6 نصائح لتفادي فشل مشروعك في سنواته الأولى

كل المشاريع التي يسعى الشخص لتنفيذها، معرضة للفشل، حتى التي يملك صاحبها سيولة مالية كافية ومهمة، والتي أنجزت من أجلها دراسات جدوى على الطريقة العلمية الصحيحة. بالمقابل، هناك سبل لتقليل احتمالية هذا الفشل، خاصة في السنوات الأخرى، التي تكون نسبته مرتفعة، بما أن المشروع مازال في بدايته.

سنتطرق في هذا المقال، أولا، لكيفية تقليص نسبة “انهيار” المشروع في سنواته الأولى، وهي مراحل يعمل عليها صاحب المشروع قبل إطلاقه رسميا. ثانيا، سنتحدث أيضا عما يمكن فعله، إذا بدأت الفكرة في السقوط بعد انطلاقها بفترة.

هي مراحل و ملاحظات  يجب مراعاتها، بغية تجاوز السنوات الأولى من “المغامرة”.

1. دور المرافق المالي

دور المرافق المالي

يسميه البعض ب”المنقذ المحتمل”، وآخرون “المرافق البنكي”، لأنه غالبا ما يوفره لك البنك، ليتابع مشروعك وتمويلاتك في السنوات الأولى، بل إنه يمنحك توصيات ذهبية، يمكنها أن تنقذ انهيار مشروعك في الخطوات الأولى.

باتت كل البنوك توفر “المرافق المالي” في بداية مسار كل مشروع، وأغلب البنوك العربية تعمل به، بغية ضمان أن أموالها لن تذهب سدى في السنوات الأولى على الأقل، لكنه يعتبر شيئا جيدا أيضا لصاحب المشروع، الذي عليه أن يتبع نصائحه وملاحظاته، وألا يتجاهلها، لأنه غالبا ما يملك خبرة كبيرة في تدبير أمور الشركات والمؤسسات.

هناك من يتجاهل نصائح هذا المرافق، فقط لأنه يكون قاسيا في بعض الأحيان، أو يعطي ملاحظات لا تروق بصاحب المشروع، أو أنه يتعامل ب”تكبر”، لكن لا تستغرب إذا قلت لك، إن الحل لكل هذه المشاكل، هو “الصبر”، لأن هذا المرافق، هو “صمام الأمان” لمشروعك في مراحله الأولى، بل إن بإمكانه الدفاع عن مشروعك أمام البنك، إذا احتجت لأموال إضافية لإنقاذه، خاصة أن الربح يكون بعيد المنال في السنوات الأولى.

من الجيد أن تستمع لمساعدك أو لأصدقائك في المجال، لكن يجب أن يكون كلام “المرافق” في الرتبة الأولى، قبل أي أحد. إعطاء قيمة لهذا الشخص، في بداية عملك، يجعله يبادلك القيمة نفسها، وهذا مساعد ل”البيزنيس”.

2. تنويع مصادر التمويلات

تنويع مصادر التمويلات

إذا كنت من هؤلاء الذين لا يريدون إعطاء أهمية ل”المرافق المالي”، فيجب أن تتوفر على مصادر تمويل متعددة، لكي تنقذ ما يمكن إنقاذه، إذا احتجت للمال لاستمرار مشروعك.

بعض المحللين الاقتصاديين، يؤكدون أن تنويع مصادر التمويل، يكون ضروريا، حتى لو ربطت علاقة جيدة مع “المرافق البنكي”، لأن البنك، يمكن أن يدير لك ظهره في أي وقت، إذا رأى أن المشروع يتجه نحو الفشل، وهنا يمكنك الاعتماد على تمويلات أخرى.

لا تلجأ إلى “شركات القروض الصغرى” التي ملأت الدنيا في بعض الدول العربية، لأن ضماناتها المالية كبيرة جدا، خاصة في بداية المشروع، بل ابحث عن مستثمرين وشخصيات غنية، يمكنها الدفع بمشروعك للأمام، في وقت الشدة، أو يمكن الاعتماد على شركات تنشط في مجال العمل نفسه.

التعاون مع شركات في المجال نفسه في بداية الطريق، يمكن أن يفهم ب”الاندماج” أو أن تصبح شركتك “فرعا” من فروع الشركة الكبرى. وهذا ليس صحيحا، بل إن الاتفاق يمكن أن يبقى في حدود “التبادل التجاري” بين شركتين أو أكثر، أو تسهيل مهمات مقابل المال.

