدود مشاركة ما مروا به فحسب، بل يُحفّز على الدخول في حوار جماعي هادف، حيث يتمكن الفريق من تقديم الدعم لبعضهم، سواءً حلولًا لتحديات أو بالتهنئة على الإنجازات.

يعد هذا التمرين وسيلة رائعة لتعميق ثقافة الدعم وتبادل المعلومات القيمة. يمكنك أيضًا تنظيم بعض الفعاليات الترفيهية أو اللقاءات غير الرسمية لتعزيز الثقة والتفاهم بين فريق العمل.

ثمانية استراتيجيات لا غنى عنها لبناء فريق عمل قوي عن بُعد

ختامًا، يعتمد بناء فريق فعّال عن بُعد على ثقافة عمل واضحة، وسياسات موثقة، وبيئة مدعومة باستراتيجيات تواصل فعالة؛ كل ذلك سيساعدك في الاستفادة القصوى من ميزات العمل عن بعد وتعزيز إنتاجية فريقك لتحقيق أهداف شركتك بثقة واستمرارية.

تم النشر في: يناير 2025
تحت تصنيف: أصحاب الشركات | تأهيل الموظفين الجدد