نصائح فعّالة لنجاح أي مشروع ريادي

يبدأ المشروع بفكرة يحلم رائد الأعمال بتحقيقها، ولكن بناءه وتصميمه ليصبح مشروعًا قائمًا يستلزم الكثير من الوقت والعمل. يحتاج رائد الأعمال أن يضع الجهد المناسب وأن يمتلك العقلية الريادية ليتمكن من بناء الخطط وتنفيذ استراتيجيات النمو الأمثل لمشروعه.

وهنا يمكن القول أن معظم القرارات الخاطئة التي يقع فيها رائد الأعمال تحدث بدون إدراك أو قصد بسبب أن الحماسة تطغى على خطواته وخططه. هل فكرت يومًا لماذا تنتهي الكثير من الأفكار قبل أن تبدأ؟ وكيف استطاع عدد من أصحاب المشاريع تحقيق الاستدامة والنمو في شركاتهم في حين كان مصير شركات أخرى الفشل؟

ماذا تفعل لتحقق نجاح مشروعك الريادي؟

من بين الكثير من النصائح المتكررة والتي يتناقلها رواد الأعمال، فإن النصائح الآتية تشكّل أساسًا قويًا لنجاح مشروعك وتشمل بين طياتها الكثير من النقاط العملية لضمان تنفيذها.

1. تقدّم للأمام بالعودة خطوة للخلف

يفكر دومًا صاحب المشروع في الخطوة القادمة ويقضي الكثير من الوقت في بناء الخطط المستقبلية لمشروعه، وهو ما لا يعد خاطئًا البتة. ولكن في نفس الوقت، يلزم أحيانًا النظر إلى الخلف ودراسة الخطوات التي قطعها المشروع والمشاكل التي واجهها.تبرز أهمية هذه الخطوة في كونها تمنح فرصة لتقييم النمو الحقيقي للمشروع على أرض الواقع بدلًا من الاستمرار بالاعتماد على الخطط النموذجية على الورق.

كذلك، يمتد هذا التقييم ليشمل أداء الموظفين ونقاط قوتهم وضعفهم في إنجاز الأعمال في حدود موارد الشركة وثقافتها وبيئتها العملية. تمنح العودة خطوة للخلف صاحب المشروع مساحة كافية للنظر عن بعد وهو ما قد يفقده في ظل العمل المتواصل والركض خلف الإنجاز المستمر. لفعل ذلك قد يلزم الأمر -فقط- توقيف خطط التوسع أو تطوير المنتجات لبعض الوقت، وفي أحيان أخرى حين يعاني المشروع من مشاكل عديدة فيصبح بيعه أو تغيير المشروع خطوة صحيحة رغم حدتها.

كما يقال خطوة صحيحة للخلف خير من عشرة خاطئة للأمام، وكذلك قد يكون تحديد نجاح المشروع من فشله مرتبط بنوعية وتوقيت الخطوة التي يتطلب القيام بها. ما يزال البعض يرى أن العودة للخلف هو دليل فشل في عالم الأعمال المتسارع، ولكنها في كثير من الأوقات هي درع حماية ودافع لنجاحات أكبر. يجدر بالذكر أن هناك ثلاثة نقاط ينبغي أن يأخذها صاحب المشروع بعين الاعتبار قبل اتخاذ الخطوة القادمة، وهي:

  • تأثير القرار على الموظفين: لأن جميع القرارات تنعكس بشكل مباشر على موظفي الشركة فيجب أن يتم دراسة تأثيرها عليهم، بل ومن الممكن نقاشها معهم والخروج بأفضل الحلول تحديدًا في القرارات التي تتطلب تغييرًا جذريًا.
  •  تأثير القرار على منتجات أو خدمات الشركة: يجب النظر إلى الوضع الحالي لمنتجات الشركة في السوق وانعكاسات ذلك على الموقع التنافسي للشركة وغيرها من العقود المبرمة مع الشركاء والعملاء.
  • التغذية الراجعة من العملاء: يعدّ العميل رأس مال الشركة والفيصل ما بين نجاحها وفشلها، ولذلك فإن العناية المستمرة برأيه وتقييمه لمنتجات الشركة وخدماتها أمرٌ في غاية الأهمية. وبذلك تكسب الشركة ولاء عملائها في الوقت نفسه الذي تستطيع أن توسع أو تضيّق خطوط إنتاجها بما يتناسب مع احتياجاتهم.

2. اعتمد نموذج العمل التجاري كبُوصلة لمشروعك

مثل البوصلة التي يحملها البحارة ليعبروا البحر بسلام، فنموذج العمل التجاري هو بوصلة المشروع في السوق. يُنصح أن يفكر صاحب العمل بنموذج العمل التجاري على أنه خارطة الطريق التي تحدد أهداف المشروع بوضوح وقيمته المضافة في السوق وكذلك المستفيدين عبر مراحل تنفيذه المختلفة ومخرجاته المتوقعة.