يجب الاعتراف أن أغلب المستثمرين الجدد لا يحبذون هذه الفكرة، لأنهم سيكونون مجبرين على كشف كل خططهم ل”شركة منافسة”، يمكن استغلالها لاحقا للإطاحة بمشروعك، لكنها تبقى فكرة ذكية، على الأقل في بداية المشوار.

3. كيفية إنجاز دراسات للمشروع

كيفية إنجاز دراسات للمشروع

إنها أول مرحلة يجب المرور منها، يمر خلالها صاحب المشروع بمراحل كثيرة، لكن أغلب المستثمرين، يتجاهلون بعض نقاطها الأساسية، لتكون الانطلاقة خاطئة، تنتهي بالفشل.

مراحل “دراسة المشروع” أو “دراسة الجدوى”، عديدة، لكن يجب على الشخص المهتم، أن يطرح على نفسه أسئلة عديدة، قبل البدء في العمل، أهمها، “لماذا هذا المشروع بالضبط ؟” و”من هم العملاء المستهدفون ؟” ما المكان أو المنطقة الأفضل لمشروعي ؟” و”كيف سيتم التعامل مع العملاء ؟”، ثم “ما الجديد الذي ستقدمه خدماتي للمستهلكين، إذا كان مجال عملي يعج بالشركات المنافسة ؟” و”ما هي نسب فشل الفكرة ؟” و”هل يمكن تنفيذ مشروعي على أرض الواقع، في ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعية الحالية ؟” … إلخ.

دراسة جدوى المشروع، تعتبر من المراحل الطويلة والضرورية، يسميها بعض الاقتصاديين “دراسة الفائدة”، والبعض الآخر “ركائز المشروع” وآخرون يصفونها ب”قلب المشروع”، لأنها في النهاية، هي التي توجه المشروع وتحدد أهدافه، قريبة المدى والبعيدة، ثم الأرباح المالية المتوقعة.

في الغالب، لا يعتمد صاحب المشروع على نفسه في هذه المرحلة، بل على خبراء واقتصاديين متميزين، ثم على أصحاب مشاريع مماثلة، يمكنهم إعطاؤك نصائح وتوضيحات مهمة جدا.

“المراقب المالي” بدوره يمكن أن يقوم بهذه الدراسة، لكنه يضع شروطا محددة، منها مالية وتقنية، لكي يبدأ في تنفيذ الدراسة. هناك شركات متخصصة، وتوجد في كل الدول العربية، في إنجاز هذه الدراسة، ينصح بالتعامل معها، بما أن لديها خبراء في المجال، عوض الاعتماد على النفس أو البنوك والمؤسسات المالية.

4. دراسة المنافسين المحتملين

دراسة المنافسين المحتملين

يوجد منافسون في كل مجال اليوم، وإذا اخترت دخول مجال ليس فيه منافسون، يمكنك الاستغناء “جزئيا” عن هذه الدراسة، مع الحفاظ على بعض نقاطها الأساسية.

دراسة المنافسين مرحلة مهمة جدا. البعض يقارنها ب”دراسة الجدوى”، أو يعتبرها مدخلا لها، لكن أغلبية النظريات الاقتصادية، تعتبرها مرحلة قائمة بذاتها، يجب العناية بها بشكل كبير ومتميز.

منافسوك يمكن أن يكونوا السبب الأول في فشل مشروعك في مراحله الأولى، خاصة إذا تبين أنهم يتميزون بقوة كبيرة في السوق، وأنهم راكموا تجربة وخبرة كافية فيه، تمكنهم من احتكاره كله أو جزئيا، لمدة سنوات طويلة، أو أنهم يتلقون مساعدات من الدولة أو جهات “عليا” محسوبة على مسؤولين كبارا، كما يحدث في بعض الدول العربية.

كل هذه الأمور تجعل من مرحلة دراسة المنافسين، مرحلة مهمة جدا، يجب العناية بها، لكن كيف تتم هذه الدراسة ؟

في بداية الأمر، يعتبر الكثيرون أن “دراسة المنافسين” تتم بمعرفة مداخيلهم وطرق ترويج سلعهم وكمية مبيعاتهم وما إلى ذلك… لكن ذلك يبقى غير كاف، إذا تجاهلت دراسة عملاء منافسيك، فضلا عن طبيعتهم ومناطق سكناهم، ورغباته، بل أن بعض الاقتصاديين يوصون بدراسة حتى أوضاعهم العائلية والاجتماعية، من أجل توفير خدمة في المستقبل، تكون أقرب إليهم مما يقدمه المنافسون.

تأتي هذه المرحلة مباشرة بعد مرحلة “دراسة الجدوى”، ومن المستحب أن يقوم بها خبراء في هذا المجال، أي “شركات إحصاء” أو أخرى تهتم بالأرقام والتقارير المحلية، والتي توفرها مؤسسات محلية.

