هل سبق أن وظفت شخصًا “لامعًا”؟ خبراته واسعة، ومهاراته التقنية تتناسب مع متطلبات عملك بالضبط. لكن بعد أسابيع قليلة، بدأت تلاحظ مشكلات مثل تأخر في تسليم المهام، أو خلافات مع فريق العمل وعدم تقبّله للملاحظات.

هذه المفارقة قد تحدث عندما تغفل عن عامل مهم أثناء تقييم المرشح: المهارات الشخصية؛ وهي السمات التي تميّز طريقة تفاعله في بيئة العمل، سواء في التعامل مع زملائه في الفريق، أو متطلبات دوره الوظيفي.

كيف تؤثر المهارات الشخصية للموظف في بيئة العمل؟

تساهم المهارات الشخصية القوية للموظف في بناء بيئة عمل صحية ومستقرة؛ إذ تظهر في قدرته على التواصل بوضوح مع زملائه، والتعاون بسلاسة، وتعامله بانضباط وثقة مع مهام العمل والتغييرات التي تحصل بين الحين والآخر.

أما ضعف هذه المهارات، فله تأثيرًا سلبيًا. على سبيل المثال: الموظف الذي لا يستطيع إدارة وقته بكفاءة أثناء ساعات العمل، أو لا يمكنه التنسيق جيدًا مع فريقه عندما يكون ذلك ضروريًا، يعطل سير العمل كثيرًا.

وحين تصبح المهارات الشخصية مهمة بقدر الخبرة التقنية، يصبح التعاون أسهل، والإنتاجية لا تحتاج إلى رقابة مستمرة، بل تُغذى بالثقة والمبادرة.

كيف تقيّم أهم المهارات الشخصية المطلوبة للعمل عن بُعد؟

قد يصعب تقييم المهارات الشخصية بدقة في البداية؛ فهي لا تظهر بوضوح مثل المهارات التقنية، ولا يمكن قياسها بأداة واحدة فقط. إلا أن هناك بعض الممارسات التي تعينك على تقييمها مبدئيًا أثناء مقابلة التوظيف، كإشارات يمكنك ملاحظتها، وأسئلة توضح لك كيف يفكر المرشح، وكيف يتعامل مع مواقف معينة لتتنبأ بأدائه في شركتك.

سنناقش هذه الممارسات في سياق أهم المهارات الشخصية التي ينبغي تقييمها في العمل عن بعد:

1. إدارة المهام

القدرة على التخطيط جيدًا لكل مهمة وإدارتها بفعالية مهمًا لضمان سير العمل بسلاسة، وغياب هذه المهارة قد يؤدي إلى تأخر في إنجاز المطلوب أو انخفاض في إنتاجية الموظف. من الأسئلة التي تعينك على قياس مهارة إدارة المهام لدى المرشح:

  • ما هي أول خطوة تتخذها عند استلام مهمة جديدة؟
  • كيف تنظم مهامك خلال يوم العمل؟
  • كيف تتصرف إذا أُسندت إليك مهمة جديدة أثناء عملك على أخرى؟

ما الذي تبحث عنه في الإجابة؟ حرص على فهم متطلبات كل مهمة قبل الشروع بتنفيذها، وتنظيم المهام وفقًا لأولويات العمل، وتخصيص وقت ملائم لكل مهمة للالتزام بمواعيد التسليم دون التضحية بالجودة. إذا كانت الإجابة تفتقر لهذه العوامل الثلاثة، فغالبًا يواجه صعوبات في إدارة مهامه بشكلٍ فعال، خصوصًا في أوقات ضغط العمل أو غياب الإشراف المباشر.

2. التواصل الفعال

أدوات التواصل ليست كفاية لضمان التواصل الفعال، بل ينبغي أن يمتلك الموظف مهارات تواصل جيدة حتى تتجنب أي سوء فهم داخل الفريق أو تأخير في التنفيذ.

في الحقيقة، لا ترتبط هذه المهارة بأسئلة معينة، بل يمكنك تقييمها من خلال وضوحه في إيصال أفكاره أثناء المقابلة، هل إجاباته مباشرة ويسهل فهمها؟ هل يتبع تسلسلًا منطقيًا دون تكرار؟

لا يتعلق التواصل الفعال بالكلام فقط، بل بالإصغاء الجيد دون مقاطعة، فالمقاطعة قد تشير إلى ضعف في الاستماع أو اندفاع في الحكم.

3. قابلية التطور

الموظف الناجح هو القادر على التطور دون الحاجة إلى من يدفعه، والذي يعرف كيف يستثمر وقته في النمو ومعالجة نقاط الضعف. يمكنك اكتشاف رغبة المرشح بالتطور من خلال عدة أسئلة:

  • ما المهارة الأخيرة التي تعلمتها؟ ولماذا اخترت تعلّمها؟
  • إذا واجهت مهمة تتجاوز خبرتك الحالية، كيف تتعامل معها؟
  • كيف تبني خطتك للتطوير المهني؟

ابحث هنا عن إجابات مرتبطة بأهدافه المهنية ومتطلبات العمل، لتعرف كيف يحدد المهارات التي يحتاج تطويرها لإتمام مهام أكبر في مجاله، وحديث تلقائي عن التطوير المهني دون توجيه مباشر، وإشارات إلى شغف حقيقي مثل حضور ورش تدريبية، أو قراءة تخصصية، أو حتى تجربة أدوات جديدة. ولا تنسَ ربط كلامه بنتائج ملموسة تبرهن على فعالية تطوره في خبراته السابقة في العمل.