يلجأ الكثير من أصحاب المشاريع إلى اعتماد القوالب الجاهزة من أجل تخطيط نموذج العمل الخاص بالشركة، وعلى الرغم من أن ذلك يقدم لهم نقطة بداية وبعض التعليمات والتفاصيل التي تساعدهم إلا أنها ليست الطريقة الأفضل دائمًا. بناء نموذج العمل التجاري المناسب للمشروع لا يعني ملء خانات قالب جاهز فحسب، بل يجب أن تكون عملية متكاملة لدراسة جميع جوانبه وفهمها. إذ أن الاستعانة بنموذج جاهز قد يقدّم لمحات عن الأجزاء التي يجب أن تشملها الخطة ولكن نجاح الخطة يعتمد على الدقة والتركيز المبذولين من أجل فهم كل جزء على حدة.

تعدّ العناية بمرحلة إعداد نموذج العمل التجاري مهمة كونها تمنع وقوع صاحب العمل في كثير من الأخطاء الشائعة مثل عدم وضوح الخطة أو الحشو الزائد. ولأن عالم الأعمال متغير باستمرار بما يزيد من مرحلة اللايقين وصعوبة التكهن حول المستقبل إلّا أن الخطة يجب أن تقدم توضيحًا دقيقًا قدر الإمكان في ظل وضع السوق الحالي ووفق دراسة التوقعات المستقبلية له.

الأمر الآخر هو أن الدقة لا تعني أن يحشو صاحب العمل نموذجه بالكثير من التفاصيل التي لا حاجة لها، وهو ما يحدث غالب الأمر في المشاريع الصغيرة في المجال التقني. لذلك ينصح صاحب المشروع بأن يرفق ملحقًا للنموذج يشمل أي تفاصيل دقيقة بشكل منفصل لكي لا يسبب التشتت لمن يقرأ نموذج العمل.

من المهم أن يمنح صاحب المشروع وقتا كافيًا لإجراء البحث في السوق والصناعة المتعلقة بمشروعه، وذلك يشمل دراسة الاحصائيات والاستبيانات وإجراء بعضها إن تتطلب الأمر. وبذلك يمكن تجنب الوقوع في فخ الافتراضات الخاطئة والارتكاز على حقائق ثابتة لصياغة نموذج العمل وبالتالي لضمان نجاح المشروع.

النصيحة الأخيرة هو ضرورة وعي الشخص الريادي بأنه لابد من وجود عامل المخاطرة في أي مشروع، إذ أن ذلك يمنح لغة نموذج العمل مصداقية أعلى ويعكس إدراك صاحب المشروع بطبيعة نمو الأعمال. مع ذلك، يُنصح بأن يشمل نموذج العمل الحد الأقل من النقاش حول المخاطر المتوقعة، وفي حال ذكرها يجب أن يرافقها توضيح على الحلول المتبعة لتخفيفها.

3. استخدم مؤشرات قياس الأداء بكفاءة وذكاء

يهتم رائد الأعمال عادة بمتابعة سيرورة الأعمال وتقدمه في الشركة، وربما يعتمد على التقارير المقدمة له في كثير من الأحيان ولكن قد يغفل عن قراءة مقاييس مؤشرات الأداء (KPIs) والاستثمار في وضوحها من البداية. تعد هذه مشكلة شائعة بين الرياديين وأصحاب الأعمال إذ يلجؤون إلى تحديد هذه المؤشرات في وقت متأخر بعد البدء بمشاريعهم.

تقدم مؤشرات الأداء مؤشرًا معينًا لقياس أداء جانب ما في المشروع عبر متابعة تطوره خلال فترة زمنية معينة، بما يحدد نجاحه من فشله. لذلك ينبغي عدم الخلط بينها وبين أهداف الشركة، فمؤشرات الأداء ليست أهدافًا بحد ذاتها. تساعد مؤشرات الأداء صاحب المشروع في فهم كفاءة خططهم التسويقية والتنفيذية وإذا ما تستطيع منتجات الشركة المنافسة في السوق، بل والأهم متابعة أداء الموظفين وتطوره. يمكن القول أن مؤشرات الأداء تلقي الضوء على نقاط القوة والضعف في المشروع وأنها تلعب دورًا مهما في نجاح المشروع من فشله.

تتخذ مؤشرات الأداء أشكالًا متنوعة ولكن ينصح صاحب المشروع بربطها بأولويات الشركة الاستراتيجية وما يلزم من أجل تحقيق الأهداف ونجاح المشروع. تستخدم هذه المؤشرات في قياس العديد من الجوانب في الشركة مثل: قياس أداء الموقع الإلكتروني والمحتوى المنشور، وقياس الزيادة في عدد العملاء المتوقعين (Lead) والتكلفة مقابلها (Cost per Lead)، وزيادة هامش الربح وتكلفة العائد من الاستثمار (Return on investments ROIs)، وغيرها وفقًا لطبيعة المشروع واحتياجاته.