يمكن لصاحب المشروع الإشراف على هذه الدراسة، لكن غالبا لا يتوفر على معلومات كافية، بما أنه سيكتشف “السوق” لأول مرة، وبالتالي فستكون الدراسة ناقصة، أو غير متكاملة.

5. التسويق والإعلان

التسويق والإعلان

هي مرحلة يجب أن توفر لها إمكانيات مالية مهمة، بالإضافة إلى إمكانيات إنشاء الشركة والمشروع، لكن تعتبر هي الأخرى مهمة، ومن بين المراحل الحساسة، والتي تلعب دورا هاما في تفادي الانهيار في السنوات الأولى من المشروع.

أصحاب الشركات الناشئة يتجاهلونها، لأنها تتطلب سيولة مالية مهمة، ولأن أغلب الشركات التي تتكلف بها والمتعاونون، يطالبون في البداية بخبرة كافية، للتسويق لاسم الشركة والمشروع، لكن إذا وجدت مؤسسة بإمكانها الترويج لمشروعك في بداية الطريق، تكون قد نجحت بنسبة كبيرة في مراحل المشروع الأولى، وضمنت استمراريته لأكثر من خمس سنوات على الأقل.

التسويق والإعلان، مهمان جدا في كل مراحل المشاريع، حتى المتطورة منها، إذ لا توجد شركة في العالم، لا تعتمد على الإشهار والإعلام، من أجل إيصال منتوجاتها للعملاء والمستهلكين، خاصة إذا كان هدفها الوصول إلى عملاء خارج أرض الوطن، على غرار ما تفعله شركات التصدير مثلا.

القيام بتسويق منتجك في السنوات الأولى من مشروعك، ضرورة ملحة، سيتم من خلالها الترويج السليم للمنتجات والخدمات التي تقدمها شركتك.

 6. خدمات إضافية للعملاء

خدمات إضافية للعملاء

تكون هذه الخدمات خارج مجال عملك، أي ليس من الضروري أن تتماشى مع نوعية الخدمات التي توفرها شركتك، لكنها تبقى مفيدة، لجلب عدد أكبر من العملاء في بداية الطريق. لا تقتصر هذه المرحلة على الشركات والمشاريع المبتدئة، ولكن حتى الشركات الكبرى باتت تتعامل بها، والتي تملك سنوات طويلة من الخبرة في الأسواق.

محلات “ماكدونالدز” على سبيل المثال، فهمت أخيرا هذه النقطة، وباتت تعتمد على خدمة “التوصيل”، التي غابت عنها لسنوات طويلة، فاستغلتها شركات أخرى وباتت تجني من ورائها أرباحا مالية كبيرة.

تتطلب بدورها سيولة مالية في بداية الأمر، لكن نتائجها تكاد تكون مضمونة ومربحة، إذ تساعد على كسب حب وتعاطف العملاء، بل تساعدك على الدخول بقوة في منافسة الشركات الأخرى، والتي تعمل في المجال نفسه.

على سبيل المثال دائما، بتخليها عن خدمات “التوصيل”، فتحت “ماكدونالدز” المجال لشركات صغرى بالتطور، على غرار “جوميا فود” بالمغرب، و”طاكوس دو ليون” التي باتت أكثر نشاطا في دول شمال إفريقيا، ناهيك عن “طازج” التي اجتاحت المغرب أيضا وبعض دول شمال إفريقيا، باعتمادها على هذه الخدمة في بداية طريقها، إلى درجة أن بعضها بات اليوم منافسا شرسا لها في السوق، لتضطر بعدها إلى إدخال الخدمة في معاملاتها.

ولكسب الزبون، عليك أن تفاجئه بشيء لم يتوقعه. منحه “مكافأة” على اختياره شركتك أو منتوجاتك. إذا كان الأمر هكذا، فلن يغيرك أبدا، بل أنه سيكون سببا في “خطف” زبائن شركات أخرى لصالح شركتك، تماما كما حدث ل”ماكدونالدز”.

خطر فشل المشروع يحدق بكل المشاريع المبتدئة في بداية المسار، لكن الباحثين والخبراء في هذا المجال، وضعوا نقاطا وقواعد مهمة، تقلص من نسبة الفشل في بداية الطريق، لكنه يبقى وارد.

اتباع هذه النصائح، سيمكنك من تجاوز الفترة الصعبة (خمس سنوات الأولى)، والتي لابد من المرور منها، حتى تكتسب شركتك ومشروعك الخبرة والقوة اللازمتين من أجل التطور مستقبلا.

تم النشر في: نصائح لأصحاب الشركات