4. العمل الجماعي Teamwork

ليس المطلوب أن يكون الموظف اجتماعيًا أو كثير الكلام، بل أن يعرف كيف يتعاون مع الفريق لإنجاز العمل بكفاءة. هذه المهارة تظهر عندما تتطلب المهمة تنسيقًا جماعيًا، خصوصًا عندما يكون قائد فريق، يمكنك طرح أسئلة مثل:

  • هل تفضل العمل منفردًا أم مع فريق؟
  • أخبرني عن المشاريع التي عملت فيها ضمن فريق، ماذا كان دورك، وكيف تعاونت لإنجاز المهمة بنجاح؟
  • كيف تتصرف لو واجهت تعارضًا في الرأي مع زميلك حول طريقة إتمام مهمة معينة؟

انتبه في أجوبته لمدى تقديره للعمل الجماعي وفهمه لديناميكية الفريق في إنجاز المشاريع، وقدرته على التنسيق جيدًا وتقبّله للملاحظات من الآخرين، وتبادل وجهات النظر للوصول إلى الحل الأنسب لجودة العمل.

5. الموازنة بين الحياة العملية والشخصية

القدرة على الموازنة بين العمل والحياة الشخصية ليست رفاهية، بل مهارة تضمن سعادة الموظف أولًا، وتحافظ على تركيزه وأدائه الجيد في العمل. إذ ينعكس التوازن على الحضور الذهني، وضبط النفس، واستقرار القرارات. اسأل أسئلة مثل:

  • ما هي هواياتك خارج ساعات العمل؟
  • كيف تحفز لبدء العمل كل يوم؟
  • خذني في جولة ليوم عمل كامل لك.

ستجد المرشح الذي يعرف كيف يوازن جيدًا، مدركًا لأهمية الاستراحة والانفصال الصحي عن العمل، ويصف لك روتينًا يضع حدودًا واضحة بين العمل والحياة الشخصية والاجتماعية. أما الذي يلمّح إلى أنه “يعمل ليل نهار” أو “لا يملك وقتًا لنفسه” فلا يعبّر بالضرورة عن تفانٍ، بل إدارة غير متوازنة.

6. القدرة على التكيف

قد تتغير طريقة العمل في أي لحظة مع تغير الخطط والأولويات، وهو أمر طبيعي يواكب متطلبات قطاع العمل. وما تحتاجه هنا شخص مرن، لا يتوقف عندما تتبدل المعطيات، بل يتفاعل معها باحترافية وهدوء. من الأسئلة المهمة في هذا السياق:

  • كيف تتعامل مع تغييرات مفاجئة في الخطة؟ هل تتذكر موقفًا معينًا؟
  • ما أكبر تحدي واجهته أثناء عملك؟ وكيف تصرفت؟

يمكنك طرح أسئلة مخصصة حسب مجال العمل كذلك، مثلًا، إذا كان الشخص مرشحًا لوظيفة دعم فني، اسأله كيف سيتعامل إذا حدثت مشكلة في موقع الشركة على الإنترنت، وانهالت رسائل العملاء الغاضبين؟

ابحث في إجابته عن سرعة بديهة وتقبل لما يفرضه الوضع الحالي دون إلقاء اللوم على الظروف والزملاء، والتركيز على ما ينبغي فعله، بضبط الأولوليات واقتراح الحلول المناسبة ورسم مسار مناسب للتكيف. لاحظ أيضًا العبارات التي تعبر عن تفكيره الإيجابي مثل: “فكرت في أفضل طريقة لاستغلال الوضع بدل مقاومته.”

ختامًا، في حال كان تقييمك المبدئي جيدًا لمهارات المرشح الشخصية والعملية، أنصحك بالتفكير بفترة تجربة لشهر أو ثلاثة أشهر مثلًا. فالمقابلة قد تعطيك لمحة عن خبراته ومهاراته، لكن التجربة تُظهر سلوكه الحقيقي في بيئة العمل.

إلى جانب جودة إنجازاته خلال هذه الفترة، لاحظ كيف يتواصل مع الفريق، ومتى يستفسر أو يطلب المساعدة، وهل يبدي مرونة في استقبال الملاحظات؟ كل هذه الأمور تمكّنك من التقييم بشكل أدق وأكثر واقعية، حتى توظف الشخص المناسب لشركتك.

تم النشر في: مايو 2025
تحت تصنيف: أصحاب الشركات | التوظيف عن بعد، مقابلات التوظيف عن بعد