تطبيق مؤشرات الأداء يجب أن يأتي بعد وصول المشروع إلى مستوى من النضج والاستقرار على مستوى وضوح الرؤية والأهداف وفهم السوق وتحديد المخاطر. وفي حال لم تكن هذه المؤشرات مصممة ومدروسة بشكل يمكن تنفيذه فإن هذا يعني ضرورة إعادة النظر في الخطط والاستراتيجيات وتعديلها من جديد.

على الرغم من ضرورة أن يصمم صاحب المشروع ما يكفي من مؤشرات الأداء، ولكن المبالغة في عددها قد يسبب مشكلة في وقت لاحق. إذ قد يصبح الدفع باتجاه قياس كل ما يمكن قياسه مما سوف ينعكس بتحقيق أداء متوسط على جميع المستويات. بينما من الأفضل أن يعطي صاحب المشروع أولوية لجوانب محددة ويتميّز بها بما يساعد في نجاح المشروع ونموه بشكل أسرع. هناك ستة جوانب اتفق على أهمية تصميم وقياس مؤشرات الأداء الخاصة بها من أجل نجاح المشروع:

رضا العميل

يُعد تحقيق رضا العميل هو النجاح الأقصى الذي يسعى كل صاحب مشروع لتحقيقه، لأن المنتجات لا نفع لها إذا لم يكن هناك عميل بانتظار إنتاجها. يمكن إجراء العديد من الاستبيانات للحصول على آراء العملاء ومن ثم تحويلها إلى نسب مئوية تعكس رضاهم عن كل نقطة في الإستبيان.

مستوى الإنتاجية

تقيس الإنتاجية مخرجات المصادر المستخدمة بالمقارنة مع المدخلات المستخدمة، وبذلك يمكن تتبع كل مدخل بشكل دقيق. يمكن قياس إنتاجية الشركة من خلال قياس النسبة بين الربح لكل موظف وبين متوسط الأجور لكل موظف، أو بطريقة أخرى عبر قياس عدد المشاريع المنفذة لكل موظف

فعالية التكلفة

يقصد بها النسبة بين القيمة المكتسبة والتكلفة التي بذلت لتحقيقها، ويساعد ذلك صاحب المشروع بتخفيض نسبة المخاطرة المالية من خلال المحافظة على تكلفة رأس المال وتوزيعها بالشكل الأمثل لتحقيق الأهداف.

العائد من الاستثمار

يحسب العائد من الاستثمار بقسمة إجمالي الأرباح على إجمالي التكاليف ويعبر عنه بنسبة مئوية. تُعد هذه النسبة مهمة كونها توضح العائد من كل مبلغ تم استثماره وبالتالي فهم منحنى الأرباح وتوفير التكاليف وزيادة المخرجات بما يحقق نجاح المشروع.

العمل بالتوازي مع أهداف المشروع

يُعد قياس أداء المشروع وتحقيق أهداف المشروع وجهان لعملة واحدة، فلا يمكن القول بأن المشروع يحقق نجاحًا دون أن تكون أهدافه محققة. وهنا يمكن إنشاء عدد من الاستبيانات لقياس الأهداف التي تحققت عبر فترات متتابعة يشارك في تعبئتها مديرو الأقسام والمشاريع وفرق العمل المتنوعة.

فهم مؤشرات قياس الأداء والاعتماد عليها يساعد صاحب المشروع في فهم التكاليف التي يتم إنفاقها، وهل تحقق العوائد المتوقعة لتحقيق نجاح المشروع ونموه. ويُنصح دومًا بالاستعانة بخبراء في هذا المجال منذ البداية في حال لم يكن صاحب المشروع على قدر كافٍ من المعرفة بها.

هناك العديد من النصائح والاستراتيجيات التي يمكن اتباعها لتحقيق نجاح المشروع ونموه، ولكن الأهم هو وعي صاحب المشروع بأنه لا يعمل في عالم منفصل أو وحيدًا على جزيرة بعيدة. وبذلك فإن التعلم من تجارب الآخرين الناجحة والفاشلة على حد سواء يعد مصدرًا غنيًا يجب إدراكه في عالم الأعمال.

أخيرًا، يمكن أن يخطو صاحب المشروع باتجاه أن يتبنّى مرشدًا ذو خبرة مناسبة في مجال عمله لتوجيهه، أو أن يطلب استشارة حين يلزم الأمر. بذلك يمكن أن يساعد في تطوير مهاراته وضمان نجاح مشروعه وتسريع نموه بدلًا من محاولة حل المشكلات أو التفكير بخطوط تطوير المشروع بشكل فردي.

تم النشر في: نصائح لأصحاب الشركات